حوارات

في حوار الذكريات : القيادي المخضرم جعفر أسد يحكي قصة ترأسه لأول تنظيم سياسي أرتري في الخارج( 1 – 2 )

1-Jun-2006

المركز

حاوره في الخرطوم : جمال عثمان همد – الحوار مع الاستاذ جعفر علي أسد هو استحضار احداث ووقائع حدثت في نصف قرن خلى ، حوار ارهاصات البدايات الاولى لثورة انتصرت بعد ثلاثة عقود 24مايو 19991م . الاحداث غير بعيدة مقارنة بعمر الشعوب وغير متشابكة بحث تضيع الملامح ، لكن غياب التوثيق والتدوين نتيجة الاهمال وتفشي الأمية وسيادة ثقافة الشفاهة زائدا ظروف المطاردة من قبل بعض الحكومات السودانية أو بتدابيرمنظمة من قوى الكنسية لكي تكتب تاريخها الذي يتناسب مع ايدلوجتها الطائفية لم يتيح كل ذلك امكانية التوثيق، هذا فضلا عن ان الكثير من الوثائق ويوميات المناضلين اما هي حبيسة صناديق حديدية في اقاصي المنازل أو في صدور البعض من المناضلين الاحياء منهم والراحلين .دعونا نسمي هذا الحوار بحوار الذكريات وليس لكتابة التاريخ فقد أودع الرجل الكثير الكثير من الاحداث في رسالة الدكتوراه التي كانت تنتظر المناقشة في جامعة بغداد ولم يتح الاجنياح الامريكي الفرصة لذلك وهي الآم حبيسة درج تنتظر الاجازة ، فالرجل دكتور في التاريخ مع وقف التنفيذ .متع الله الاستاذ بالصحة والعافية والى رحاب الحوار .

