سبتمبر يومٌ لم يُنجَزْ بعد ! بقلم الدكتور كرار عواتي
3-Sep-2018
عدوليس ـ ملبورن
والدي أنت ورفاقك الشهداء. عليكم السلام ، أنتم السابقون ونحن اللاحقون.في ذكرى يومكم الأغرّ أهديك إنجاز حفيدتك عائشة عواتي التي أصبح يُطلَق عليها بعد تخرجها من كلية الهندسة المعلوماتية بجامعة دمشق لقب المهندسة عواتي.إنجاز!؟ ومن جامعة دمشق!؟
نعم أبي إنجاز، فهذا أصبح في زمن أحفادك إنجازاً، وليس كما طمحت وضحّيت من أجل أن يصبح هذا من المسلّمات والبديهيّات في وطنٍ يُفترض أن يذخر بمناهل العلم.
فلا تظُنن أبي أن الحياة أو الأمور قد اختلفت كثيراً ما بين زمنك و زمن أحفادك، فأوجه الاختلاف مابين زمنيكما ليست بكثيرة ، بل إن زمنهم أشدّ مرارة، فالظلم في زمنك أتى من الغريب، أما في زمن أحفادك فهو يأتي من ذوي القربي .
سأصف لك أبي مقارناً واقع الحال بين زمنك وزمن أحفادك ولك الحكم سواء بالاختلاف أو التطابق:إن عدد المدارس في زمن أحفادك لم يزد كثيراً عن عددها في زمنك، وعدد الجامعات هو ذاته في زمنيكما، بل آخذٌ بالتناقص في زمن أحفادك.
بناء السجون في زمن أحفادك يفوق بناء المستشفيات والمدارس، حتى أضحى عدد السجون في زمنهم أكثر بكثير مما هو في زمنك.
في زمنك اتخذت الأمم المتحدة ومجلسها الأمني قرار الاتحاد الفيدرالي رابطةً إرتريا بجارتها إثيوبيا، ثمّ أخذت تتفرج على الانتهاكات بحق هذا القرار حتى قررتَ ورفاقك أن تضعوا حداً لهذه المسرحية في صبيحة يومكم الأغر ذلك.
أما في زمن أحفادك، فذات الأمم المتحدة و مجلسها الأمني أشرفت على مسرحية الاستفتاء على استقلال إرتريا من إثيوبيا وهاهي تتفرج على جرائم حاكم إرتريا بحق الإنسانية .
في زمنك أبي ، الحاكم بأمر المستعمر سخّر أبناء الشعب الإرتري في شقّ الطرق في المرتفعات الإرترية، وتفنن في تسمية أجزاء منها ( موسليني، لبّي تقراي) تلك الطرق التي أودت بحياة المئات من أبناء إرتريا.
أما في زمن أحفادك، فالحاكم بأمر الثورة يسخر أبناء الشعب الإرتري في تعبيد الطرق ويسوقهم تحت مسمّى خدمة العلم إلى مشاريع الدولة ومؤسساتها وحروبه العبثيّة.في زمنك أبي، ساق الحاكم بأمر الاحتلال أبناء الشعب الإرتري إلى حروب المستعمرين في طرابلس الغرب في ليبيا والعلَمَين في مصر.
وفي زمن أحفادك ساق الحاكم بأمر الثورة أبناء الشعب الإرتري إلى حرب جزر حنيش في البحر الأحمر ضد اليمن الشقيقة، وحرب بادمّي ضد الجارة إثيوبيا، التي على هواه تمسي صديقة وحليفة لتصبح غداً عدوةً لدودة لتعود مساءاً صديقةً وحليفةً من جديد.
في زمنك، نُهبَت ثروات إرتريا من قبل المستعمرين والمستوطنين الإيطاليين ( براتلو، دَنداي… وغيرهم)
وفي زمن أحفادك تُنهب خيرات إرتريا من قبل الشركات الفرنسية وشركات دولة الكيان الصهيوني في فلسطين وحاشية الحاكم بأمر الثورة وزبانيته.
ختاماً أبي، فلتعلم أنّي لا أكاتبك من إرتريا المحرّرة كما تظن، بل أكاتبك من سوريا العربيّة ومن حيث أُهديَتْ لرفاقك من بعدك أول بندقية آليّة، ومن حيث يقاسم العرب السوريون الأشقّاء أحفادَك الخبز والمقعد الدراسي ولوحة مفاتيح الحاسوب.
كما فلتعلم أبي أن يومك ورفاقك الميامين في الفاتح من سبتمبر 1961 دام إنجازه ثلاثين عاماً ، ومنذ لحظة ظنِّنا بإنجازه بدأ يوم جديد دام حتى الآن سبعاً وعشرين عاماً، أدركنا خلالها أن سبتمبر لم يُنجَزْ بعد.