كلمة إرتريا : وطن ينزف حتى الموت ؟!!!*
26-Mar-2008
المركز
تتحدث الأرقام عن أكثر من 2000 ارتري لجأوا بطرق غير مشروعة إلى اسرائيل في العامين الماضيين ، وهو رقم كبير بكافة المقاييس مقارنة بسكان ارتريا ، أو سكان اسرائيل ذاتها ،
أو بمنظور عبورهم عبر الحدود المصرية ذات الرقابة الصارمة ، ولأن العدد بهذا الحجم فان النظر الى تداعياته تختلف من موقع الى آخر ، ففي حين تنظر اليهم مصر والدول العربية باعتباره مهدد للأمن القومي العربية واخلال بموازين المنطقة الديمغرافية ، تنظر اليهم اسرائيل وفق قوانين الهجرة غير الشرعية التي تشكل تهديدا للعالم الغربي باكمله ، أما نحن في ارتريا فننظر اليهم بأعتباره رحيل شعب وهجر وطن ينزف خيرة شبابه حتى آخر قطرة في شراينه ، ومما لا شك فيه أن النزيف يؤدى الى الموت وهو ما ينتظر ارتريا في ظل الأوضاع الحالية ، والمفارقة أن الالاف من شبابنا قد ضحوا بارواحهم إبان الكفاح المسلح لتحيا إرتريا ، وجعلوا من دمائهم وقودا لتظل شمعة الوطن متقدة ، ولكن شتان بين الأمس واليوم .والحال كذلك فإن الجميع متضرر من هذا الواقع ، ولكن لا أحد يريد أن يصيب كبد الحقيقة ليتحدث عن تلك الأسباب التي أوصلت بلادنا الى هذا الحال ، مع أن هذه الحقيقة أوضح من الشمس في رابعة النهار وهي متمثلة في هذا النظام الجاثم على صدر شعبنا ، وهو نظام إرتكب من الجرائم في حق الوطن والشعب مما لا نستطيع رصده في هذه المساحة ، ولكن كبرى جرائمه كانت بحق المستقبل حيث أوصل الشباب في بلادنا الى محطة فقدوا فيها الأمل في كل شئ ، ومعلوم أن الأمل هو وقود الحياة ، وحينما تنظفئ شمعة الأمل تسود الدنيا ولا يدري المرء معالم الطريق فيمضي دونما هدف وغاية ، وهو ما يحدث في إرتريا اليوم .كل باخرة تغرق في البحار فيها إرتريون ، وكل هجرة غير شرعية فيها منهم عدد ، وكل مجموعة يلقى القبض عليها في الحدود المصرية أو تلقى حتفها غالبيتها من إرتريا .كل هذا والعالم المتضرر من حولنا لا يحرك ساكنا ، ومتى تلجأ تلك الدول الى الحلول الاستراتيجية بأن تقول لهذا النظام كفى ممارسة بحق شعبه وجيرانه والإقليم من حوله ، نحن لا نطالبهم من منطلق مبادئ حقوق الإنسان العالمية وإن كان ذلك من حقنا ، نحن نخاطبهم بلغة المصالح المشتركة والنظرة بعيدة المدى لمستقبل المنطقة ، ولا نطالبهم بالضرورة بإسقاط النظام أو معاداته ولكننا فقط نطلب منهم الوقوف مع الشعب وقطع العلاقات بالنظام أو إجباره على تغيير سياساته تجاه شعبه وجيرانه والإقليم .عذرا أن جاءت لغتنا حادة أومباشرة فنحن وطن ينزف حتى الموت ولا يوجد عاقل يحجر على الجريح الصياح .* نشرت في صفحة رسالة إرتريا في صحيفة الوطن السودانية -21مارس2008م