الصحافة السودانية والثورة الإريترية: قراءة في سيرة مناضل.(11)
الصحافة السودانية والثورة الإريترية… من التأييد إلى المتاهة

بقلم/ عبد الفتاح ود الخليفة
بدأت الصحافة السودانية في ستينيات القرن المنصرم تشهد حراكًا لافتًا، وكان هو أحد صنّاعها الأساسيين. وقد أفادنا بالكثير عن الصحافة والصحفيين السودانيين الذين ساندوا الثورة الإريترية. كما ذكر بشيء من التفصيل قصة الصحفي الضحية أحمد طيفور، الذي كان متحمسًا ومتعاطفًا مع الثورة الإريترية، ثم انتكس ووقع في حبال المخابرات الإثيوبية بقيادة الملحق العسكري الإثيوبي في الخرطوم العقيد تارقي. وقد سبق أن كتب عنه المناضل جعفر السوري رحمه الله، وكذلك زميل طيفور الأستاذ محمد بابكر.
أمّا الأستاذ محمد نور، فبحكم معايشته لتلك الحوادث وكونه جزءًا منها، فقد جاء سرده شاهدًا على الحدث؛ فروى قصة إجهاد «جبهة تحرير إريتريا» لكتاب طيفور المهزوز والمشوَّش عن الثورة الإريترية (اطلع عليه كاتب هذه السطور في مدينة القضارف في السودان ضمن كتب مكتبة فرع الاتحاد العام لطلبة إريتريا عام 1976). ثم ختم الأستاذ محمد نور قصة طيفور بقوله: إنّه اختفى من أنظار الناس بعد أن طلبت منه زوجته الصحفية آمال سراج الطلاق، ولم يسأل عنه في زياراته المتكررة للسودان.
ومن باب استكمال تفاصيل قصة هذا الصحفي الضحية، فقد كتب عنه زميله محمد بابكر بعد سنين طويلة، وذكر أنه كان يعيش منزوِيًا في أحد أحياء القاهرة لا يلتقي أحدًا. وكتب حينها ليُعلِم من يهمّهم أمره بأنه تُوفِّي في غرفته دون ذكر أسباب الوفاة، وكان ذلك الخبر منشورًا في بعض المواقع الإريترية.
ويصاب كاتب هذه السطور بخيبة أمل بسبب كثير من السقطات والمهالك التي يقع فيها بعض المثقفين والتكنوقراط وضباط الشرطة والجمارك السودانيين أمام أصحاب السلطة والمخابرات الإثيوبيين سابقًا والإريتريين لاحقًا.
وفي الصفحات (73–82) من الفصل السابع، يسرد لنا الأستاذ محمد نور التحولات التي طرأت على موقف السودان الرسمي الإيجابي في دعم الثورة الإريترية، ومنها إلغاء معاهدة تبادل المجرمين مع إثيوبيا، والمقصود بالمجرمين هنا هم الثوار الإريتريون المتواجدون في السودان، والمناضلون أبناء جنوب السودان المتواجدون في إثيوبيا. كما ذكر الأستاذ من ضمن المحاسن أن قيادات ثورة أكتوبر قادوا مظاهرات تأييد لحقوق الشعب الإريتري، ودعوا إثيوبيا والمجتمع الدولي إلى الاعتراف بحق تقرير المصير لهذا الشعب المظلوم.
وأشار أيضًا إلى محاولة توحيد «جبهة تحرير إريتريا» و«حركة تحرير إريتريا» رغم الاختلاف الاستراتيجي بين التنظيمين في رؤية برنامج ووسيلة التحرير، ورفض قيادة الجبهة التوحد مع الحركة للأسباب المعروفة. وأضاف أن دعم ثورة أكتوبر للثورة الإريترية لم يتوقف، وعندما فكرت قيادة الحركة في بدء حرب العصابات قررت قيادة الجبهة تصفيتها.
كما تحدث الكاتب عن الدعم العراقي والدعم العسكري السوري وقرار المصادرة، ومشاركة الأستاذ وصديق الثورة أبو القاسم حاج حمد في تهريب السلاح من الخرطوم عبر كسلا إلى منطقة حفير الحدودية، برفقة الأستاذ المناضل الزين يس. وكان أجمل ما في القصة دور شيخ القرية علي، وليت الأستاذ قد أسهب في الحديث عن دور «الشيخ علي» كنموذج للجنود المجهولين في الثورة الإريترية.




