تقارير

بعد لقاء البشير – أفورقي : تغير المناخ هل يعصف بشهر العسل بين جبهة الشرق واريتريا؟

23-May-2005

الصحافه

تقرير: صباح احمد – الصحافة السودانية
* في الايام القادمة تريد المعارضة المسلحة في شرق البلاد ان تعقد اجتماعا لمناقشة عدد من القضايا السياسية على رأسها تقييم الوضع السياسي الراهن بجانب استكمال تكوين المكتب التنفيذي لجبهة الشرق ولجنتها المركزية وبرلمان الشرق ، الذي يتكون من خمسين عضوا ، حسبما قال لي مبروك مبارك سليم زعيم الاسود الحرة ..

بيد انه لا احد يقطع وعلى وجه الدقة والتحديد ما هي اجندة الاجتماع ـ كما قالت لي مصادر مطلعة ـ لكن المؤكد تماما هو ان لقاء الرئيس السوداني البشير والرئيس الاريتري اسياس افورقي الاسبوع الماضي واتفاقهما على وقف الحملات الاعلامية وعدم استخدام المعارضة لزعزعة الامن والاستقرار في البلدين يأتي على رأس اجندة ما سيناقش خلال هذا الاجتماع. وستبدو حجة عبد الله كنة الامين العام لمؤتمر البجا القائلة بأن ليس لما اتفق عليه الطرفين ثمة تأثير على علاقة جبهة الشرق مع اريتريا ضعيفة لاسيما ومسؤول اريتري اكد لي استعداد بلاده للتعاون فيما يخص تطبيع العلاقة بين اريتريا والسودان باعتبار ان ما يمس السودان وشرقة على وجه الخصوص ، خيرا كان او شرا ، يمس اريتريا والعكس هو الصحيح..ولعل هذا القول هو ما يؤكده عبدالله كنة حينما يجزم باستحالة حل مشاكل السودان خاصة الشرق بمعزل عن الدور الاريتري ،غير اني وعندما اسأل المسؤول الاريتري ـ الذي فضل حجب اسمه ـ عن رأيه – بالتحديد – فيما وضعته الحكومة السودانية كشروط لتطبيع العلاقة مع بلاده ، وموقف اريتريا من المعارضة السودانية لاحقا يمسك عن الحديث في هذا الشأن ويكتفي بالاشارة الى ان الرئيس الاريتري اسياس افورقي ، وعندما عاد الى بلاده اشاد بلقائه بالرئيس البشير ووصفه باللقاء الايجابي.* وبالنظر بين يدي ما وضعته الحكومة السودانية من اشتراطات لتطبيع العلاقة مع حكومة اريتريا وربطها ذلك بايقاف الثانية لكل ما من شأنه ان يفضي لزعزعة واستقرار السودان ، كدعم الحركات المسلحة والمعارضة والحشود العسكرية الاريترية في شرق البلاد ، يرى كامل قدورة رئيس حزب النهضة والقيادي بجبهة الشرق ان ايواء اريتريا للمعارضة المسلحة جاء ردة فعل لما تفعله الحكومة السودانية ، ويذهب الى القول بأن اريتريا ليس لديها اي مطامع في السودان ولا تحتاج لاستخدام اي طرف سوداني في الاشكالات السياسية بينها وحكومة الخرطوم.* هذا وتتهم اريتريا بدورها الحكومة السودانية بإيواء تنظيمات اريترية معارضة ومنحها الضوء الاخضر لممارسة نشاطها السياسي من داخل الخرطوم ، وفي المقابل تتهم حكومة السودان اريتريا بإيواء تنظيمات سودانية معارضة لنظام الخرطوم سياسيا وعسكريا وفتح معسكرات لها للتدريب.