مقالات

فتحي عثمان .. و أقلام إريترية للاستاذ عمر جابر

23-May-2014

عدوليس

منذ التحرير وانا ابحث عن كتاب يتناول تجربة (الجبهة الشعبية )على ان يكون الكاتب من ابناء تلك التجربة عاش فيها وآمن بها ودافع عنها ثم نركها طائعا مختارا، بعد ان اكتشف زيفها وخطلها او بقى فيها مكرها لا يجد مخرجاً ، وفي هذا الاتجاه قرأت كتابين :1- الدفع والتردي –الامين محمد سعيد2- ذكريات او مذكرات –محمد طاهر بادوريالاثنان كاتبا لتبرير ، وتجميل وتسويق تجربة الجبهة الشعبية فلم يعرف عن أي منهما موقف مضاد للدكتاتور لافي مرحلة الثورة ولا بعد الاستقلال.الامر الاكثر غرابة هو ان من هرب من التنظيم ولجأ الى المعارضة في الخارج بقى صامتاً لا يتحدث عن الجبهة الشعبية .

هذه الظاهرة اصابت بالحيرة معظم الارتريين وتفسيرها احد امرين .1- اما أن هؤلاء كانوا يعيشون على الهامش لا يعرفون شيئا ، مثل الزائدة الدودية اذا التهبت ثم بترها ( أي اذا خرج من بيت الطاعة).2- الامر الثاني هو ان هؤلاء خضعوا لبرنامج مكثف ومتواصل من التنميط السياسي وتمت قولبتهم، بحيث تعطلت لديهم كل مراكز البحث والتساؤل وانسدت كل قنوات التفاعل والفعل لديهم ، باستثناء قناة واحدة ظلت مفتوحة هي قناة الاستقبال!؟ .قلة قليلة احتفظت بوعيها الوطني العميق وتوازنها العقلي ثابتا … بعض هؤلاء دفع الثمن غاليا والبعض بدأ يسمع صوته مثل كاتبنا الذي نتناوله اليوم .انه الاستاذ فتحي عثمان وكتابـــــــــــه الموسوم : ارتريا من حلم التحرر …الى كابوس الدكتاتور .بداية اشكره على مبادرته حيث اهداني كتابه وعندما قرأت سيرته الذاتية المكتوبة على الغلاف الخارجي ادركت انني امام قلم يمتلك ناصية الكتابة وباحث ملم بأسس التحليل والاستقراء لم يحمل الكاتب طبلا ومزمارا ليكليل المديح للجبهة الشعبية ولا حمل بالمقابل خنجرا مسموما يقطع به أوصال التنظيم ، كلا فقد حمل فتحي مشرط الجراح الماهر ، وقام بسياحة فكرية لتشريح عقل وسلوك ومواقف التنظيم .بداية يؤكد الكاتب ان التنظيم (الجبهة الشعبية)، كان وسيظل تنظيم ابناء المرتفعات الارترية فكرا وثقافة وقيادة واسلوبا وكانت القيادة دائما للنخبة من جامعة (اديس اببا) كرد فعل على تجربة جبهة التحرير !.السؤال الجوهري الذي يجب على كل من كان في الجبهة الشعبية الاجابة عليه هو :لماذا نجحت الجبهة الشعبية في مهمة التحرير ولماذا فشلت في بناء الدولة ؟للاجابة على هذا السؤال يقول الاستاذ فتحي عثمان كانت الجبهة الشعبية تنظيما _ عسكريا بامتياز _ سخرت كل قدراتها ومواردها وعلاقاتها لبناء تنظيم عسكري يواجه الالة الاثيوبية العسكرية . بداية من التدريب العسكري العالي والانضباط الصارم والتخصصات العسكرية المتنوعة ،وشبكة الاستخبارات العسكرية التي كانت تمثل حماية للتنظيم من اي اختراق والتسليح النوعي ثم الاستفادة من الاسرى الاثيوبيين في بناء شبكة مواصلات على امتداد ارتريا واخيرا التحالف مع (وياني تغراي) لاضعاف جبهة العدو الاثيوبي وتصفية الخصوم الداخليين ( جبهة التحرير)! .