الابداع الأرتيري يشكو من طوق العزلة المفروضة عليه
27-Jan-2010
الموقع
المصدر : العرب أونلاين أزراج عمر
عن “منشورات البيت” لجمعية البيت للثقافة والفنون، وبدعم من وزارة الثقافة الجزائرية صدرت مؤخرا للأديب الأرتيري الشاب محمود أبو بكر المقيم بالجزائر أنطولوجيا تضم مختارات شعرية وقصصية وروائية أرتيرية.
ومن الأسماء التي تصدرت هذه الأنطولوجيا في مجال الشعر، محمد محمود الشيخ، ومحمد عثمان كجراي، وعبد الرحمان اسماعيل سكاب، وأحمد عمر شيخ وعبد الحكيم محمود الشيخ، وأحمد محمد سعد.أما في مجال القصة القصيرة فقد شارك كل من عبد القادر حكيم، وعبد الجليل سليمان عبي، والغالي صالح وعبد الرحيم شنقب، وخالد محمد طه، وجمال عثمان همد وبخصوص الرواية نجد كلا من أحمد عمر شيخ وأبو بكر كهال وعبد الوهاب حامد.ففي مقدمته لهذه الانطولوجيا الأدبية باللغة العربية أكد الكاتب محمود أبو بكر بأن مختاراته تضم أسماء ونصوصا “متفرقة في أنماطها ومدارسها وأعمارها” ويعترف أيضا بأن هذه المختارات غير شاملة وإنما هي محاولة “لتقديم بعض من النماذج التي قد يجهلها القارئ العربي لعوامل مختلفة”.ويوضح محمود أبو بكر بأن الأدب الأرتيري متعدد اللغات واللهجات المحلية مثل “التجرنية التجري، البلين، الساهو، والعفر، فضلا عن اللغة العربية “التي تعد إحدى اللغات الرسمية والوطنية بأريتريا”. ويشير أيضا إلى وجود الاصدارات “المكتوبة باللغات الأجنبية” مثل الأنكليزية والايطالية.إن أنطولوجيا “مرايا الصوت” تقدم صورة تقريبية للابداع الأرتيري باللغة العربية كرافد من روافد الأدب العربي المعاصر. ويلمّح محمود أبو بكر بما يشبه العتاب إلى سيطرة المركز على الهوامش في الثقافة العربية المعاصرة، ويعني بذلك أن الاهتمام العربي بالأدب الأرتيري باللغة العربية ضئيل سواء على مستوى التناول النقدي، أو النشر، أو التدريس في المنظومات التعليمية من المحيط إلى الخليج. وبهذا الصدد فإن محمود أبو بكر يشكو من طوق العزلة المفروضة على أدب بلاده رغم أنه ليس غريبا أن “تكون اللغة العربية إحدى المكونات الأساسية للثقافة الأرتيرية، وامتدادها الحضاري والانساني، فضلا عن كونها اللسان الفصيح لأحد التشكيلات القومية الأرتيرية الحالية، بالإضافة إلى اعتبارها منذ بدايات الحركة الوطنية الأرتيرية في منتصف القرن الماضي، إحدى اللغات الرسمية لأريتريا المستقلة”.إن المرارة التي يتحدث بها الأديب محمود أبو بكر يمكن تفهم أسبابها مثل النزعة المغلقة والمغرقة في الشرقية الأوسطية بشكل خاص تجاه الآداب التي تنتجها البلدان الهوامش باللغة العربية.إن هذا التهميش والإقصاء الذي يمارس على أدب منطقة القرن الافريقي الناطق باللغة العربية ظاهرة غير صحية، وعامل من عوامل التجزئة، والاهمال للأبعاد الحضارية والثقافية المكونة في الواقع للثقافة العربية بتنوعاتها الجغرافية والإثتية، وتعددية الخصوصيات والتلوينات الفنية في إمتداداتها العميقة. إنه من حق أدباء القرن الافريقي أن يجدوا الآذان الصاغية في المشرق العربي، وفي المنطقة المغاربية وقد تكون هذه الأنطولوجيا بداية لتوطيد العلاقات بين أدباء اللغة العربية حيثما كانوا من أجل المساهمة في كسر الحدود والسدود الفاصلة، وإضاءة الطريق نحو التكامل الثقافي.ويلاحظ أن القصائد التي تضمها هذه الأنطولوجيا تراوح بين النمط التفعيلي، والنمط الكلاسيكي، وقصيدة النثر من حيث البناء الموسيقي. أما من حيث استخدام الشكل واللغة فهناك فنيات تقترب من الإبداعية وذلك عن طريق توظيف الصور المعبرة عن الذات وعلاقتها بالطبيعة وحياة الناس.ومن القصائد التي تستوقف القارئ قصيدة عبد الحكيم محمود الشيخ “صنوك البحر” التي جاء فيها:”في البدء كان الشعر/ أيها الساكن فينا/ سميتك الوطن”، “صوت أم الشهيد يقاسمني العوز والأرصفة”.وكذلك هذا المقطع من قصيدة “مرسى” لأحمد عمر الشيخ “تصحو.. تفتّش ظلّها/يبدو المدى نقشا محاه الغيب والتذكار”.وتبقى القصص القصيرة، والفصول النموذجية الروائية في حاجة إلى وقفة خاصة، وإلى دراسة مفصلة منفردة نأمل أن نعود إليها مرة أخرى.