حركة “فورتو” والعقلية الطائفية!! بقلم/صالح م . تيدروس
24-Jan-2017
عدوليس ـ ملبورن
اربع سنوات مرت منذ ان اهتز اركان نظام الطاغية اسياس افورقي في نهار ذلك اليوم الـ21 من يناير عام 2013 بفعل تحرك قوات الدفاع الاريترية بدعم جماهيري واسع لتصحيح مسار الدولة الارترية وسيطرتها على وزارة الاعلام ومن ثم اعلان المطالب الجماهيرية في البيان الذي قدم على الهواء مباشرة عبر التلفزيون المحلي ، وهي العملية التي عرفت بحركة فورتو. وما زالت تفاصيل تلك العملية غامضة حتى الآن رغم مرور اربع سنوات حيث لم ترشح الا تفاصيل قليلة جدا ويحاول كل طرف ان يعطي تفسيرا على طريقته الخاصة حيث سارع النظام ومنذ الوهلة
الاولى على وصفها بانها حركة طائفية مستخدما مصطلح (القاعدة) لتوصيف الحركة – استخدم هذا الوصف السفير السابق في منظمة الوحدة الافريقية قرما اسمروم اثناء لقاءه بالدبلوماسيين في اديس ابابا – ولكن سرعان ما تراجع النظام عن السير في هذا المنحى لادراكه بالعواقب ولمعرفته الكاملة بان الحقيقة تجانب ما ذهب اليه بعض رموزه المتسرعين من امثال يماني مانكي وقرما اسمروم.
في الجانب الآخر لوحظ من خلال متابعة وسائل الاعلام التابعة لقوى المعارضة في الخارج انها غير ملمة بالتفاصيل بل هناك ما اشبه بالجدار العازل بين التفاعلات الداخلية والتحركات الخارجية . وقد بدا ذلك واضحا من خلال ترديد اسم البطل الشهيد العقيد سعيد علي حجاي قائد عملية فورتو ونشر صوره في مواقع التواصل الاجتماعي كرمز للمقاومة الداخلية دون التركيز على رفاقه الآخرين من قياديين عسكريين وسياسيين سواء الذين يقبعون في غياهب السجون او الذين لم تجد السلطات القمعية دليلا يدينهم .
قطعا لم يكن الشهيد البطل سعيد على حجاي شخصية عادية فهو معروف بشجاعته وقوة شخصيته في اوساط وحدات فرقة الاسلحة الثقيلة 74 التي قام اسياس افورقي بتفكيكها وبعثرتها منذ منتصف التسعينيات عندما شعر بان الخطر قد يأتيه من هذه الوحدات حيث كانت فرقة الاسلحة الثقيلة تضم مقاتلين اشداء شجعان لا يترددون في المبادرة لتصحيح المسار اذا احسوا بان هناك اعوجاجا وهم الذين تصدروا انتفاضة المقاتلين في العام 1993. بعد ان فكفك اسياس الفرقة 74 وسرح معظم قادتها او تم تحويلهم الى الاجهزة المدنية من امثال رمضان اولياي وودي بلاتا ومحمد قولاي وغيرهم شكّل وحدات للدبابات منفصلة عن بعضها البعض ، كل وحدة منها تابعة للمنطقة العسكرية المعينة ولكن دون ان يكون لقائد المنطقة العسكرية اي سلطة عليها حيث عين اسياس المدعو (صهايي مكونن) المعروف بـ (ودي موكا) منسقا عاما لوحدات الاسلحة الثقيلة ليتولى اسياس شخصيا ادارة شئون الدبابات عبر التقارير والتوجيهات التي ينقلها (ودي موكا). تجدر الاشارة الى ان ودي موكا هو نفس الشخص الذي اطلق عليه البطل سعيد علي حجاي النار امام وزارة الاعلام عندما جاء هذا الشخص الى فورتو مبتعثا من اسياس ليتحدث معهم باستعلاء كي ينسحبوا من مواقعهم. وقطعا ايضا لم تكن حركة فورتو مجرد حركة معزولة قامت بها مجموعة عسكرية يقودها العقيد سعيد علي حجاي ، بل كانت ثورة شاملة ضمت قطاعات واسعة من العسكريين والسياسيين والاداريين والشباب والكوادر الغيورين على الوطن من الذين ينتمون لكل الطوائف وكل المناطق الارترية. صحيح ان بعض الاخطاء التي ارتكبت في عملية التخطيط والرصد الذي تم للاتصالات الهاتفية وقلة الخبرة والتجربة في مثل هذا النوع من التحركات وتردد بعض الوحدات وتراجعها في اللحظات الاخيرة كانت من اسباب الفشل لثورة 21 يناير ولكنه ليس فشلا نهائيا لان الجمر ما زال تحت الرماد.
لقد تمكن النظام من اعتقال بعض رموز الحركة من امثال عبدالله جابر والسفير عثمان ادريس جمع والوزير احمد الحاج علي والسيد مصطفى نور حسين واللواء عمرحسن طويل والعقيد صالح عثمان وغيرهم الا انه لم يتمكن من الالمام بكافة تفاصيل الشبكة حيث اعتمدت الاعتقالات على رصد الاتصالات الهاتفية التي جرت يوم العملية ولم يعرف بقية اعضاء القائمة الامر الذي يفسر الارتباك الواضح في التعامل مع الكوادر العليا والقيادات العسكرية في المرحلة التي تلت ذلك. فاسياس لا يعرف حتى الآن من معه ومن ضده لذلك حصر عملية اتخاذ القرارات خلال الاربع سنوات الماضية في دائرة ضيقة جدا تضم اربع او خمسة اشخاص.
شملت الاعتقالات ايضا القادة العسكريين الذي رافقوا البطل حجاي الى فورتو وهم من نفس وحدات الدبابات من امثال العقيد (ابرهام جلوا) والمقدم (ألم قُزوا) وغيرهم .
خاتمة القول ان عملية فورتو هي البداية ولا بد من استمرار الحراك الداخلي حتى يخلص شعبنا من هذا الكابوس الذي جثم على صدره طوال 25 عاما. كما ، على قوى المعارضة في الخارج قراءة ما يجري في الداخل بعين ثاقبة بل والمشاركة في صناعة احداث الداخل من خلال التواصل عبر ما توفره لنا التكنولوجيا الحديثة من وسائل ، حتى لا نصبح ضيوفا نتغنى فقط بما ينجزه لنا الابطال دون ان نعرف من هم ابطالنا مسبقا قبل ان يستشهدوا. اما محاولة الصاق تهمة الطائفية على حركة 21 يناير فهي بضاعة مردودة لم تجد سوقا فعادت الى اصحابها لتكشف زيفهم ونفاقهم امام جماهير الشعب الاريتري.