س1/ لنبدء من البديات استاذ جعفر حبث الاجواء العامة التي تغتح فيها وعيكم السياسي واحاسيسكم بالخطر الداهم والبيئة التي حولكم كيف صاغت ذلك ؟
ج/ انا سعيد ان يتزامن هذا التسجيل أو الحوار مع مناسبة سبتمبر ذكرى انطلاقة الرصاصة الاولى بقيادة الشهيد البطل القائد حامد ادريس عواتي . وهذا البداية لم تنبع من فراغ بل كان هنالك عمل ونضال دؤوب سبقها . اتذكر في العام 1985م وعندما أوصدت الابواب امامنا لإكمال دراستنا بعد ان انهينا المرحلة الاعدادية في ارتريا اضطررنا لمغادرتها الى جمهورية مصر العربية بحثا عن العلم ، وتشاء الظروف حينها ان نتوقف وقفة مؤقتة في السودان وتحديدا في الخرطوم ونسبة للظروف المادية الصعبة بحثنا عن عمل نعيش منه واشتغلنا العديد من الاشغال. في نفس الفترة كانت ارتريا تمور بالأحداث فتداعينا مع عدد من الشباب اذكر منهم صالح احمد أياي والدكتور جعفر ابوبكر وطاهر ابراهيم فداب واحمد سويرا ومحمود الملقب ( بنيليكة ) ومحمود حسين وحامد عثمان وحامد ابراهيم طمبارلعقد اجتماع وكان القاسم المشترك بيننا الهم الارتري العام وما تمر به بلادنا . وبالفعل عقدنا أول اجتماع في منزل كان يسكنه عثمان حامد بجانب منزل عبدالله علق حيث كان يقيم بعضنا بالقرب من نادي الاسرة في نمرة تلاتة في الخرطوم . حضر الاجتماع حوالى ثلاثين شخصا واتفقنا ان نؤسس لعمل سياسي من خلال جمعية اسميناها جمعية تحرير ابناء ارتريا .
( مقاطعا ) متى كان ذلك ؟ . لم يتذكر الرجل التاريخ القطعى ، واردف : وتمخض الاجتماع عن تكوين لجنة برئاستي ومحمد حسين سكرتيرا ومحمد عبدالله ابراهيم كاجم مسؤول مالي وعضوية كل من احمد سويرا واسماعيل حسبو … الخ .
س2/ هل نستطيع القول ان هذه الجمعية كانت أول تنظيم سياسي ارتري في الخارج ؟
ج/ نعم نستطع قول ذلك ونلاحظ هنا ان النضج السياسي لم يكن كافيا بل كانت الدوافع الوطنية الخاصة أدت بنا للتفكير لخلق حالة سياسية وكان ذلك . فيما بعد توسع العمل باتقطاب اعداد كبيرة من الارتريين واذكر ان زارنا في هذه الفترة الشيخ عبدالله أزوز وكذلك شخص آخر اسمه علي بارنتو وقدموا لنا الكثير من النصح . وكانت الاشتراكات عبارة عن 50قرش ويعتبر المبلغ كبيرنسبيا في تلك الفترة بجانب الاشتراكات كانت تأتينا التبرعات والهبات . وكان أول عمل سياسي نقوم به في تلك الفترة استقبال وايواء السيد ادريس محمد آدم رئيس البرلمان الارتري الشيخ ابراهيم سلطان رئيس الرابطة الاسلامية اللذان فرا من ارتريا ، وتم ايوائهم في منزل الصديق عبده ربه السلامي وهو رجل فاضل يمني الجنسية ومتزوج من سيدة ارترية تمت بصلة دم للاخ المرحوم حامد طمبار. وقد اعدا مذكرة تفصيلية للأوضاع الارترية للسفارة المصرية بالخرطوم واستطعنا الوصول للسفير بواسطة المرحوم الدكتور جعفر ابوبكر الذي كان حينها يدرس بمدرسة فاروق المصرية وعلى ما اذكر كان السفير المصري اسمه سيف الدولة ورحب باستقبالهما في اليوم الثاني وتمت المقابلة وتسلم المذكرة، وكان الاجتماع قصراً عليهما قدما خلاله حق اللجوء السياسي لمصر وبعد اسبوعين كانت الموافقة المصرية واستطاعت الجمعية ومن ميزانيها التكفل بكل مصاريف السفر ، وسافرا عن طريق حلفا . بعد سفرهما ارتبطنا بالإخوة العسكريين في الجيش السوداني المتواجدين في الخرطوم منهم الشهداء عمر ازاز ومحمدادريس حاج وجعفر محمد وطاهر سالم ووقتها تم نقلهم جميعا للجنوب واتفقنا على شفرة للاتصال . في تلك الفترة هرب الشهيد عثمان صالح سبي الى الصومال وبدأت الاتصالات معه هذه الفترة يمكن تحديدها بين اعوام 1958و1960م .( وهنا طلب الاستاذ جعفر العذر لعدم تذكر التواريخ بدقة – المحرر ) .ويواصل الاستاذ حديثه بالقول: استطعنا استئجار منزل كبير في حي السجانة في الخرطوم وكنا نسمية البيت الابيض وكان يقيم فيه عدد كبير من الارتريين وكنا نستقبل فيه الهاربين من ارتريا وفيه استقبلنا المرحوم آدم ادريس نور من رجالات الرابطة الاسلامية الذي لم يتمكن من السفر مع الزعيمين. في هذه الفترة ظهرت حركة تحرير ارتريا في مدينة بورتسودان ، وهنا يمكن ان اسجل الآتي حول ظهور الحركة وتأثيرها على الجمعية : فقد تخرج الاخ المرحوم طاهر ابراهيم فداب عضو الجمعية من جامعة امدرمان الاسلامية ( الشهادة العالمية ) وتوجه الى بورتسودان للعمل هنالك كمعلم وكان صالح احمد أياي موجود في الخرطوم في دورة تدريبية لصالح شركة الزيوت الافريقية وكلف الزميلين باقامة كيان أو فرع للجمعية هناك بعد وقت قصير اصبحت تصلنا رسائل من الاخ فداب يطرح فيها قضايا لم نتفق عليها ولم نناقشها من قبل داخل الجمعية ومضمون رسائله كان يتلخص حول فكرة العمل السري لان الظروف تغيرت وضرورة ان تواكب الجمعية ذلك وضرورة تحويل ميزانية الجمعية لبورتسودان للعمل الجديد …..