القادة الجدد والفوضى الشاملة .. السودان وحروب أمريكا في المنطقة : علي اسماعيل العتباني
4-Dec-2007
المركز
صحيفة الرأي العام :4/12/2007م
من الذي أطلق لقب القادة الجدد على «أفورقي» الذي أصبح الآن العدو الأول لأمريكا في المنطقة.. ومن الذي أطلق لفظ القادة الجدد على «زيناوي» و«موسفيني» وأين السياسة الديمقراطية في أي من هؤلاء..
وكلهم صعد الى الكرسي بالسلاح، ويبقى بالسلاح ويحكم في دولة شبه بوليسية.. وليس بينهم من يحمل سجلاً أنقى من السودان. الصاعق الأمريكي دائماً ينزل على منطقة ضغط عالٍ وبحيرة من التوترات.. وغداً ستندلع الحرب «الأثيوبية- الاريترية».. وحرب الصومال والأوغادين.. وحرب الجنوب.. وإدارة السودان بقيادة البشير هي وحدها القادرة علي متطلبات الاستجابة لحريق بحجم الأخدود الافريقي العظيم.. ووحده الرئيس البشير القادر على مواجهة حريق بهذا الحجم. ولتعلم أمريكا أن السودان وحده هو المؤهل للتصدي لمشروع مصالحة «صومالية- صومالية».. ولأن كل الأطراف بما فيهم أثيوبيا تثق في حكومة السودان.. والسودان وحده هو القادر على إدارة حوار حر بين طرفي الأزمة «الاريترية- الاثيوبية».. ولا بديل للسودان إلا السودان.. وإذا كانت السحب الحمراء تحوم فوق القرن الإفريقي فإن الوضع في الجنوب بات أيضاً أشبه بالوضع في الصومال.. وأشبه بالوضع في الأوغادين.. وكأن جون قرنق قد رحل بالأمس وليس قبل سنتين.. وأن تصفية الحسابات تأخرت فقط ولم تندمل الجراح أو تقفل الملفات. إذاً المرحلة القادمة هي مرحلة الرئيس البشير.. وكما يقولون فإن الحجر الذي رفضه البناءون إبتداءً صار عموداً للبناء.. والرئيس البشير سيظل وحده المقبول عربياً وافريقياً.. ووحده القادر نظرياً على تطييب جراح الصوماليين.. والتواصل بين الاسلاميين والحكومة الانتقالية في الصومال برئاسة عبدالله يوسف.. ووحده القادر على جمع زيناوي وأفورقي. ووحده المقبول إقليمياً في اليمن وفي السعودية ومصر وكينيا.. ووحده القادر على لملمة أطراف الجنوب والتنسيق مع أخيه سلفا كير للخروج بوطن موحد يحفظ استقرار المنطقة. والعقدة فقط تظل في كل هذا التحرك الخارجي الذي تنتظر الرئيس البشير هي أمريكا.. فهل أمريكا قادرة على التعامل مع هذه اللحظة.. والتعامل مع الرئيس البشير.. أم أنها تريد انفجار المنطقة.. وما هو بديل أمريكا في التعامل مع الرئيس البشير.الفوضى.. الشاملة ونذكر الإدارة الأمريكية بأن القرن الافريقي أصبح على أبواب فوضى شاملة.. وها هي الأنباء تترى من الصومال بعد الإطاحة بالرئيس «غيدي» وبعد أن أعطته أمريكا حق اللجوء السياسي له ولأسرته.. وأن الرئيس الجديد «نور» الذي نتمنى له التوفيق رافض للتدخل الأثيوبي.. والآن فإن الجيش الأثيوبي وصل تعداده في الصومال ستين ألفاً.. كما أن أضخم إنجاز اقتصادي وبيئى لأثيوبيا وكنا نتمنى أن يتحقق ليصبح إنجاز القرن هو استخراج الغاز في الأوغادين الذي تلاشت آماله.. ذلك أن التكاثر الاثيوبي استنفد كل مخزون الغابات في اثيوبيا، وأصبح يعتمد على «الحطب» كارثة حقيقية.. فكان البديل ذلك المشروع الاستراتيجي في استخراج الغاز على يد الصينيين من الطبقات الغنية بالغاز في الأوغادين ولكنهم حطموا هذا المشروع تحت ضربات الحرب الأهلية والصراع فيما يُعرف بالمنطقة الخامسة.. والآن