مقالات

صباح الـخير أيها الشعب الأريتري : سيد أحمدخليفه

7-Feb-2008

الوطن

إحصائية مخيفة عن تدفق اللاجئين الأريتريين على السودان
ما هي مسببات اللجوء الثلاثة بأبعادها الداخلية والخارجية..؟
النظام الطارد في أريتريا أصبح يطارد الأريتريين في منافيهم بعدة طرق
الأقلية الطامعة في الهجرة إلى أوربا عبر السودان أساءت للأكثرية
سؤال : لماذا لا يلعب السودان دوراً وفاقياً سلمياً للمصالحة في أريتريا..؟!

لا أريد أن أختلف مع أحد في قضية اللاجئين الأريتريين الذين دخلوا المربع الثاني من معاناتهم ومأساتهم حيث كانت الأولى «الأبشع» هي اضطرارهم للهرب من بلادهم عبر الحدود السودانية الأريترية، وهي رحلة بجانب أنها مكلفة، فهي شاقة بدنياً ومليئة بالمخاطر الكبيرة في حدود يحتشد فوقها آلاف الجنود « سودانيين وأريتريين»…!والذي يغادر بلاده باختياره، يعاني من الغربة وويلاتها، ويجد صعوبة كبيرة في التأقلم على وضعه الجديد في غربته، فما بالك بلاجئ أو لاجئة، تضطره الأوضاع السياسية، أو المعيشية، أو الأمنية في بلاده إلى الهرب عبر الحدود، لكي يتحول من مواطن تعبان ومنهك وملاحق داخل بلاده، إلى «لاجئ» يبحث عن من يأويه، ومن يطعمه، ويقضي السنوات جرياً وراء منظمات الإغاثة، وشؤون اللاجئين، أو اختفاءً واختباءً من السلطات في بلد اللجوء، حيث تلاحقهم القوانين والنظم في منفاهم الإجباري، بعد أن دفعتهم المظالم والقهر والاستبداد والفقر إلى ترك الأهل والعشيرة، وإلى مغادرة الوطن، إلى المجهول، حيث تتسامع الدنيا كلها الآن بمأساة اللاجئين الأريتريين، والصوماليين وغيرهم عبر «مراكب الموت» بحثاً عن ملاذات آمنة في أوربا عبر طرق خطرة ووعرة، تبدأ من أسمرا، أو غيرها من المدن والقرى الأريترية، أو من أديس أبابا وغيرها أيضا ، ومن الصومال، وبكل أسف نقول أو من السودان وفقاً للتقارير الأخيرة التي تحدثت عن لجوء أو تسلل أو هرب إلى إسرائيل انطلاقا من مصر التي يحتشد فوق عاصمتها القاهرة، وغيرها من المدن المصرية ملايين اللاجئين السودانيين، الذين ينتمون إلى دارفور صدقاً، أو تزويراً في بعض الحالات…!إن أخطر ما في أوضاع أريتريا التي تدفع بآلاف اللاجئين إلى السودان وغيره حالياً، هو هذا العمل المنظم والمافيوي الطابع، الذي ينقل اللاجئين من داخل أريتريا إلى داخل الأراضي السودانية مروراً بكسلا، وغيرها من المدن والقرى الحدودية السودانية لينتهي المطاف بهولاء إلى الخرطوم..!بل إن الخطر الأكبر في هذا الأمر، هو أن أكثر من 90% من اللاجئين، هم من الجنسين شباب بنات وأولاد .. وهؤلاء تأتي بهم الأسباب الآتية باختصار:1/ سوء الأوضاع المعيشية والتعليمية في بلادهم2/ الملاحقات الأمنية لتجنيدهم في الجيش الذي تعده حكومة أسياسي أفورقي منذ وصولها للسلطة في أريتريا منذ 1991م وتحشده وتدربه وتسلحه لأسباب لا يعلمها إلا الله وأسياسي أفورقي ونظامه المهووس بالحشد العسكري والتحرش والانغماس في قضايا الجيران، وهو نهج قديم كان سائداً إبان الحرب الباردة بين القوتين العظميين ، حيث تغير هذا النهج عالمياً واقليمياً، إلا لدى نظام أسياسي أفورقي وحكومته، فالرجل لايزال يؤمن بسياسة الاستقطاب والتكتلات والمؤامرات والتدخل العسكري في شئون الغير، وبصورة سافرة والدليل السابق هو تدخله في الشأن السوداني على نحو ما هو معروف في فترة سابقة، وأيضا تدخله اللاحق في الشأن الصومالي، كما هو ماثل الآن ..!