الي متي سيستمر اسياس في عملية خداع النفس ؟!:محمد نور أحمد*
12-Apr-2012
المركز
سمع من تابع مقابلة التلفزيون الارتري مع الحاكم المطلق اسياس افورقي واجابته التي ليس لها جديد، عن الاسئلة الموضوعة سلفا بمعرفته بل وبمشاركته ان لم يكن قد وضعها بنفسه كعادته .ركز الجانب المهم من الاسئلة علي الاحداث الاخيرة في الحدود بين ارتريا واثيوبيا حين دخلت قوات اثيوبية مناطق في كل من اقليمي دنكاليا والقاش سيتيت ودمرت حسب المتحدث الرسمي الاثيوبي معسكرات لمجاميع (الاوغوغومو) الذين ينادون باقامة دولة عفرية من عفر ارتريا واثيوبيا وجيبوتي ومجاميع امهرية وتجراوية مناوئة للحكومة الاثيوبية تنطلق هذه المجاميع من معسكراتها المتاخمة لاثيوبيا لتنفيذ عملياتها داخل الاراضي .
كانت العملية التي ادت الي اتخاذ اثيوبيا لذلك الاجراء واعلنت عنه صراحة هي قتل خمسة من السياح الاجانب في اقليم عفر الاثيوبي واعتقال اثنين اطلق سراحهما بتدخل بعض اعيان القبيلة كما اعلن في حين لا يعرف مصير مرافقيهما الاثيوبيين .كما تعودنا ان نسمع من مبررات الحكومة الارترية في مثل هذه الاحداث جاء علي لسان وزير خارجية النظام عثمان صالح بان ما حدث هو مؤامرة لجرنا في معركة لا لزوم لها ونحن لن ننساق وراء مثل هذه المؤمرات وكان تفسير الناطق الرسمي الاثيوبي لهذا التصريح (ان الحكومة الارترية عاجزة عن الرد ) وهو تفسير معقول لان حكومة اسياس منذ ان استولت علي السلطة لم تنتظر استفزازا لشن هجوم علي جيرانها انما كانت تبادر دائما بالهجوم وقد حدث ذلك في جزيرة حنيش حينما فاجأت القوة اليمنية المحدودة التي كانت تتمركز في الجزيرة واستولت علي الاخيرة وقدمت فيها بلا مبرر اثني عشر شهيدا ودون ان تتأكد من الوضعية القانونية لارخبيل حنيش – حدث ذلك بالرغم من التحذير الذي قدمه بطرس سلمون وزير الخارجية آنذاك بعدم استخدام القوة للسيطرة علي جزر الارخبيل لأن الدراسة التي قام بها قسم الدراسات الاستراتيجية في وزارة الخارجية اكدت بان هذه الجزر لم تكن في يوم من الايام جزء من الاراضي الارترية اذ لم ترفع ايطاليا عليها علمها بعد احتلالها لارتريا او بريطانيا التي أحتلت أرتريا بعد هزيمة ايطاليا في الحرب العالمية الثانية وحتي اثيوبيا بعد اعلان قرار الاتحاد الفدرالي بينها وبين ارتريا حتي الطرف الاخر في النزاع بعد استقلالها من الامبراطورية العثمانية في عام 1908 لم تفعل ذلك فقد استمرت الامبراطورية العثمانية في بسط سيادتها علي الارخبيل حتي هزيمتها في الحرب العالمية الاولي وتنازلت عنها لي الحلفاء المنتصرين في تلك الحرب في موتمر لوزان في عام 1926.هناك تم الاتفاق بين بريطانيا وايطاليا وكانت الاولي تحتل عدن والثانية ارتريا بان لا يسمحا للدول المجاورة لهذه الجزر بالوصول اليها .وظلت هكذا بلا صاحب حتي قيام اليمن في 1990 مناورة في زغر الكبري وبعد إندلاع الحرب كانت اليمن واثقة من انها ستكسب القضية قانونيا لذلك أرتأت حل المسألة بطرق أخري بالإضافة الي أن كل منها كل من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية طالبا الحكومة اليمنية بعدم اللجوء الي القوة حتي لا تتاثر الملاحة في البحر الاحمر كما حدث في حرب عام 1956 بين مصر واسرائيل وأوعدا البلدين اليمن بعرض القضية باسرع ما يمكن في محكمة التحكيم الدولية وهو ما حدث بالفعل وتم الفصل في النزاع كما هو معروف لصالح اليمن.حسب قانون الجزر المتنازع عليها يقوم علي اسس ثلاثة هي :1- الرجوع الي السكان ان كانت الجزر المتنازع عليها مأهولة كما حدث في النزاع بين بريطانيا والارجنتين حول جزيرة اوكلاند.2- الي اي من المتنازعين اقرب جغرافياً.3- من الذي وضع يده عليها اولا وهو ما قامت به اليمن عندما اقامت فنارا علي جزيرة (زغر) ومنتجعا علي جزيرة حنيش الكبري .القضية الثانية هي النزاع حول بادمي وقد تم الفصل فيها لصالح ارتريا مع بقاء جزء من محيطها ضمن الاراضي الاثيوبية وذلك بعد حرب ضروس بداها اسياس واستمرت عامين خسر فيها الشعب الارتري ما لايقل عن 40 الف شاب وشابة من ابنائه بلا مبرر مع العلم ان اسياس نفسه هوالذي سلم بادمي للوياني في عام 1984 عندما انسحبت عنها قوات جبهة التحرير الارترية اثر هزيمتها من قبل تحالف الجبهة الشعبية ووياني تجراي في عام 1981 .وعند الاستفتاء لتقرير مصير ارتريا في عام 1993 شارك ارتريو بادمي في ذلك الاستفتاء بصفتهم ارترييين مقيمين في اثيوبيا .فهل كانت حرب بادمي فعلا لاستعادة سيادة علي ارض ارترية مسلوبة وهل كان بالضرورة اشعال تلك الحرب لاستعادة السيادة عليها ام كانت هناك اسباب اخري؟ .نعم كانت هناك اسباب اخري وكانت هي الاهم، علي راسها تعليق الدستور الذي تمت المصادقة عليه في مايو عام 1997 وجذب انتباه الشعب الارتري الي قضية بادمي واستقلال المشاعر الوطنية الجياشة لهذا سياتي به مرة ثانية الي قمة السلطة فيما لو طبق الدستور واجريت عليه انتخابات حرة تتنافس بها قوي سياسية متعددة وافراد مستقلين واقامة نظام ديموقراطي يقوم علي حكم القانون والفصل بين السلطات الثلاثة. لهذا ايضا زج برفاق السلاح من القيادات لانهم تمسكوا بتطبيق الدستور ولا يعرف مكانهم احد وفيما إذا كانو احياء ام موتي حتي لحظة كتابة هذه الاسطر .جاء الحادث الثالث عندما احتلت قوات اسياس جزء من اراضي تحت الادارة الجيبوتية بغض النظر عن وضعها القانوني لان تحديد ذلك يدخل ضمن مسؤلية جهات الاختصاص وهناك مؤسسات دولية منوط بها الفصل في النزاعات الحدودية واسياس يعي ذلك لانه احتكم اليها في قضيتي ارخبيل زغر وحنيش وبادمي . وكانت حجته نفس الحجة وهي استرداد ارض سليبة . ولكن انسحب كعادته مكرها.لكن ما حدث اخيرا علي الحدود بين ارتريا واثيوبيا وضع مختلف فمن اخترق الحدود الان ليست قوات ارترية انما قوات اثيوبية ودمرت معسكرات للمعارضة الاثيوبية يتبناها نظام اسياس وقتلت من قتلت واسرت من تمكنت من اسره حيا .ولم يتضح بعد ان كانت قد انسحبت بعد ان انجزت مهمتها بجدارة رغم تاكيد الجانب الاثيوبي انسحاب قواته بعد استكمال مهمتها، في حين ما زال نظام اسياس يلتزم الصمت حتي هذه اللحظة عن خسائره وعن وضع القوات الاثيوبية ان كانت قد انسحبت ام مازالت باقية علي الارض التي احتلتها .مع ان اسياس يتمادا في عملية خداع النفس بتكرار مزاعمه بان دخول القوات الاثيوبية للارض الارترية من تدبير امريكي وان وياني مجرد اداة في يد امريكا كرر ذلك اسياس في مقابلته التلفزيونية والهدف من ذلك صرف ارتريا عما تنجزه من تقدم اقتصادي واستقرار سياسي وما حققته من اكتفاء ذاتي بحيث لم تعد تمد يدها الي الخارج طلبا الي المساعدة!عن اي تقدم اقتصادي يتحدث اسياس وقواه المنتجة هم فئة الشباب يلقون سلاح الخدمة العسكرية الالزامية غير محددة الأمد ويخاطرون باروحهم لاختراق الحدود الي دول الجوار . وعن اي موامرة امريكية تلك التي تهدف الي الي صرفه عن مسار التقدم والازدهار وهو لن ينساق وراءها . ما كان حري به ان يدافع عن سيادة الدولة التي اغتصب السلطة من شعبها او يسلم هذه السلطة الي اهلها , واهلها جديرون بالدفاع عنها وقد فعلو ذلك لمدة ثلاثين عاما .لقد أكد اسياس بانه لا ينتمى الي هذا الشعب وانه لا يهمه سوي ان يتشبث بكرسيه في قمة السلطة وليذهب الشباب الهارب من نظامه الي الجحيم .ليقتلهم رجال امنه وهم يخترقون الحدود هاربين ولتتلقفه شبكات التهريب من نجا منهم ومنهم من مات في صحراء ليبيا عطشا ومن نجا من ذلك ابتلعته امواج البحر الابيض المتوسط فيما لو وصل الي ليبيا في عهد الدكتاتور الذي حكم عليه شعبه رميا بالرصاص في الشارع ومنهم من اعادهم ذلك الدكتاتور الي اخيه وصديقه اسياس ولا يعرف احد اين رمي بهم , بعد موت القذافي وهلاك نظامه , ابتدعت شبكات التهريب , طريق سينا الي اسرائيل , مقابل مبالغ طائلة يدفعها اقاربهم المغتربين ومن لم يكن لديه اقارب عليه ان يتخلي عن احدي كليتيه , ومن لم يستجب يتم التخلص منه لان الشبكات ليست علي استعداد للانفاق عليه وايصاله الي اسرائيل , ولعناصر امنه دور في كل ذلك . كان علي اسياس ان يستحي ولا يتجرأ بزعم انه مستهدف من قبل الولايات الامريكية التي تستخدم الوياني للاطاحة بنظامه او جرفه عن مواصلة التقدم الذي يحرزه . لانه لا يقدم ادني دليل علي ذلك واذا كان ذلك احساسه حقا فلما لا يدافع عن هذا التقدم ؟ ولماذا يخشي الانجرار اذا كان ذلك في سبيل عمل نبيل هو قدسية التربة ؟ واذا كان لايجد القدرة علي ذلك , لماذا يتحرش بالآخرين ويهدد مصالح قوي دولية باكملها في منطقة القرن الافريقي والبحر الاحمر ومن بينها الولايات المتحدة الامريكية وكثير من دول اوروبا الغربية باحتضان القاعدة في الصومال .لماذا ايضا يحتضن ال(اوغوغومو) او الحركة العفرية التي تهدف الي اقامة دولة عفرية باقتطاع الاجزاء العفرية من كل من ارتريا واثيوبيا وجيبوتي ويفتح لهم ولغيرهم من المعارضة الاثيوبية المسلحة ابواب بلده وقد قام ال (اوغوغومو) مؤخرا بعملية تخريب للسياحة في اثيوبيا وهي الموارد الاقتصادية للبلاد بقتل واسر سياح اجانب في المنطقة العفرية باثيوبيا . وهو ما دفع الاثيوبيين للقيام باختراق الحدود الارترية .وهل كان اسياس ينتظر من الاخرين ان يزلوا ساكتين وهو يقوم بتخريب اقتصادهم وزعزعة امنهم وهم قادرون علي الرد علي الصاع بصاعيين ..؟لقد كشفت الاحداث الاخيرة ان نظام اسياس عاجز وانه يقف علي الهاوية في انتظار اللحظة التي يتم دفعه اليها . وهنا ياتي دور المعارضة وقد حققت في مؤتمرها في (هواسا) انجازاً وحدويا , لكنه قاصر علي الجانب السياسي وهذا غير كاف , لاقتلاع النظام , مالم يتوج بوحدة عسكرية تمد يدها الي قوات الدفاع التي تعاني هي الاخري من ويلاته وافرادها يهربون كل يوم ويواجهون المآسي سلف ذكرها وقد كشفت عن ذلك وسائل الاعلام العالمية والمفوضية العالمية لللاجئين الارترين والصحفي الاسترالي العراقي الاصل عندما قرأ نتائج ابحاثه في مصر عن مهمة هؤلاء الشباب وعملية البيع والشراء التي تتم بصددهم بين شبكات التهريب البشرية وامن نظام اسياس احد اطرافها .علي قيادات فصائل المعارضة داخل وخارج التحالف الديموقراطي الارتري والتي تملك مجموعات عسكرية ان تسارع بدمجها في اطار واحد واستراتيجية عسكرية واحدة وقيادة عسكرية واحدة وهو قرار المؤتمر الوطني للتغيير الديموقراطي . وقتها فقط ستقبل قوات الدفاع الارترية كلها او بعضها اليد الممدودة لها لدفع نظام اسياس الي الهاوية التي يقف علي حافتها وتخليص الشعب الارتري من السعير الذي يصلي جسده منذ الاستقلال.* استراليا ـ ملبورن