تعيش الأوغادين شبه احتراق.. ولا تتحرك القوافل إلا بدعم وتغطية من الجيش.. إذاً حريق الصومال أثر في اثيوبيا. أثيوبيا واريتريا كما أن الوضع الحدودي بين اثيوبيا واريتريا متأزم، وأصبح بالغ التعقيد.. وقد ذكرنا هذا من قبل.. وها هي زيارة «كونداليزا رايس» لاثيوبيا تؤكد هذا الحديث.. ومن المؤكد أن وزير الخارجية الأمريكية تذهب الى اثيوبيا وتحمل في ملفاتها أخباراً غير سارة لزيناوي.. وتريد من زيناوي ان يصل الى توافق مع المعارضة الاثيوبية.. وتريد منه ان ينسحب من الصومال.. وأن يركز في أوضاعه مع اريتريا.. والحرب بين أثيوبيا واريتريا بدأت لأن الحرب أولها كلام.. وها هي اريتريا توقف قنوات كاملة لتبث حرب القوميات في اثيوبيا.. فهنالك قناة للعفر وقد رأينا الوفد الفرنسي البريطاني الذي اختطف في إقليم «واسا» العفري الاثيوبي وقد تم تحريره في اريتريا.. وقد رأينا أن اريتريا خصصت قناة فضائية أخرى للأرومو.. وقناة للأمهرا.. وقناة للمنقسمين من التقراي.. واثيوبيا لن تسمح لاريتريا باللعب بحرب القوميات في اثيوبيا.. لأن اللعب بورقة القوميات معناه تفكك أثيوبيا. والآن الأمهرا أو ما يسمى بالشفتة بدأوا حربهم.. وبعض فلول التقراي بدأت حربها.. وكذلك تظل المناطق حول «هرر» ملتهبة.. وبعد سنتين ستكون هناك عودة للإنتخابات في اثيوبيا.. ولن تستطيع أثيوبيا ان تواجه كل هذه الضغوط. ولذلك ترتفع الآن أصوات قوية داخل الجيش الاثيوبي بضرورة غزو اريتريا وتصفية الأمور معها.. وستكون هذه إن حدثت، حرب مفاجآت.. وستكون صعبة.. وحتى ان استطاعت اثيوبيا كسر ظهر اريتريا.. إلا أنها كذلك ستجد نفسها أيضاً وقد كسرت ظهرها.. لأن الحرب لدولة ضعيفة اقتصادياً كأثيوبيا.. دولة ذات «80» مليون نسمة.. ليس الحرب من أولوياتها ولا من أجندتها.. فإن الحرب لا محالة ستأكل اقتصادها وستجعلها عرضة للهزات الكبيرة. من الخاسر.. إذاً، المرشح إذا اندلعت الحرب فسيكون الخاسر هما النظامان في اثيوبيا واريتريا.. وسيكون الخاسر الأكبر سياسة الولايات المتحدة الأمريكية.. وسيستطيع الديمقراطيون أن يهزموا الجمهوريين بورقة القرن الافريقي.. وبورقة الحرب العراقية.. وبورقة ما يجري في أفغانستان.. بل أن ذلك يهدد حتى السلام في السودان.. ولذلك سيذهب كل الرصيد الأمريكي هدراً. ولهذا نقول ليس من أجل الانتخابات الأمريكية.. وليس من أجل الجمهوريين.. ولكن من أجل السلام في الإقليم.. ومن أجل السلام في جنوب السودان.. ومن أجل السلام في الأوغادين ومن أجل السلام في الصومال.. ومن أجل السلام بين اريتريا واثيوبيا فإننا نؤمن بأن الله سبحانه وتعالى له تقديرات فوق البشر. فإن منطقة القرن الإفريقي بما فيها السودان مشمولة برعاية الله وعنايته.. لقوله تعالى: «ونريد أن نَمُنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونُري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون» «صدق الله العظيم» «الآيتان: 65 – القصص». ونقول إن رجل المرحلة في هذه المنطقة هو الرئيس البشير، لما تنعم به بلاده من استقرار اقتصادي.. ومن قدرات اقتصادية.. ومن سمعة سياسية طيبة.. ولذلك يبقى الرئيس البشير وحده المؤهل لحل عقد المنطقة.. فهل تسمح أمريكا.. وهل ستعطي فرصة للسلام أم تجر المنطقة كلها الى حرب لا تُبقى ولا تذر.