حتى لا نتخطى هذه النقطة الخاصة بالتدخل الأريتري في الصومال والتي يستغرب لحدوثها البعض، حيث لاحدود للصومال مع أريتريا ولا مصالح لأرتيريا في الصومال نوضح أن أفورقي بوجوده في الصومال المعلن والمستتر، يخوض حربه ضد أثيوبيا هناك في مقديشو وغيرها، فهو يعتقد أن انتصار أثيوبيا في الصومال وفرض حكومة عملية هناك سيجعل من أثيوبيا دولة أكبر مما هي عليه الآن، وربما تصل أثيوبيا إلى البحر ولا تظل دولة مغلقة كما هو حالها الآن. فللصومال، كما هو معروف، أكثر من إطلالة على بحار العالم سواء من خلال المحيط الهندي في الجنوب الصومالي، أو البحر الأحمر وأفورقي بالتالي يخشي أن تكون حرب أثيوبيا القادمة بعد أن يحسم المعركة الصومال لصالحها هي ضده في أريتريا لكي تعود أثيوبيا إلى البحر الأحمر، الذي فقدته وفقدانها لأريتريا وفق إتفاق بريطاني أمريكي إيطالي عام 1991م، والذي حدث على أمل إقامة نظامين متجانسين غربيين في أريتريا وأثيوبيا يفضي بهما الود والتواصل إلى العيش تحت المظلة الغربية، وصولا إلى وحدة تقوم على الوفاق والإتفاق والتقارب الفكري بين «جبهة تحرير التقراي» الأثيوبية الماركسية، والجبهة الشعبية لتحرير أريتريا الماركسية أيضا ، ولكن أتت الرياح بما لايشتهي الغرب واختلف النظامان الماركسيان في أسمرا وأديس أبابا والذي يدفع الثمن الأكبر هم اللاجئون الأريتريون الذين تقول الإحصاءات إن عددهم بلغ الآن نصف السكان الأريتريين البالغ عددهم نحو «4» ملايي،ن والأبشع والأفظع من كل هذا وذاك في شأن اللاجئين الأريتريين، هو أن حكومتهم المتسببة في لجوئهم تطاردهم الآن في منافيهم القريبة والبعيدة أمنياً تطاردهم بالتعرف على النشطاء المعارضين الذين يُعاقب ذووهم في الداخل بجريرتهم، وهم في الخارج، أو تلاحقهم الحكومة الأريترية مالياً، ومن خلال فرض الرسوم والضرائب والأتاوات، أو ملاحقة تحويلاتهم واقتسامها مع الأهل ..!أما الجديد في موضوع اللجوء سواء بالنسبة للأريتريين في الغالب وللأثيوبيين بنسبة أقل هو رغبة اللاجئين واللاجئات في عبور السودان إلى بلدان أخرى عبر الشبكات الإجرامية التي ذكرنا والتي تكلف اللاجئ مبالغ طائلة لها ثلاثة مصادر معروفة: أولها تحويلات الأهل من الخارج، وثانيها العمل المؤقت في السودان سواء في البيوت أو في المقاهي بما في ذلك الركشات» وغير ذلك، وثالثها بكل أسف ارتكاب جرائم السرقة الملساء أو الخنثة بغرض توفير المبالغ اللازمة للهجرة من خلال الشبكات الإجرامية إلى ليبيا، ومنها إلى أوربا عامة وايطاليا خاصة ..!