من هم المتحالفون الجدد؟ فصائل إثيوبية معارضة لنظام آبي أحمد توقع اتفاقا في الولايات المتحدة
بقلم عبد المنعم أبو إدريس
مثلما كان تاريخ الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 علامة مهمة في تطور الصراع في دولة إثيوبيا، وذلك بالهجوم الذي أطلقه رئيس الوزراء آبي أحمد على تيغراي، فإن اللقاء الذي جرى -بعد عام من ذلك- في نادي الصحافة بالعاصمة الأميركية واشنطن سيمثل منعطفا مهما في المستقبل السياسي لثاني أكبر البلدان الأفريقية من حيث السكان.
ففي واشنطن، وقعت 9 فصائل معارضة لحكومة آبي أحمد على وثيقة سياسية. فمن هم المتحالفون الجدد؟
جبهة عفار
وفقا للوثيقة؛ فإن “جبهة عفار الثورية الديمقراطية” وقّعت على الاتفاق، وهي حزب يعود إلى إقليم عفار الواقع في الشرق من إقليم تيغراي، وعضويته مقتصرة على المنتمين إلى إثنية العفار التي تدين بالإسلام، والمنتشرة في 3 دول هي إثيوبيا وإريتريا وجيبوتي.
ومنذ أغسطس/آب الماضي أعلن الحزب تنسيقه مع جبهة تحرير تيغراي التي تخوض الحرب ضد حكومة آبي أحمد، ويتركز نشاط الحزب في الخارج بدول أوروبية والولايات المتحدة وكندا.
حركة أغاو
كما وقعت حركة أغاو الديمقراطية على وثيقة التحالف، وهي تنظيم يستند على قبيلة الأغاو التي تعيش على أطراف إقليم تيغراي في حدوده مع دولة إريتريا وهي قبيلة مشتركة بين الدولتين.
حركة بني شنقول
أما ثالث الموقعين فهي حركة بني شنقول الشعبية للتحرير، وهي حركة لقومية بني شنقول التي تسكن في إقليم بني شنقول قمز، المتاخم لولاية النيل الأزرق السودانية، وهي مجموعة عرقية مشتركة بين السودان وإثيوبيا، تتحدث العربية، وتدين بالإسلام.
وكانت كل مناطقهم جزءا من السودان حتى توقيع اتفاق ترسيم الحدود السودانية الإثيوبية عام 1902، والذي أعطى إقليم بني شنقول لإثيوبيا.
وحركة بني شنقول الشعبية للتحرير تأسست في 1963 وكانت تطالب بانفصال الإقليم عن إثيوبيا. وفي عام 1986 أعيد بناء الحركة مع اشتداد المقاومة من قبل الشعوب الإثيوبية ضد نظام منغستو هيلا مريام (رئيس إثيوبيا من 1987 حتى 1991).
أقلية الكومنت
أما عن أقلية الكومنت -التي تعيش شمال إقليم أمهرة شمال مدينة قوندر ثاني أكبر مدن الإقليم في قرى قريبة من الحدود السودانية- فهي مجموعة لا يتجاوز تعدادها المليون نسمة، وتعيش في عزلة تامة، ويتهمون الأمهرة بتهميشهم، كما أن الأمهرة يدعون أنهم وافدون من خارج أرض إثيوبيا اعتمادا على بعض الروايات التاريخية التي تشير إلى أن أصول الكومنت العرقية تعود إلى الفراعنة وهاجروا منذ قرون إلى إثيوبيا.
وكانت الديانة اليهودية هي السائدة بين الكومنت إلا أن تحولا نحو المسيحية الأرثوذوكسية وقع بين كثير من أجيالها الجديدة. وقد وقّعت الوثيقة باسمها حركة “حق الشعب والعدالة العالمية كومنت” (حزب كومنت الديمقراطي).
جبهة التحرير الوطني
أما جبهة التحرير الوطني “سيداما” -خامس الموقعين على الإعلان- فتنتمي إلى منطقة سيداما في جنوب البلاد، والتي يسكنها 17 مليون نسمة من بينهم 4 ملايين من السيداما، والذين احتفلوا هذا العام بنجاح الاستفتاء الخاص بهم ليكون لديهم إقليمهم الخاص منفصلا عن الإقليم الذي يضم ما يعرف في إثيوبيا بشعوب الجنوب، ويتحدث السيداما لغة خاصة بهم وتشير الرواية التاريخية إلى أنهم كوشيون.
إقليم صوماليا
ومن الأقاليم التي ظلت على مدى عقود في خلاف مع الدولة المركزية الإثيوبية إقليم صوماليا الذي يضم القومية المشتركة بين دولتي إثيوبيا والصومال، وشهدت مناطقه في عقدي السبعينيات والثمانينيات معارك طاحنة بين الدولتين في صراعهم على منطقة أوغادين التي أصبحت جزءا من إقليم صوماليا الإثيوبي.
وفي الإقليم حركة ظلت معارضة لحكومة أديس أبابا طوال سنوات السيطرة على تيغراي؛ إلا أن تأثيرها على الأرض كان ضعيفا، وظلت أديس أبابا تدمغها بالتطرف الديني باعتبار أن مكون الحركة من المسلمين.
وكان الحزب يقوم ببعض العمليات العسكرية انطلاقا من الأراضي الصومالية والإرتيرية، وهذا من العوامل التي جعلت الجيش الإثيوبي يجتاح الأراضي الصومالية عام 2004، قبل أن يتم تقنين وجوده عبر بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال “أميصوم” (AMISOM) والتي انتشرت بقرار من مجلس الأمن الدولي.
حركة غامبيلا
أما المجموعة السابعة فهي حركة غامبيلا والمنتمية إلى مدينة غامبيلا الحدودية بين السودان وإثيوبيا، وسكانها ينتمون إلى مجموعة مشتركة بين البلدين والحركة مولود جديد لم يعرف لها نشاط سياسي قبل توقيعها على هذا التحالف.
الأورومو
أما جيش الأورومو -الجناح العسكري لجبهة تحرير الأورومو- والذي يعتبر من أكبر الفصائل التي وقعت على الاتفاق، فلديه عشرات الآلاف من المقاتلين، وأعلنهم البرلمان الفدرالي مطلع هذا العام مجموعة إرهابية.
والجناح السياسي لجيش تحرير الأورومو يقوده السياسي القابع في السجن جوهر محمد والذي عاد إلى إثيوبيا عقب وصول آبي أحمد إلى السلطة استجابة لنداء المصالحة، ولكن بعد عام من وصوله وضعه آبي في السجن.
والأورومو أكبر قوميات إثيوبيا، حيث يمثلون 40% من سكان البلاد، وغالبيتهم مسلمون وتعود أصولهم إلى كوش، ويتحدثون لغة خاصة بهم، ومن إقليمهم انطلقت الاحتجاجات الشعبية عام 2015 إبان حكم رئيس الوزراء السابق هايلي ماريام ديسالين، وأسهمت هذه الاحتجاجات في إنهاء سيطرة تيغراي على التحالف الحاكم.
جبهة تحرير تيغراي
وبالنسبة لجبهة تحرير شعب تيغراي، عراب التحالف الجديد، فقد تأسست عام 1975 للنضال ضد نظام منغستو، وكانت بداية أول عمل عسكري في الإقليم الواقع شمال البلاد، ويسكنه حوالي مليون نسمة، وكان النظام الأساسي للحزب الذي كتب في عام 1975 يدعو لانفصال الإقليم عن إثيوبيا، ولكنه عدل في 1978، وأسقطت المادة الخاصة بالانفصال. وفي عام 1988 خلقت تحالفا أوصلها إلى السلطة في أديس أبابا في مايو/أيار 1991.
التحالف والولايات المتحدة
ويعيد التحالف هذا إلى الذاكرة التحالف الذي قامت به جبهة تيغراي عام 1988 وقلب موازين القوى على الأرض الإثيوبية.
ووقع التحالف بينما كانت وساطة مبعوث واشنطن للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان تتعثر.
ومع أن واشنطن الرسمية لم تعلق على التحالف، فإن توقيع الاتفاق داخل مؤسسة صحفية يشير إلى غياب ارتباط رسمي به، وأنه انطلق من أراضيها بسبب الوجود الكبير للجالية الإثيوبية المنتمية إلى مختلف الإثنيات من منتصف ثمانينيات القرن الماضي.
وبحسب مراقبين، فالولايات المتحدة تتحرك في محاولة لحفظ استقرار إثيوبيا في ظل تمدد روسي في المنطقة، وما زيارة رئيس الوزراء آبي أحمد لموسكو في أغسطس/آب الماضي إلا دليل على ذلك.
كما أن الصين صارت أكبر مستثمر خارجي، وعلى مقربة من إثيوبيا تقف أول قاعدة عسكرية للصين خارج أراضيها في جيبوتي. وبكين هي من بنت خط السكك الحديدية الذي يربط إثيوبيا المغلقة بالميناء في جيبوتي، وينقل هذا الخط 90% من صادرات وواردات إثيوبيا.