أخبار

القاعدة والقرن الإفريقي :هل أصبح الصومال منصة انطلاق للتنظيم؟

28-Aug-2010

المركز

* تقرير إخباري بقلم : محمد صالح عبد الله
تصاعدت في الآونة الأخيرة التقارير التي تتحدث عن وجود غير مسبوق لتنظيم القاعدة في الصومال وكيف ان ذلك البلد يكاد يصبح منصة إطلاق لعمليات محتملة لتنظيم القاعدة وحلفائه في المنطقة والإقليم،

خاصة على ضوء تفجيرات كمبالا والتهديدات اللاحقة لها، فيما أصبح تنظيم الشباب المجاهد الذي يسيطر على مداخل ومخارج مهمة في الصومال البوابة التي تنفذ منها القاعدة إلى الصومال في علاقة لم تظل سرا بين الجانبيين.وبناء على التطورات التي يشهدها، فإن الصومال أصبح الوجهة المفضلة التي تجذب المحللين وخبراء الأمن عند الحديث حول تنظيم القاعدة في إفريقيا عامة ووجوده في القرن الإفريقي بصفة خاصة، فبعد ان أعلن تنظيم الشباب الصومالي صلته المباشرة بالقاعدة ومباركته التزامه بأوامر قادة التنظيم المطارد في جميع أنحاء العالم، أصبحت الأضواء مسلطة على الصومال وعن الحرب التين يخوضها الشباب ضد الحكومة الصومالية والقوات الأفريقية، وأخيرا ما بت يعرف “بالذراع الطويلة” للقاعدة في منقطة القرن الإفريقي أي تنظيم الشباب بعد ان أصبح التنظيم يهدد دول في المنطقة بل وينفذ تهديداته كما حدث الشهر الماضي في أوغندا والتي أعلن المسئولية عنها، وأصبح يتباهى بان ذراعه الطويلة قادرة لان تصل إلى أي مكان في الإقليم ان أراد ذلك بحسب قيادات الشباب.ويقول التنظيم أن أما مسالة الداخل ومواجهتهم مع الحكومة الصومالية فهذه لا تعدوا كونها مسالة وقت طالما ان الحرب سجال بين الطرفين، فصرح قادة التنظيم أنهم لا يأبهون بان يرسل الاتحاد الإفريقي قوات أخرى إضافية إلى القوات الموجودة على الأرض وإنهم يعدون الخطط بهدف إسقاط الحكومة الصومالية وفي سبيل تحقيق هذا الهدف فان جل العمليات العسكرية موجهة نحو الحكومة الصومالية والقوات الإفريقية التي تقدم لها المساعدة الأمنية.وليس سرا ان هذا التنظيم الموصوف بالتطرف والذي يتبنى كافة التفجيرية المرعبة في الصومال، انه استقطب الكثير من العناصر الجهادية في العالم من آسيا والشرق الأوسط ومن عديد الدول الأوروبية وأيضا أفريقيا والتي ينظر إليها المراقبون على تكاد تصبح مجال حيوي ينشط فيه تنظيم القاعدة سوء في شمالها أو شرقها أو جنوبها. وتقول الأوساط أن انخراط عناصر جهادية من الخارج، خاصة من دول مثل باكستان والهند وأفغانستان والجزائر وغيرها، وعلى مستويات عالية من الخبرة والدراية في صفوف تنظيم الشباب قد أدى إلى صقل مقدرات أفراده خاصة في العامين الأخيرين وهي الفترة التي أعقبت خروج القوات الإثيوبية من الصومال حيث كانت تمثل خط الدفاع الأول عن حكومة الرئيس عبد الله يوسف، مما أدى إلى نشاط غير عادي في العمليات التي يخوضها تنظيم الشباب بل بالنتائج التي بات يحرزها على الأرض، فقد سيطر بحسب الكثير من التقارير التي ترصد نشاط الشباب في الصومال على معظم البلاد خاصة في الغرب والجنوب ومناطق من الوسط كما انه يحاول التوسيع من رقعة سيطرته وذلك بكسب مناطق جديد في شمال شرق البلاد رغم ان ذلك يعد من الصعوبة بمكان نظرا لان إقليم “بلاد بونت” يتمتع باستقرار سياسي وامني كبير ولسنوات مما مكنه من بناء قوات خاصة به شبه نظامية وتتمتع بقدرات أكبر من تنظيم الشباب وهو ما يجعل عصي على التنظيم ربما السيطرة على بونت لاند.ويقول الخبراء، إن تنظيم الشباب وتنظيم الحزب الإسلامي المتحالف معه، أصبحا ينظران إلى بونت لاند باعتبارها موقع استراتيجي لابد من السيطرة عليه نظرا لأنها تشرف على منطقة مهمة هي قربها من البحر الأحمر وفي ذات الوقت المحيط الهندي ما يجعها منطقة إستراتيجية بالنسبة لهم، وهذا يعزز الاعتقاد السائد بان التنظيمات الإسلامية الصومالية المناوئة للحكومة منخرطة في عمليات القرصنة بشكل او بآخر وأنها تتعاون مع عصابات القرصنة لتأمين إمداداتها من السلاح من الخارج سواء عبر اريتريا كما تذكر التقارير الدولية، كما ان قوارب القراصنة الصغيرة تعد ملاذا أمنا للعناصر الجهادية من الخارج والتي تقصد الصومال فضلا عن بعض التقارير التي تتحدث عن التمويل الذي توفره عمليات القرصنة للمجموعات الإسلامية وهو ما يشير إلى علاقة مباشرة بين القراصنة وتلك المجموعات الإسلامية المسلحة في الصومال، وتشكك بعض المصادر في التوجه الجديد الذي قام تنظيم الشباب وذلك بفرض ضرائب وأتاوات على رجال الأعمال الصوماليين وحملات لجمع التبرعات وسط الصوماليين العادين، وتفسر المصادر ذلك بأنه تمويه تقوم به تلك الجماعة لصرف أنظار الأسرة الدولية والدول الإقليمية عن مصادر تمويلها الرئيسية والضخمة والتي تجمع الكثير من الجهات المراقبة على أنها من الخارج، وان مجرد مبالغ ضئيلة تقوم بجمعها من الصوماليين لا تؤمن التفوق العسكري والمادي والبشري الذي تتمتع به حاليا في الصومال.وفي المقابل، ففي الوقت الذي يتمتع فيه التنظيم بهذه الإمكانيات الكبيرة، فان الحكومة الصومالية تعاني من ضعف ملحوظ في قدراتها الأمنية والعسكرية ما جعل من الصعوبة عليها المواجهة والتغلب على النزعات التوسعية لتنظيم الشباب وحليفه الحزب الإسلامي واكتفت بالدفاع عن مقراتها والتي تتعرض لتهديد مباشر من قبل العناصر الإسلامية المسلحة.بيد ان الحكومة الصومالية، أخذت في الآونة الأخيرة توسيع هي الأخرى من معين التحالف مع مجموعات إسلامية مسلحة على الساحة الصومالية، فقد أبرمت اتفاق تفاهم قبل عدة أشهر مع تنظيم صوفي هو “أهل السنة والجماعة” تكون بشكل أساسي من اجل مواجهة تنظيم الشباب عندما شن الأخير حملة شعوا على مزارات وأضرحة مقدسة لدى الجماعة في مناطق من جنوب الصومال وقام بتدميرها، وقد تحالفت حركة أهل السنة والجماعة مع الحكومة الصومالية برعاية الاتحاد الإفريقي والاثنان الآن يعدان خطة محكمة لشن حرب على تنظيم الشباب، إلا أن البعض يصف إمكانياتهما العسكرية بالمتواضعة إلا في حالة تلقيهما دعما عسكريا من الخارج وهو ما لم يحدث حتى الآن، وبالتالي قلل ذلك من الرهان ان يتمكن الطرفان من التغلب على الشباب او الحزب الإسلامي.لكن الأوساط المراقبة تجمع بان حركة شباب المجاهدين تواجه تحديا على صعيد اندماجها في المجتمع الصومالي وقبول الشارع لها، حيث أنها لا تزال تستمد سلطتها من سطوتها وقصوتها على الناس على ضوء الأحكام المتشددة والعقوبات غير المسبوقة التي تصدرها بحق عامة المواطنين من جلد ورجم وقطع للأيدي والأرجل من خلاف وعمليات الإعدام التي تقوم بها حتى على القاصرين كما سبق وان اتهمتها مجموعات حقوقية بتنفيذ أحكام حدية على قاصرين ودون محاكمات، ما يجعلها مجموعة “متطرفة” حتى وسط المجتمع الصومالي المحافظ والمعروف بتدينه.هذا فضلا عن الاعتقاد السائد في الشارع الصومالي، بان الشباب باتوا اكبر مهدد لاستقرار البلاد وأمنها وذلك لاحتضانهم عناصر تطاردها الولايات المتحدة الأمريكية وقوى إقليمية أخرى ما يعطيها المبرر وذريعة لتنفيذ هجمات وضربات ضد الصومال والتي حتما سيكون ضحاياها من العزل كما حدث في الأعوام الأخيرة بحجة ضرب عناصر من القاعدة، علاوة على ذلك أخذت القوى الكبرى تتجه نحو معاقبة دول في الإقليم مثل دولة اريتريا بتهمة توفير أسلحة وتقديم تدريب لتنظيم الشباب الذي باتت القاعدة تخرج من تحت عباءته في المنطقة، وهذا ما تفسره العقوبات الأخيرة التي فرضتها الأمم المتحدة على اريتريا.* كاتب متخصص في شؤون القرن الأفريقي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى