جمال همد : إفتقار برنامج الثورة الاريترية للبعد الثقافي أدخلها في نفقٍ عظيم.
4-Sep-2020
عدوليس ـ نقلا عن صحيفة المواكب السودانية
يواجه المثقفون والكتّاب والمبدعون الايتريون القهر والعسف و تكميم الأفواه بصورة ممنهجة من قبل النظام الدكتاتوري في ارتيريا من ما حدى بعددٍ كبيرٍ منهم بالخروج من باحة الوطن متناثرين في المنافي القريبة والبعيدة في هذا العالم المترامي الأطراف.وقد شهدت الساحة الثقافية السودانية اسماء عديدة من هؤلاء الكتّاب والذين ضمخوا فضاء هذا المشهد بابداعاتٍ متفردة ومميزة في ذات الآن.وجمال همد أحد هذه الأقلام النيرة والمستنيرة، التي خَبِرها المشهد ونهل من ابداعها.
وكلما جاء ذكر الادب والكتابة الأدبية في أريتريا وإلا ويُقرن اسم جمال همد على سجلها، فهو أحد الذين ساهموا إسهاما كبيرا في أضاءة الواقع الإبداعي الاريتيري والتعريف به في كل المنابر وقد كان علامة مميزة وسفيرا فوق العادة للساحة الأدبية الارترية، وجراء ذلك تعرض للعديد من المخاطر والصعاب، آخرها محاولة النظام البائد في عملية صغقة سياسية بينه وبين النظام الاريتري، مقابل بعض الامتيازات، فما كان من الكاتب جمال همد إلا وان حمل حقائبهم مهاجرا مرة أخرى الي منفىً بديل ليواصل العطاء الذي يوقن تمام اليقين بأنه سوف يضيء درب الحرية للعديد من عشاق الانعتاق.. فإلى وضابط الحوار:
حاوره : أحمد أبو حازم
1/برأيك ماهي أهم اتجاهات الادب الاريتري من حيث الأسئلة والرؤى؟
ج/ ان أهم ما يشغل بال الأديب الإريتري هي محاولات الخروج والتحرر من شرنقة السياسية والتسيس التي علّبه فيها السياسي طوال فترة الكفاح المسلح ومقتضياته إلى رحاب الإنسان وشجرة الحياة الخضراء. فقد كان إفتقار برنامج الثورة الإريترية للبعد الثقافي أدى لإدخل الثورة الإريترية بشكل في نفق عظيم المشكلات ، كما أوقع المثقف الإريتري في إشكالات كبيره بعد التحرير والإستقلال وقد إستمرت هيمنة السياسي على الثقافي طوال فترة الكفاح المسلح والتي نحتفل بذكراها الـ ( 59 ) في سبتمبر الجاري.
ذات الأمر إستمر وان بشكل أيدولوجي ألعن كامتداد لتلك الذهنية ورجالاتها أو ما يمكن تسميتهم برجال حركة التحرر الوطني، وشعار ” لا صوت يعلو على صوت المعركة”، لذا واحدة من مهام المثقف الإريتري الآن والأديب بشكل العام الفكاك من هذا الأسر على ان يكون مستعد لدفع الثمن.
من جانب آخر يحاول الأدب الإريتري الإجابة على ترتيب أسئلة الحاضر والمستقبل واسئلة الهوية ، كما هو مشغول بالنتائج الكارثية التي إنتهت إليها الثورة الإريترية والتي افضت إلى إنتاج الدكتاتورية في أسوء صورها وكذلك ان إستمرار اللجوء والفرار نحو المجهول كما ان مأساة الإنسان الإريتري، تشكل هاجسا مستمرا ومؤرقا للأديب الإريتري .
هذا جانب، جانب آخر مهم أيضا هو محاولة إعادة الأسئلة في التاريخ الإريتري عامة والثورة الإريترية وسجل نضالات الشعب والمناضلين وهي محاولة شاقة.
