لماذا الاهتمام الإثيوبي بأمن البحر الأحمر واستقراره؟
بقلم/ أنور إبرأهيم أحمد – صحفي إثيوبي
تطرح العديد من الأسئلة في مختلف الأوقات ، بسبب تصريحات إثيوبية حول أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر من وقت لأخر ،والأغلبية لم تتفهم هذه التصريحات ويعتقدون أنها تعبر عن توجه إثيوبي لمحاولة السيطرة او لضم أريتريا ، وأخر يتوقع انها تحركات إثيوبية لكسب منفذ بحري ،وكما هو معروف أن إثيوبيا دولة حبيسة ليس لها منفذ بحري ، وذلك بعد انفصال أريتريا عنها بعد عملية أستفتاء معروفة جرت في العام 1993 ، و قبل تلك التحركات كان هناك أتفاق حول تبعية بعد المناطق البحرية مثل ميناء عصب الي إثيوبيا “اتفاقيات سرية بين الجبهتان الشعبية والوياني يتم تداول المعلومات عنها في الداخل الإثيوبي ، قبل أن تتم عملية الأستفتاء التي بموجبهة نالت أريتريا أستقلالها “،ولكن الحرب الأريترية الإثيوبية كانت الأسرع لحسم الملف ،وعملت علي قطع اواصر العلاقة بين الدولتين وادت أن عزلت إثيوبيا عن ساحل البحرنهائيا وقطع علاقة إثيوبيا بساحل البحر الأحمر سوي بعض العلاقات التي أستغلتها إثيوبيا لكي تستخدم بموجبها بعض مواني دول الجوار مثل جيبوتي وأرض الصومال ، والمواني السودانية التي لم تستطيع الدولتان أن تحقق من اتفاق يعمل علي تحقيق فوائد لشعبي البلدين .
ففي أخر حديث لرئس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد امام البرلمان الإثيوبي الأسبوع الماضي ، كان قد أورد بعض العبارات حول “أن امن واستقرار منطقة البحر الأحمر لن تكون بمعزل عن إثيوبيا “كدولة مهمة في المنطقة ، ولم تأتي مثل هذه التصريحات وليدة الصدفة ،وقبل عام من الأن كانت هنالك أيضا تصريحات لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد امام اعضاء البرلمان عن أهمية الدور الإثيوبي في الأسهام لفرض أستقرار لمنطقة البحر الحمر ، هذه التصريحات التي جعلت بعض الأصوات تعلو في مناطق مختلفة ، وخاصة أصوات الناشطين في الخارج، حيث يعتقد الجميع أن هنالك مخطط إثيوبي ، للسيطرة علي بعض المناطق أو أتفاق سري بين الحكوميتن الأرتيرية والإثيوبية في ظل السلام الإثيوبي الأريتري ،لمنح إثيوبيا بعض المواني الأرتيرية تحت رعاية دولية وأقليمية وبمعونات واتفاق تحت رعاية بعض الدول التي لها علاقة جيدة في وقتنا الحالي مع الدولتين ،متهمين حكومة أسياس أفورقي بتقديم تنازلات عدة للحكومة الإثيوبية عقب السلام الإثيوبي الأريتري الشهير الذي وقع بين الجانبين في 2018 .
التصريح الرسمي الإثيوبي يكمن في أهمية العلاقة الإثيوبية مع الدول المشاطئة لساحل البحر الأحمر ، و يعتبر أي عامل مؤثر عليها مضرا بالمصالح الإثيوبية ، و لأبد أن تتضرر إثيوبيا بأي حدث أو تطور قد يطرأ علي أمن واستقرا تلك الدول او المنطقة برمتها ، فمثلا لإثيوبيا حدود طويلة مع كل من السودان وأريتريا وجيبوتي والصومال، وأن حدث اي تطور في تلك الدول يعتبر عامل مؤثرا بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، وخير دليل الصراع في اليمن الذي أدي لنزوح يمني كبير للدولة التي تواجه تحديات عدة داخليا بعد التحول الذي شهدته في العام 2018 وظهور أبي أحمد علي سدة الحكم .
فأن حدث أي تطور فيما يخص الملف الصومالي ، وخاصة في ظل مطالب أرض الصومال والتي تسعي لأن تكسب زخما دولية بقبولها كدولة منفصلة ، والتي أنطلقت تحركاتها منذ أعوام عدة وهنالك أتهامات لإثيوبيا بدعم الموقف ، وتحاول أن تنال اعتراف دولي في ظل رفض من بعض الدول الغربية والمجاورة لها ، و قد تصبح عبارة عن بوابة لدخول بعض الطامعين للتواجد في المنطقة “اطماع دولية عدة بسبب السيطرة علي مضيق باب المندب” ، ولأثيوبيا علاقات متطورة مع أرض الصومال علي الرغم من عدم الاعتراف بها دوليا ، واخرها تطوير التمثيل الدبلوماسي لإثيوبيا فيها لدرجة سفير التي اثارت حفيظة الصومال مؤخرا ، وطرحت العديد من التساؤلات في المنطقة ، وماتزال إثيوبيا من الدولي التي تستخدم مينائي بربرة وهرجيسا منذ فترة طويلة .
القواعد العسكرية وتحركات الجماعات المسلحة
ومن أهم العوامل التي جعلت إثيوبيا تهتم بأمن واستقرار منطقة البحر الأحمر ، التواجد الأمني والعسكري لبعض الدول في المنطقة ،من اخلال أنشاء قواعد عسكرية ومحاولات من دول أخري لأنشاء قواعدة عسكرية في المنطقة للسيطرة او التصدي لبعض الجماعات المعادية التي تعتمد علي المنطقة كقواعد أنطلاق لها ، مثل مجموعات الحوثي والقاعدة والشباب الصومالية وجماعات أخري تظهر من وقت لأخر ، باتت المهدد الرئيسي لحكومات المنطقة ودول لها مصالح معها، واي تطور لقوتها يعتبر تهديدا كبيرا للمنطقة ومناطق أخري وقد تعتبر أنطلاقا لها لتشكيل أي تحرك أخر .
منطقة البحر البحر الاحمر منذ أقدم العقود كانت ومازالت الهدف الرئيسي للدول الكبري التي تسعي لفرض هيمنة علي المنطقة من خلال أنشاء قواعدة عسكرية أو القيام بشراكات متعددة مع دول المنطقة ، وشهدنا ذلك من خلال التنافس الصيني الأمريكي ، والغربي والأسيوي في فترة ما ، وظهور تركيا كمنافس لبعض الدول من خلال أتفاقيات مع كل من الصومال وجيبوتي ، الشئ الذي أعتبر مهددا لبعض التحالفات وكانت البداية لأنطلاق وظهور العديد من الجماعات التي شكلت تحديا كبيرة لحكومات المنطقة ، وليس ببعيد في السابق ظهور مايسمي التحالف الدولي لمحاربة الأرهاب في منطقة القرن الإفريقي ،وكانت إثيوبيا اهم شريك فيه بالتعاون مع الدول الغربية والولايات المتحدة وبعض المنظمات الدولية والأقليمية ، والذي حققت فيه إثيوبيا حتي العام 2014 سمعة كبيرة ،ووجدت دعما كبيرا من خلال محاربة حركة الشباب وتنظيم القاعدة عبر تحركاتها في الأراضي الصومالية .
يظل التأثير الإثيوبي في هذه المنطقة قويا للغاية ، في ظل علاقة متجذرة مع عدد من الدول المشاطئة للبحر الأحمر والدول الغربية التي لها علاقة جيدة معهم ، وتري ان اي تغيير في إثيوبيا له تأثير كبير علي تلك المناطق وليسس ببعيد التحركات الكبيرة التي لعبت فيها إثيوبيا ادورارا كبيرة في فترات مختلفة ، وخاصة في ظل استضافتها لمقر الأتحاد الأفريقي اهم الكيانات القارية ، وباعتبار إثيوبيا المدخل للقارة من مختلف الأتجاهات عبر بوابة الأتحاد الأفريقي .
فهذا ماجعل ليس إثيوبيا وحدها بل حتي شركاء أخرين في المنطقة ومن خارج المنطقة يلعبون ادوار مهمة في تحقيق أمن البحر الأحمر ، ودون التحرك الإثيوبيا يصعب تحقيق معادلة بموجبها يمكن أن تحققق ولو القليل .