المعارضة الأرترية وتحديات المرحلة : محمد نور أحمد
7-Aug-2007
المركز
جميل ان لا يستسلم الانسان لليأس تحت وطأة الاحباط، فالأحباط رد فعل طبيعي لكل أخفاق يتعرض له المرء في مختلف مناحي حياته وذلك هو ما ألم بالمعارضة الأرترية خاصة والجماهير الأرترية التي تراهن علي هذه المعارضة عموماً عندما أنقسم التحالف الديمقراطي الأرتري علي نفسه وأفرز كتلتين أطلق عليهما موقع عواتي التكتل الأول وهو الذي تكون من التنظيمات الثلاثة، والتكتل الثاني وقوامه التنظيمات السبعة،
لكن الأخير أفتقد الموضوعية وقتئذ وأنكر الأنقسام وأعتبر التحالف قائم وأكد علي استمراره ووصف التنظيمات الثلاثة بالمنشقة ولا يؤثر ذلك علي مسيرة التحالف، الا أن الجماهير الأرترية بما فيها الكوادر المتقدمة وبعض قواعد مانطلق عليه المحور رقم “2” كانت تعرف الحقيقة، فطالبت المحورين ـ معترفة بأن ذلك أمر واقع ـ بالعمل علي رأب الصدع لأن الانقسام تراجع بدور المعارضة ضد نظام هقدف الجائر خطوات عديدة نحو الوراء، ومايزال النقاش يدور بين الكوادر المتقدمة لمختلف التنظيمات السياسية الأعضاء في طرفي التحالف المأسوف علي انقسامه، نقاشاً جاداً ينقب عن الأخطاء وسبل معالجتها، وعن البدائل السليمة، ووعي دروس الانقسام لتجاوز الأزمة، الي ذلك يعود مانقرأه في المواقع الألكترونية عن تكوين لجان هنا وهناك لاجراء حوار بين طرفي التحالف، للبحث عن مخرج من المأزق الذي وضعت فيه قيادة المعارضة نفسها بغض النظر عن اي طرف له النصيب الأكبر، فقد قيل في ذلك مافيه الكفاية، لأن الانقسام دون أدني شك خيب آمال الجماهير وأنعش آمال النظام في أن المعارضة لن تكون أقل عجزاً في مواجهته مستقبلاً مما هي عليه الآن، والمعروف ان النظام ومكابرة منه لايعترف أصلاً صراحة بوجودها رغم أن نفيه المستمر لها بمناسبة وغير مناسبة يؤكد ضمناً وجودها، بل وحتي مايتسرب من معلومات عن مايجريه من ضغوط بطرق مختلفة علي جارتيه ـ السودان وأثيوبيا لأكبر دليل علي مايحس به من خوف من أنشطة هذه المعارضة في البلدين ولم يتورع من الزج بالقوات الأرترية بدعم المعارضة المسلحة ضد هذين البلدين وما يجريه من مساومات عندما تلوح الفرصة، ولعل آخر ماتداوله الشارع الأرتري هو أشتراط أسياس علي ايقاف اذاعة الشرق مقابل الضغط علي جبهة الشرق التي تنطلق من أرتريا لتوقيع أتفاق مع حكومة الوحدة السودانية، وقد تحقق له هذا الشرط كما أوفي بألتزامه، أما بالنسبة لأثيوبيا فأنه مستمر في تدريب القوي المناوئة لها عسكريا ومدها بالسلاح والترويج لها أعلامياً عبر فضائيته واذاعته واعلامه المكتوب، ولم يتورع حتي بدعم حزب “قنجيت” الأمحري الذي لايعترف حتي هذه اللحظة بأستقلال أرتريا، وقد أضاف الي ذلك كله في الآونة الأخيرة بأحتضانه لتنظيم المحاكم الشرعية الصومالي، وجعل من اسمرا مأماً له، ففضلا عن مده بالسلاح والاستشارات العسكرية عن طريق كوادر عسكرية أرسلها خصيصاً لهذه المهمة وهو ماتكشف عندما تم القبض عليهم في الحدود الكينية ناجين بجلودهم بعد أنهيار نظام المحاكم، أما المد بالسلاح فهو ما أكده مؤخراً مجلس الأمن. جميل ايضاً أن تستنهض الهمم وتبذل الجهود لاعادة توحيد قوي المعارضة لكن هذا الجهد يجب الا يقتصر علي الاعادة المحضة للتوحيد أي العودة الي المربع الأول، انما يجب أن يتم ذلك وفق أسس جديدة وسليمة تعيد العافية لروح المعارضة وتؤمن الفعالية لنشاطها وتعزز تأثيرها علي النظام، واقناع الجماهير الأرترية والرأي العام الدولي والأقليمي بأنها تعمل من اجل خلق البديل الديمقراطي القائم علي المؤسسية، واول خطوة في ذلك ان تبدأ هي بممارسة الديمقراطية والمؤسسية والشفافية وكل المصطلحات التي تنطوي علي نظام حكم القانون، هذا من ناحية، ومن ناحية أخري أن تضع برنامج عمل للحد الأدني الذي يمكن أن تتفق عليه لاسقاط النظام والمرحلة الانتقالية وتتفادي الي أقصي حد ممكن الاختلاف حول مسائل أيدلوجية لأن مكانها هو النظام الديمقراطي والفيصل فيها هو الشعب الأرتري ومن خلال مؤسساته الشرعية التي ينتخبها بأسلوب ديمقراطي نزيه، وفي برنامجها هذا يجب أن تمعن وبدقة متناهية بقدر الامكان مستجدات الأقليم وانعكاساتها علي العالم الخارجي واكتشاف الفرص التي تتيحها للمعارضة الأرترية، وحشد الطاقات والأمكانات المتوفرة لها واستغلالها بشكل جيد وذلك بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب والمبلغ المناسب في المجال المناسب في خطة عملية، بعيداً عن المجاملات الشخصية والحسابات التنظيمية الضيقة، واجتذاب الكفاءات الأرترية أياً كان مصدرها، حزباً أم منظمة مجتمع مدني او الاستقلالية عن اي أطر تنظيمية، مادامت ساحة عمل المعارضة الديمقراطية في حوجة لها، فهذا هو السبيل الأمثل لتخليص المجتمع الأرتري من هذا النظام الجائر. لكن ثمة سؤال عن ماهية أستراتيجيتنا لاسقاط النظام أو اجباره للقبول بالتحول الديمقراطي سلماً.أن عمل المعارضة في المرحلة القادمة اذا قيض لها أن تتوحد ويجب أن يتحقق ذلك، يجب أن يكون اكثر ديناميكية من تجربتها في المرحلة السابقة، فهي علي الصعيد الجماهيري لم تستطع أن تحرك القاعدة العريضة المنتشرة في أروبا وامريكا الشمالية وأستراليا بالقدر الكافي، وحتي أن تكسب الرأي العام في مناطق تواجد هذه القاعدة سواء من خلال اختراق برلماناتها ووسائط اعلامها ومنظماتها غير الحكومية ومنظمات حقوق الانسان وهي السبيل الي ولوج ابواب الحكومات في تلك الدول ولغالبيتها موقف من مصادرة نظام الحزب الواحد في أرتريا لحقوق الانسان وما أصاب البلاد من تردي اقتصادي واجتماعي تفرغ البلاد كل يوم من طاقاتها الانتاجية البشرية بالهروب عبر الحدود الي المجهول، وتطالعنا من حين لآخر منظمات حقوق الانسان ومنظمة صحفيين بلا حدود ببيانات ادانة عن ممارسات النظام الدكتاتوري وعن سجناء الضمير من تلقاء نفسها، وهناك تطور طرأ في المنطقة بالأونة الأخيرة وهو دخول الولايات المتحدة الأمريكية المعركة في الصومال سواء بطريق مباشر بوساطة بوارجها الحربية وطائراتها أو بمساندتها لقوات الحكومة الانتقالية الشرعية من خلال دعم أثيوبيا التي تساند هي الأخري هذه الحكومة، ان هذه الأحداث تشكل عناصر ايجابية لصالح المعارضة الأرترية اذا أستوعبتها وأستثمرتها لصالحها. ءعلي الصعيد الداخلي، لابد للمعارضة من تحدد أهدافها بدقة، بدلاً من تصويب بنادقها بشكل عشوائي، لأن الشعب الأرتري برمته بما فيه أفراد القوات المسلحة ـ باستثناء القلة المنتفعة ـ هي رصيد لهذه المعارضة، بالتالي هي تواجه تحدياً قوياً في قدرتها لمدي استيعابها لهذه القوي، من هنا فأن أي تفكير في لم صفوف المعارضة من جديد دون أن تؤخذ في الاعتبار كل هذه العوامل هو مجرد دوران في حلقة مفرغة.