2س/ / شهدت منطقة القرن الأفريقي تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية كبيرة ،ما هي انعكاسات تلك التحولات على خارطة الادب في إريتريا
ج/ بالقطع هذه المتغيرات الدراماتيكية ألحقت ضررا بالغا بمشروع الثقافة والآداب في إريتريا وطرحت عليه الكثير من الأسئلة جديدة والمعقدة والمركبة والتي لم لم يكن هو مهيأ لها. من ضمن تلك الأسئلة أسئلة الوجود والعدم ليس كتعبير فلسفي محض، بل كإنعكاس لحالة القنوط التي أصابة الإنسان الإريتري عموما والأدباء بشكل خاص ، يضاف لهذا سؤال آخر أكثر بشاعة في مظاهره وهو كينونة الأديب نفسه وهويته في مدن الشتات والمنفي التي فر إليها ولا سبيل لمواجهة السؤال إلا بالكتابة الإبداعية كشكل من أشكل الإحتماء للحفاظ على الذات دون إهمال الموضوع الأساسي، لخلق عالم موزاي ينهل من هوية تقاوم من أجل الوجود والبقاء، وأعني كتابة بجمر الروح ضد الذاكرة المنهوبة، والإستلاب.
ودعني هنا أتحدث عن تأثر تلك المتغيرات على مشروع الآمال والطموحات التي كنا نحملها في بناء وطن حر وديمقراطي ! ألا تلاحظ يا صديقي ان لغتي هنا تحمل قدرا كبيرا من الجمل السياسية ؟ وهذه واحده من التأثيرات المباشرة !.
في سنوات الإستقلال الاولى رمى الكثير من الكتاب والمثقفين الحمل الثقيل للإيدلوجيات وقوانين الإصطراع السياسي ووزره جانبا وعادوا إلى رحاب الوطن الحلم وإنخرطوا في ورش على الهواء الطلق .. وكان الثمار سريعة وناضجة وواعدة.. فقد ظهرت القصة القصير بأسنانها وهي تجيب على أسئلة الحاضر ونشرت عدد كبير من النصوص لخالد محمد طه وعبد القادر حكيم وعبد الرحيم شنقب شيخ القصة القصير كما أحب ان اناديه ، وجمال همد وفتحي عثمان وإدريس سعيد أبعري ومجموعته القصصية ” عظام من خزف “، وصدرت مجموعات احمد عمر شيخ من شعر ورواية ، هذا بالنسبة للنتاج الأدبي باللغة العربية ، رافقه ايضا إنتاج في كل دروب الأدب باللغة التجرينيية وهي لغة محلية يتحدث بها نصف السكان وكذلك هي اللغة الرسمية في إقليم ” تقراي ” الإثيوبي المجاور. مع غلبة أدب الحرب في معظم الأعمال ، كما شهدت إريتريا ظهور عدد من التشكيليين ممن كانوا في ميادين القتال وأبرزهم مككئيل أدوناي الذي يعيش الأن في ملبورن باستراليا.
3/ في ظل الهيمنة السياسية وفرض وجهة النظر الآحادية التي يفرضها النظام القمعي في أريتريا، كيف يواجه الكتّاب الارتريين هذا الواقع — أعني كتّاب الداخل الإريتري — كيف يمارسون دورهم؟
ج/ طور النظام السياسي القائم في إريتريا نظريات القمع الممنهج التي أبتدعتها أنظمة شديدة الظلامية كألمانيا الشرقية وألبانيا والعديد من الأنظمة التي تيحط به ولا يخفى رأس النظام أعجابه بستالين الزعيم السوفيتي الأسبق وهذا يعني انه تلميذ ” بيريا ” الرهيب في زمن أستالين، وهذا يعني بالضرورة ان يوجه المثقف القمع بالكتابة كشكشل من اشكال المقاومة والتصدي والكتابة المراوغ