أوراق مطويّة عن الثّورة الإرترية – الحلقة الثالثة. حاوره عبدالقادر بكري حمدان.
28-May-2018
عدوليس ـ نقلا عن
حوار مع المناضل : سليمان أحمد هندي – قائد سلاح الهندسة السابق في الجبهة الشعبية حاوره الأستاذ :عبدالقادر بكري حمدان – صوت إرتريا اللقاء الثاني في جبال منسع: عاد اسياس الى موقعه في منطقة المرتفعات محققا لجميع احلامه وطموحاته حول تأسيس القوة الضاربة في الميدان على الأقل نظريا بعد أن اتضحت له الرؤية.. فهو لا يحتاج إلى وقت لرسم خطط جديدة أو إعداد كادر جديد، البرامج كانت جاهزة في مرحلة الاعداد للتنظيم الطائفي كما أشرنا إليه في الحلقة السابقة.. (سنطق وطحيشا) ودائرة اتصالات كانت تمتد من الميدان إلى داخل اريتريا وخارجها.. الجميع كان في انتظار ساعة الصفر.. ولكن الخوف من أن تبتلعهم قوات التحرير الشعبية أو تقضى عليهم قوات القيادة العامة.. جعل اسياس يتريث في اتخاذ قرار تجميع أعضاء الحزب السري داخل الساحة الاريترية وخارجها.. لهذا طلب اسياس من قيادة قوات التحرير الشعبية اجتماع عاجل في منسع تحضره كافة الفصائل المنتمية للقوات ومجموعته حت يتم التعارف بين الجنود..
هنا يتضح من الدقة في الاداء بأن اسياس أفورقي لم يكن وحيداً في التخطيط.. بل كانت تقف من خلفه قيادة غير ظاهرة في الساحة الاريترية.. تراقب خطواته وتصرفاته.. بدليل انه لم يتخذ قراراته فوراً.. كما كان يفعل قائد قوات التحرير الشعبية.. عندما طلب من أسياس افورقي في لقاء في (قدم) بالخلط الفورى مع قوات التحرير الشعبية دون الرجوع إلى القاعدة أو على الأقل إجراء مشاورات بين اعضاء قيادة التنظيم.. كانت القياد العسكرية لقوات التحرير الشعبية تعاني من مشكلة انفراد عمرو باتخاذ القرارات وهذا كان ينعكس بدوره سلبا على قادة الفصائل والجنود الذين أرهقتهم صراعات الساحة الاريترية وانقسامات فصائلها ..إلى درجة أن هاجسهم الوحيد أصبح إلقاء البندقية والذهاب إلى السودان لقضاء الاجازة حتى تتضح الرؤية حول برامج المستقبل والوحدة بين الفصائل المقاتلة لمجابهة العدو المشترك ..وبالرغم من أن ظهور اسياس أفورقي المفاجئ في جبل قدم وانفراده بالقيادة وبعض المستجدين في قوات التحرير الشعبية ترك الأثر السئ في نفوسهم.. ومع ذلك لم تكن نظرتهم متشائمة في تحقيق التفاهم مع أي قوة تسعة من أجل تحقيق الوحدة…
وللحق أقول بأنني شخصيا كنت أكثر الناس تفائلاً من بين الجنود في قوات التحرير الشعبية بزيارة افورقي للتعاون الذي سبق بيننا وبين مجموعته كما أشرت إليه في الحلقة السابقة.. ولكن لم أكن أعرف أو يعرف غيري عن حجم تلك المجموعة أو القوة التي كان يملكها اسياس حتى أن فاجئنا في اجتماع منسع ب 17 جنديا عزل (كولى) هذا الظهور الذي تسبب إلى إحراج لقيادة التحرير الشعبية التي كانت تحاول في محاضراتها للجنود بتضخيم حجم قوات اسياس أفورقي الذي أعلن أمام الجميع في ذلك الاجتماع بأنه لا يملك أي قوة في الميدان.. الا ان بإمكانه تجنيد الرجال من منطقة المرتفعات إذا ما وافقت قيادة قوات التحرير الشعبية على شروطاته.. وبدأ بكل شجاعة طرح أجندته.. قائلاً انه يحتاج غطاء قوات التحرير الشعبية بتقديم السلاح والذخيرة والأدوية لمجموعته.. أن لا تتدخل قيادة التحرير الشعبية في شؤونه الخاصة..
هذا الطرح استفذ مشاعر قيادة قوات التحرير كما أثار غضب الجنود داخل قوات التحرير الشعبية.. وبدأ الغضب ينعكس على أسئلة بعض الجنود وفي مقدمتهم الشهيد أحمد عمر حسب الله والشهيد عمر يحيا.. اللذان عبرا عن استيائهما من تصرف القيادة في قوات التحرير الشعبية كما تسائلا إذا كان هذا الأمر سيقود أيضا إلى تفكك قوات التحرير الشعبية ويشجع إلى تأسيس قوات على أساس الانتماء الطائفي والقبلي.. وختم الشهيد حسب الله حديثه قائلاً لأسياس.. كيف تريد بناء قوة من المسيحيين في المرتفعات وأنت تعرف جيداً بأن هذا الأمر سيواجه بمعارضة قوية من قبل الاخرين وخصوصا بعد قيام مجموعتك بإعدام 3 جنود من منطقة اكلى قوزاى دون تقديمهم للمحاكمة.. وإذا تكرر هذا الأمر سيحسب علينا جميعا طالما تريد أن تحمل اسم قوات التحرير الشعبية وتنتمي إليها.. هذا السؤال وبالطريقة الصريحة من أحد قادة قوات التحرير الشعبية المشهود لهم بالشجاعة والاخلاص في قيادة المعارك.. جعل اسياس افورقي يخرج من طوره قائلاً.. أولا يؤسفني أن أسمع من أحد الجنود التابعين لهذه القوة الجديدة أسئلة ذات علاقة بالماضي المريض.. كيف تسألني عن مقتل 3 جنود وأنت تعرف أو الجميع يعرف عدد المقتولين من الجانب المسيحي.. فلو وقفنا اليوم لنعد ضحايانا لقلنا لك نطلبكم خمسة (بوط) سهرج من الدماء وهكذا سيصبح التعاون بيننا مستحيلا..
بعد هذه المواجهة بين اسياس أفورقي والشهيد أحمد حسب الله تعقد الموقف وبدأت أصوات الاستنكار تتعالى مما جعل محمد على عمرو يتدخل لتهدئة الموقف قائلاً ان التحدى الذى أمامنا هو أكبر حجم القوة التي نملكها نحن واسياس أفورقي معا .. وطلب من الجنود بعدم تصعيد تلك المشكلة حتى لا يتسببوا في تعميق جراح الماضي.. وقال ان ذلك اللقاء لم يكن مخصصا لمحاسبة بعضنا فيما حدث في الماضي.. ولكن أمام قوات التحرير مخاطر يتطلب الاستعداد لها.. وحذر من مغبة الوقوع في خطأ بحث المشاكل داخل قوات التحرير الشعبية ومع حلفائها الاستراتيجيين وقال ان قوات القيادة العامة تنتظر تقدم قواتنا لتصفيتها، لهذا ان عملية تسليح مجموعة أفورقي تعتبر بالنسبة لقوات التحرير الشعبية ضرورية وملحة وقبول اقتراحاته تعتبر أيضا مسألة مهمة حتى يستطيع الرفيق اسياس أفورقي من بناء جسور الثقة بين قوات التحرير الشعبية ومجموعته المستجدة.. وقال عمرو من حقهم أن يخافوا ومن حقهم أن يبنوا قوة ذاتية ومن حقهم أن يملكوا مفاتيح المستودعات التابعة للثورة في الداخل والخارج نحن نريد أن نكسر حاجز الخوف بين المسلمين و المسيحيين..
وبعد كلمة محمد على عمرو الصريحة تأكد لقادة الفصائل بأن هناك مخطط واتفاقية سرية بين قيادتهم ومجموعة اسياس أفورقي.. وتنادى القادة والجنود في اجتماع طارئ في مكان الاجتماع وتبادلوا وجهات النظر منهم من طالب بإعتقال عمرو وأفورقي معا وتقديمهم للتحقيق ومنهم من طالب بالتريث ومتابعة الاحداث أول بأول.. فكان اقتراح الشهيد ابراهيم عافى أكثر الاقتراحات موضوعية وعقلانية عندما طالب الجنود بالهدوء وعدم خلق البلبلة داخل القوات متعهد اً أمام الجنود متابعة برنامج وخطوات أفورقي ومراقبته بهدؤ وكان الشهيد ابراهيم عافى يرى بأن إصدار الحكم على مجموعة اسياس أفورقي يجب أن يصدر بعد الدخول معه في تجربة عملية، وكان الشهيد في ذلك الوقت لا يميل إلى كثرة الحديث والقضايا النظرية، بل كان يؤمن بالعمل الميداني.. وفي اليوم الثاني واصلت قيادة قوات التحرير الشعبية اجتماعاتها مع اسياس أفورقي ونصح عمرو أفورقي بمغادرة مكان الاجتماع تجنباص لإثارة المشاكل من قبل الجنود الغاضبين من جراء كلام أفورقي في الاجتماع.. انصرف اسياس من مكان الاجتماع حاملاً معه خطاب موافقة قيادة قوات التحرير الشعبية وفى باطنها تحمل فتنة طائفة لأول مرة في تاريخ شعبنا وتاريخ الثورة الاريترية..أصدرت قيادة التنظيم أوامرها على أمين المستودع لقوات التحرير الشعبية الشهيد صالح جابر لصرف كمية من الذخيرة وعدد 20 سيمنوف نصف الي وكمية من الأدوية لمجموعة اسياس.. وقال الشهيد صالح جابر قبل مغادرته مكان الاجتماع باتجاه جبل قدم الذي كان يعرف خباياه.. انه لايريد أن يساهم في جريمة تقسيم الساحة بين مسلمين ومسيحيين. وقال يفضل أن تقطع بداه بدلاً من تسليم الأسلحة لشخص يريد تأسيس قوة طائفية.. وذهب منطلقا إلى جبل قدم مودعا رفاقه القدماء منهم من استشهد في معارك الشرف ولقى ربه شهيداً ومنهم من هو على قيد الحياة يشهد ببشاعة الجريمة.. بعد غياب صالح جابر أكثر من شهر على غير عادته.. هو الذي كان الشعب والجنود يطلقون عليه لقب (صاروخ) كان يقطع المسافة بين جبل قدم الذي يبعد 40 كيلو متراً شرقا من مدينة مصوع.. ومدينة قرورة السودانية مشيا على الأقدام في مدة خمسة أيام وهي في الظروف العادية كان يقطعها الجنود في 20 يوما .. وبعد الاستفسار عن مصيره والبحث عنه في جبل قدم خشية من أن يكون مات عطشا أو تم اعتقاله من قبل خصوم قوات التحرير الشعبية أو وقع في أيدي الكومندوس الاثيوبية.. ولكن لم يمت صالح جابر موت الجبناء.. بل اعتكف مدة شهرين في جبل قدم الذى عرفه منذ أيام طفولته.. ولكن في أحد الليالي الدامسة داهمته مجموعة من الذئاب الجائعة وانقضت عليه وأردته قتيلاً.. وجد أحد سكان جبل قدم أطرافه وأخبر عن استشهاده ولكن قيادة التنظيم أخفت هذا الخبر ونشرت بعضها معلومات تفيد بأنه استشهد في أحد المعارك في دنكاليا.. ومن عرف المناضل صالح جابر في المنطقة الرابعة أنه لم يكن جنديا مقاتلاً.. ولم يكن يتدرب على استخدام البندقية، ومع ذلك كان رجل المهمات الصعبة في تخزين أسلحة الثورة ومرافقتها من منطقة ادوبحا إلى جبل قدم وجبال اكلى قوزاى..
انتهى إجتماع منسع بين قوات التحرير الشعبية ومجموعة اسياس أفورقي دون أن تتمكن قيادة التنظيم من الوصول إلى اتفاق مع الجنود الذين أبدوا معارضة شديدة لتقسيم قوات التحرير الشعبية إلى قوتين، لكي يتمكن السيد اسياس أفورقي من تجنيد وتدريب المسيحيين في المرتفاعات ويقوم بعد ستة أشهر بعملية الخلط.. كان الجميع غاضبا على الطريقة التى تمت فيها تلك الوحدة الصورية مع مجموعة اسياس ، دون إعطاء أي اعتبار من قيادة التنظيم للمعالجات الخاطئة التى سبقت حول مسالة الوحدة بين العسكريين في الميدان.. وكان من نتائج فرض القرارات الجاهزة على جنود قوات التحرير الشعبية الانسحاب الجماعي لأعضاء القيادة الستة الذين حذروا قيادة التنظيم من حماسهم الغير محدود لإعطاء اسياس أفورقي غطاء شرعي لتأسيس جيش طائفي في الساحة الاريترية.. الا أن رئيس القيادة المناضل محمد على عمرو الذى وضع الجميع أمام خيارين لا ثالث لهما.. القبول بمشروع اسياس أفورقي أو الاستقالة من قيادة التنظيم .. أي بالمعنى الأصاح تسليم قوات التحرير في تلك المرحلة المبكرة لاسياس أفورقي أو الاستسلام لجيش القيادة الذى وضع تحت الاستنفار بعد الاجتماع المذكور.. وعبر تجربتنا الطويلة في الميدان تأكد لنا بأن تلك المعالجات الخاطئة لقياداتنا بقوات التحرير الشعبية ستفرز أمراض ا عديدة في الساحة الاريترية كان من الممكن تفاديها.. برفض طلب اسياس أفورقي لتكوين قوة طائفية بحجة معالجة التراكمات التاريخية وعوامل انعدام الثقة بين المسلمين والميسحيين في اريتريا…
البداية… مجموعة أفورقي.. البحث عن السلبيات وغض الطرف عن الايجابيات.. ليس من المبالغ ان قلنا بأن قوات التحرير الشعبية في بداية تكوينها كانت تملك جيشا كبيراً ومعدات عسكرية حديثة مما جعلها تصمد لأكثر من 3 أشهر أمام لواء عسكري اثيوبي في منطقة دنكاليا.. ولكن ليست الأسلحة وحدها كانت وراء ذلك الصمود الرائع والانتصارات الكبيرة في منطقة دنكاليا، بل نوعية الجندي الذي شارك في تلك المعارك.. ولايخفى عن أحد وخصوصا هؤلاء الذين شاركوا في حرب التحرير في تلك المرحلة، بأن معظم الجنود من الرعيل الأول في الثورة الاريترية التحرير الشعبية تعبير اً عن الرفض لممارسات القيادة العامة… ولكن قبل وصول القوات إلى منطقة البحر الأحمر انقسمت تلك القوات بين مناصر لمجموعة محمد عمر أبوطيارة وعمر دامر.. وبين مناصر لمجموعة المناضل محمد على عمرو والمجموعة اليسارية المستجدة.. ولن أكشف سر اً إن قلت ان عدد الفصائل التى اجتمعت في منسع لم يتجاوز أفرادها 400 شخص.. وهذا ما جعل اسياس أفورقي يرفض عملية الخلط الفورية وخصوصا بعد ان علم من بعض الجنود المسيحيين الذي كانوا في داخل قوات التحرير الشعبية عن تفاصيل كان يجهلها، تتعلق بالظروف الصحية ورغبة الجنود على إجازتهم السنوية في حالة تمكن القيادة من تجنيد المستجدين.
كان أفورقي لا يثق بوعود محمد على عمرو وكان قلقا حول تصريحات الجنود في اجتماع منسع وهمه الوحيد كان كيف يحصل وبسرعة على السلاح.. بعد أن تأخر وصول كمية السلاح الذى كان وعده بها المناضل عمرو على اثر إختفاء الشهيد صالح جابر..
بهذا بدأ اسياس يبحث عن السلبيات داخل قوات التحرير الشعبية وعن المختلفين مع عمرو لتوسيع الخلافات وتكبيرها ونشرها بينهم.. مثلاً الشهيد ابراهيم عافى وعلي عثمان واحمد حسب الله كان مواقفهم الواضحة والصريحة من الاتفاقية ، بهذا جعلهم اسياس من البداية في صف المعارضة لخطه.. وكان يرى في رمضان محمد نور وعلى السيد عبدالله وأحمد بادوري وأحمد القيسي وابابكر محمد حسن اكثر انتفاح ا عليه ويمكن التعامل بحذر معهم.. وفي نفس الوقت عدم التطرق معهم لأي ايجابيات صغيرة كانت أو كبيرة في الأمور المتعلقة ببناء القوة الذاتية.. لم يمر شهر اً واحداً على الاجتماع المشوؤم في منطقة منسع الذي أصبح بموجبه اسياس من الناحية النظرية جزءاً من قوات التحرير الشعبية.. يتحرك بين جنودها متى ما يشاء ويجتمع بمن يشاء في الوقت الذى الاتفاقية اجتماع قيادة قوات التحرير الشعبية بجنوده أو إصدار أي أوامر عسكرية عليهم.. وفي أول تجربة عملية لتلك الاتفاقية، أراد اسياس أن يختبر ميزان القوة داخل قوات التحرير الشعبية بمحاولته التمركز في منطقة تبعد ساعتين مشيا على الأقدام من مكان تواجد طوف الذي كان يقوده الشهيد ابراهيم عافى الذى كان وقتها يستعد للقيام بعمليات عسكرية ضد خطوط الامداد للعدو لإبعاد الجنود من دوامة اجتماع منسع ومشاكل الانقسامات..
وفي تلك الفترة بدأ الشهيد على عثمان يشك من الهدف الذى يجعل اسياس يقترب من فصائل قوات التحرير بعد أن كان يرفض في الاجتماع أي تعامل أو التنسيق مع قيادتها.. ولهذا كلف بعض الجنود وعلى رأسهم الشهيد ابراهيم عافى لرصد تحركات مجموعة اسياس دون الرجوع إلى رئيس القيادة ..المناضل عمرو.. وبالفعل كان الشهيد على عثمان محقا في تقديراته بعد إختفاء سبعة من جنود قوات التحرير بكامل أسلحتهم.. ولم يحتاج الأمر إلى وجهتهم وكما يبدو كان الأمر مخططا له من قبل اسياس أفورقي.. ولكن الشهيد على عثمان لم ينتظر الأوامر من قائده لاتخاذ الاجراءات الازمة بل استنفر طوف الشهيد ابراهيم عافى الذي كان يضم خيرة المقاتلين في قوات التحرير للتوجه إلى مكان تواجد اسياس أفورقي وقاما بتجريد الجنود من أسلحتهم بعد أن قامت المجموعة المسلحة التابعة للشهيد عافى بتطويق المكان من كل جانب.. ولمم يفاجئ الحدث اسياس أفورقي، بل كان يتوقع مثل هذا الاجراء من بل العناصر القوية داخل قوات التحرير.. لهذا حاول تهدئة الموقف بأسلوب لا يخلو من الدهاء السياسي واللباقة في المؤامرات.. قال انه لم يأمر أحداً بالهروب إلى مجموعته ولكن هناك اتفاقية مبرمة بينه وبين قيادة قوات التحرير نتص بتبادل الزيارات بين الجنود من الطرفين ولم يرد فيها ما يمنع ذلك… لهذا انه يرى ضرورة الثقة بالجنود المسيحيين وعدم اتهامهم بالسؤ.. وكان الشهيد ابراهيم عافى أكثر المقاتلين خبرة وهدوءاً في مثل المواقف.. حيث رد على اسياس أفورقي قائلاً.. نحن كجنود لا نعلم ماتضمنته بينك وبين قيادتنا ولم نأتي لمناقشة نصوص الاتفاقية المبرمة في اجتمع منسع.. ولكن الشئ الذي استفزنا وأتى بنا إلى هذا المكان هو هروب جنود مسلحين من داخل قواتنا دون علم القيادة .. لهذا وحتى لا نتسبب في تصعيد الموقف يمكنك الاحتفاظ بالجنود طالما الالتحاق بمجموعتك يشكل رغبتهم.. وخصوصا أن الآن بصدد بناء قوة مسيحية بحتة.. يمكنهن الالتحاق بنا بعد انتهاء الفترة (6 أشهر) المتفق عليها.. ولكن شيئا واحداً يجب أن يكون واضحا للجميع أن أي جندي كان مسلما أو مسيحيا يريد مغادرة قوات التحرير الشعبية.. سوف لن يقف أحداً ضد رغبته ولكن يذهب كما أتى أي بدون سلاح.. وهذه القضية لا يجدي فيها النقاش والنصائح نحن نناضل من أجل استقلال اريتريا وللوصول إلى هذه الغاية لا بد وأن تتوحد البنادق.. ومن أجل ذلك نرى اليوم قبل الغد أن يتم هذا اللقاء بيننا.. وجمع الشهيد ابراهيم عافى البنادق السبعة من الجنود قائلا أنتم الآن في المكان الصحيح.. وعاد الشهيد ابراهيم عافى وهو مقتنعا بضرورة القيام بالعمليات العسكرية وهذا ما حدث بالفعل بعد أن تمكن من إقناع الشهيد على عثمان لإصدار أوامر على الفصائل المرابطة في منطقة منسع للتوجه إلى البحر الأحمر، وانتظار التعليمات من القائد الميداني الشهيد ابراهيم عافى.
إلى اللقاء في الحلقة القادمة…
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من محرر عدوليس :
تمت اعادة النشر هذه الحلقة والحلقة السابقة والحلقات التي ستلي طبقا للأصل ، بما في ذلك الأخطاء الإملائية وتلك المتعلقة بالطباعة ، منعا لأي ادعاء بالتحريف ، فقط تم التدخل من المحرر لوضع تقويس لأسماء البلدات والقرة وأسماء بعض المواقع او حذف نقاط زائدة عن نهاية كل جملة.