تقارير

قطاع التعدين وتبديد الموارد البشرية والطبيعية للبلاد

4-Feb-2017

عدوليس ـ نقلاعن راديو إرينا

أصبحت شركة دنكالي التي تتخذ من مدينة بيرث الاسترالية الشركة السابعة عشر التي تمنح امتيازا من قبل وزارة الطاقة والتعدين الاريترية للتنقيب عن المعادن في منطقة “كولولي” الغنية بالبوتاس. وكان وزير الطاقة والتعدين سبحت افريم قد وقع في 31 من يناير الماضي عقدا مع السيد شيموس كورنليوس المدير العام للشركة يمنح فيه الشركة الحق عن التنقيب عن البوتاس في المنطقة التي تبعد حوالي 180 كيلومترا جنوب غربي مصوع. وذكرت الشركة في موقعها على الانترنت بأن المنطقة تعد المنطقة الأغنى بالبوتاس في العالم، وتبعد حوالي 75 كيلومترا من البحر، وتقع الموارد على بعد 16 مترا فقط من سطح الأرض مما يجعلها موقعا مثاليا للتنقيب والتصدير. وسوف تقوم الشركة بإنتاج البوتاس ومشتقاته من كلوريد البوتاس وسلفات البوتاس والمشتقات الأخرى.وتملك الشركة 50% من قيمة المشروع مناصفة مع شركة التعدين الارترية (اينامكو).الجدير بالذكر بأن منطقة بده تعتبر من أغنى المناطق في احتياطات البوتاس في العالم، حيث حاولت حكومة الامبراطور السابق هيلي سيلاسي وعبر شركات أمريكية الاستفادة من موارد المنطقة المعدنية، كما حاولت الشركات السوفياتية أيضا في عهد الرئيس السابق منغستو هيلي مريام الاستثمار في المنطقة، ولكنها لم تنجح بسبب الحرب الدائرة في البلاد. كما لم تستطع ارتريا الاستفادة من موارد المنطقة في الفترة من 1998 وحتى الآن بسبب أن منطقة بدة كانت من المناطق التي بدأ فيها النزاع الحدودي خاصة في “عدي مروق”.

الثقب الأسود للعملة الصعبة:
يعتبر قطاع التعدين في اريتريا من أكثر القطاعات إدرارا للعملة الصعبة لخزينة الدولة، ولكن الحكومة الارترية لا تعلن عن واردتها من هذا القطاع. وكانت شركة نيفسن الكندية التي تنشط في التعدين عن الذهب والنحاس في منطقة بيشا قد أعلنت العام الماضي بأنها منحت الحكومة الارترية 700 مليون دولار هي حصتها من مبيعات الذهب العام الفائت. وأن الشركة وعلى لسان مديرها التنفيذي أكدت بأنها ضخت 2 مليار دولار في الاقتصاد الاريتري. والمشاهد لواقع الاقتصاد الارتري الكسيح يتساءل أين ذهبت هذه الأموال. الحقيقة أن الشركة الاريترية للتعدين والتي تعرف باسم اينامكو عبارة عن مسمى فقط، إذ أن وزارة الطاقة والتعدين في اريتريا تحت اشراف الوزير الحالي الجنرال سبحت افريم ليس لديها أي سلطة حقيقية على هذا القطاع الذي يقع مباشرة تحت إدارة مكتب الرئيس.
أما بالنسبة للعملة الصعبة فالمعروف بأن الحكومة الاريترية تعاني من أزمة خانقة في أرصدتها من العملة الصعبة لدرجة أنها لا تستطيع توفير المستلزمات الدوائية للمستشفيات من الخارج، ولا تستطيع شراء مدخلات الإنتاج بالعملة الصعبة مما أدى لتوقف مشروع انتاج الدواء الوحيد في البلاد. والثقب الأسود الذي يلتهم موارد الدولة إضافة للحسابات السرية للحكومة في الخارج هو الدعم غير المحدود لقوات المعارضة الاثيوبية والانفاق على شراء الأسلحة من السوق السوداء. بالنسبة لدعم المعارضة الاثيوبية فالمعروف أن الحكومة الاريترية تدعم قوات الجبهة الديمقراطية لتحرير تيغراي (دمهيت)، وقوات (قنبوت 7) وجبهة الأورومو المعارضة وتقدم لها السلاح والتدريب والإعاشة والتسهيلات اللوجستية من جوازات سفر دبلوماسية وعملة صعبة لتغطية أنشطتها في الخارج. أما بالنسبة لشراء السلاح فإن إفادة الطيارين الهاربين مؤخرا تدعم تقارير الأمم المتحدة بأن ارتريا تقوم بشراء قطع غيار الطائرات والسلاح من السوق السوداء بسبب قرار الحظر الأممي الصادر في ديسمبر 2011 والذي يمنع اريتريا من شراء السلاح، مما يضطر البلاد لدفع أثمان أعلى لتوفير السلاح من السوق السوداء. ومجموعة محدودة تعد بأصابع اليد يسمح لها، وحسب الضرورة، بمعرفة موارد الدولة من قطاع التعدين.
الوزير المريض:
وضمن هذا السياق كان وزير المالية السابق برهاني ابرهي قد طلب في اجتماع لمجلس الوزراء بأن تكون ورادات قطاع التعدين تحت إشراف وزراته بحكم الاختصاص، وسأل الرئيس في أحد اجتماعات المجلس: أين موارد مبيعات الذهب؟ (وكان الوزير حينها يسافر للخارج لتلقي العلاج) فرد عليه الرئيس اسياس بازدراء: ننفقها على علاجك في الخارج! وبعدها تمت إقالة الوزير من منصبه.
السخرة والتخديم الإجباري:
إضافة لتضييع موارد البلاد وثرواتها دون رقيب او حسيب، فإن مشاريع التعدين في ارتريا هي إحدى بوابات الجحيم للشباب الارتري. فشركات البحر الأحمر تحصل على عقود بالباطن مع الشركات الأجنبية وتقوم بموجبها بتشغيل شباب الخدمة الاجبارية في أعمال سخرة اجبارية.
وكانت إحدى المحاكم الكندية قد سمحت العام الماضي لمجموعة من ضحايا التخديم القسري والسخرة الذين كانوا يعملون في مشروع بيشا برفع دعاوي ضد شركة نيفسن متهمين أياها بتشغيلهم وفقا لنظام تخديم قسري. وكانت مفوضية التحقيقات في انتهاكات حقوق الانسان في ارتريا قد أكدت وبشهادات ضحايا بأن السخرة تعد واحدة من أساليب الحكومة الاريترية التوظيفية خاصة في قطاعات التعدين والبناء.
وفي ظل سياسات الحكومة الارترية الاقتصادية والتي تبدد الثروات البشرية والطبيعية للبلاد سوف يكون المشروع الجديد وبلا شك واحدا م بوابات الجحيم للشباب الارتري وثقب أسود آخر سوف يؤدي إلى ضياع الموارد المالية للبلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى