قراءة في كتاب ” سيرة مناضل ” التّفرّغ الجزئي للثورة.
بقلم/ عبد الفتاح ود الخليفة

سرد الأستاذ سردا جميلا بدءا من الصفحة 64 في الكتاب عن قصّة تفرّغه الجزئى للثورة الإرتريّة في السّودان ، وهو العائد لتوّه من إرتريا ، تفرّغ للنضال تاركا الدّراسة الجامعية في القاهرة ، ليثتثمر في ثورة التغيير التي حصلت في السّودان لصالح ثورة إرتريا ، فسافرمع زميل له من القاهرة إلى الخرطوم ، بعد شهر من ثورة أكتوبر السّودانية المجيدة ووافق ذالك في 12/ 11/ 1964 ، ليستقبله في المطار فرد من مكتب الجبهة والمناضل الجثور صديق إرتريا ” أبو القاسم حاج حمد ” ولينزل ضيفا على بيت أبو القاسم في العاصمة الخرطوم وفى حىّ الإمتداد الدرجة الأولى .
كنتّ أتمنّى لو أسهب الأستاذ في ذكر محاسن ومناقب هذا السّودانى العظيم كنموزج لعظماء السّودان الذين ساندوا الثورة الإرتريّة الظّافرة منهم ” أبّكر – شهيد معركة ” حلحل ” ود زالنجى ” في غرب السّودان والمحامى الحرّ الواعى والمثقف ” الرّشيد الطّاهر بكر” إبن القضارف الأبيّة ، والّذى لا زالت صورته المعلقة على جدران مكتب الجبهة في القضارف ورمزه الإنتخابى ” القارورة ” في أكواخ حىّ ” ديم النّور ” عالقة في ذهنى وعبرها عرفته كعضو برلمان سودانى من دون معرفة أدواره المشرفة في تأريخ الثورة الإرترية ، وزميله الوزير ” محمّد جبارة العوض ” ّوالصحفى الوفىّ الصادق مع نفسه وإنسانيته المخضرم ” سيّد أحمد خليفة ” صاحب كتاب ” عارنا في إرتريا ” و ” الحبشة حان وقت التسويات ” والصحفى المناصر للثورة الإرترية ” يحيى العوض ” والسيّد “حاج حمد ” والد أبو القاسم والمحامى النّقابى ” ميرغنّى النّصرى ” والأستاذ المهندس / محمود محمد طه رحمهم الله جميعا بقدر ما قدّموا لأشقائهم في إرتريا ، ومعظمهم رحل دون أن يرى ثمرة كفاحه من أجل إرتريا ، كما ذكر وذكّر الأستاذ محمد نور ما تيسّر عن نشاط الزّعيم القائد / عثمان صالح سبّى و “جمعية العروة الوثقى ” والقائدان السّودانيّان ” الصّادق عبدالله عبد الماجد ” و “علي طالب الله ” وجبهة الميثاق وصلاتها وتواصلها مع جمعية ” العروة الوثقى” وما يقال عن تأسيسها في ” أديس أببا ” عندما كان الزعيم ” سبّى ” هناك لأجل الدّراسة بمساندة الكمانداتورى صالح أحمد باشا كيكيا وأنّ مجموعة من زملاء الزعيم سبّي في الدراسة هناك أصبحوا أعضاءا فيها ، ولكن ما يلاحظه المتابع هو إختفاء أثر هذه الجمعيّة وإسمها لاحقا في حكايات الكفاح اليوميّة ،أمّا كاتب هذه السّطور إستذكر طرائف حصلت معه في الماضى القريب بالصدفة ، ربّما لها صلة بالموضوع فقد صادف أثناء تواجده في دولة الجزائر أن تعرّف على معلّم إثيوبيَّ من قومية أرومو ، أفادنا هذا المعلّم ونحن مجموعة في مدينة ” القسطنطينية ” بأنّه يعمل معلّما للغة العربية في مدينة صغيرة بين مدينتي ” قيلمة ” ومدينة “مستغانم” شرق الجزائر ولا زلت أذكر أنّ إسمه كان ” إدريسا ” وأنّه تلقّى تعليمه في الأزهر الشّريف وكان مكتب جبهة تحرير إرتريا هو الّذى سهّل له الإنتساب للأزهر الشّريف ، وذكر إسم المناضل الكبير ” عثمان صالح سبّى ” بكثير من الإعجاب والثناء ، كما إلتقيتُ طبيب عيون في مدينة دمشق في سوريا جئت إليه للإستشفاء عندما كنتّ في عطلة سياحيّة في سوريا عام 2003، ذكر لى هذا الطبيب بأنّه يحبّ إرتريا وشعبها لأن التعاون الذى وجده من ” جبهة تحرير إرتريا ” لم يجده في وطنه إثيوبيا وأنّه جاء إلى ” سوريا ” كطالب إرترى ممنوح ، وبوثيقة سفر إستخرجتها له ” جبهة تحرير إرتريا ” تخرج طبيبا بفضل الإرتريين … هنا في هذا الصّياغ أريد أن أذكروصلة لها صلة بهذا الموضوع ربّما ، وليعذرنى أستاذى محمّد نور والقرّاء إن كانت الصلة غير سويّة أو غير واضحة أو كانت في غير محلّها وهى : أنّ المناضل تكّوء يحدقو عضو الحركة النشط ومن أبرز قادتها الشّباب في أسمرا أثناء دراسته المرحلة الثانويّة في ثانويّة الملك هيلى سلاسى المعروفة إختصارا بـ ” قهاز” في الأعوام 1959- 1963 وبعد مقتل ” تدلا عقبيت ” وإصدار العفو العام عن سجناء السيّاسة أطلق سراح المناضل ” تكوء ” فغادر إرتريا مع بعضا من زملاءه منهم المناضل المخضرم ” ولداى قدى ” ليستقرّ في مدينة الثورة ” كسلا ” ، ولم يلبث هو وزملاءه الأشاوس زمنا حتّى إنضمّوا مع زعيمهم المناضل ” صالح أحمد إياى ” عام 1965 للجبهة.
وبعد مقتل ” كدانى كفلو ” وولداى قدى ” في كسلا رحل ” تكوء يحدقو ” في بداية عام 1970 إلى الخرطوم ” وشارك ” تكوء ” في مؤتمر ” سدوح عيلا ” في يوليو عام 1970 ثم إختفى منذ بدايات عام 1971 وحتّى اليوم لا أثر له ولا خبر ، إختفى في صحراء السّاحل حوالى ” أمهميمى ” وهو في طريقه إلى معسكر ” سلفى ناطنّت ” فى ” تخلى ” في المرتفعات الشّماليّة برفقه مناضلين منهم ” العميد شرطة قرماى محارى ” . كان المناضل تكوء في فترة تواجده في السّودان يراسل أصدقاءه الإرتريين في ” أوروبا ” وأمريكا ” مثله مثل رفيقه ” كدانى كفلو ” أورد جزءا منها موقع ” EHERAوقد قرأ كاتب هذه السّطور معظم رسائله ولفت نظره ما قرأه في أحداها قول المناضل ” تكوء ” ” أنّ الجبهة يسيطر عليها تيار إسلامى وأنهم يطاردون المسيحيون أبناء كبسا ، وأن زعيم الجبهة ” إدريس محمّد آدم ” ذهب للسعودية وإلتقى بملكها وشرح له أنّ المسلمون في إرتريا مظلومون ولذالك قاموا بثورة ضدّ الملك ويتمنّون عونكم ” أمّا الزعيم الآخر ” عثمان صالح سبّى ” درس في أدّيس أببا وله طموحات إسلامية وكان قد كتب قبل خروجه من إرتريا كتابا عن الإسلام ” هذا ما ورد في إحدى رسائله والذمّة على النّاشر .
كما قرأ كاتب هذه السّطور قبل أشهر قليلة كتاب ” تأريخ حياة المناضل إدريس محمّد آدم ” للكاتب النّشط ” إمانتو تسفاى ” وفى الفصل السّابع وفى عنوان جانبي تناول فيه موضوع إعلان الكفاح المسلح وتأسيس جبهة التحرير الإرترية، وعن لقاء الزّعيم إدريس محمّد آدم مع المناضل الكبير الشهيد عثمان صالح سبّى في مدينة الرّياض بالسعوديّة، وعن تأسيس جمعية التضامن الإرتريّة الصوماليّة كغطاء لعمل سّياسى بحضور الزعيمين إدريس وعثمان سبى ، وفى نصف صفحة وتحت عنوان جانبي آخر تطرّق الكاتب لموقف ” الزعيم إدريس محمّد آدم ” من ربط النضال الإرترى بالدين ” متناولا جمعية ” العروة الوثقى ” التي أسسّها المناضل عثمان صالح سبّى في أديس أببا تهتمّ بشؤون المسلمين في الحبشة عامّة ، وأنّ الزعيم إدريس محمّد آدم لم يكن له بها أىّ صلة وأنّ إهتمامه الأكبر والرّأيسى هو القضية الإرترية . قال الكاتب ” تسفاى ” أفاد الزّعيم إدريس بهذا الحديث في مقابلة بحثيّة أجراها معه الألماني ” غونتر شرودر ” . كيف يفسر هذا وهل له صلة بالموضوع أعلاه .
وحتّى ألقاكم في الحلقة الحادية عشرة لكم ألف تحيّة


