تشاد.. اريتريا.. السودان بين التطبيع والخروقات: عبدالملك النعيم
13-Jul-2006
المركز
نقلا عن صحيفة الوطن
عندما استقبلت الخرطوم في الربع الأول من هذا العام الوفد الوزاري الأريتري برئاسة وزير الخارجية وانعقدت اجتماعات اللجنة الوزارية إعتقدنا في ذلك الوقت أن هذه الخطوة لابد أن تتبعها خطوات سريعة لتطبيع العلاقات بين السودان وأرتيريا والتي إنقطعت هي الأخرى على إثر إتهامات أريترية لحكومة السودان ثبت أنها لا توجد على أرض الواقع..
وإعتقدنا ايضاً أن أريتريا ستعلن رفع التمثيل الدبلوماسي على درجة السفير وتبدأ بعد ذلك إعادة كل ما سلبته من حكومة السودان بدء بمقر السفارة السودانية في اسمرا ومروراً بإبداء حسن النية العملية على أرض الواقع وأعني بذلك التوقف عن كل عمل عدائي تقوده أريتريا ضد السودان أو تساعد فيه الحركات المتمردة والجماعات المعارضة لحكومة السودان سواء أكان ذلك بالإيواء أو بتقديم الدعم اللوجستي أو المعنوي أو تأليب بعض دول المنظمة العالمية في كل ما يعني السودان.. للأسف شيئاً من ذلك لم يحدث رغم التصريحات والزيارات المتبادلة حتى جاءت زيارة الرئيس الأريتري اسياسي افورقي إلى الخرطوم دون مقدمات تقود نتيجتها المنطقية إلى زيارة أفورقي ولكن ربما كان في أمر زيارته موضوعات خارجة بعيدة عن تطبيع العلاقات أو حتى رعاية مفاوضات الشرق في العاصمة الأريترية أسمرا تماماً كما جاءت زيارة رئيس جمهورية جنوب افريقيا ثابومبيكي مؤخراً إلى الخرطوم والتي مظهرها العلاقات الثنائية والقضايا ذات الإهتمام المشترك إلا أن جوهرها هو محاولة إقناع حكومة السودان بقبول القوات الدولية ولكنه كما تابعنا في المؤتمر الصحفي المشترك خرج “بخفي حنين” بعد إعلان الرئيس تمسكه بالرفض وتعهده بقيادة المقاومة في حالة دخول القوات الدولية..وجاءت “الطامة” من أريتريا بعد زيارة لرئيسها للسودان بإعلان ما سمت نفسها “جبهة الخلاص الوطني” تكوينها في اسمرا من المجموعات والحركات الرافضة لإتفاق أبوجا في نفس الوقت الذي تدعي أريتريا أنها تستضيف مفاوضات ووساطة بين الحكومة وجبهة الشرق.. وطرحنا سؤالنا لم نجد له إجابة حتى الآن وهو هل يستقيم عقلاً بأن نستوعب أن أريتريا التي تشعل نار الفتنة والحرب في الغرب خاصة بعد الهجوم على حمرة الشيخ في شمال كردفان من نفس المجموعة المدعومة من أريتريا يمكن لها أن تحقق السلام في الشرق؟ لا أعتقد.. وهل هي مؤهلة لذلك؟.. طالبنا وما زلنا نكرر بأن أريتريا التي تأوى وأوت كل الجبهات المسلحة ضد السودان ليست بالدول الأمنية على تحقيق السلام في السودان بذلك الواجب أن توقف الحكومة الآن وقبل الغد الوساطة الأريترية في قضية الشرق..ينسحب نفس الحديث وبدرجات متفاوتة على جارتنا في الغرب وأعني تشاد التي وثقت فيها الحكومة وجعلتنا وسيطاً في مفاوضات أنجمينا الأولى والثانية بينها وبين حركات دارفور المتمردة وذلك لأن علاقات خاصة تربط تشاد بهذه الحركات وإنطلاقاً من العلاقة الأصلاً موجودة بين تشاد والسودان رأت حكومة السودان أن تشاد يعتبر وسيطاً مفضلاً غلا أنها فشلت وكررت الفشل بعد إعلان طرابلس لرأب الصدع بين السودان وحكومة دبي.. ولم تكن بأحسن من اريتريا لأن وفد الشريف عمر بد الذي كان يفاوض في أنجمينا قد فوجئ بأن حركات التمرد تشن هجوماً على مطار الفاشر وتحرق الطائرات قبل أن يصل الوفد إلى الخرطوم وقبل أن تطوي مراسم الدولة في تشاد بساط الرئاسة الذي وقعت فيه الإتفاقية.. وتلت بعد ذلك أحداث كل سالبة ليس آخرها طرد البعثة الدبلوماسية وإحتلال السفارة بواسطة حركة العدل والمساواة وأخيراً غعلان قطع العلاقات وسعي تشاد لتأليب الدول الأفريقية لإبعاد رئاسة الإتحاد الأفريقي عن السودان ثم أخيراً دعم الإتجاه الدولي لدخول القوات الدولية..تلك هي الصورة الحقيقية لمسرح العلاقات بين الحكومة وأريتريا من ناحية وبين الحكومة وتشاد من الناحية الأخرى.. وفي ظل هذه الظروف وبعد لقاء المشير البشير بالرئيس دبي في مؤتمر قمة الإتحاد الأفريقي في بانجول رأى أن يتم تطبيع العلاقات وجاء مبعوث الرئيس التشادي وسلم رسالته وأطلقت التصريحات الإيجابكية.. ولكن قبل أن يطبع السودان علاقاته مع تشاد ماذا جنى من إبداء حسن النية بتطبيع علاقاته بأريتريا؟.. وهل تشاد فعلاً جادة وحريصة أم أن المسألة لا تعدو كونها ضغوطاً تعيشها تشاد ورأت أن الحل في غعادة علاقاتها مع السودان حتى إن لم تقدم للسودان شيئاً؟!!.. البداية الحقيقية للدولتين هي طرد كل الحركات والجبهات المعارضة والمتمردة ضد وعلى حكومة السودان من اراضي الدولتين حتى تبدأ الحكومة الحديث عن تطبيع فليكن هذا هو الشرط الأول والوحيد قبل أي حديث عن التطبيع..