* بدوره عبدالعزيز دفع الله رئيس الدائرة السياسية السابق ، لما عرف بقوات التحالف السودانية، التي كانت تتخذ من شرق البلاد مسرحا لعملياتها العسكرية ضد حكومة الخرطوم ، يذهب اتجاها مشابها بعض الشيء لما ذكره قدورة ، حينما يقول ان الفرصة كانت متاحة امام حكومة الانقاذ لتطوير علاقتها مع اريتريا غض النظر عن علاقتها بالمعارضة لكنها ـ اي الحكومة – ربطت بين الامرين ، لكن يحمد لها تراجعها الآن عن هذا الامر ـ في اشارة واضحة منه للقاء الذي جمع الرئيس البشير بالرئيس الاريتري اسياس افورقي بوساطة ليبية على هامش اعمال القمة الافريقية المصغرة لبحث الاوضاع في دارفور، والتي انعقدت بطرابلس الاسبوع الماضي. * اسأل عبد العزيز دفع الله ،الذي يتمتع بعلاقات وطيدة مع القيادة الاريترية ، عن توقعاته لما يمكن ان يتمخض عنه لقاء الرجلين من نتائج عملية (يصمت قليلا) ثم يقول ان اللقاء سيفتح الباب امام حل الاشكالات العالقة بين البلدين وهي اشكالات يضعها دفع الله في خانة الاشكالات السياسية التي ليس من بينها اي نزاعات حدودية،ويعرب عن اعتقاده في امكانية حلها وعلاجها بالحوار بين الطرفين..* ثمة نقطة يجب عليّ توضيحها هنا ، تتعلق بأن لقاء البشير- افورقي كان قد خلص الى تشكيل لجنة لادارة الحوار وتخطى القضايا الخلافية بين الجانبين.* اما على صعيد القضايا الخلافية بين الحكومة والمعارضة ،يلفت دفع الله نظري الى ان اللقاء من شأنه ايضا ان يفتح الطريق امام استكمال مفاوضات الحكومة مع اطراف النزاع السوداني لاسيما في الشرق ، ولعل دفع الله يعني هنا ان تلعب اريتريا دورا ايجابيا خلال المرحلة القادمة في مد جسور الثقة بين الاطراف السودانية المتنازعة.* يجدر بيّ هنا ايضا ان اتوقف لأذكر بأن افورقي سبق وان لعب دور الوسيط – وبنجاح مقدر – بين الحكومة السودانية والتجمع الوطني المعارض واستطاع ان يجمع بين الرئيس عمر البشير ومولانا محمد عثمان الميرغني في اسمرا في عام 2000 وترتب على ذلك اللقاء دعم خيارات الحل السياسي الشامل مما مهد للحوار بين التجمع المعارض وحكومة الخرطوم لاحقا.* العلاقة بين السودان واريتريا بدأت تشوبها موجات من التوتر الواضحة، عندما انشأ الدكتور الترابي المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي في عام 1993م، وضم ذاك المؤتمر في عضويته جماعة الجهاد الاريتري المناوئة لحكومة افورقي.. وقد اعطى المؤتمر المقصود فرصة كافية لمزيد من التوترات ، خاصة عقب احتجاج القيادة الاريترية علي ايواء المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي ،الذي يتزعمه د. الترابي آنذاك ، لجماعة اريترية معارضة ، الامر الذي اعتبرته اريتريا انذار خطر يهدد مسار العلاقات الثنائية التي كانت في بداية عهد الانقاذ علاقة جيدة ، إذ كان للحكومة السودانية دور ايجابي تجاه الثورة الاريترية وداعم لها..المهم… تطورت الاحداث بصورة متسارعة حتى وصلت مرحلة كادت تنسف العلاقات الثنائية كلية وذلك عندما استضافت اريتريا في عام 1995م المعارضة السودانية فيما عرف بمؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية ، علاوة على فتح الحكومة الاريترية لمكاتب للمعارضة السودانية وفتح معسكرات للتدريب المسلح ، وقامت بدعمها لوجستيا ومعنويا واعلاميا وسياسيا.