مجزرة عدي أبيتو لن تقيد ضد مجهول !! : عبدالله محمود
11-Nov-2006
المركز
مرت بنا خلال الأسبوع الماضي الذكرى الثانية لمجزرة عدي أبيتو التي نفذتها السلطات الإرترية وسط الشباب العزل الذين ساقتهم في حملات تجنيدها من مختلف الأنحاء إلى ضاحية عدي أبيتو و راح ضحيتها أكثر من خمسين شاباً حصدتهم آلة النظام القمعية بصورة يندى لها جبين الإنسانية دون جرم ارتكبوه أو جريرة اقترفوها سوى احتجاجهم على مكان الإعتقال المزدحم وافتقاده لأسط شروط الحياة الآدمية.
تقع عدي ابيتو شمال العاصمة اسمرا على الطريق إلى كرن وكانت هذه البلدة في السابق قرية من القرى المجاورة للعاصمة اسمرا حيث كان أخر امتداد لاسمرا من جهة الشمال مصنع الكوكاكولا ولكن بعد التحرير ومع الزحف العمراني أصبحت عدي ابيتو أحد أحياء العاصمة اسمرا،و سميت بهذا الاسم نسبة للإيطالي “سَبَتُو” والذي كان يدير في هذه القرية مصنع الطوب الأحمر وكانت عد ابيتو مشهورة بجودة طوبها. ومنذ عام 1999م وبعد الحملة الثانية من الحرب مع أثيوبيا لمع اسم عدي ابيتو ولكن هذه المرة ليس كمصنع للطوب بل كمعتقل للشباب . فأصبحت مقصد الآباء والأمهات من جميع المدن والمناطق الإرترية ، اختيار عدي ابيتو كمعتقل هو لقربها من مكتب وزارة الدفاع الإرترية الكائن في منطقة “بالنيكي” حيث تتولى وزارة الدفاع الإشراف على السجناء .ويروي شاهد عيان تفاصيل المأساة في موقع أسمرينو فيقول : في يوم الخميس الرابع من نوفمبر 2004م عدت إلى منزلي بعد يوم دراسي حافل وأنا أحمل حقيبتي المدرسية وذلك لتناول وجبة الغداء ، وما أن شرعت في الغداء حتى تناهى إلى سمعي صوت طرق عنيف على الباب فخرجت مستفسراً فوجدت عدداً من الجنود يرتدون زياً رسمياً فسألوني عن هويتي فأبرزت لهم بطاقتي التي تسلمها أحد الجنود واقتادني الآخر إلى مجموعة من الشباب من أمثالي ينتمون إلى مختلف شرائح المجتمع من طلاب ومعلمين وعمال حيث تم احتجازهم في شاحنة وطافوا بنا أرجاء المدينة وسط حراسة مشددة حتى بلغ عددنا الآلاف ، حينها أتت التعليمات باقتيادنا إلى سجن عدي أبيتو. عند وصولنا إلى هناك وجدنا السجن مزدحم للغاية وتم تخصيص مساحة لكل معتقل تكفي بالكاد لوضع القدمين واقفاً فقط وعندما تطاولت ساعات الوقوف وأصيبت الأجساد بالإعياء احتج بعض المعتقلين وحصبوا الجنود بالحجارة لتغيير هذا الوضع ففتح الجنود فوهات بنادقهم الرشاشة وحصدوا بها عشرات المعتقلين مما أدى إلى حدوث حالة من الذعر وسطهم وحاولوا النجاة بأنفسهم من الموت المحقق فدفعوا سور المعتقل حتى انهدم فما كان من السلطات إلا أن استدعت قوات إضافية في ثلاث آليات عسكرية مزودة مختلف أنواع الأسلحة التي صوبوها نحونا وأردت في المرة الثانية خمسة عشرة قتيلاً كان أحدهم بجانبي وقد سقط صريعا يتخبط في دمائه وهو يرتدي زي العمل وأخبرنا صديقه لاحقاً إنه طالب يعمل في الفترة الصباحية لمساعدة أسرته حيث أقتيد والده إلى الخدمة الإلزامية منذ عام 1998م ولم يعد حتى الآن ينما يدرس في الفترة المسائية .تم إطلاق سراحي ضمن عدد من المعتقلين بعد التأكد من أننا طلاب بعد أيام دامية قضيناها دون أن يقر لنا فيها جفن أو نتناول ما يسد الرمق . ويذكر الراوي الصورة المأساوية التي وقفت شاخصة أمام ناظريهم عندما أصبح الصبح ومشهد الجثث المكدسة يسد الأفق والجرحى يتأوهون و قد اختلطت الملابس بالدماء دون أن يدري أهي من الدم الذي نزف منه أم من رشاش الدماء التي أصابته ويقول الراوي إنه مشهد لا يفارق مخيلته البته .تفاصيل مفزعة تكشف عن فداحة الجرم الذي ارتكبه النظام الحاكم أمام مرأى ومسمع من المجتمع الدولي ما كان ليتسنى لها الوصول إلينا كغيرها من جرائم النظام التي يرتكبها بليل دامس ويقيدها ضد مجهول غير أن عناية الله شاءت كشف سوأة النظام بعد أن هرب مئات الطلاب لينقلوا إلى ذويهم الصورة التراجيدية التي تمت أمام ناظريهم دون أدنى إهتمام لكرامة الإنسان وفي امتهان سافر لآدميته .وإنه ليحز في النفس أن تمر الذكرى الثانية للمذبحة الأليمة دون أن يتذكرها أحد ، ودون أن يسود بها بعضنا صفحات الصحف السيارة والإلكترونية ودون أن ننبس ببنت شفه نذكِّر بها أفورقي جرائمه النكراء التي تتزايد يوماً بعد يوم .. وختاماً نردد مع الشاعر :الوحش يقتل ثائراً * والأرض تنبت ألف ثائر ياكبرياء الجرح * لو متنا لحاربت المقابرنقلاً عن صفحة رسالة إرتريا التي يصدرها المركز الإرتري للخدمات الإعلامية بصحيفة الوطن السوداني 10/11/2006م