وكلما تحققت الانتصارات العسكرية كلما اقبل على التجنيد واصبح الجيش الشعبي هو الاداة وهيكل التنظيم ووسيلته لتحقيق الاتنتصار.ثم جاء الاستقلال واصبح الجيش الشعبي بقياداته وكوادره على رأس الدولة .اما السؤال الثاني حول : بناء الدولة ، يقول الكاتــــــــب:بناء الدولة يتطلب التنمية ، وتلك بدورها تشترط المشاركة السياسية وهنا ( واقف حمارالشيخ في العقبة ) ذلك الشعار ( المشاركة السياسية ) لم يكن جزا من فكر الجبهة الشعبية .. لم تؤمن به يوما ما ولم مارسته في مرحلة الثورة .ذلك الضعف السياسي ظهر في تجربة الجبهة الشعبية في مرحلة الثورة : رفضها للحوار مع الفصائل الارترية ،بل وحتى مستوى الاداء في مفاوضات ( اطلانطا) مع العدو الاثيوبي …. الخلذا فقد لجأ التنظيم في مرحلة الدولة الى ما يجيده ويملكه ( الثورة العسكرية ) … حروب مع دول الجوار وتصفيات الخصوم في الداخل حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه … دولة فاشلة … شعب متشرد وعزلة اقليمية ودولية .كلمــــــــة ختام يوججها الكاتب الى من يحاولون تجميل وتجديد تجربة الجبهة الشعبية … لاتتعبوا حالكم – الجبهة الشعبية – او ماتبقى منها – تنظيم ( معاق) سياسيا لا يقبل الاصلاح ولا يقدر عليه . ويشير الكاتب الى مأزق خطير افرزته تجربة الجبهة الشعبية : لقد فرضت على معارضيها الخيار العسكري لحسم الصراع .. لا حوار ..لاسياسة.. ونتائج ذلك ليس الحروب الاهلية المدمرة، بل وربما تؤدي الى ضياع الاستقلال !؟التحية مرة اخرى لهذا القلم المبدع والشجاع لقد صدق مع نفسيته ومع شعبه وهذا هو طريق التغيير الحقيقي.آخــــــــر الكلام .دكتاتور ارتريا هذه الايام يعيش حالة ( نشوة ) ومعنويات عالية …السبب ليس مبادرة سياسية تخرج البلاد من حافة الهاوية و لا هو ظهور حليف اقليمي او دولي يفك عزلة النظام … كلا السبب ببساطة هو فوز نادي ( ارسنال )الانكليزي بكاس انجلترا !يقول احد الظرفاء لولا الحياء لكان الدكتاتور سيأمر بعطلة رسمية في البلاد وزيادة مرتبات الموظفين !؟أصبح تأييد وتشجيع (ارسنال ) جزءا من عقيدة النظام ومعيارا للولاء والطاعة .. يقول احد المقربين من الدائرة الخاصة :اذا كنت تريد اختبار ولاء اي شخص عليك ان تساله عن الفريق الانجليزي الذي يؤيده … حتى من هرب واصبح من المعارضين .. اذا اجاب انه يؤيد ( ارسنال ) فذلك يعني ان لديه بقية من سحر وتأثير الدكتاتور واذا ذكر فريقا آخر اثبت انه تطهر وتخلص من الولاء!؟هكذا هي دولة ارتريا اليوم خواء فكري وجمود عقلي وانشغال بسفاسف الامور حتى تحدث الطامة الكبرى …ذلك يوم نسأل الله ان يحمي الشعب الإرتري منه.كـــــــــان الله في عون الشعب الإريتري .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى