إسياس أفورقي في حواره مع وسائل إعلامه يصف الدواء لغيره وهو سقيم
27-Nov-2005
التحالف
مكتب إعلام التحالف الديمقراطي الارتري
لم يكن الحوار الذي أجراه جهازا الراديو والتلفزيون الارتريان مع الرئيس إسياس أفورقي في 19 / 11 / 2005م علي مستوى التوقعات المرجوة منه، كما خلا الحوار من إضافة أي جديد علي ما ألفنا سماعه من فخامته، ويمكن اختصار إفاداته في الآتي: ارتريا تسلك الطريق الصحيح، اوضاع الشعب الارتري بخير، حكومة الاهودق هي التي تعاني وليس حكومته، المجتمع الدولي يتواطأ ضدنا ……..الخ
ذلك الاسلوب الدعائي الاستهلاكي الفارغ، لم يشغل نفسه بالحديث عن النظام الديمقراطي، حقوق الإنسان، سجناء الرأي والضمير، الدستور، الانتخابات وغير ذلك من الأسئلة التي تشغل أذهان الارتريين، وبدلاً من التحليل الصحيح للأوضاع والأزمات الارترية والبحث عن وضع الحلول لها أحالها الي مشجب الأسباب والعوامل الخارجية، فمثلاً عزا أسباب الندرة الحالية في المواد الاستهلاكية الضرورية الي عاملين هما: حداثة التجربة الاستقلالية لارتريا وقصر فترة حكمه التي قدرها بعشرة أعوام فقط وما أسماه بغزو الوياني وما مارسه من نهب، وحتى هروب الشباب الارتري وتركه بلاده نسب أسبابه الي الوياني وعملائه، وبعد قليل تراجع عن ذلك السبب الذي ساقه في تبرير هروب الشباب ليقول أن الهروب في مثل هذه الظروف طبيعي ومتوقع واستدلّ علي ذلك بأن 140.000 من الامريكيين هربوا الي كندا هرباً من التجنيد في حرب أمريكا في فيتنام، ولكنه عاد واتهم الهاربين بالخيانة ونقص الإحساس البطولي.وقد انصب معظم خطابه وشرحه المطول في تفصيل ما قال إنها أخطاء الوياني الاستراتيجية، وذكر من ذلك الآتي: 1-محاولة الوياني إظهار شعب التجراي بأنه على الرغم من قلة عدده وصغر حجمه قد تفوق علي القوميات الاثيوبية الكبيرة ومن ثم زرع التفرقة بين تلك القوميات.2-إشعال الوياني للحرب مع ارتريا.3-اعتماد الوياني على القدرات والمساعدات الخارجية بدلاً من الاعتماد علي نفسه. وما يحاول الإيحاء به هنا من خلال مثل هذا الحديث هو أن إسياس لم يشعل الحرب، وأن ارتريا تعتمد علي نفسها ولا تعتمد علي المعونات الخارجية، وتقويةً لحجته هذه أردفها بشن الهجوم الشديد علي الجهات المانحة، حيث وصف منظمات الإغاثة بأنها تسير وفق أهوائها الذاتية دون الالتفات الي الأسباب الإنسانية، تعمل في سبيل مكاسبها الذاتية، تحت غطاء الدين ومبررات أخرى تمارس أعمالاً استخبارية، إنها تبيع وتقايض مثلها مثل أية مؤسسات تجارية ربحية….الخ.وعلي الرغم من كثرة أخطاء نظامه إلا أن إسياس لم يشأ الحديث عن ذلك، ويمكننا ذكر الآتي من أخطاء إسياس الاستراتيجية:ــ 1-تعطيله للعملية الديمقراطية في ارتريا بحجة عدم السماح بما أسماه (( مهرجان تنظيمات )) (( حشويي ودّبات )) وحله لخلافه مع كل من يبدي رأياً مخالفاً له بالتصفية الجسدية أو الاعتقال.2-تورطه في غزو بادمي انطلاقاً من فهمه الخاطئ للوياني واعتباره مجرد صنيعة له وأنه القادر علي إزالة حكمه، وأن بقية القوميات الاثيوبية سوف لن تقف مع الوياني، ثم خطأه الأكبر برفض المناشدة العالمية له بالانسحاب منها وإيجاد حل سلمي وقانوني للقضية.3-قطعه العلاقة والصداقة العريقة مع السودان وخلق التوتر معه بحجة أن ما أسماه نظام الجبهة الاسلامية بالسودان يقوم بتصدير أفكاره الي بلاده. 4-إشعال الحرب مع اليمن بحجة النزاع علي ملكية جزر حنيش.5-محاولته تعطيل الدستور الذي أعده وأقره بنفسه، واعتقاله زملائه في السلطة ممن طالبوا بإنفاذ الدستور الي جانب اعتقال الصحفيين والأعيان والشيوخ الذين حاولوا رأب الصدع بين أطراف النظام.6-العمل علي إدخال الأديان والمؤسسات الدينية تحت سيطرته المطلقة.7-احتكاره العمل الاقتصادي والتجاري وتسخيره في خدمة مآربه الذاتية.وعندما سئل عن الندرة الحادة في المواد الاستهلاكية الضرورية قال: إن هذا شأن عالمي مشترك تسبب فيه غلاء الأسعار عالمياً، كما أن خبث التجار لعب دوراً ليس بالهين في ارتفاع الأسعار، بيد أن الواقع ينطق بنفسه ولن تفلح محاولات إسياس ونظامه في إخفاء عوراته، فالحقائق تقول: ثلث شعبنا قد تشرد من مواقعه التي كان يعيش بها، ثلثا الشعب يعتمد في معاشه اليومي علي تلقي الإغاثة، مغادرة عشرات الآلاف من الشباب البلاد في سيل هجرة الي الخارج، أما مغالطة هذا الواقع الناطق إن دلت علي شيء فإنما تدل علي خداع النفس ومراوغتها، وإذا نظرنا الي السودان فقط لا توجد هناك ندرة في المواد الاستهلاكية بأنواعها، فقد ولّى زمان البطاقة التموينية في السودان بينما يعمل به في ارتريا اليوم، ورغم كل ذلك نرى النظام يشتم غيره من أصحاب الفضل عليه وعلى شعبه مثل منظمات الإغاثة التي يردد عنها الأوصاف غير اللائقة ويهدد بمقاطعتها والاعتماد علي الذات وغير ذلك من التبجحات والترهات التي ليست بحاجة الي وعي سياسي لإدراك خطلها وجنونها، إن العزلة عن العالم والاستغناء عنه في عصر القرية الكونية الواحدة ما هو إلا محاولة لنفخ روح العجرفة الغبية في أشرعة الشعب وسوقه الي الهاوية وهو تحت تأثير هذه السكرة العاطفية الكاذبة. أما عن الحرب مع اثيوبيا فقد قال: بما أن حكومة الوياني في أزمة فلا نرى سبباً لأن نكون نحن المبادرين بالحرب، لن نساعد الوياني في تحويل وجهة الشعب الي الحرب، ثم لم يلبث أن تراجع وقال: إننا صبرنا مدة ثلاث أعوام ونصف العام، وأن للصبر حدود، وميثاق الأمم المتحدة يتضمن حق الدفاع عن النفس، مما يوحي بوجود احتمال تورطه في البدء بشن الحرب.ومن خطله الأكبر أن يحمل هجرة الشباب وتسربه من بين أيديه لجهاتٍ خارجية ثلاث هي نظام الوياني والمجتمع الدولي ومن يسميهم بالخونة وهم الذين لا يخفون معارضتهم له في الداخل أو الخارج، ولكن الحقيقة الناطقة التي لا تحتاج الي كثير شرحٍ ولا الي خطبٍ توضيحية هي أن هجرة الشباب وتركه الوطن بهذه الكميات المهولة إنما يعود في المقام الأول الي سياساته الخاطئة والكلية الخطأ، ولولا الفشل الأسطوري الشامل لهذه الحكومة لما غادر أحدٌ البلاد، بل لعاد من كان مهاجرا، وما جعل مثل هذه الأحلام تتبخر ليس القوى الخارجية ولا المعارضة الوطنية إنما هو النظام الدكتاتوريّ، ومن العجيب أن لا يهتم إسياس بإيراد الأرقام مما كان يحتاج الي الاستدلال بالأرقام من قضايا تخللت حديثه ثم إذا بنا نراه يورد الأرقام في مجال هجرة الشباب ليدلل علي أن هجرة الشباب طبيعية في ظل الحروب وأتى بالرقم المذكور آنفاً عن هجرة الامريكان الي كندا تهرباً من خوض الحرب في فيتنام، ولكنه في ذات الوقت وصف الشباب المهاجر بالخيانة، واكتفى بهذه الأرقام التي يأمل أن يخدع أو يخدر بها الشعب، ولكن السؤال المثار حول رقم ال 140.000 هو ما نسبة هذا الرقم بالمقارنة الي عدد السكان أو حجم الجيش في البلد المشار اليه؟؟؟ فهروب 140 ألف من 250 مليوناً أمريكياً يعني ان الهرب لم يتعد الواحد من كل 1786 شخصاً، أما في ارتريا فإذا أخذنا أقل تقدير لعدد الشباب الهارب علي أنه ثلاثون ألف شاب من جملة سكان ارتريا الثلاث ملايين فإن ذلك يعني أن واحداً من كل مائة (( 100 )) يهرب، ولذلك ووفقاً لمقياس الأرقام والنسب فإن نسبة الهرب في ارتريا أكبر من نظيرتها الامريكية، علماً أننا لم ندخل في هذه الاعتبارات الحسابية عوامل أهداف الحرب في كلا البلدين ولا إمكاناتهما المادية والبشرية. إن الأرقام كان المفترض أن يأتي ذكرها كأدلة علي ما تحقق بالفعل وليس علي ما هو متوقع، ذلك أن تجاوز الواقع والتعامي عنه ومحاولة التنظير والتنبؤ حول المستقبل ليس إلا استخفافاً بعقول الشعب وإن كان ذلك أمراً غير ممكن، وأحوال ارتريا ناهيك في ظل النظام الدكتاتوري وأساليبه الإدارية القاصرة بل لا أحد يرى أنها سوف تتحسن في مدة وجيزة حتى علي يد نظامٍ ديمقراطيٍّ متطور، ومن يتوقع غير ذلك فلن يكون إلا حالماً وسطحيّ التفكير. إن تراجع النظام عن إنكار دور المعارضة واعترافه بدورٍ لها في تهجير الشباب إنما يدل علي مدى قلقه وانزعاجه من تأسيس التحالف الديمقراطي الارتري ونشاطاته المتنامية، كما يؤكد ذلك أن محاولات دفن النظام رأسه في الرمال لن تكون مجديةً في إخفاء تلك الرأس، ولذلك لابد للنظام من التعامل الجاد مع المعارضين وكل العملية الديمقراطية بدلاً من الإصرار علي التعامل مع هذين العاملين بإنكار الوجود أو إطلاق التهم والشتائم المجانية. إن تعليق الفشل الذاتي علي مشجب الآخرين والانشغال بإحصاء أخطائهم بدلاً من الالتفات الي النفس لن يدفع أحداً خطوةً واحدةً الي الأمام، إن محاولة ترصد الآخرين والتعقب الدائم لأخطائهم لن يفيدك في معالجة أخطائك، ولا في التخلص من عيوبك، ولذلك علينا نحن الارتريين أن نلتفت الي مشكلاتنا في المقام الأول، وبنفس القدر علي الآخرين أيضاً أن يلتفتوا الي مشكلاتهم، وعندما يقوم كلٌّ منا بواجبه المطلوب تجاه نفسه بالشكل الكافي والمطلوب يحق لنا عند ذلك أن نتحدث عن الآخرين وأن ننتقدهم أو أن نقدم العون والمشورة.