مقالات

مفاتيح :بعض من سيرة مدينة … شيء من سيرة ثورة في رجل*

18-May-2011

المركز

شهدت مدينة كسلا يوما عظيما ومفارقا في تاريخها . يوما مهيبا كهيبة هذه المدينة السودانية الجميلة ، والتي قاسمت الشعب الإريتري تاريخه .

فقد شهدت نهضة نضال الشعب الإريتري وإخفاقاته … استقبلته مغيثة ومعينة .. ضمدت حراجه ،أغاثة ملفوهة وحمته من كل غوائل الأزمنة .شهدت خلافات الثوار .. حواراتهم .. أفراحهم وأتراحهم .. آلامهم وآمالهم . ضمت بين حوانحها فلذات أكبادهم .. ناصرتهم وناصروها أيضا .. ابتئست لبؤسهم .. غاضبتهم وارضوها كأم رؤوم ، ولكن أحد لم يحاول قط الأساءة اليها ،إلا الحاجدا منكور الفعل قليل الحيلة بائس الفكر .
مدينة ميزت بحسها وخبرتها المناضل الحقيقي من الكاذب المتآمر لذا لم تنساق ولم تنزلق عندما حاول البعض استخدام ساحتها لبث الفوضى ضد الشعب الإريتري وضد مناضليه فخرجت تودع محمود حسب وولدداويت تمسغن وإدريس هنقلا وسعيد صالح وغيرهم ، عندما أغتالهم خفافيش الليل في وسط أحياء السكان الآمنين بعد ان عجزوا منازلتهم في الميدان كما جرت على ترابها محاولات أغتيال عدد من رموز النضال الإريتري في وضح النهار .
كانوا يريدون تصفيتهم أولا وإثارة الشارع الكسلاوي الشعبي والحكومي ضدهم ، إلا ان المدينة التي خبرت جراحات الشعب الإريتري خرجت ناقمة عليهم وودعت الشهداء بما يليق من آيات الفخار والعز . كان البعض يريدها ساحة للصراعات التنظيمة والسياسية ومكانا للتصفيات الجسدية وبدلا من ان تكون كعادتها استراحة للمحاربين تكون مدينة يستبيحها رجال الظلام لذا تم أختطاف ولد ماريام بهلبي وودباشاي قبر ظادق عضوا اللجنة التنفيذية للمجلس الثوري . ولم تستجب كل الفصائل الوطنية الإنجرار الى هكذا نوع من الصراع .. كما أنه المدينة التي تحصنت إلا تكون ابدا حجيما ضد مناضلي الشعب الإريتري ، فوته الفرصة . وها هي تستقبل القائد عبد الله إدريس الذي طار اليه جثمانه من لندن لتحتضنه بدفئها المعهود في جبانة حسن وحسين التي تحتضن أعداد من مناضلي شعبنا من لدن الزعيم الوطني إبراهيم سلطان والقائمة تطول . بعد رحلة معاناة مرضية وبُعد مضني عن ساحات النضال والمقاومة يعود أبو إبراهيم محمولا على أفئدة ملايين الإريترين والسودانين ليجد مرقده الأخير بجانب رفيق دربه القائد الفذ محمود حسب ، الذي أغتيل قبل نيف وعشرون عاما ، أي مفارقة تلك ؟ أشبار قليلة تفصلهما وكأن المكان كان في انتظاره طوال تلك السنوات ! عندما كانوا يهمون بحفر قبر القائد عبد الله أنتبه لبيب بينهم وذهب الى ذات المكان الذي يضم ذاك الجسد النحيل القوي لمحمود حسب عسى ان يجد مكانا وكان ما رغب فيه !.
ليس ببعيد عنهم يرقد سعيد صالح ورفاق وعلى بعد عدة مئات من الأمتار يرقد أرقاي هبتو وعند المدخل الشمالي يرقد ولدداويت تمسغن والاستاذ المستنير مكئيل قابر وغيرهم من مناضلي جبهة التحرير الإريترية خاصة والثورة الإريترية على وجه العموم .
لاتنفصل السيرة الذاتية للقائد الشهيد عبد الله إدريس عن تاريخ الثورة الإريترية ـ التي ألتحق بها في العام 1964م صبيا وأرسل للدراسة وعاد إليها ضابطا ـ لذا الحديث سيكون عن ما يقارب النصف قرن من الزمان وتصعب الإحاطة به خاصة وان تلك ليست السنوات ليست ككل السنوات . و كل ما قيل وسيقال عن عبد الله إدريس سوف لايعدو إلا ان يكون كلاما عاما مالم يتم ربطه بسيرة الثورة بشكل عام وتاريخ جبهة التحرير الإريترية بشكل خاص.
ـــ 2 ـــ
لمدينة القضارف خصوصية أيضا كما هو حال بورسودان .. وقد أكدت خصوصيتها عندما وقف ممثلي القوى الوطنية الإريترية والجماهير الوفيه لتاريخ جبهة التحرير لساعات لوداع الفقيد القائد وتحيته وهو يغادر لمثواه الأخير . وقود الثورة سابقا ومعين المقاومة معسكرات اللجوء من ود الحليو الى سمسم وسالمين أم سقطه وأم بروش .. الخ كانت هنالك هزني الموقف وهزت كل من كان يرافق الجثمان الطاهر .
الخصوصية لاتلغي العموم .. عموم الشعب الإريتري واصدقاء ثورته ومحبي نضاله كانوا حضورا بكل ما يمكلون …. التحية لكل الرسمين والدستورين في ولاية كسلا .. لكل أبناء هذه المدينة التي ظلت طوال أكثر من نصف قرن تتالم لآلام الشعب الإريتري وتسر لأفراحه .
• نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي-صحيفة الوطن السودانية -13مايو2011م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى