أبوظبي التي تجأر نيابة عن أفورقي .. أي دور في إريتريا …؟
21-Nov-2017
عدوليس ـ ملبورن
لا يفوت على حصافة المتتبع ، الصوت المشروخ الذي بدأت الصحافة الإماراتية بإطلاقه، حول الأوضاع الإريترية الراهنة ، في محاولة منها لإظهار ما حدث من هبة غير مسبوقة على أنه فعل تم بتأثيرات خارجية وتحريض قطري، وما يعرف بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، بل سعت الصحافة الإماراتية إلى تعليق الحبل على رقبة الناشط الإريتري محمد جمعة أبو راشد ، بوصفه أحد أهم أذرع الصناعة القطرية للبلبلة في إريتريا، ونقول أن إدراك المواطن الاريتري العادي لعدم صحة ذلك المنهج المغروض والمفروض من السلطات الإماراتية ، لأنه ببساطة يعلم جيدا ماهي محركات تلك الهبة ، وما سيأتي بعدها من انتفاضات متسلسلة، وهي – المحركات الهبة الشعبية ليس بينها الدافع القطري، ولا التغطية الإعلامية لوسائط الإعلام القطرية ، وبالضرورة ليست هذه الهبة بفعل وتحريك خارجي أي كان هذا الخارج ، بل هو نتيجة سلسلة من
المظالم والاضطهاد وانعدام العدالة ، وهضم الحقوق، ومصادرة الحريات ، كل ذلك وغيره هي الأسباب الحقيقية المحركة لما تم وسيتم من انتفاضات واحتجاجات ووقفات مساندة من قبل الاريتريين بالخارج وداعمة لإخوانهم بالداخل، والتي بالضرورة لم يقم بها تيار بعينه دون الآخرين.
إذا كان الوضع هكذا ، لما برزت الأخبار والمقالات المروجة للنهج الإماراتي في تعاطيها مع الواقع الاريتري؟ ونشير هنا لما ورد في صحيفة البيان الإمارتية وموقع الأمارات اليوم. ومحاولات تصوير الهبة الشعبية المطالبة بالحقوق.
ان تلك “المقالات” والتقارير الإخبارية والتي يتم ( طبخها ) في أروقة المخابرات الإماراتية والاريترية، ويتم ( ترويجها ) مع سبق القصد والانتقاء عبر وسائل الإعلام الإمارتية المملوكة للإمارة ثم إعادة إنتاجها عبر بعض الصفحات الشخصية لأسماء بعينها في وسائط التواصل الاجتماعي ، لتبدو وكأن الأمر يتم بالصدفة المحضة ، وتمرر الرسائل المراد تمريرها عبر تلك الصفحات التي أصبحت مكشوفة الآن ، وقد تصدر أصحابها بنقل مقالات بعينها، أو إيراد صور تشير إلى أن الأوضاع في إريتريا هادئة، ويستخدم في ذلك شعارات قد تدغدغ مشاعر الوحدويون الارتريين، حول التعايش السلمي ونبذ الخطاب الطائفي، وجملة ما يمكن تصنيفه بأنه ( كلمة حق أريد بها باطل ) ، فالجهات التي تطبخ تلك الأخبار والمقالات والتحليلات الخبرية تتمتع بذكاء إجرامي، يتم بواسطة فريق عمل متكامل، وعندما يكون ذلك ال ( كاتب ما ) معروف، واللهالة التي تحيط به معلومة للجميع، وعلاقاته مع مراكز أو مؤسسات ( أبحاث ) مشبوهة ، ويديرها أشخاص عرفوا طوال تاريخهم في العمل العام بالتأرجح وعدم الحياء وتغيير المواقف بلا أدنى وجل، يصبح الأمر واضحا وضوح الشمس.
ان كان قناة الجزيرة القطرية ومن خلفها دولة قطر أجندتها ، في التعاطي مع ما يدور في المنطقة ، فذلك لا يمنع توفر الأجندة الخاصة لبقية الدول الضالعة في الشأن الإريتري، بمختلف أنواع وأشكال ذلك التعاطي أو الدخول أو التدخل في الشأن الاريتري.
الحديث عن الدور والموقف الإماراتي يجب أن يكون بالعمق الراسي الذي يسبر سطح الأحداث ليصل إلى إلى محركاتها في الأصل ، هل كان التقارب بين أمراء ابوظبي فقط بسبب الفجوة التي حدثت بين جيبوتي والإمارات مؤخراً؟ هل كان التعامل الردئ جدا مع القوات القطرية المرابطة كبعثة حفظ سلام وقوات فاصلة بين الجيش الإريتري والجيش الجيبوتي، جزء من اتفاق معد سلفا بين الإمارات واريتريا؟ هل منح الإمارات حقوق غير محدودة في التواجد على السواحل الإريترية والسيطرة على المعابر البحرية والمجال الجوي الإريتري كان فقط لتأمين وجود القاعدة الإماراتية في عصب؟
ألم يكن تأجير ميناء عصب لصالح هيئة المواني الإماراتية جزء من صفقة تحفظ ( ماء الوجه ) وتمهد لإعادة فتح الملاحة البحرية أمام الجارة إثيوبيا لكن عبر وسيط ثالث؟.
إذا تركنا الحديث عن العائدات المالية لتلك الصفقات، والآثار الاقتصادية السالبة على انسان المنطقة بعد حظر التجارة والصيد البحري بل حتى التجوال، لنتحدث عن استراتيجية إماراتية تجعل وجود قواتها في منطقة جنوب البحر الأحمر وانطلاقا من قاعدة عصب الجوية والبحرية ليس مجرد وجود مؤقت فرضته ضرورات مجريات الحرب في اليمن، وإلا لما سعت الإمارات على إنشاء قاعدة أخرى لقواتها في بربره الصومالية بموافقة اريتريه! ولما قامت السعودية بخطوة مؤازرة أتاحت لها وجود عسكري في جيبوتي، إذن فالأمر أكبر من كونه محض تأمين لمواقع إسناد لوجستي للمعركة في اليمن ، بل يمكن أن يوصف بأنه ( سباق خبيث بين الحلفاء ) .إذا لم يكن هنالك ( تآمر ما ) كيف يمكن أن نفسر غض نظر القوات الإماراتية المسيطرة على كامل المنطقة جنوب البحر الأحمر وباب المندب، عن مراكب شحن اريترية تمت إعادة صيانتها وتأهيلها في النصف الأول من هذا العام، لتصل إلى قوات يمنية تحارب الحلف الذي تقوده السعودية وتشارك فيه الإمارات ، وتشترك فيه إريتريا أسياس افورقي .
ثم ، ما حقيقة أن هنالك سفينة إماراتية قد اختطفت في عرض البحر ! هل اختطفت فعلا ؟ أم أنها ( فبركة ) قصد منها ذر الرماد على العيون ، لإخفاء ملامح جريمة تزويد بعض الفصائل الصومالية بالأسلحة، وفق الشبهات التي أحاطت بالحدث، وهي شبهات لها ما يسندها منطقيا نجملها في عدد من الأسئلة منها :
أولا لماذا أبحر السفينة الإماراتية ناحية السواحل الصومالية؟ وما سر القوارب التي قابلتها في عرض البحر وما هي البضائع التي تم تبادلها؟ ذلك حسب ما رصدت طائرات المسح التابعة للاتحاد الأوروبي والمتخصصة في مكافحة القرصنة البحرية ـ ، ثم ماهي خطط الإمارات في المنطقة وماهي مبررات سعيها لإنشاء قاعدة في الصومال، وما دور إريتريا في كل ذلك؟. كلها علامات استفهام كثيرة تشير إلى أن التحالف العربي العامل في اليمن لا يعدو كونه تحالف مرحلي لا يعلم أحد إلى أي حد أو مدى زمني سيستمر.
الوجه الآخر من التآمر هو قيام وحدة التصنيع الحربي التابعة للقوات البحرية الإريترية ببناء عدد (200) زورق حربي مزود بقاذفات صاروخية متوسطة وأسلحة هجومية خلال العام 2017 ، والأسلحة ليست من النوع الذي يتسلح به الجيش الاريتري ولم تنزل تلك الزوارق إلى العمل ، بل لا يعرف أحد مكانها الآن ، حسب متابع للشأن الإريتري والذي يضيف ان بناء الزوارق تم في قاعدة (قدم) البحرية ، الواقعة جنوب مصوع بحوالي (20) كلم، علما بأن ورش بناء وصيانة الزوارق السريعة تتوفر فقط في قاعدة (حليب) البحرية والتي تقع جنوب عصب بحوالي (25) كلم. عليه تُرى لما لم تبنى تلك المراكب هناك؟
ومن أين استجلبت الأسلحة، ولأي غرض أو لحساب أي جهة تم إنشاء تلك الزوارق الهجومية، هل يمكن أن يكون ذلك لأغراض البيع أو الربح، إذن من المشترى؟.
وهل الأطراف المهددة فقط هي الدول او القوات المشاركة في حرب اليمن أم أن هنالك أطراف أخرى قد يطالها التهديد ؟ و يظل السؤال الأكبر أين ذهب ذلك العدد الضخم من الزوارق المجهزة، ووالتي زودت بانواع من الأسلحة التي يمكن أن يصل مداها إلى مسافات داخل البحر الأحمر ؟! .
بناء على كل ما تم ذكره يصبح الحديث عن أن ما يدور في أرض الواقع ، ولجهة الفعل الحقيقي، أكبر من مجرد سجال في الاسافير وفي مواقع التواصل الاجتماعي، بين النشطاء، مؤيدين أو معارضين، وأكبر كذلك مما تنقله محطات التلفزة ووكالات الأنباء التي يجئ أداها وفقا لمصالح عليا تملى عليها ، وليس الموضوع بالأصل صراع بين علمانية وغيرها، بل الأمر يصب في اتجاه سباق استراتيجي للسيطرة والاستحواذ، وربما التأمين المبكر لموطئ رجل في هذه المنطقة المقبلة على مصير قاتم حتى الآن!.