أضواء على اجتماعات مجلس شورى الحزب الإسلامي الإرتري في دورة انعقاده الخامسة :على عبد العليم
24-Dec-2009
المركز
عقد مجلس شورى الحزب الاسلامى الارتري للعدالة والتنمية اجتماعه الدوري الخامس ، في شهر محرم/ ديسمبر الجاري/2009م ، في ظل أوضاع متشابكة ، وأجواء متسمة بعدم الاستقرار في الوطن ، و سيف العقوبات الأممية المسلت علي النظام ، والخوف من أن تطال العقوبات المواطن المسكين ، وفي ظل أوضاع متسمة بالتعقيد ، في المحيط الإقليمي ، ونفاد صبر المجتمع الدولي علي النظام لدعمه المعارضة الصومالية ..
لقد لعب مجلس شورى الحزب الإسلامي أدوارا تاريخية بارزة ، كان لها أثر عميق ومفصلي في مسيرة عمل الحزب ، وعلاقاته بشتى القوى ، وحضوره الفاعل في الساحة الوطنية ، من خلال إطلاق مبادرات واتخاذ تدابير تشريعية مختلفة ، نقلت الحزب من مرحلة إلى مرحلة بسلاسة ، ومن موقف معين إلى آخر فيه مجلبة لمصلحة أو مدفعة لمفسدة ، دون المساس بالثوابت ، أو الإخلال بمعادلة العلاقات بالمحيط الوطني والاقليمى .. إن الشورى والديمقراطية كقيمة إنسانية ، وممارسة سياسية ، وآلية لاتخاذ القرارات ، وحسم الخيارات ، متجذرة في الحزب الإسلامي ، وخلاصة الشورى وما تتمخض عنه من قرارات هي ملزمة لكافة المستويات القيادية ، بمعنى أن الشورى ملزمة وليست معلمة فقط .! فلا مجال إذن لأن يستبد بالرأي شخص واحد مهما علا في الهرم القيادي ، ويتجاوز أو يتجاهل مخرجات الشورى ومقرراتها . علاوة على أن انتهاج الشورى يعد أمرا ربانيا لا مناص منه في أحلك الظروف ، فان التربية السياسية في الحركة الإسلامية الارترية يقوم دعائمها على الشورى ، ويرتكز عليها كمنهج للتعاطي السياسي والتنظيمي ،في كافة مؤسسات الحزب ، حتى صارت عرفا وتقليدا راسخا لا يستطيع إغفاله اى عضو في الحزب مهما عظم شأنه أو قل .. يتكون مجلس الشورى من كوكبة من العلماء الشرعيين والقانونيين وأصحاب التخصصات المختلفة ، إضافة إلى خبرات متراكمة من تجارب سياسية ثرة ، فضلا عن عنصر المرأة التي حددت لها نظم الحزب نسبة 10% من عضوية مجلس الشورى ، كتجربة متفردة سبق بها الحزب الكثير من الحركات الإسلامية ، في خطوة تنم عن الوعي العميق ، والتقدير الكبير لدور المرأة الارترية المسلمة كشريك للرجل في إدارة دفة العمل السياسي والشأن العام .. وعند الحديث عن آليات عمل مجلس شورى الحزب الاسلامى الارتري ، فإننا نجد له رئاسة وهيئة تسير شئونه ، ومناط بها مراقبة عمل رئاسة الجهاز التنفيذي ، فضلا عن لجان دائمة للرقابة متخصصة بحسب مجالات عمل الأمانات التنفيذية للحزب ، في تجربة نادرة النظير بين فصائل المعارضة الارترية . هيئة المجلس ولجان الرقابة ، بجانب أعمال الرقابة والمحاسبة ، هي شريك وظهير للقيادة التنفيذية في التعبئة السياسية والتنويرات السياسية والوفود القيادية لخلق وتوثيق الصلات مع كافة التنظيمات والقوى السياسية والرسمية والشعبية ..، كما تمارس مهامها المحددة لها في النظام الأساسي واللوائح والمتمثلة في استدعاء الأمناء لإبداء الرأي في مسألة معينة تتعلق بأماناتهم ، أو الرد على مسألة مستعجلة ، فضلا عن طلب الخطط الدورية وتقارير الأداء عليها .. إن مهام لجان الرقابة تتجاوز أعمال الرقابة والمحاسبة إلى إسداء النصح ولفت الانتباه إلى الثغرات في العمل لسدها ، واقتراح حلول لمشاكل ماثلة ، أو تقديم مبادرات عملية في جانب معين من جوانب العمل التنفيذي ، تجويدا للأداء وارتقاء به ..إن رئاسة وهيئة مجلس الشورى مع الأمانة العامة يشكلان معا آلية تمثل مجلس الشورى في غيابه ، كأنما هو في انعقاد مستمر بكامل هيئته ، للتصدي للطوارئ والمستجدات علي الساحة ، واتخاذ إجراءات ومواقف عاجلة ، تكون لها قوة قرارات مجلس الشورى عند التئامه وانعقاده .. يأتي انعقاد مجلس الشورى والوطن مازال يرزح تحت نير الدكتاتورية ، وممارساتها القمعية ، وانتهاكاتها الصارخة لكافة حقوق الإنسان الإرتري ، جعلت الشباب يفرون وحدانا وزرافات إلى دول الجوار ، فمنهم من تلتهمه الذئاب ومنهم من يموت ظمئا في الصحارى أو غرقا في البحار . . في رحلة إلى المجهول هي عنده أفضل من السجن الكبير والمعاناة اليومية التي يكابدها في الوطن الجريح ، وليس في الأفق ما يشى بنهاية لها .! وللأسف نشطت عصابات التهريب لتقتات علي مآسي شعبنا ، دون خشية أو خوف من القصاص !. وارتكبت فظائع مهولة في حق الهاربين ، ولا تحسبن بجرائمها البشعة هذه ستفلت من العقاب ؟.. ومع الإجراءات القمعية والتنكيل بالأحرار والشرفاء وتسلط الشرذمة الحاكمة علي رقاب العباد وتحكمها في مقاليد الأمور بالبلاد ، ومطحنة المجاعة تدور وتسحق المواطن المغلوب علي أمره ، يذوق الأمرين علي يد الجلاد ، حتى طفح الكيل وفاض ، وبلغ السيل الذبي من الكبت والقهر والاستبداد حتى انفجرت الانتفاضة الشعبية المباركة في شرق أكلي قوزاي ، التي استبشر بها الجميع لتكون شرارة الثورة العارمة التي تشعل كل أقاليم ارتريا ، لتحرق عرش الدكتاتورية وتحيله إلي رماد تزروه الرياح ، (وكان الله علي كل شيء مقتدرا ) . علاقة النظام بدول الجوار متردية ، فالعلاقة مع إثيوبيا تعيش حالة اللاحرب واللاسلم ، وان طغى عليها أحيانا أصوات طبول الحرب التي يدقها النظام ليجعل الوطن كله في حالة استنفار وشغل دائم لايلتقط أنفاسه ويلتفت إلى الوضع الداخلي المزري ، ومسلسل التعبئة مستمر فقد طالعتنا الأخبار بقيام النظام بحملة من التجنيد والدهم والاعتقالات طالت مناطق واسعة من ربوع الوطن .؟!بالرغم من ذلك فان بعض الدوائر التي تري في القطيعة بين البلدين ضار علي المدي البعيد بإستراتيجيتها في المنطقة ، نشطت في عقد الندوات واللقاءات ، لتهيئة الأوضاع لعودة سلسة للعلاقات بين البلدين !. وان تطلب الأمر تبديل رأس النظام بآخر محسوب علي المشروع السائد !. لذا نري بعض الرؤوس اشرأبت أعناقها وهيأت نفسها للعب الدور الذي قد يقع الاختيار عليها للقيام به !.. أما الوضع مع جيبوتي فما زال يكتنفه التوتر ، وعلى الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بسحب ارتريا لقواتها من منطقة داميره ، إلا أن النظام يرفض ذلك ، وحقيقة الصراع ليست في الأراضي الحدودية المتنازع عليها ، إنما حول النفوذ في المنطقة ، والملف الصومالي ، وجحافل الهاربين من جحيم النظام الملتجئين بدول الجوار .. وعلى صعيد الوضع في الصومال مازال نظام اسياس يؤجج الصراع فيه ويفاقم من مآسي الشعب الصومالي الشقيق ، بدعمه احد طرفي الصراع ، نكاية وعقابا لإثيوبيا ، وليس حبا في الصومال . إن الصلح الذي رعته جيبوتي الشقيقة ، والذي أسفر عن دخول مجموعة من المعارضة (المحاكم الإسلامية ) ومشاركتها في السلطة ، حيث انتخب رئيسها شيخ احمد شريف رئيسا لدولة الصومال ، هذا التطور يعد ضربة قاسية يتلقاها النظام الارتري ، الذي وصفه شيخ احمد شريف بأنه يحتجز المعارضة الصومالية في أرضه ويوجهها وفق أجندته وليس وفق مصلحة الشعب الصومالي . وقد أطلقها الآن كالكلب المسعور يعض كل من تقع عليه عيناه ، ولجامه في يد الطاغية اسياس لا يجذبه إليه إلا حينما يشاء وفق مصالحه وأهوائه .. فأغرق الصومال الشقيق في بحر من الدماء ومزع من الأشلاء ، وخراب وتدمير طال كل المرافق ومناحي الحياة ، كان الله في عون الصومال المبتلي .. وعلى صعيد اليمن فان علاقة النظام باليمن السعيد تتسم بالعدوانية والتجاوز خاصة في المياه الإقليمية وقوارب الصيد اليمنية التي ما انفك النظام الارتري يصادرها ويصادر معها أرزاق المئات من الأسر وعائليهم ، الأمر الذي وضع الحكومة اليمنية في حرج مع مواطنيها ، من ناحية أخري تورطه الفاضح في دعم تمرد الحوثيين ، وإيصاله السلاح من طرف ثاني إليهم ، كما صرح بذلك رئيس جهاز المخابرات والأمن اليمني ، في الوقت الذي عضدت فيه تقارير دولية عديدة الاتهامات اليمنية ، ذكرت أيضا توفير نظام أسياس التدريب والملاذ الآمن علي الأرض الارترية ، لعناصر الحوثيين .. وآخر الأنباء تقول باستقبال ارتريا للقائد الحوثي الجريح عبد الملك ليتلقي العلاج فيها .؟!. أما على صعيد السودان الشقيق فهو يعيش وضع تتكالب عليه قوى الاستكبار تستهدف وحدته ، طامعة في خيراته ، خائفة من دور اقليمى يمكن أن يلعبه في ظل السودان الموحد المستقر، الذي يفجر طاقاته ويستثمر موارده الطبيعية الكبيرة ، ويوظف علاقاته المتشابكة مع المحيط الاقليمى المتداخل معه إيجابا ، ..من ناحية أخري ، فان ملفات عديدة تزدحم أمام طاولة متخذ القرار السوداني ، تنتظر المعالجة والبت ، ومن هذه الملفات : الانتخابات – الاستفتاء – مشكلة دارفور – تداعيات اتهامات مدعي محكمة الجنايات الدولية ، والعلاقة مع تشاد .. مما يجعل السودان في شغل شاغل بنفسه عن الآخرين !!. جاء اجتماع مجلس الشورى و الحظر السوداني على تواجد فصائل المعارضة الإرترية على أرضه ما زال ساريا ، وخروقات النظام الارتري وإساءاته إلى العلاقة مع السودان الشقيق كثيرة ومرصودة ، واستضافته للمعارضة الدارفورية المسلحة معروفة باعترافه !! ومع هذا يتشدق بلعبه دورا كبيرا في إحلال السلام في السودان ، من قبل في نيفاشا ومرورا بسلام الشرق ، والآن في ملف دارفور ! في حين شعبه المغلوب على أمره يفتقد هذا السلام ، ويعيش في ظل سياسات ظالمة ومنحازة وطاردة ، لا يحلم معها أن ينعم بالديمقراطية أو المشاركة في السلطة والثروة اللتين صادرهما النظام لصالح شرذمته ، وحرم منهما عامة الشعب . إن الحظر الذي فرضه السودان على نشاط المعارضة الارترية ، كان يأمل النظام الديكتاتوري أن يقعد بالمعارضة ، إن لم يقضى عليها تماما ، ولكن خاب ما توقعه وخسر ، فقد حدث العكس ، إذ ضمت المعارضة صفوفها ، وأحكمت التنسيق فيما بينها ، فكانت المعارك التي خاضتها ضد قوات العدو في كل من دنكاليا واكلي قوزاى و القاش ، والجديد في المعادلة دخول جبهة التضامن الوليدة المعركة مع النظام بقوات مشتركة ، مما ينعش الأمل في توحيد العمل العسكري – اللغة الوحيدة التي يفهمها النظام – لتتوالي ضرباته المدمرات علي النظام القمعي حتى يخر صريعا ، ويومئذ يفرح الارتريون بنصر الله ، لقد اختتم مجلس شورى الحزب الاسلامى اجتماعه الدوري الخامس بعد أن ناقش التقارير المقدمة من الأجهزة القيادية المختلفة ، ووقف من خلالها على سير الأداء بشتى المرافق ، وامن على الايجابيات واصدر حزمة من القرارات والتوصيات تلامس كافة أوجه العمل الحزبي بغرض التصويب والتجويد ..ووقف المجلس علي التراشقات الإعلامية التي حدثت بسبب مقالات القيادي البارز بالحزب الإسلامي الشيخ حامد تركي ، وأكد علي حرية الكلمة والتعبير وقدسيتها ، وأن مساحتها واسعة في الحزب ، ولا يحدها إلا الضمير ومواثيق الحزب وحدود حرية الآخرين ، وممارسة أعضاء الحزب حقهم في التعبير لا يعطي الخصوم الحق في اتخاذها ذريعة للنيل من الحزب ، خاصة وأن المعبّر يقول صراحة أنه رأيه الشخصي ، وليس رأي الحزب الذي يعبر عنه آلياته الرسمية ، في شكل بيانات وتصريحات صحفية .. من جانب آخر وجه المجلس بضرورة تعضيد عمل التحالف ، وأهاب بتنظيمات المعارضة ومنظمات المجتمع المدني الابتعاد عن كل ما من شأنه التأثير السلبي علي التحالف وتماسكه ، والتعاطي مع القضايا الوطنية بروح الإجماع والتشاور والشراكة الحقيقية .. وثمن في نفس الوقت تحركاتها لتعرية النظام خاصة في مضمار حقوق الإنسان ، في المحافل الدولية ..من جانب آخر أكد علي أهمية العمل من اجل وحدة المسلمين للدفاع عن ثوابت المسلمين و المهمشين وحقوقهم السليبة . وذلك بتسريع الخطي نحو عقد المؤتمر الجامع ، وذلك من خلال جبهة التضامن الارترية ومشاركة كافة الفعاليات .. الجدير بالذكر أن مجلس الشورى قد اختار الأستاذ / عثمان إدريس رئيسا له ، خلفا للراحل المغفور له بإذن الله الأستاذ / صالح علي صالح ، والرئيس الجديد له تاريخ حافل في النضال والجهاد منذ الثورة الارترية واتحاداتها الطلابية والحركة الإسلامية الإرترية التي تقلد فيها مناصب عدة بدءا بمنظمة الرواد المسلمين ، مرورا بحركة الجهاد الموحدة ، ثم حركة الخلاص ، وختاما بالحزب الإسلامي بمواقع عدة ، إلي أن اختير رئيسا لمجلس الشورى ، نسأل الله له التوفيق والنجاح في مهمته خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها عمل المعارضة الارترية ، بشكل عام . 23/12/2009م