ذاكرة لا تصدأ… ومناضل لا يّمل* :حديث البدايات وأحمد إسماعيل (سويرا)
1-Jun-2005
المركز
(أنت المأخوذ دائما بالضوء
وحولك كل هذا الظلام .يتقدمالزمن والمكان وعاء لأحلامك لك ثبوت الحجر وموسيقى الريح وجريان الماء …) منى السعودي بقلم : جمال همد
أربعون عام ونيف والرجل لايكل ولا يمل … يحمل في صدره الكثير من الوقائع والأحداث والحقائق … سفر تاريخنا يحاولون تزويره وكنيسه لصالح الحزب الواحد ، والطائفة الواحدة ورؤية “الطليعي ” الأوحد … هذا التاريخ الذي يكتبه البعض ابتغاء لبطولة زائفة وكسرا لعقدة مستديمة ، وصناعة الحقيقيين أماهم نهبا لامراض الفقر والشيخوخة والانزواء بعيدا تاكلهم الحسرة أو يقبعون في أقبية النظام وسجونه ، الرجل لا يزال يعطى ويرى الضوء قوياً في نهاية النفق ،إنه احمد إسماعيل احمدين المعروف بسويرا واحمد السوري .مناضل صلب ونقابي عنيد ، ومدافعا قويا عن قيم العدالة والخير والسلام والوئام……آثرنا أن نلتقي به ليحدثنا عن البدايات الأولى … إرهاصات ما تبلور ليصبح بعد ذلك حركة تحرير إرتريا وبعدها جبهة التحرير الإرترية ليفضي الانتصار الكبير الذي توج في 24/مايو 1991 م . بهرجة الاحتفالات ورفع اللافتات والخطب الحماسية سرعان ما يتبخر ، ولكن حديث المناضل يظل صداه يتردد في وجدان الناس لانه يأتى حميما دافئا… ولانه يتحدث عن بطولات رفاقه ناكراً لذاته .الثورة لا تبدأ من فراغ … هي تراكم يومي يتصاعد رويداً حتى يبلغ كماً ليعلن عن نفسه في الملا …عشرات الإرتريين في الداخل ودول المحيط كان يعتمل فيهم الغبن ويزداد قلقهم على مصير بلادهم منذ بداية الخمسينات ، وفكروا ونفذوا عشرات المشاريع المقاومة والمعبرة عن هذا الشعور … عن ذلك يحدثنا المناضل احمد سويرا:أول الأشكال التي فكرنا فيها كمواطنين إرتريين في الخرطوم إقامة كيان اجتماعي يؤطرنا … فكانت جمعية ابنا إرتريا . بعد مشاورات وجهود كبيرة عقدنا اجتماع في منزل الرائد شرطة : عابدين الأمين وكان ذلك في الديوم الشرقية عام 1957م تلخصت أهداف الجمعية في الأتي : رعاية مصالح الإرتريين ، صيانة وحدتهم وهويتهم وحفظ حقوقهم …الخ .حضر الاجتماع الأول حوالي 48 عضوا… وكانت كرد فعل على قيام الجالية الأثيوبيا في العاصمة السودانية التي أحجم الإرتريون عن الانضمام أليها ، في هذا الاجتماع اعترض البعض من ابنا كبسا على التسمية وكذلك على برقية الاسنكارالتى أرسلها الاجتماع للزعماء الإرتريين والمنددة نيكسون نائب الرئيس ايزانهاور آنذاك ،لميناء مصوع الإرتري وعلى العموم اقر الاجتماع التسمية ووافق على إرسال البرقيات للزعماء الإرتريين .هذه الجمعية تطورت واصبح لها كيان وشكل تنظيمي وكان سكرتيرها المرحوم الدكتور : جعفر أبو بكر … من نشاطات هذه الجمعية انه وعند تسرب إعلان الاتحاد الفدرالي عام 1958م ذهبنا إلى السيد عبد الكريم مهدى المدير العام لوكالة الأنباء الأفريقية وبعد أن عرفناه بأنفسنا استفسر عن صحة الخبر فأبد الرجل انزعاجه أكد لنا أن الخبر لأيهم الإرتريين فقط بل يهم السودان أيضا واتصل من فوره بالسفير الأثيوبي ملس عندوم الذي قال إن أهم خبر تلقاه اليوم هو مباراة الفريق الأثيوبي والفريق الأوكراني … نذكر أن الذين ذهبوا ألي وكالة الأنباء الأفريقية هم عبد الله ديغول ، محمود حسين واحمد سويرا…(وآخرون لم يستطع الرجل تذكرهم) . هذه الجمعية سرعان ما طورت عملها ، واصبح الهم السياسي حاضراً في كل أنشطتها … وحول أول احتكاك لأعضاء الجمعية بالعمل السياسي المباشر يقول المناضل/ احمد سويرا : في عام 1958م وصل الشيخ ابر أهيم سلطان يرافقه السيد أدرس محمد آدم الي الخرطوم وهم في طريقهم الي القاهرة … وقد حلا ضيفين على السيد عبد ربه (يمنى الجنسية) في حي السجانة ولقد نظم لنا الأخ جعفر الأسد عضو الجمعية (جمعية ابنا إرتريا) زيارة للوفد ، وكنا احمد ، صالح سراج ، وعبد العليم نور حسين وشخصي تحدث معنا الزعيمين عن الأوضاع التي تمر بها البلاد … ونقلوا لنا شعورهم بالقلق جراء تجاوزات نظام الإمبراطور على النظام الفدرالي ، ونشاطات بعض قادة الاحزاب المطالبة بالانضمام … وانهم ألان ينوون زيارة القاهرة ومنها الى بعض الدول العربية لشرح هذه الظروف واستقطاب الدعم العربي وإثارة المشكلة الإرترية دوليا . ومن جانب نقلنا لهم قلقنا على مصير بلادنا ، واستعدادنا للدفاع عنها… ولم نكشف لهم حقيقة نشاطنا من خلال ابنا إرتريا واتفقنا أن يكون الأخ جعفر الأسد حلقة الوصل بيننا … عموما كان اللقاء هام لنا ولهم وسرهم جداً أن يروا شباب يحملون شعور عالي بالولاء لوطنهم في تلك الظروف .وساهمنا بعد ذلك في إجراءات سفرهم مالياً .*سألنا المناضل احمد سويرا … عن مساهمات الإرتريين في الخرطوم لكون الكثيرين قد نسى التاريخ مساهماتهم وادوارهم ، ويعتبرون أن ما قدموه شيئاً ليس بذات أهمية ، مع انه في وقته كان هام وحاسما وقد يعرض صاحبه للمسالة القانونية ، ويكون هدفاً للمخابرات الأثيوبية التي كانت تنشط آنذاك …أشرقت أسارير الرجل والتمعت عيناه وهو يقول المساهمات كانت كبيرة وهامة وحاسمة منها مثلاً إن المرحوم الأستاذ : على سعيد علق فتح لنا منزله لعقد الاجتماعات واسكان الإرتريين الذين يمرون عبر الخرطوم الى القاهرة …وقد أسس في هذا المنزل الواقع في الخرطوم 3 جمعية شباب إرتريا عام 1958م … وكان يتكفل بكل المستلزمات حيث كانت الاجتماعات والأنشطة تتم تحت غطاء مأدبة غداء أو عشاء للتمويه ، فحتى آل بيته لم يعلموا بحقيقة هذه الأنشطة … أيضا لا يفوتني الأخوان في المعهد ألفني بالخرطوم” جامعة السودان ” في تصميم ختم لجمعية شباب إرتريا ، وقد ضبط الختم بعد ذلك ضمن الوثائق التي تم الاستيلاء عليها عام 1963م كقرائن للاتهام أيام عبود آنذاك ، ايضا ًاذكر أننا استقبلنا الأخوين محمد برهان حسن وسلمون (لم يتذكر بقية اسمه ) اللذان كانا يعملان في شركة (ميرنغ) وقد فرا وهما يحملان عينة تربه من منطقة(أمبيرمي) اعتقد حينها وجد بترول فيها لكي يقدماه للدول العربية حتى يتم تقديم الدعم للإرتريين من اجل الخروج من الاتحاد الفدرالي – حسب رأيهما –تم تقديم كل العون ومساعدتهم في السفر الى القاهرة .تلك الجهود الكبيرة كان خلفها أصدقاء من السودان قطعاً … المساحة لاتسع لابراز كل تلك المساعدات، لكن لا باس من ذكر بعضها … اخذ الدعم شكل منظم (نقابات-أحزاب –منظمات ) للآسف يقول سويرا لم يدون هذا الدعم بشكل جيد في كتابات الإرتريين التي ظهرت حتى ألان ، أرجو أن تجد الحيز الذي يليق بها واحب أن اركز على دور بعض الأفراد … فأثنا فترة اعتقالنا 1963م تمهيدا لتسليمنا تكونت جمعية الصداقة الإرترية السودانية وضجت كل القوة السودانية بالاحتجاج وأرسلت الصحف (الأيام-الرأي العام- صوت السودان ) رسائل مفتوحة للسيدين على الميرغنى ، عبد الرحمن المهدى للتدخل وللسيد محمد احمد عروة وزير الداخلية … تم إطلاق سراحنا بضمان الشيخ : الزبير عبد المحمود صاحب مكتبة الجامع الكبير .وكانت الكفالة 10000ج دفعها المرحوم الشيخ الجليل الزبير عبد المحمود رحمه الله . ايضاً اثنا اعتقالي كان الأخ عبد اللطيف محمد عباس رئيس اتحاد الملاكمة المدافع العنيد عن حقنا الإرتري كان يزورني ويقدم لي كل الاحتياجات اليومية . بعد إطلاق سراحنا بكفالة ، عقدنا اجتماعاً طارئاً في مكتب الأستاذ الشهيد : محمود محمد طه زعيم الحزب الجمهوري ، وذلك لتقييم الوضع … مرة ثانية تم تجديد اعتقالنا بناء على احتجاج السفارة الاتيوبية وتم نقلنا الى سجن المديرية في الخرطوم ومن ثم الى سجن امدرمان … بناء على الاتفاق الأمني بين أثيوبيا والسودان جرت محاكمتنا بشكل سريع بواسطة قاضى مديرية اسمه يحي عمران حيث تقرر تسليمي الى أثيوبيا وكان ذلك في يوم 27/سبتمبر/1963م عن طريق اللفة – كسلا وبحوزة الشرطيين المرافقين رسالتين أحدهما توضح حقيقتي ، وهنا تعاطف معي قمندان ورئيس شرطة كسلا أخفى الرسالة وضمني للمبعدين العاديين ممن تسللوا الى السودان بشكل غير قانوني ، واحب أن اذكر بان تلك الفترة كانت بداية إرهاصات ثورة اكتو بر المجيد ، ونشاط الإرتريين الحركيين كان كبيرا في أوساط كل الشرائح المستنيرة في السودان ،وصلت الى تسنى ضمن المبعدين الغير سياسيين ، واستقبلت هناك بواسطة الحركيين … لكن وردت برقية من اسمرا تبحث عن المبعد السابع الذي لم يتم تسليمه ، وتنبه الحركيين لذلك أرسلوا من فرع اسمرا يحذرون … لذا وعلى عجل كلف الحركي الشيخ على إبراهيم الذي كان يتاجر بين تسنى وكسلا بإيصالي فورا الى السودان وتم ذلك .ويعود بنا المناضل الحركي العنيد احمد سويرا الى أشكال التضامن الشعبي السوداني ليذكر أدوار كبيرة لشخصيات سودانية أسهمت إسهاما كبيرا في دعم نضال الشعب الإرتري منهم : الشيخ الصادق عبدالله عبد الماجد ومنزله العامر المفتوح لنشاطات جبهة التحرير الإرترية ويس عمر الإمام والدكتور حسن عبدالله الترابي … كما أشار الى دور داعم وهام قام به الدكتور الشهيد:جعفر محمد صالح شقيق الأستاذ محجوب محمد صالح رئيس تحرير صحيفة الأيام ألان الذي كان يخصص يوما لعلاج الإرتريين في عيادته وأيضا الدكتور عابدين احمد شرفي الطبيب في مستشفى الشعب آنذاك … والدكتور محمد جبارة رحمه الله الذي خصص يوم لعلاج أطفال إرتريا مجاناً .والأمثلة كثيرة والمجال لا يتسع ، لكن القلب يحمل كثير من الود والامتنان …كما أسلفنا المسافة تضيق … الرجل يحمل في صدره الكثير من الوقائع والأحداث ، أرجو أن تجد طريقها الى صدور أبناء إرتريا في مواجهة التزييف المبعدون هم :-1/ محمد شفا احمد دين 2/ محمد سرور حسن 3/ احمد محمد عمر 4/ أبو القاسم إبراهيم نعمان5/ محمد على قافوا 6/ سليمان أبو بكر 7/احمد سويرا ً* هذه المادة نشرت في نشرة التجمع عدد مزدوج يونيو يوليو 2000م .