ضدالانهزاميةالديفتيزم_الجديد
بقلم/ فتحي_عثمان
علمنا تاريخ ارتريا خاصة وتاريخ العالم عامة أن الانهزامية (الديفيتيزم) تظهر عند المنعطفات الحادة من تاريخ مقاومة الشعوب. في ارتريا وأثناء الكفاح السلمي ظهر حزب الاندنت والرابطة الإسلامية للمنخفضات الغربية، وخلال فترة الكفاح المسلح- والثورة على أعتاب الانتصار- ظهرت مجموعة الحكم الذاتي التي وضعت يدها في يد منغستو هيلي مريام.
واليوم تظهر انهزامية جديدة تحت شعارات الإصلاح وما شابهها. كل تلك الحركات أصبحت في ذمة التاريخ؛ وهذه الأخيرة لن تكون استثناء.
عالميا ظهرت الانهزامية في الثورة الصينية في أوج الكفاح ضد الاستعمار الياباني، وفي فيتنام حذر القائد الفيتنامي هو شي منه من أن الانهزاميين دوما ما يصورون الانتصار مستحيلا. أيضا في ارتريا تتشارك الانهزامية مع سابقاتها في العالم بتصوير الانتصار على الطغيان مستحيلا.
يدعو الانهزامي (الديفيتيست) إلى تقديم أفكار بدل الاتهامات: إذن هاكم هذه الحزمة الأولية من الأفكار:
الانهزامية (ديفتيزم) ليست سوى حالة انكسار نفسي (هزيمة) ونكوص فكري مسخ من تزاوج اليأس النفسي والعجز الفكري، وغالبا ما تظهر في الظلمة الحالكة التي تسبق الفجر.
تعتمد الانهزامية على محاولة تحويل المعركة الأساسية نحو عدو (جديد) في تكتيك ذي مصلحة وغرض يحاول التغطية والتعمية على العدو الحقيقي.
فالعدو لحزب الاندنت لم يكن اثيوبيا مطلقا؛ بل كانت الكتلة الاستقلالية ومن ينتمون اليها
العدو بالنسبة لمجموعة الحكم الذاتي لم يكن منغستو بل كانت الثورة الارترية
والعدو بالنسبة للانهزامية الجديدة ليس هو الطاغية اسياس افورقي بل هو حينا تيغراي وحينا الولايات المتحدة وحينا آخر نظرية المؤامرة المستهلكة والمجترة.
تحاول الانهزامية جاهدة تخوين المقاومة بالادعاء بفشلها وعجزها وضرورة الكف عنها تماما
تضع الانهزامية يدها في يد العدو بسبب الافتراض اليائس بأن التغيير مستحيل ويجب علينا الاقتناع بالإصلاح كبديل للتغيير المستحيل.
نفس هذا المنطق يعيد الانهزاميين للمربع الأول وهو مربع اليأس النفسي والعجز الفكري الذي أشرنا إليه أعلاه
يتهرب الانهزاميون دوما من الإجابة عن الأسئلة الحقيقية، ويحاولون الركون إلى التجريم والتشهير والإساءة كأسلوب حوار
بالنظر من (عدي هالو) يمكن اعتبار الانهزامية عبارة عن (تكتيك آخر) ضمن استراتيجية (فرق تسد)
ولكن بالنظر إليها من داخل معسكر المقاومة فهي خيانة متعددة البطائن والقرائن:
هي خيانة للأفكار في أعشاشها وهي تفرد أجنحتها للطيران؛
هي خيانة للطلقة المقاومة وهي في غمدها
هي خيانة لدم القتيل في قبره، ولآهة السجين في زنزانته، وللمشرد في ليل غربته
وفوق كل ذلك كله هي خيانة للطفل في مهده لأنها تحاول أن تزيف مستقبله
بهذه الخيانة الغادرة تلفظ الانهزامية كل يومها أنفاسها وتزهق روحها أمام نور المستقبل الباهر، لأنها سممت روحها وفكرها بالشرب حتى الثمالة من بئر الطغيان الكدرة، وباعت نفسها رخيصة للشيطان.
أن ضوء الشمعة مهما كان ضعيفا، خافتا، ولا يقوى على إضاءة الغرفة كلها، فإن ذلك ليس سببا لإطفائه من أجل سيادة الظلام. الأسوأ من ذلك هو الاستعاضة عن نور الشمعة بنار مشعل القاتل الذي حرق به من قبل أفئدة الرجال وقلوب الأمهات.
وبينما يحاول المخلصون حماية ضوء الشمعة الخافت من الموات، تحملون انتم نار الخراب، فكان من الطبيعي أن يبدو بيننا وبينكم التنافر والتناكر.
قد يذهب البعض، من الذين يمسكون العصا من المنتصف دوما، إلى القول بأن هذه الكتابة تقسم ما هو مقسم أصلا وتجزئي المجزأ، بلى هي حقا كذلك من أجل (تمايز الصفوف) وقد يكون ذلك قاسيا ولكن لا شك في نفعه لأن آخر العلاج الكي