مقالات

إرتريا وجيبوتي –أزمة بلا حلول : محمدعثمان محمد نور*

19-Jun-2008

المركز

ترواحت علاقات إرتريا الخارجية مع العديد من الدول العربية ، ودول الجوار علي وجه الخصوص بين التوتر والقطيعة، حيث بدأت إرتريا في بداية عهدها بعلاقات متوترة مع المملكة العربية السعودية ومصر وسوريا ، ثم توترت العلاقات الي أن وصلت مرحلة التدابر والقطيعة مع كل من السودان واليمن ، ولم تكن العلاقات الارترية الجيبوتية استثناء من تلك القاعدة إذ تراوحت بين التحسن والتوتر والمواجهة أخيرا.

الأزمة الحالية : علمت الأزمة الحالية للرأي العام عندما أعلنت مصادر عسكرية جيبوتية بأن منطقة (رأس دميره) في شمال جيبوتي شهدت توغلا عسكريا من قبل القوات المسلحة الارترية في 16/ابريل الماضي ، وتسبب هذا التصرف في التوتر والإستنفار العسكري من الطرفين داخل المنطقة المتنازع عليها ، وتطور الموقف من مرحلة التوتر والترقب الي المواجهة والاحتكاك منذ العاشرمن يونيو الجاري وكانت بداية المعركة بسبب هروب جنود إرتريون الي الأراضي الجيبوتية واطلاق القوات الارترية النار عليهم حسب مااعلنت ذلك السلطات الجيبوتية . واتهمت السلطات الجيبوتية ارتريا ببدإ القتال وان قواتها أطرت للرد دفاعا عن نفسها وسيادة بلادها حسب ماصرح بذلك وزير الخارجية والتعاون الدولي الجيبوتي محمود علي يوسف لبي بي سي في 17/6، وتوقفت المواجهات العسكرية بين البلدين بشكل تلقائي منذ منتصف يوم الحادي عشر من يونيوالجاري . الخسائر : أعلن الطرف الجيبوتي عن خسائره البشرية وحسب ما أفاد به مصدر عسكري لمراسل الجزير في 18/6 إنه قتل 11من جنوده وجرح (115) ، وكذلك اعلنت السلطات الجيبوتية أنها أسرت (100) من الجنود الارتريين حسب ماورد في موقع ال بي بي سي ، ومن جهة أخري عرضت وسائل الاعلام الجيبوتية لقطات لعدد (21)من الجنود الارترين قالت إنهم هربواليها من جبهات القتال وذلك حسب مانشر في جريدة الشرق الاوسط الصادرة في 17/6. أما الطرف الارتري : لايزال يلزم الصمت اذا لم يعلن عن اي خسائر له مادية كانت او بشرية كما لم يرد علي إدعاءات جيبوتي ، والنظام الارتري يفعل ذلك لأنه يعتبر نفسه غير معني ولامهتم بالرأي العام المحلي والعالمي ، وهكذا يتصرف وكأنه يعيش في غابة معزولة عن العالم ، والجدير بالذكر أنه قد اوردت بعد المصادر الارترية المستقلة أن عدد القتلي من القوات الارترية تراوح مابين (25-30)موقع عواتي دوت كوم . إدارة جيبوتي للمشكلة : أدارة جيبوتي الازمة بشكل جيد علي كل المستويات المحلية والاقليمية والدولية ، اذ كانت هي الطرف الذي أعلن المشكلة للراي العام الداخلي والخارجي ، فعلي المستوي الداخلي استنفرت 75%من قواتها العسكرية البالغ عددها (10000) جندي ووضعتهم في الحدود ، وأخطرت كل القوي السياسية والحزبية والإجتماعية بما حدث ، وما تتطلبه المرحلة من وحدة وتعاون ودعم مادي ومعنوي للقوات المسلحة الجيبوتية .وأما علي المستوي الخارجي : بعثت برسائل عن طريق وزير خارجيتها منذ شهر مايو الماضي الي كل من مجلس الامن ، والاتحاد الافريقي والجامعة العربية حيث وضحت لهم فيها ماحدث في الواقع وتخوفاتها من تصاعد الموقف سلبا . واستثمر الرئيس الجيبوتي اسماعيل جيلي اجتماع رؤساء دول الايغاد الذي عقد في 14/يونيوالجاري بأديس أبابا واطلع قادة الايغاد وشركاء الايغاد ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي علي الوضع المأزوم في الحدود بين جيبوتي وارتريا ، واجري كذلك اتصالات مع عدد من رؤساء الدول العربية من بينهم خادم الحرميين الشرفيين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس اليمني علي عبد الله صالح ، وكل ذلك يأتي في إطار حشد الدعم السياسي لجيبوتي وخصما علي الموقف الارتري ، ولذلك استطاعت جيبوتي من خلال تحركها السياسي والدبلوماسي المكثف دوليا واقليميا أن تكسب تعاطفا دوليا واقليميا كبيرا تمثل في حدوث العديد من الإدانات للموقف الارتري من قبل الكثيرين من الدول والمنظمات الدولية والاقليمية المعنية بالشأن في منطقة القرن الافريقي . إدارة إرتريا للمشكلة : في الوقت الذي أعلنت فيه جيبوتي عن وجود أزمة حدودية بينها وبين إرتريا وبدأت تحركا سياسيا ودبلوماسيا مكثفا كان الحاكم بأمر نفسه الرئيس أفورقي يرد في كل المقابلات التي أجريت معه عندما يسأل عن الأزمة بين بلاده وجيبوتي قائلا: هذه مجرد أكاذيب واختلاقات منكرا حتي مجرد وجود المشكلة ناهيك أن يقدم للراي العام اسبابا موضوعية للمشكلة اووصفا للحلول . وبعد ما حدثت المواجهات بين القوات العسكرية في الحدود بين البلدين ، وبدأت الإدنات والتصريحات من الدول والمنظمات الدولية والاقليمية تصدر فيما يتعلق بالموقف الارتري ، اصبحت الحكومة الارترية في موقف الدفاع واظهرت اهتماما بالرد علي نتائج المواجهات بدلا من الاهتمام بالحدث نفسه واسباب النزاع ، حيث اصدرت وزارة الخارجية الارترية عدة بيانات كان أولها في 11يونيو عن موقف الحكومة الجيبوتية إذ اعتبرت الخارجية الارترية الموقف الجيبوتي عبارة عن حملة عدائية ضد إرتريا وجرها في مشكلة لاتعنيها،واصدرت في 12يونيوبيانا أخر ردا علي الخارجية الامريكية معلنة ان الموقف الامريكي غير مفاجئ بالنسة لها ، وحمل البيان كل الاحدث التي تجري في المنطقة للولايات المتحدة الامريكية ، وكان أخر هذه البيانات في 13يونيوحول موقف الجامعة العربية ،والذي أعتبرته إرتريا موقفا منحازا ومخالفا لمجريات الاحداث في الواقع ، وهكذا استطاعت جيبوتي الدولة الصغيرة مساحة والقليلة سكانا ان تضع إرتريا في موقف لاتحسد عليه موقف الدفاع عن نفسها علي الاقل سياسيا ودبلوماسيا وكفاها الله شر مؤنة الحرب بأن أوقفت ارتريا الحرب من دون وساطات ربما لحسابات سياسية وعسكرية خاصة بها ، اولقراءة نتائج الحرب و مايمكن ان تجره من مصائب علي إرتريا اقليميا ودوليا لان الاعتداء علي جيبوتي يمس مصالح الكثير من الاطراف الاقليمية والدولية والتي بدأت تستننفر وتلملم اطرافها تحسبا لما سيحدث وارتريا تعلم ذلك جيدا . وساطات الحلول : لم تتقدم خلال فترة الشهرين اي جاهات دولية او اقليمية ذات وزن للقيام بوساطة جادة بين البلدين الامابذلته ليبيا وقطر من وساطة للحيلولة دون اندلاع الحرب ولكنها فشلت في إحتواء الموقف والحيلولة دون قيام الحرب كما عبر عن ذلك وزير الخارجية الجيبوتي للشر ق الاوسط الصادرة في 17/6 . والتقي مفوض الاتحاد الاروبي لشئون التنمية والمعونة (لوي ميشيل) بالرئيس الجيبوتي اسماعيل جيلي في 14/6/بأديس ابابا وبدي متفائلا بإمكانية الوصول للحل السلمي للنزاع، والتقي كذلك في 15/6/في أسمرا بالرئيس الارتري اسياس افورقي واجري معه حورات وصفت بالمكثفة حول العلاقات الثنائية والتطورات الاقليمية وكد له رغبة الاتحاد الأروربي للعمل لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية في منطقة القرن الافريقي، وكررله افورقي من جانبه أسطوانته المعروفة بأن معظم مشاكل المنطقة مفبركة ومصطنة من قبل الولايات المتحدة الامريكية، وانه من الممكن ان يتحقق السلام في الاقليم اذا توقف التدخل الخارجي ، الا أنه حول الازمة بين إرتريا وجيبوتي لم يعلن عن اي نتائج تم التوصل اليها في اللقاء المشترك ، وهكذا يبدوا أن الاتحاد الاروبي لايزال يظن خيرا بالنظام الارتري وإن قل قدره . وكان أخر هذه المحاولات – أن اتصل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بالرئيس الارتري في 16/يونيوالجاري واكد له علي حرص اليمن علي حل المشكلة القائمة بين إرتريا وجيبوتي (عبر الحوار والتفاهم وتجنب اي تصعيد بينهما لايخدم مصلحة البلدين وامنهما واستقرارهما اويضر بالامن والاستقرار في المنطقة )حسب مانشر في موقع صحيفة الثورة نت الصادرة في 16/6الا أن الرد الارتري لم يتجاوز شكر الرئيس اليمني علي مشاعره الحسنة واهتمامه وطمأنه بأن إرتريا ليست مستعدة للإنزلاق في الحملات الدبلوماسية والاعلامية ، وان المشكلة مفتعلة في اصلها .وتجدر الاشارة الي وصول بعثة الاتحاد الافريقي الي جيبوتي لتقصي الحقائق حول النزاع بين جيبوتي وارتريا في الاسبوع الاول من شهر يونيوالجاري الا أن قيام الحرب بين البلدين لم يمكن البعثة من القيام بدورها. وهكذا ان كل المحاولات قبل حدوث المواجهة العسكرية وبعدها علي قلتها وضعف مستوياتها لم يكتب لها النجاح . نعم أن الحرب قد وقفت ولكن مظاهرها لم تختف بعد فالحشود لازالت موجودة في المنطقة المتنازع عليها ، واثار الحرب لم يتم معالجتها بعد ومشاكل الحدود لايمكن أن تحل بالاستعراضات العسكرية والحكومة الارترية علي قصرعمرها لها في هذا المذمار تجارب مريرة يمكن الاستفادة منها والاعتبار بها . وفي تقديرنا اول هذه الحلول هو الاعتراف بالمشكلة أنه في الاصل هل توجد مشكلة أم لا؟ وبالفعل توجد مشكلة حدودية بين إرتريا وجيبوتي يجب الننظر فيها والتفكير في حلها سلميا بالحوار عبركل المستويات المتعارف عليها بالتفاهمات المحلية او بالجوء الي طلب المساعدة الاقليمية او الدولية كما حدث في قضية حنيش مع اليمن . وان إنكار وجود المشاكل في الظاهر وايقاظ الحروب واشعال الفتن في الخفاء لايحل مشكلة ولايحقق امن واستقرار لاي طرف .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى