شائعة موت حاكم ارتريا :حمد كل *
7-May-2012
المركز
7 مايو 2012م
راجت في الايام الماضية شائعات بموت حاكم ارتريا، لا بل تجاوزتها الى الحد الذي دخل البعض في التفاصيل، ودبجت مقالات في المواقع كلها تؤكد موته، والبعض الآخر جهز نفسه للذهاب الى ارتريا، وقال البعض الآخر ان مصادره من أسمرا وتسني، بين كل هؤلاء يمكن ان نستثني البيانين الذين صدرا من حزب الشعب الديمقراطي وجبهة التحرير الارترية، كان يتسم بالموضوعية وعدم الانجرار وراء هذه الشائعات.
ربما انساق البعض وراء مؤشرات كانت توضح ان هناك في ارتريا اوضاع غامضة، واشارت الى مرض حاكم ارتريا، وكل من يمتهن العمل السياسي لابد ان يأخذ وقفة ليرى ابعاد تلك المعلومات، بعضها نشر قبل شائعة حاكم ارتريا ويمكن ان نسوقها على الوجه التالي:- 1.نشر تعميم امريكي ينصح المواطنين الامريكان وحاملي الجنسية الامريكية بعدم الذهاب الى ارتريا وبوروندي.وهنا يتبادر الى الذهن ما مغزى هذا التعميم، هل يندرج في اطار العقوبات الدولية المفروضة على ارتريا ام ان الاوضاع الامنية في ارتريا ستكون غير مستتبة، ايضا توقع البعض ان حرب جديدة ستندلع بين ارتريا واثيوبيا استنادا الى حديث رئيس الوزراء الاثيوبي في البرلمان الاثيوبي والذي اتهم فيه ارتريا باختطاف اكثر من 100 عامل اثيوبي كانو يعملون في منجم في الشمال الغربي من اثيوبيا.2.المعلومة التي وردت في موقع عدوليس والتي كان من المقرر ان يزور فيها والي ولاية كسلا “اسمرا” لكنها الغيت وعزى ذلك نتيجة للاوضاع التي تمر بها البلاد، والاعتذار لوالي ولاية كسلا جاء من العميد تخلي منجوس قائد قوات حرس الحدود. 3.التصريح الصحفي الذي اصدره وزير الاعلام الارتري والذي يتهم فيه المخابرات الامريكية بائشاعتها مرض حاكم ارتريا ويكذبه.وقد توقف الكثيرين عند هذا التصريح لانهم لم يتعودوا من النظام الارتري ان يرد على الاتهامات. 4.والاءشاعات منتشرة بموت حاكم ارتريا عرض التلفزيون الارتري بعض المشاهد لجولات حاكم ارتريا ليؤكد للمشاهد ان الحاكم بصحة جيدة لكنها اتضحت للمشاهد انها لقطات قديمة. ومن المعلوم ان كل وسائل الاعلام والعاملين في المجال السياسي يتحرون الدقة في الاخبار، لان نشر اي خبر غير صحيح ودقيق يؤدي الى فقدان الثقة للجهة التي تتلقى اخبارك ومعلوماتك، وهذا ما وقع فيه البعض وفقد مصداقيته امام الراي العام. النظام الارتري بنهجه هذا الذي يسير عليه لابد ان تاتي لحظة تؤدي الى زواله اسوة بتلك الانظمة التي انهارت عروشها في اليمن ومصر وتونس وليبيا، وهو ليس استثناء بل يمكن القول انه نظام شاذ يفتقد الى الشرعية، كل الانظمة الديكتاتورية لها دساتيرها ولها مؤسساتها التي تحكم من خلالها الا ان النظام في ارتريا، هناك ازمة اقتصادية طاحنة، سجون مليئة بسجناء الضمير، وفشلت كل مشاريعه الوهمية وليس له اي سند جماهيري، يحكم من خلال اجهزة مخابراته، وجيش مقسم على مناطق عمليات عسكرية، وقيادات جيش المناطق تحولت الى مراكز قوة وتفشى فيها الفساد، مراكز القوى هذه لا تتفق مع بعضها البعض وتتصارع حتى لو ادعوا ان صراعهم هذا خفيا لكنه معروف لدى قطاعات واسعة في ارتريا لا بل المعلومات تقول ان ما دون هذه القيادات من كبار وصغار الضباط في حالة غبن واستياء وعدم رضى. ان قبضة الحاكم اصبحت تتراخى امام قادة العمليات العسكرية وعلى المستوى الاقليمي والدولي فان النظام الارتري معزول تمام باستثناء دولة قطر والسودان. لكن هناك مخاطر وعلينا ان نعيها جميعا، وهي ان سقوط هذا النظام سيترك فراغا لان ارتريا بلا مؤسسات وان مراكز القوى داخل النظام ستتصارع، والمعارضة في الخارج لم يلتئم شملها سوى تلك الاطارات التنظيمية الفضفاضة، المعارضة لا علاقة لها بالداخل الارتري وليس لها خطاب منتظم يوجه للداخل، لكن الاخطر من ذلك كله تربص النظام الاثيوبي للانقضاض على ارتريا مستغلا حالة الاطراب. هناك ايضا بعض الملاحظات حول غرف “البالتوك”. بلا شك ان هذه الغرف بدات تستقطب اعداد كبيرة من الارتريين خاصة الشباب لمناقشة قضاياهم، وهي ظاهرة ايجابية، وبالتاكيد ان النظامين الارتري والاثيوبي سيسعيان لزرع عناصرهم للتشكيك على بعضك البعض وهي ظاهرة خطيرة ستصرف الناس عن قضاياها الاساسية وبدلا من ذلك كيل الاتهامات بوثائق مفبركة من مخابرات النظامين، والغريبة ان الذين يتحدثون لا يوضحون من هم ويتكلمون باسماء مستعارة ويتناولون بعض الحوادث لينسبوها الى قيادات بعينها، والهدف من ذلك الحرق السياسي، مثل شخصة “بايلوت”. ______________________________* ديبلوماسي سابق ومحلل جيو-سياسي ارتري مقيم في بريطانيا