إن وجود هذه الفئة القليلة من الأريتريين أساءت للأغلبية المطلقة، حيث عرف السودانيون أخوتهم الأريتريين منذ بداية قضيتهم في الخمسينات من القرن الماضي، عندما رفعوا السلاح ضد احتلال واستعمار أثيوبيا لبلادهم، برغم القرار الأممي الداعي لاستقلال أريتريا ، كغيرها من المستعمرات، والذي صدر نحو عام 1952م وانتهكه النظام الامبراطوري هيلاسياسي عام 1962م بإعلانه ضم أريتريا إلى الامبراطورية الأثيوبية كمقاطعة خامسة.ويبقى الجوهر في قضية الإخوة الأريتريين الذين تتخذ بشأنهم بعض الإجراءات في هذه الأيام، هو وجود دوافع قوية للجوء، وهو إن كان في فترة ما قبل الاستقلال لجوء إكراه واستعمار واحتلال، فهو بعد الاستقلال لجوء الحاجة والعوذ والبطش والتسلط، والبحث عن واقع أفضل بعد أن مات داخل أكثر من 90% من الاريتريين الفرح، ذلك لأن النصف اللاجئ في الخارج له نصف في الداخل، واقع تحت الظروف ذاتها، التي حتمت اللجوء..!إذن المسألة في بعدها الحقيقي الحالي سياسية الطابع، والأسباب والمكونات، وبالتالي فإن علاجها علاج سياسي ينطلق من محاولة التخفيف من قبضة الدكتاتورية والتدرج المراقب دولياً واقليمياً، نحو نظام ديمقراطي وفاقي في إريتريا ..!والأمر المطلوب، بل والحتمي والضروري، هو أن يحاول السودان لعب دور وفاقي في أريتريا، بين نظام أفورقي والمعارضة الأريترية التي لها وجود معتبر في السودان، ليس لأن السودان متضرر من التدفق اليومي للاجئين الأريتريين على السودان، وبمختلف الأعمار وحسب، بل أيضا لأن أريتريا وبوزنها الذي لا يساوي أكثر من 10% من وزن السودان أرضاً وسكاناً، لعبت وتلعب دوراً سياسياً في الشأن السوداني..!فأريتريا النظام هي التي أوت ودعمت الحركة الشعبية بقيادة قرنق ، ودعمت التجمع الديمقراطي ودعمت قوات التحالف ومجموعات الشرق بأسمائها المختلفة ومتمردي دارفور الذين لايزال لهم وجود في أسمرا رغم المصالحة بينها وبين الخرطوم، وأريتريا أيضا مثلها مثل طرابلس في مسألة دارفور، تلعب دور الوسيط والمؤيد لمتمردي دارفور بشكل أو بآخر..!والسؤال هو لماذا لا يحاول السودان فعل ما فعلته أريتريا في مجال المصالحة بين الإنقاذ وخصومها، ويلعب دوراً وفاقياً ملموساً ومحسوساً في إحداث مصالحة ووفاق وتقارب وطني واسع وعريق بين المعارضين الأريتريين وحكومة أسياسي أفورقي ..؟!نحن لانريد أن نقول إنه على حكومة الإنقاذ أن تسلك الطريق ذاته الذي سلكته حكومة أفورقي عندما دعمت المعارضة السودانية بتكويناتها المختلفة بالمال والسلاح والجنود والعمل التخريبي بما في ذلك تدنيس خلاوي القرآن بهمشكوريب وغيرها ، ولكن الوفاق على الطريقة السودانية، ومن خلال جهد دبلوماسي تمرس عليه وأجاده مستشار السيد رئيس الجمهورية، د. مصطفى عثمان، وهو شخص مقبول لدى الطرفين، حكومة ومعارضة ، ذلك أيضا لأن السودان متضرر غاية الضرر من تدفق نحو «300» ألف لاجئ يومياً، أي بواقع «9» آلف لاجئ أريتري في الشهر الواحد، أي بواقع« 108» آلاف لاجئ أريتري في العام وهذا أضعف الإحصاء..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى