تكمن هزيمة الإستبداد بمقدارهزيمته علي المستوي الفكري بقلم / محمد علي موسى
12-May-2014
عدوليس ـ نقلا عن إذعة المنتدى
تفعيل النظرية الفكرية للمقاومة الارترية وتحويلها إلي قوة مادية تهزم النظرية الفكرية للإستبداد، مسألة غاية في الأهمية ولاتحتمل الخيارات والتأجيل. في التاريخ توجد نظريات تخدم مصالح فئة قليلة من الشعب، وتصور وكأنها الأصلح والأعدل والأفضل، كإضفاء الشرعية لنظام الرق وإقناع الناس ( بأن العبيد غير مؤهلين بالفطرة للإنتخاب ) ،والملكية والحكم بأسم الدين (والمعترض عليه كالمعترض على مشيئة الله ) ، والنظرية العرقية لهتلر وإقناع الشعب المعني بالتفوق العرقي. النظريات الفكرية تختلف وتتعارض قياسا للمهام التاريخية التي تتصدي لها ،فهي لصيقة بالمصالح والتطلعات. فالأنظمة دائما تنشر فكرا ومفاهيم تخدمها، ولا يمكن مجابهة هذه الأفكار والمفاهيم التي يعتمد عليها النظام المعادي إلا بتبني فكر وطني تحرري، لأن هزيمة الاستبداد مرهون بدرجة أساسية بهزيمته على المستوى الفكري، فكم هو هام دور الفكرالذي تتبناه المقاومة، لهزيمة الفكر الاستبدادي
المسيطرأن النظرية الفكرية ،هي مجموعة من الأفكار المنظمة، التي تشكل الأرضية التي يقوم عليها النظام المتوخى للمجتمع، لتجعل حياته سليمة منطقيا وعادلة ،وتضع حلول لمشاكله وتحقق له أهدافه في الحرية، فدون وجود حقيقي لنظرية فكرية بهذا المعني، ومجسدة على أرض الواقع المقاوم، لا يمكننا تصور تحقيق نجاحات، فالمقاومة دون دليل فكري، تصبح دون بصيرة ،ودون مسار واضح المعالم ،وإن وجدت لها أفعال ستلغي بعضها البعض ،فالنظرية الفكرية هي التي توجد الانسجام داخل المجتمع وتحركه وترشده، أن المقاومة التي لا تملك نظرية فكرية ،تظل فاقدة للبوصلة تماما. والنظرية الفكرية ، تمنح المقاومة القدرة على فهم طبيعة الصراعات في المجتمع ،وأوجه القصور، ومسارها المستقبلي، وهذا يؤهلها لمعرفة واقعها وتحدياته وإيجاد حلول له، كما تمكنها من السير نحو المستقبل بوعي. ولكي تؤدي النظرية الفكرية مفعولها ،عليها ان تتحول من مجرد أفكار إلي قناعات وإيمان حقيقي ،ومن شيئ نظري إلي شيئ معاش في حياة المقاومة ، فكر في عقول الشعب ،ويتمثل ويتمظهر في سلوكه ، حتي لا يتأثر العمل بالامزجة الفردية ومصالحها ، التي ترتدي حينا قناع المصلحة العامة ،تغطية للرغبات والنزوات الخاصة، وفي أمر لا يمت لمصلحة المجتمع حقيقة ، فتشق بهذا صف المقاومة أو تفرض رغباتها رغم أنف مصلحة المجتمع . أن إختيار القيادة وصلاح الفرد وأهليته لها ، ينبغي أن يتم وفقا لأسس نظرية فكرية سليمة، لا وفقا لبطاقة هويته، مثل من هو ، ولمن ينتمي، لأي قرية أو فرع أقرب، ووفقا لذلك يتم الإصطفاف خلفه في الوحدة والإنشقاق!!!، لا يمكننا أن نظل خاضعين لنماذج تثبت فشلها بشكل متكرر، علينا البحث عن الفكرة القامة لا الفرد “القامة ” . فمؤتمرات المحاصصات التي تنتج قيادات ترقيعية غير كفوءة، وتهدد وحدة العمل الجماعي كلما أنتقدت أو تعرضت للمحاسبة ،أو أضطر المجتمع لتبديلها، تعد هذه دورة عقيمة بما فيه الكفاية . أن القيادي الذي يتبوأ القيادة علي خلفية إيمانه بالفكرة النظرية للمقاومة ،ويجسدها في سلوكه بشكل دائم وفي كل الظروف ،يضمن به المجتمع قيادة كفوءة ،ووحدة غير قابلة للمساومة ، وبهذا تتحق المصالح العليا للشعب . فالإستبداد الذي يمارس علي الواقع الأرتري كنظرية فرق تسد، يستلزم من المقاومة أن تمارس ضده نظرية وحد تسد ، عبر نضالها اليومي لبناء الثقة بين مكونات المجتمع ، الذي تضررت وشائجه الإجتماعية بفعل نظرية الإستبداد، التي تسعي في خطابها وسلوكها غير المعلن ، لتشكيك المجتمع علي بعضه البعض ، بهدف شغلهم في معارك ثانوية بهدف إدامة سلطانها ، وكلما تكشف النظام الإستبدادي أكثر أمام الشعب ،سيزيد من جرعة سمومه المفرقة للشعب بدهاء ماكر،لدرجة يبدو فيها المشهد العام للمجتمع وكأنه غير قابل للتعايش . فإذا لم تكن المقاومة محصنة بنظرية فكرية، توجد الحلول لمثل هكذا تحدي ، تستدرج للمساحة التي جرتها عليها نظرية الأستبداد ، وبهذا بدل أن تصبح مقاومة تتحول دون أن تدري لأداة خادمة لنظرية عدوها . التشظي الظاهر علي السطح في هذه المرحلة، هو جراء فعل الإستبداد وتغييبه للنظرية التي تهتم بكافة أبناء الوطن علي قدم المساواة، بمعني غياب المظلة التي تحمي الجميع، البديل المنطقي أن تعمل المقاومة لبناء النظرية الجامعة، خاصة أن مسألة الوطنية الأرترية الجامعة هي الأعمق، وكل من يعمل علي النقيض من هذا العمل مخطئ في الألية، والتاريخ الارتري المعمد بالدم شاهد علي ذلك، فكل من حاول ان ينجح في الساحة الارترية مر من خلال هذا المدخل. أن المشهد الذي ترتسم صورته البائسة أمامنا، لسنا نشاز فيه، فكل الشعوب التي مرت بأنظمة مستبدة، واجهت ذات الإشكالية في مراحل إقتراب زوال الدكتاتورية. أن المشهد البائس للمجتمع والوطن، نتاج مباشر لنظام الإستبداد بدرجة اساسية، ويدعم ذلك بمطامع إقليمية في المنطقة، وغياب نظرية فكرية للمقاومة تمارس في أرض الواقع لدي قادة المقاومة ومنظماتها الشعبية، تقنع المواطن الأرتري ودول الجوار والمنظومة الدولية وتتماهي مع مصالح الجميع المعادي للإستبداد. أن المقاومة الأرترية للإستبداد ستتمكن من إحداث التغيير الإيجابي، بتبني فكر وطني شامل وعادل ، يعامل الكل علي أساس المواطنة المعاداية لمشروع الإستبداد، وتجعل ذلك مفهوما راسخا وعميقا لا لبس فيه لدي أعضائها نظريا وعمليا، دون إقصاء أي فرد أو مجموعة من أبناء الوطن، والإهتمام بمنازلة النظرية الفكرية للإستبداد وآثارها السالبة، وذلك بخلقها للوعي الوطني بماهية الإستبداد وكيفة التصدي له، والعمل بصبر وجلد علي تفكيك دسائسه،عبر المساواة الحقيقية لأبناء المجتمع ، وبناء مستقبل يخدم المواطنين كافة دون أن تصبح المقاومة ردة فعل وصدي لإفرازات النظام المستبد، ودون أن تصبح أسيرة لقساوة الحاضر وضغوطه وتشوه المفاهيم وغياب الوعي، عليها أن تؤمن أن التشرذم الطاغي بالاساس نتاج لسوء نظرية وإدارة الدكتاتورية وليس وليد للتعدد الثقافي ، أن نظرية الإستبداد ومصالحها وغياب الوعي من يقف خلف ذلك. والسودان مثال لذلك، إنقسم جنوبه لأسباب دينية وعرقية وثقافيه، واليوم يستمر مسلسل الإقتتال داخل دولة جنوب السودان علي ذات النظرية، والصومال ..دينا ومذهبا وقومية شيئ واحد ،ومع هذا حالها ليس بخاف علي أحد، والمعارضة الأرترية البعض منها متشابه لدرجة التطابق الكامل، ومع هذا تعاني من تمزق أقل ما يوصف بالوبائي ، وكذا سوريا و ليبيا …الخ .. في المقابل ، جنوب أفريقيا ، الهند، ماليزيا ، سويسرا، والتجربة الارترية بشقيها جبهة التحرير والشعبية في بعض مراحلهما الثورية . كما أن بلدان عديدة في العالم تشهد إستقرارا ونموا ورفاه وكرامة إنسانية، رغم تعددها العرقي والثقافي والايدلوجي والديني الخ.. كل ذلك لأنها تعاقدت علي نظرية فكرية سليمة للتعايش وآمنت بها ، إيمان بمعني : ما وقر في القلب وصدقه العمل ، وجعلتها سلوكا ممارسا لدي مواطنيها . أن المخرج من المتاهة اللا متناهية ، التي تعيشها حركة المقاومة الأرترية للإستبداد ، ينبغي الخروج منها ..بنظرية فكرية معادية للنظرية الفكرية للإستبداد. أن هذه النظرية ليست وهما وشيئا غائبا لا تنتجه العقلية الأرترية، بل هو شيئ موجود بشكل شعاراتي منذ أمد طويل ، ولكنه مهمل تماما في جانبه العملي، فالنظرية إذا حبست في جانب الشعارات ، تصبح وبالا علي التغيير ، لتشابه وتماهي الجهة الداعية للتغيير مع المراد تغييره ، لأن الإستبداد يقول للديمقراطية والعدالة ويفعل عكسها، والبديل يقول ديمقراطية ولا يمارسها في أطره التنظيمية بالقدر الكافي ، فضلا عن تفشي مفاهيم :هم ونحن، علي المستوي الوطني . أن الناس إذا تعرفت علي المشاكل والحلول وإلتمست المصداقية ،سوف يدفعها ذلك للتفاعل . وقديما قيل :في غياب العدل الحياة قضية لا تغطي تكاليفها،وفي حضوره تستوفي خير ما يجب فيها.