* حديث كامل قدورة معيّ عن تطورات العلاقات السودانية – الاريترية جاء ـ كما علمت ـ بعد يومين فقط من لقاء جمعه وقيادات حكومية متنفذة ، حملته رسالة (شفهية) لحاملي السلاح في الشرق، فحواها استعداد الحكومة للتفاوض مع حاملي السلاح دون تحديد اي شروط مسبقة لاجندة اللقاء ومكانه او زمانه، وتبدو الحكومة وهي تعلن قرارها ذاك واثقة من تأثيره ايجابا على الخارطة السياسية.وعلى ذات الصعيد لملتقى السلام السوداني الذي يترأسه الدكتور عصام صديق المستشار الاقتصادي السابق لرئيس الجمهورية ، ايضا مبادرة للمصالحة بين الحكومة وجبهة الشرق ، وسيقوم الملتقي خلال اليومين القادمين بتوجيه رسالة (خطية) لكل من رئيس جبهة الشرق وامينها العام تدعو لترجيح كفة الحل السوداني – السوداني ، وتدعو الجبهة لتقديم رؤيتها لحل ازمة الشرق مكتوبة لعرضها على الطرف الآخر ، بغية تمهيد الاجواء لعقد لقاء بين الحكومة وجبهة الشرق..* بدورها جبهة الشرق ترحب بـ (كل المبادرات ايا كان مصدرها اذا كانت تصب في خانة تحقيق الحل السياسي الشامل في البلاد) ، غير انها تشترط ـ على لسان صلاح باركوين مسؤول الاتصال الخارجي بالجبهة ـ لإستئناف التفاوض مع الحكومة تقديم من يصفهم بالمتورطين في احداث بورتسودان لمحاكمة عادلة وفق تحقيق جنائي مستقل واطلاق سراح المعتقلين واصلاح الاضرار التي لحقت بالبنية التحتية في الشرق ، ويؤكد لي باركوين ان هذا من شأنه خلق مناخ ملائم للتفاوض بين الطرفين..* جبهة الشرق – من خلال قيادتها ، التي تحدثت اليها – تحاول جاهدة الا تبدو قلقة بسبب شهر العسل الباديء حديثا بين السودان واريتريا في اعقاب لقاء البشير – افورقي واتفاقهما علي بحث امكانية طي ملف الخلافات وفتح صفحة جديدة من التفاهم والتنسيق والتعاون من اجل المصالح العليا المشتركة بين البلدين .غير ان اللقاء من شأنه – حسب مراقبين – ان يفتح الباب واسعا امام احتمالات لسيناريوهات تبدو قريبة التحقق ترتب المعادلة السياسية بين البلدين على نحو جديد ، لكن مبروك مبارك سليم زعيم الاسود الحرة يقلل من اهمية ما اثير في هذا الشأن ، ويقول ليّ عبرالهاتف من مقر اقامته باسمرا ، ان لقاء الرئيس البشير والرئيس الاريتري وما تم الاتفاق عليه في ذلك اللقاء لن يؤثرعلى علاقتنا باريتريا.. فنحن – ولا زال الحديث لمبروك – نثق في اريتريا تماما ونثق في اسياس افورقي.* يسألني محدثي ، الذي كان حاضرا اثناء حديثي مع زعيم الاسود الحرة بعد ان انهيت المكالمة ، هل تعلمين ان لمبروك مبارك سليم هذا ابن يدعى اسياس افورقي؟* وقبل ان تمطر دهشتي سؤالا ، يقول اثناء انعقاد مؤتمر جبهة الشرق بتلكوك قبل شهرين تقريبا انجبت زوجة مبروك ابنا اطلق عليه اسم اسياس ، وذلك لما يربط بينهما من علاقة طيبة.. فهل بعد هذا كله تسألين الرجل عما سيكون عليه الحال عقب لقاء الرئيس السوداني البشير والرئيس الاريتري اسياس افورقي وتأثير ذلك على جبهة الشرق؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى