التقارب السوداني الاريتري .. استراتيجي أم مرحلي ؟ : عبدالمنعم أبوإدريس
14-Nov-2006
ecms
منذ نوفمبر 2005 ووتيرة العلاقات السودانية الاريترية تمضي مسرعة ، والاسبوع الفائت عند معبر عواض الحدودي اقيم احتفال بمناسبة اعادة فتح الحدود بين البلدين والتى ظلت مغلقة منذ عام 2000
وقبل هذا الاحتفال بيوم واحد كان وفد اريتري بقيادة يماني قربي الرجل الذي قاد فريق الوساطة ما بين الحكومة السودانية وجبهة الشرق، وكانت النتيجة اسرع اتفاق سلام سوداني لم تدم مفاوضاته اكثر من خمسة اشهر .ومع هذه الخطوات السياسية بدأت الجهات التنفيذية في البلدين وضع الترتيبات لانسياب العمل، ففي اليوم الاخير من اكتوبر زار وفد من شرطة الجمارك والجوازات السودانية المعابر الحدودية مع اريتريا ووقف على تجهيزها للمرحلة القادمة ، وفي منطقة خشم القربة التي ستستضيف المنطقة الحرة للتجارة بين البلدين بدأت مراحل تخطيطها بل ان ولاية الجزيرة مضت خطوات في انشاء خطط انابيب لنقل البترول من الجيلي الى شرق ودمدني وبدأت في انشاء مستودع ، وهذا المستودع سيخدم صادرات البترول لاريتريا واثيوبيا والتى كانت في السابق تنقل وارداتها من البترول عبر الطريق البري .وفي الجانب الاخر بالقرب من مدينة تسني بدأت اريتريا انشاء مستودع بترولي بوصفها اقرب مدينة للسودان .اضافة الى كل هذا، اريتريا تعرض خدماتها في التوسط بين السودان ورافضي ابوجا من حركات دارفور ، ويوم احتفال الحدود بين البلدين، قال عبدالله جابر المسؤول السياسي بالجبهة الشعبية الاريترية بانهم حصلوا على ضوء اخضر للتوسط بين السودان ورافضي ابوجا والامر اكثر من ذلك، فقد قال المبعوث الامريكي للسودان اندرو ناتسيوس فى حوار اجرته معه مجلة متحف كلومبيا وترجمته ونشرته «الصحافة» يوم الثلاثاء السابع من نوفمبر ان اسمر ستستضيف محادثات بين الحكومة ورافضي ابوجا .وهنا يبرز السؤال هل اريتريا تريد علاقة مع السودان استرتيجية ام مجرد تاكتيك .في سبتمبر الماضي قال المحلل السياسي صفوت فانوس في حوار اجريته معه بانه لايثق في اريتريا وربما تريد توريط السودان ، قد يبدو حديث فانوس منطقيا اذا نظرنا للعلاقة المتوترة للطرفين مع الامم المتحدة والولايات المتحدة ، ولكن يس محمد عبدالله المهتم بشأن القرن الافريقي يقول رغم هذا الامر الا ان طريقة الحكومة السودانية في ادارة الأزمة مع الامم المتحدة مختلفة لاتميل للمواجهة المباشرة .بيد ان السفير عثمان السيد قال للراية القطرية في اغسطس الماضي بان طموح المجموعة الحاكمة في اسمرا يتجاوز الرقعة الضيقة لاريتريا وتعتقد بانها دولة كبرى .وقد يفسر حديث عثمان السيد الدور الاريتري في الصومال ومناصرتها للمحاكم الاسلامية في مواجهة الحكومة الانتقالية وقد يفسر البعض ان هناك حلفا بين السودان واريتريا في هذا الامر ، ولكن يسن محمد عبدالله يرى ان الدور الاريتري في الصومال لعزل اثيوبيا واتفاق مع الموقف السوداني لوجود اطراف اقليمية اخرى والخيار السوداني لم يكن عزل اثيوبيا لظروفه الاقليمية ويمضي اكثر من ذلك بان الامر مجرد تعاطف .هذا على مستوى المواقف الاقليمية ولكن ملف الوضع الاقتصادي الداخلي لاريتريا يبقى واحدا من القضايا المهمة خاصة في ظل الازمة التى تعيشها اريتريا في مجال البترول حتى انها في ابريل الماضي خفضت حصص البترول حتى بالنسبة للدبلوماسيين العاملين على ارضها لتعطيهم خمسة جوالين اسبوعيا ومن ثم انفرجت الازمة بتدخل ليبيا ووفرت البترول على ان تدير المحطات شركة ليبية ولكن مديونية الحكومة الاريترية وصلت 400 مليون دولار فتوقفت الشركة كما ان اريتريا علاقاتها مع المؤسسات الدولية يشوبها الكثير من التوتر، ففي مارس الماضي طردت المعونة الامريكية ويعتمد سكان اريتريا الذين يعمل 80% منهم بالزراعة على الاغاثات .ومحاولة للخروج من الأزمة زار اسياس افورقى ليبيا يوم 6 نوفمبر الحالي يرافقه المسؤول الاقتصادي بالحزب ووزير المالية مما اعطى انطباعا بان الزيارة اقتصادية ، وهذا دفع بعض المحللين الى القول بان اريتريا ترى في السودان المخرج من أزمتها الاقتصادية ويس عبد الله يرى ان اسلوب الحكومة الاريترية يقوم على تقديم خدمات واخذ مقابلها وحتى كرت دارفور تحتفظ به لتوظيفه وليست معنية بالحل وهذ ا يجعل امر التحالف الاستراتيجي غير وارد ولكن الدولتين بينهما مشتركات من قبائل في الجانبين وحدود دولية طويلة تبلغ اكثر من الف كيلو متر .وبما ان اريتريا حسمت امر الشرق وتستعد لدارفور فهي تنتظر دورا مشابها للسودان مع المعارضة الاريترية ففي يوم 16 اكتوبر الماضي قال مستشار الرئيس مصطفى عثمان الذي قاد الوفد الحكومي لمفاوضات الشرق لجريدة «الشرق الاوسط » اللندنية : «ليس من المعقول ان تكون هناك علاقات طبيعية ومتطورة بين البلدين وتكون هناك معارضة سودانية تعمل ضد السودان من داخل اريتريا او معارضة اريترية تنطلق من السودان هذا غير وارد».ويبدو هذا متسقا ما اقدمت عليه الحكومة السودانية من اغلاق لمحطة اذاعة الشرق التابعة للمعارضة الاريترية واستديوهاتها في الخرطوم ومحطة بثها في خشم القربة .وقال سليمان بتيت اريتري في مقال نشرعلى موقع فرجت وهو من المواقع الاريترية المعارضة «لقد ضيق سلام الشرق فرص بقاء هذه التنظيمات حارسة للبوابة الشرقية للسودان».ويمضي سليمان بانه مستبعد ان تقوم الحكومة السودانية بوساطة بين الحكومة الاريترية والمعارضة لان حكومة اسياس لاتعترف بالمعارضة التى لم تقم باي عمل مؤثر داخل اريتريا .ويبقى ملف اللجوء الاريتري بالسودان واحد من الملفات التى تنتظر المعالجة ، ففي مارس 2003 اعلنت الامم المتحدة انتفاء حالة اللجوء للاريتريين ولكن برامج العودة الطوعية التى بدأت في عام 1994 توقفت ففي اطول فترات استمرارها رحلت 36%من العدد المستهدف في الفترة من 1994 وحتى 1997 ثم توقفت واستؤنفت عام 1999 كما ان عدد اللاجئين مختلف حوله فبرنامج الغذاء العالمي يقول انهم 95 الفا اما مفوضية اللاجئين فتعلن انهم في ولاية كسلا وحدها 100 الف نسمة واحصاءات غير رسمية تقول بانهم اكثر من 300 الف هذا غير الموجودين داخل المدن واغلبهم يحملون جنسية البلدين .