في النضال ضد الدكتاتورية كل الوسائل مشروعة
7-Oct-2005
الجبهه
القوة عنصر ضروري في عملية تغيير أي نظام واستبداله بآخر ، بيد أن القوة لا تعني بالضرورة قوة السلاح ، بل يجب أن نفهم أن القوة تكمن في المقام الأول في الحصول على دعم الشعب وتأييده ، ذلك أن أي تغيير لا تسنده قوة التأييد الشعبي لن يكون ممكنا ، وإذا صادف أن تحقق فلن يكتب له الاستمرار ، لذا من السذاجة أن نعتقد أن كل نضال في سبيل التغيير بالقوة أو الوسائل السلمية غير مدعومة شعبياً بإمكانه أن يحقق نتائج إيجابية .
على مستوى العالم سواء كان في الماضي أو الحاضر حفظت سجلات التاريخ تغييرات عديدة ، منها ما تحقق بالوسائل السلمية ، ومنها ما اتخذ وسيلة القوة ، فمن قبل أدت الاضطرابات ذات الطابع الجماهيري غير المسلح إلى سقوط نظام الشاه في إيران والأنظمة الشيوعية في شرق أوربا ، وفي أيامنا هذه أيضاً هناك ما عرف بالثورة البرتقالية والتي أدت أحداثها في أوكرانيا ، جو رجيا ولبنان وغيره إلى تغييرات فرضتها إرادة وقوة جماهير الشعب ، ومن جانب آخر أدت المواجهات المسلحة إلى تغييرات أساسية في كلِّ من إرتريا ، رواندا ، بوروندي ، السودان والكنغو ، وحتى دول الغرب المعروفة بدفاعها عن الديمقراطية والسلام اتخذت القوة أو السلاح وسيلة للتغيير في كل ِّ من أفغانستان والعراق ، وما الخلافات الطفيفة التي تبرز أحياناً بين تلك الدول الغربية كالموقف الأوروبي الذي يرى ضرورة إلباس أي تغيير خارجي سلمي أو عنيف لباس الشرعية الدولية المتمثل في الحصول على موافقة الأمم المتحدة ، أو موقف الولايات المتحدة الأمريكية الذي لا يرى ضرورة ذلك ويجيز لدولة واحدة بمفردها القيام بذلك التغيير إلا خلافات تكنيكية ثانوية ، يضاف إلى ذلك أنه وفي الشهور القريبة الماضية اتخذت كلُّ من الدول الغربية والاتحاد الأفريقي مواقف تدين انقلاب موريتانيا الأخير ، ثم لم تلبث أن غيرت مواقفها منه لتعترف به .كل ما تقدم من حقائق تاريخية أو راهنة ، يدل أن أسلوب النضال يتحدد وفقاً لعوامل الزمان والمكان والثقافة السائدة ، إلى جانب مؤثرات وحسابات أخرى سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية ، دبلوماسية و أمنية ، وتحديد الوسيلة النضالية ، سلمية كانت أو عنيفة ، بدون أخذ تلك العوامل والمؤثرات في الحسبان والاعتبار ليس كافياً لجلب التغيير المطلوب ، ليس من الموضوعية أن نعتبر أمراً مسلماً به أن تجربة التغيير السلمي الذي جرى في إيران في 1979م يمكنها أن تتكرر في إرتريا ميكانيكياً ، ذلك لأن إيران ليست إرتريا وأن ما كان سائداً من ظروف في 1979م لم يعد سائداً في 2005م ، فعند تقييم التجربة الإيرانية والحكم على موضوعية أو عدم موضوعية أسلوب الكفاح السلمي الذي أتخذ لتغيير نظام الشاه عليك أن تأخذ في الاعتبار الظروف التي كانت سائدة يومها ، والتي منها انقسام العالم إلى معسكرين قويين متوازيين ، الأيدولوجيا الإسلامية التي كان يمثلها ويقودها الخميني ، حصول الشعب الإيراني على دعم وتعاطف واسعين ، وأخيراً إدراك أمريكا ودول الغرب عامة أن نظام الشاه قد أصبح منبوذاً وأنها لم تكن ترغب والحال كذلك أن تغامر بالدفاع عنه ، أو ربما أدركت أن قوتها لا تسمح لها بالدفاع عنه وهو في تلك الحالة المتأخرة ، وقيام الخميني بقيادة الثورة في إيران من مقره بفرنسا يدل في حد ذاته على أن الدول الغربية حينها كانت على الأقل تتخذ من الشاه موقفاً حيادياً ، واتخاذ معيار مماثل للقطع بصحة وموضوعية الأسلوب المسلح لإجراء التغيير في إرتريا قياساً على نجاحه في السابق في إرتريا نفسها ودول أخرى مشابهة لها كالسودان ورواندا ، يعتبر هو الآخر أمراً جزافياً ، إذ ليس ظروف الأمس اليوم ، والظروف الراهنة السائدة في إرتريا وتلك البلاد تختلف عن تلك التي كانت سائدة بالأمس .لا نستطيع أن نجزم أن أحوال الشعب الإرتري في مختلف المجالات والتي كانت سائدة قبل ثلاثين عاماًُ هي ذات أحواله السائدة في يومنا هذا ، فحصاده السلبي والمرير من كفاح وتضحيات الثلاثين عاماً وما تركه عليه من آثار سالبة ليس أمراً يمكن التقليل من شأنه ، لقد فقد الشعب ما كان يكنّه من الثقة بقادته . من ناحية أخرى لا يرغب النظام الدكتاتوري في إرتريا في سماع أية آراء مخالفة لرأيه ، ولم يقدم على أية خطوة إيجابية ولو من باب المجاملة والخداع ، وكل من يتجرأ بإعلان رأيه المخالف ، أياً كان ، فرداً أو مجموعة أو تنظيم لا يجد من النظام إلا التصفية أو الطرد أو الاعتقال ، ولذلك فمن وجهة نظرنا نحن جبهة التحرير الإرترية ـ المجلس الثوري أو من وجهة نظر التحالف الديمقراطي الإرتري نرى أن اتخاذ أي نوع من أنواع الوسائل أو الأساليب النضالية في مواجهة نظام بهذه الصفة يعتبر أمراً مشروعاً وعادلاً ، وإذا أردنا أن نجرى التغيير في إرتريا ، على القوى المعارضة أن تعمل بكل ما في وسعها من وسائل سلمية أو حربية على تأكيد وجودها بين شعبنا في الداخل ، إذ ليس هناك من تغيير يجرى بالتحكم من بعد ، وكل قوة تحاول الوقوف أمام تحقيق هذا الهدف يحق لقوى المعارضة أن تواجهها بكل ما تملك من قوة وما تستطيع من وسائل ، إذاً فالأمر يتحدد بعوامل وجود القدرة على ذلك أو عدم وجودها ، وجود الرغبة الشعبية في ذلك أو عدمها ، ما عدا ذلك ليس هناك من حجة أو منطق قوى يؤيد رفض استخدام القوة أو العنف ، من المهم أيضاً ان ندخل في التقدير التساؤل عن من المسئول عن حفظ الأمن والاستقرار في البلاد في حدوث انهيار أو سقوط مفاجئ للنظام ناتج عن ظروفه وعوامله الذاتية ، وما العمل إذا حدث وأن تحول الجيش النظامي إلى مليشيات وشراذم متصارعة تحت إمرة جنرالاته المتشاكسين ، هل نصبر عليهم حتى يحققوا لنا الأمن والسلام ؟؟؟؟؟؟!!!!!! إننا في جبهة التحرير الإرترية ـ المجلس الثوري نرى أن تعدد الجيوش يخلّف آثاراً وتبعات ضارة على الشعب ، ولذلك نناضل في سبيل إيجاد جيش وطني واحد ، إذ لن يتأتى لنا تحقيق التغيير في ظل التعدد العسكري للتنظيمات المعارضة ، ولهذا نعتبر إقامة جيش وطني واحد هدفاً من الأهداف التي نناضل من أجلها ، ونعتبر مصادقة القيادة المركزية للتحالف الديمقراطي الإرتري في دورة اجتماعاتها الثانية على هذا الرأي إنجازاً إيجابياً يستحق الإشادة به ، كذلك لن يتحقق التغيير لا سلماً ولا حرباً في ظل الوضع الحالي للمعارضة والمتمثل في تشتت وتباين الآراء والمواقف ، فلابد أن تتوحد التنظيمات التي تتفق في الآراء والمفاهيم ، و لا شك أن ذلك سوف يحدث انعكاساً إيجابياً قوياً في حماس ومعنويات الشعب .ختاماًً يجب أن نعلم جيداً ان أغلب الشعب اليوم لا يقف إلى جانب الحكومة ولا إلى جانب التنظيمات المعارضة ، لا إلى جانب المتمسكين بالوسائل السلمية ولا إلى جانب من يفضلون الوسائل المسلحة ، فالمطلوب الآن العمل على كسب هذا الشعب إلى جانب المعارضة عبر وسائل سياسية تعبوية مدروسة ومكثفة ، وبعد عملية كسب ودّ الشعب وجذبه إلى جانب العمل المعارض تأتي عملية التفكير في اختيار الوسائل النضالية التي تتلاءم مع الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية ، والعوامل المساعدة سياسياً ، ودبلوماسياًً وأمنياً . جبهة التحرير الإرترية ـ المجلس الثوريمكتب الثقافة والإعلام4 / 10 / 2005م