الخ ولم نستوعب افكاره ولم يكاشفنا بشكل كافي ، وعندها طلبت منه الحضور للخرطوم وكان ذلك وكان يحمل دستور الحركة وبيانها الاول ومع الحوارعرفت انه وصالح أياي انضما للحركة وطلب مني الانضمام وسألته من هم قيادة الحركة ولمن نسلم ميزانيتنا ووثائقنا ، رفض الكشف عن القيادة واقترح ان يكون هو صلة الوصل وتسلم له المالية والوثائق بدوري رفضت ذلك خاصة وان الميزانية هي مسؤولية سوف نحاسب عليها . وعندما شعر بأن الحوار معي ومع آدم ادريس نور لايجدي اتجه للتجنيد الفردي لاعضاء الجمعية وكان ان يلتقي بالعضو ويناقشة ثم يأخذ منه القسم حتى لايفشي السر ويطلعة على الدستور واستطاع استقطاب كل من محمد عبدالله كاجم واحمد سويرا واسماعيل حسبو ومحمود حسين ، وباشرت الحركة تسويق نفسها في المملكة العربية السعودية فكتب لي السيد ادريس محمد آدم وكان حينها في السعودية يستفسر عن ماهية الحركة وافكارها وهل تتبنى الماركسية وعلاقتها بالحزب الشيوعي السوداني فكتبت له ان رائحة الماركسية تفوح منها وانها أي الحركة مرتبطة بشكل ما بالحزب الشيوعي السوداني وان كثير من افكارها وخططها لم تتضح بعد . وطلب مني السفر الى ارتريا لاستجلاء الوضع ، وبالفعل غادرت الى ارتريا في يناير 1960 واستطلعت الوضع من تسني الى اسمرا وحدد لي هناك اشخاص اتصل بهم مثل المرحوم سليمان مرير وآدم قدوف ومحمد ياسين وعبد الكريم زينو وعمر الحاج ادريس، واذكر انني تناولت معهم افطار رمضان وبعد ان فرغنا منه اخرج لي الاخ عمر حاج ادريس قطعة من سلاح وشرح لى انه يتدرب فيه وان بقية القطع مع آخرين…. الخ وكانت العملية برمتها اعطائي انطباع بجدية الحركة وترهيبي ومحاولة تجنيدي وكان ردي ان هذه القطعة ليس هنالك ما يستدعي للترب فيها فهي مجرد جزء من سلاح . عموما لم نتوصل لرؤية محددة ثم اتصلت بعبد الكريم زينو وكان حينها المسؤول المالي للحركة في مدينة كرن وأوصلت له ارائي وانطباعي عن الحركة وان سلاحها محض اكاذيب فلاوجود عسكري لها وان الحديث عن سلاح قادم من الصين في باخرة ليس صحيحا وانهم فقط يريدون مبلغ ال300 ألف دولار لصرفها في قضايا أخرى وانها لاتتعدى الدعاية السياسية . وتداعينا لاجتماع تفاكري مع كل المجموعة وشرحت لهم الموقف في السودان والقاهرة وبلغتهم تحياتي ادريس محمد آدم وابراهيم سلطان واستطيع القول انني خلقت بلبلة واسئلة كثيرة في رؤوسهم مما دفع المرحوم صالح اياي ان جاء صباح اليوم التالي لموقف البصات الذاهب الى اغوردات وسلمني رسالة وكانت عبارة عن تهديد ووعيد ومليئة بالشتائم . وصلت اغوردات والتقيت بمحمد يوسف وكان يعمل ( ترزيا ) وكذلك بالاخ الزبير ناكورا وخليفة الرشيد ادريس وابنت لهم الموقف . وقبل ان استخرج تصريح المرور الى السودان التقاني عبدالله محمد جمع وكان موظفا في ( الكمسارياتو ) وطلب مني السفر عن غير الطريق المعتاد لانني مطلوب ومن السوق وجدت سيارة تابعة للبعثة التبشيرية السوديدية ( الاسبديس ) ووصلت تسني ومنها وعن طريق السيارات الصغيرة لفرج اشقر كنت مساءا في مدينة كسلا . وكتبت تقريري حول الزيارة ونتائجها للسيدين ادريس محمد آدم وعثمان صالح سبي .
س/ ماهي الصلة التنظيمية التي كانت تربطكم بالسيدين ادريس وسبي ؟ وهل كانوا اعضاء في الجمعية ؟
ج/ لا لم تكن لنا صلة تنظيمية معهما فقط كنا نعتبرهم زعماء وطنيين. وكانوا حينها يعدون العدة لإعلان جبهة التحرير الارترية من القاهرة . وقد اتصل بي ادريس محمد آدم للقدوم للقاهرة وكان ذلك في سبتمبر 1960م ، وصلت القاهرة حيث وجدت العمل يسير بوتائر سريعة .. اجتماعات ونشاطات ومجلة بأسم الثورة الارترية وكان يحررها كل من ابراهيم ادريس محمد آدم ومحمد علي افعرورا ومحمد سعيد انطاطا وأفعرورا وحامد تركي ورمضان محمد نور. وابديت اعتراضي على التسمية لكون الثورة لم تعلن بالفعل وان ذلك قد يؤلب علينا الامبراطور هيلي سلاسي وقمعنا مبكرا … الخ . في تلك افترة تم انزال العلم الارتري وأعلن الضم رسميا ، وكانت هبة الطلاب الارتريين في القاهرة والاعتصام أمام السفارة الاثيوبية ثم اقتحامها ونتيجة لتدخل البوليس المصري وفضنا بالقوة اصيب الاخ ادريس حسن ليمان بجروح وأعتقل عدد منا الطلاب من بينهم محمد علي عمرو ورمضان محمد نور والامين علي أسد .
( مقاطعا ) حتى تلك الفترة لم يتم اعلان جبهة التحرير الارترية رسميا ؟
ج/ نعم لم تعلن رسميا فقط كان هنالك تنظيم رسمي باسم جبهة التحرير الارترية في المجلة التي تحمل نفس الاسم ، ولم يعلن الهيكل ولا البرنامج السياسي . وقد اعلنت تشكيل مجلس في أواخر 1960م مكون من ادريس محمد آدم وادريس قلايدوس وسيد احمد محمد هاشم ومحمد صالح همد وطه محمد نور ومحمد سعيد انطاطا وآدم أكتي وادريس خيار ثم تطور الأمر ليصبح تسميته المجلس الاعلى .
( مقاطعا ) هنالك من يقول ان تأسيس جبهة التحرير الارترية سابق لأعلان الكفاح المسلح بعام تقريبا وكان ذلك في العام 1960م .
ج/ نعم كان ذلك هو تاريخ التأسيس وفي رسالة الدكتوراه ذكرت بدقة كل التفاصيل والتواريخ .
س/ الآن امامنا جسمين سياسين أحدهما بأسم جبهة التحرير الارترية والآخر بأسم حركة تحرير ارتريا ، اين ذهبت الجمعية ؟

الاجابة في الحلقة القادمة ان شاء الله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى