ارتريا …… ذكرى الإستقلال …… وتنكب طريق الإستقرار :أحمدين صالح
12-Jun-2007
ecms
لم أكن راغباً للكتابة عن ذكري استقلال ارتريا ، لأنها في تقديري لا تحمل جديدا كما وضح من خطاب الرئيس إسياس أفورقي ، فهو يشبه من حيث المضمون ، خطاب العام الماضي أو حتي الذي قبله ، فلا بشريات يحملها لهذا الشعب المسكين ،
غير أن المأذق الذي نحن فيه حكومة ومعارضة ، دفعني للتعبير عن نفسي ، كمحاولة للاسهام في تحليل سبب أزمة الحكومة علي الأقل ، فالجبهة الشعبية – الحزب الوحيد الحاكم في إرتريا – مشغولة هذه الأيام بتبييض وجهها من خلال التنقيب في دفتر نضالها وانجازاتها ، وكيف أنها تمثل ولية نعمة الشعب الإرتري ، وصاحبة الانجاز العظيم ،! وهو الاستقلال الذي تحقق علي يدها ، لشعورها أن ذلك سيكون بمثابة تذكير للشعب بماضيها المشرق ، وباالتالي استعادة مكانتها التي اهتزت ، بعوامل عديدة من أهمها النكوص المستمر بوعودها ، وأزمتها الداخلية التي عصفت بتماسكها التنظيمي ، والضائقة المعيشية التي تطحن الشعب الأرتري ، وأفقدته الثقة في حكومته ، غير أن الجبهة الحاكمة لها تفسير مختلف لهذه الازمة – فبظنها – أن الازمة المكبوتة بينها وبين الشعب راجع الي إهمالها أدواتها التعبوية التي ظلت وسيلتها الهامة في تعبئة الجماهير وتوعيتها ، وأن إعادة الذاكرة إلي ماضي الجبهة الشعبية وانجازاتها سيكون بداية عودة العلاقة الطبيعية بينهما ، ومن أهمها إنجاز الاستقلال الذي جاء في لحظة استحكمت فيه حلقات اليأس علي الشعب الإرتري ، فكانت فرحته باالاستقلال لاتعدلها فرحة ، خاصة وأن الجيش الأثيوبي في ايامه الأخيرة قد نشر الرعب في كل مكان بطريقة عشوائية ، فزاد عنت الشعب الإرتري ، وذاق مرارة الموت أكثر من أي وقت مضي ، حتي زهد في الحياة ، فكيف يكون شعوره حينما توهب له الحياة من جديد ، ويزول عنه الكا بوس ، لقد كان أمرا لايصدق. باندحار أثيوبيا داعبت كل إرتري أحلام تضاهي الجبال ، كل فرد يمني نفسه العودة الي أرضه ، يفكر كيف سيكون اسهامه في معركة البناء ، وفي الاتجاه الموازي ، كانت الجبهة الشعبية – وبلاشك – تحلم باضافة رصيد الي رصيد الاستقلال من خلال بناء إرتريا علي نمط عصري وطراز حديث ، ولكنها فيما بدي كان حلما بلا مقومات ذاتية كجبهة ، ولربما كان متوفرا للشعب كمجتع ، الذي لم تستطع ادماجه في عملية البناء ، وبدلا عن ذلك اتجهت في تفكيرها وصداقا تها صوب الغرب الأوروبي والأمريكي البعيد ، وجافت محيطها القريب ، باعتبار هذا المحيط جله من العرب الذي ظل نصيرا للفصائل ذات التوجهات العروبية والاسلامية ، التي ظلت علي خلاف ومواجهة معها ، كما تعاملت مع ملف اللاجئين المبعثرين في جميع أنحاء المعمورة بتوجس ، لظنها ان غالبيتهم يشكلون ارضية الفصا ئل التي رفضت الاعتراف بها بعيد التحرير ،معتبرة اياها عناصر ملوثة بأ فكارها ، فحظها من التأييد وسط اللاجئين لم يكن كبيراً ، فعودتهم عندها كانت تعدل إثارة القلاقل وعدم الاستقرار للدولة الوليدة ، وحرمت بذلك ارتريا امكانات هائلة كانت بالامكان ان تسهم مادياً وعلمياً إذا ماعادت الي إرتريا . فنظرة الى موقف الجبهة الشعبية يومئذ كانت واضحة الميل الى مصادقة الغرب أكثر من محيطها القريب الذي ظل مناصرا للقضية الارترية ، بغية استدرار امكاناته المادية والعلمية من اجل بناء ارتريا المدمرة ، بدلاً عن استنهاض شعبها ، استمراراً لنهج الاعتماد على الذات الذي ظلت تردده ابان مرحلة الثورة ، وهامت بالغرب الى درجة الافتتان ، فكان يلاحظ وفودالغرب التى ظلت تتردد على ارتريا جيئة وذهاباً ، ومن اجل خطب ودها واستدرار عطفها ودعمها حاولت إظهار ارتريا بمظهر الدولة المسيحية ، عبر ما يعكس فى الاحتفالات ووسائل الاعلام المرئية بصفة خاصة ، وابراز المظهر المسيحي فى مواقع بارزة على جوانب الطرق واعالى الجبا! ل والاماكن السياحية ، وفى الاتجاه الاخر حاولت تسويق المعارضة الخارجية والفصائل الاخرى كفصائل اسلامية جهادية متطرفة تتربص بهذه الدولة الوليدة ، وانها مواجهة بالارهاب من البوابة الغربية التي تحازي السودان ، فبادلها الغرب شعوراً بشعورها خاصة بعد بروز الوجه الاسلامى لثورة الانقاذ الوطنى الحاكمة في السودان ، وكان من المألوف أن تجد او تسمع عن وفود وشركات غربية دخلت البلاد ، واجرت مسوحات جيولوجية لإكشاف مكنونات ارتريا من المعادن والبترول ، وشركات أخرى لإصلاح الاراضى الزراعية ، ودورات تأهيل لكوادرها في المجالات المختلفة ، وكنا نعتقد خطأً أن الغرب عزم على تحويل ارتريا الى فردوس القرن الافريقى تحت حكم الجبهة الشعبية ،ولعلها هي الأخري ، قد صدقت هذا الزعم أو الوعد فأطلقت بما أسمته بتحويل ارتريا إلي سنغافورة القرن الافريقي ، كان ثمن ذلك حرمان جناح المسلمين من نصرائهم فى العالم الاسلامى ، عبر إيصاد الباب أمام محاولات محدودة من بعض المنظامات الاسلامية التي أبدت رغبتها ! للعمل داخل إرتريا ، ;وقبل ذلك من اخوانهم الارتريين فى الخارج من خلال التحكم فيما يأتى من الخارج عبر تسليط ميكرسكوب الحكومة على هذا الجناح ، وهذاعطل أحد أجنحة النهوض منذ البداية ، وبقو مصدر شك للحكومة من أن يكونو مناصرين للمعارضة الخارجية لمجرد ابدئهم عدم الرضي بمايجري ، وتاليا سقط بعضهم ضحية ظروفه للتسلط علي بعضهم نظير عطية محدود ة من خزينة الدولة المنهكة فأخذ يتضعضع البناء الاجتماعي للمجتمع . لقد وضح للمتأ مل في مسيرة الجبهة الشعبية في الحكم أن حلمها كان بلا مقومات ذاتية ، فهي كانت تريدإجراء كل هذه التغيييرات من خلال مقاتل بسيط أو عضويتها المحدودة ، وكانت تعتقد أنه سيستمر بذات إنفعاله يوم كانو في الغابات يعمل بحماس وبلا مقابل ، وتصورت أن المجتمع سينضبط بذات إنضباط العساكر الذي يمكن تسييره بالأوامر ، بالرغم مماكان يتطلبه وضع التحول إلي الدولة من تفكير مختلف ، ولا أحد ينكر أن من رحم ألام ومعاناة هؤلاء المناضلين وتضحياتهم ولدت إرتريا ، وتنسم الشعب الارتري عبير الحرية الغالية ، وهم محل تقديره ، ولكنه هو الأخر ظلم جراء تصرفات قياداته بعد التحرير ، والسبب في تقديري ، يعود إلي طبيعة تفكير وتعامل الجبهة الشعبية مع التحول نحوالدولة ، بل قد يعودإلي طريقة تشكيل أفكارجنودها الذين تعزلهم عن المجتمع بحيث تغرس فيهم منذ البداية بطريقة مباشرة أوغير مباشرة مفاهيم التوحش ،فيترفع عن المجتمع ، ويلتصق بالتنظيم ليصبح التنظيم كل شيئ في حياته والبديل عن أهله وعشيرته ، فعجز عن التعامل مع المجتمع ،حينما تحول إلي الدولة ووجه بمطالبه المختلفة ، فلا يمكن أن تتعامل مع الشعب بذات تعامل الجي ش بالامر والتنفيذ ، وإنما بمنطق الحق والواجب ، فلابد أن يري أثر بذله ، في شكل مصالح تتحقق ، ومشاركة تؤمنه من الاستغلال والانحراف ، بما يعني ضرورة الانفتاح علي المجتمع ، وهو ما سقطت فيه الجبهة الشعبية ، بدأ ذلك ، منذ الفشل في التعامل مع القدرات الارترية العائدة الي الوطن بمحض ارادتها ، وقد رفس بعضهم نعمة الحياة المر فهة في الخارج ، والرضي بالعيش في ارتريا ، والصبر علي الحياة الوديعة ، من أجل غد أفضل لبلادهم ، فما كان مصيرهم ؟ تعامل مسئولو الجبهة الشعبية وكوادرها المتنفذة بتوجس زائد لظنهم أن هؤلاء ما جاءوا في هذا الوقت ، إلا لاخذ الكيكة من تحت أيديهم ، فنفرت الكفاءات من التجاهل وسوء المعاملة وعدم التقدير الذي وجدوه ، ونمط التفكير المهيمن علي قيادات الجبهة الشعبية التي لاتقبل النصح والفكرة من غيرها ، كما أدي ذلك ، إلي انحباس امكانات الارتريين في الخارج التي! صدمت بطرق التعامل العقيمة ، وسعي التنظيم للسيطرة علي كل شيئ الي درجة الاصرار للاشتراك في كل المشاريع الناجحة للمواطنين ،وهناك ثمة رويات متواترة تحكي عن سحب شركات الحكومة البساط عن هذه الاعمال لصالحها ربما مستغلة امكانيات السلطة. وبالعودة الي وعود الغرب فقد فتحت الجبهة الشعبية عيونها بعد حين علي سراب وعوداته فهو لايمكن أن يغامر بمصالحه ، أوينجر وراء العواطف ، ولايمكن استغفاله حيث تعامل معها من منطلق مصالحه الذاتية ، ماذا يكسب من دعم ارتريا ، فاصطدم الطرفان أخيرا ، والخاسر الأكبر كانت ارتريا لافتقارها إلي المرونة اللازمة في التامل مع الغرب الذي اعتبرته صديقا لسنوات طويلة ، وعولت عليه كثيرا في احداث النقلة التي كانت تتو! خاها لارتريا ، وفي الاتجاه الأخر لم تستطع الانفتاح علي الشعب وامكاناته وقدراته لاستنهاضه ،فسر نهضة وقوة إرتريا يكمن في موردها البشري ، فتحولت بسبب ذلك ،كل آمانيها إلي سراب ، ومحاولة بلا مقومات ،وجذورها ربما تعود الي عوامل ذات صلة بايام الثورة ، ونجاحها بتناغم جهودها في احداث ثورة في كل المجالات ، ونجحت في اقامة بعض المصانع بالاراضي المحررة ، لانتاج البلاستيك وبعض أنواع الادوية ، والذخيرة ، واقامت المستشفيات التي اكتسبت بعض الشهرة في علاج بعض الامراض ، والذي أكسبهامكانة لدي الشعب كتنظيم عملي أوحاولت أن توحي بذلك للشعب والعالم ، وهذا الانجاز – بلاشك – حافظ علي تماسكها ، وتحقق الاستقلال ، ولكن المشكلة بدأت حينما بلغ الاعتداد بامكاناتها إلي درجة تصورها تسيير دفة الحكم ! بمفردها وبذات عقلية الثورة ، فهي كانت تعتقد بامكانية تسيير الشعب بذات أسلوب الجيش ، وحاولت استغلال الخدمة الوطنية لعسكرته ، حتي تزيل عنه ماتظنه من ترهلات المجتمعات المدنية وعللها، فأدخلت الشباب الجيش عبر بوابة الخدمة الوطنية ، من أجل غرس ماتظنه من المعاني الغائبة في تفكير الشباب وتذكيرهم بالتضحيات ، فكان علي الشباب قطع أقاليم إرترياالمختلفة سيرا علي الاقدام في طريق التعرف علي وطنهم بذات أسلوب المناضلين الاوئل الذين كانو يكابدون مشاق النضال في الاحراش والغابات ، فلربم دفعهم ذلك الي تقدير أؤلئك المناضلين وتذكيرهم بفضلها فى تحقيق الاستقلال ، هكذا دون أن يرتبط الجهد بأي أعمال تنموية في بادئ الامر . كان الاعتقاد السائد لدي المراقب البعيد ، أن الجبهة الشعبية تتوفر علي امكانات علمية هائلة ، وتقوم جهودها علي دراسات وجهود علماء ، وإلا لما ظهرت بهذه القدرات ، التي استغلتها كثيرا في تسويق نفسها كأقوي تنظيم في الساحة لدي الشعب والاصدقاء ، وانتزعت اعجابهما بها ، حتي اذاما فرغت من مرحلة الثورة وانتقلت الي الدولة بدت سوءتها وعجزها ، وظهرت الحقيقة المرة ، وهي أن الجبهة الشعبية لاتمتلك مقومات التعامل مع الدولة ، بل تحكم تدريجيا، ضيقي الافق علي كل مفاصل الدولة ، ولايزالون يعتقدون أن السبيل الوحيد للنهوض بارتريا هو تثوير ! الشعب عبر عسكرته ، وتعبئته بذات أساليب الثورة ، لهذا عادت إلي ماكان يعرف يومها بالتثقيف السياسي الذي عادت إليه هذه الايام كوسيلة لما تعتبره تنويرا للشعب وتعبئة لطاقاته ،فلعله يصبرعلي شظف العيش الذي ساقته إليه – بحسب الجبهة الشعبية – ظروف خارجية قاهرة ،وليس فشل السياسات الحكومية ، ويستبطن ضمنا إلهاؤه عن مشاكله ، ولا شيء له قيمة لدي المسئولين سوي العسكرية لغرس روح الانضباط في الشعب ، تبعا لذلك وضعت كل المقتدرين تحت السلاح ، غير أن ذلك يضطرها لبحث مايشغل هذا الجيش حتي لاينفلت ، وينقلب عليها ، فتنصب له عدوا خارجيا باستمرار ، وتفتعل الحروب مع الجيران . ولكن التساؤل الذي يثور هل هذا هو المخرج ؟ ألم تستفد الجبهة الشعبية من تجربتها خلال الستة عشر سنة الماضية ؟ إن قيمة إرتريا في المقام الاول هي في إنسانها كأهم مورد ، وبامكان الشعب أن ينهض ببلاده ، وليكون ذلك ممكنا وحقيقة ماثلة ،يفترض أن تكون إرتريا واحة للسلام ، تسقطب امكانات الاخرين ،وقبل ذلك امكانات الشعب الارتري في الخارج ، فمايقارب ثلث سكان ارتريا يعيشون في الخارج ولهم إمكانات ما دية وعلمية ، وهم علي استعداد لبذلها في سبيل وطنهم ، ولكنهم لايمكنهم أن يسا هموا مالم يلمسوا ثمة انفتاح لدي الجبهة الشعبية الحاكمة ، وهو ما فشلت فيه علي الأقل حتي الآن ، وتح! اول الالتفاف عليه من خلال اخداعه لعملية غسيل المخ وفلسفة مشكلاته بربطها بعدو خارجي وليس فشل ذاتي في الحكومة ، واستعراض انجازاتها في المجالات المختلفة وتضخيمها واستغلال مناسبة الاستقلال للتعبئة وحشد التأييد واستقطاب الدعم المادي من الداخل والخارج . ولكن ماهي هذه الانجازات ؟ بحسب سجل الحكومة خلال العقد ونصف العقد الماضي أويزيد ،تستطيع أن تقول انها أهتمت بالتعليم فبلغت نسبة المستوعبين فى المدارس من جملة الاطفال الذين هم فى سن التعليم 41% ، وهى نسبة عالية اذا ماقورنت بواقع الشعب الارترى الذى عاش تحت الحروب لاكثر من ثلاث عقود ، كما قفز الجانب الصحى الي أرقام مقدرة ، وتم تشييد الطرق من أهمها طريق مصوع عصب القارى ، وتم تشييد اكثر من ثمانين سداً ترابياً لحجز المياه المنحدرة من سفوح الجبال لإستغلالها فى الزراعة ، وثمة جهود بذلت لإستغلال الثروات البحرية ، والمعادن التى أستغل منها حتى الان الذهب فقط، كما وسعت خدمات الاتصالات فادخلت خدمة الجوال فى مارس 2004م ليصبح عدد المشتركين حتى الان اكثر من ستين الف ، الى غير ذلك من البيانات وال! احصاءات التى تحاول الحكومة الارترية لإستغلالها فى تبيض وجهها ،والاستعراضي الرقمي هو أفضل مرافعة تقدمها في وجه من يحاولون الانقاص منها . ولكنه يمكن أن يكون كذالك وسيلة خطيرة للقدح اذا لم تلمس نتائجه علي أرض الواقع ، وهو الحادث اليوم باعتراف الحكومة نفسها الي جانب أنه يفتقر الي التوازن في التوزيع ، ولكننى ازعم لو ان الجبهة الشعبية انفتحت لكان الوضع افضل من هذا بكثير .فمسيرة الجبهة الشعبية في الحكم سجلت ثلاث مواجهات مع دول الجوار ، كان أخطرها مع أثيوبيا ، واهتزت علاقاتها مع الدول الغربية التي ظلت حليفاتها لسنوات طويلة ، وتجاهلت العلاقات العربية الارترية التي تلهث ورائها الآن ، وظلت تتعامل مع تجارب العالم الثالث بإزدراء وإستعلاء ، فالتجارب الديمقراطية عندها فى العالم الثالث عبارة عن هيمنة شرزمة قليلة على مقاليد الحكم ، اما فى الغرب فهى بلاد عريقة من حقها ان تمارس الديمقراطية ، اما الديمقراطية فى ارتريا فهي شر محض وهى اداة هدم وتمزيق لوحدة الشعب ، ممايعنى عدم! صلاحيتها كنظام حكم ووسيلة مشاركة فى السلطة ، وبمفهوم المخالفة ان انسب نظام هو النظام الفردى الذى بيده كل مقاليد الحكم ، فما يسال الرئيس اسياس افورقى عن الديمقراطية حتى يقفز الى توزيع الانتقادات الى غيره وتضيع الحقيقة وسط سيل من التهويمات ، وينسى ان ما يريده الشعب هو فقط المشاركة فى السلطة باى شكل كان كما كان الوضع ابان فترة الثورة ، يوم كانت تحرص الفصائل على كسب الجماهير والحرص علي اشراكها في اختيار قيادتها . كما تتعامل الجبهة الشعبية مع تجارب دول العالم الثالث فى التنمية بإستخفاف وتصفها بالبدائية التى لاتصلح لإرتريا ، وتتطلع للنموزج الغربي ، وتحول دون انزاله علي الواقع عمليا ، عبر اهدار الموارد البشرية وتجميدها في معسكرات عسكرية لاتثتثير ه ولا تحفزه علي الانتاج ، وخدمة منفرة التي دفعت الشباب الى الهروب بعد ان نفد صبره فى انتظار وعودها التى لم تتحقق ، والأخطر من ذلك أن الجبهة الشعبية لاتعترف بخطأ استراتيجيتها التي أوصلتها هذا المآل ، وغير راغبة في تغييرها خاصة في نظام الحكم . لأول مرة حرصت هذا العام وبتفاؤل زائد ان استمع الى خطاب الرئيس اسياس افورقى بمناسبة ذكرى الاستقلال ، اقلها انه سيعلن عن اجراء إنتخابات عامة فى امد قريب، ومنيت نفسى كذلك ان يعلن هذا العام عاماً للتسامح والتصالح مع الشعب ، وكبادرة اولية يطلق سراح بعض المعتقلين ، حتى ولو كانو من المغمورين ولكنها كان ستكون بادرة تفاؤل وإعادة الثقة بينها وبين الشعب ، وان الخدمة الوطنية لن تكون بعد اليوم الا وفق القانون وبأمدها المحدد فيه ، ويدعو جميع الشعب للانخراط فى عمليات الانتاج ومواجهته بالحقائق التى يعيشها والاعتراف بإخفاق السياسات الحكومية بدلاً عن سرد إنجازات لا صلة لها بواقع الناس ومعاشهم ولا يلمسونها فى وضعهم الانى ، وهى تكرا! ر لما ظل يرد فى الخطابات السابقة ، وسر هذا التفاؤل نابع من تبعثر معسكر المعارضة الارترية الذى ظل يشكل تحدياً غير مباشراً للحكومة الارترية التى لا تريد إظهار التراجع عن سياساتها خشية ان يحسب ذلك لصالح المعارضة أويظهرها بمظهر المنكسر أمامها ،اما النقطة الاخرى فقد ظننت ان تجربة الستة عشر عاما الماضية كانت كافية لتدرك الحكومة الارترية ما تريده الجماهير منها ، والثالثة ان الرئيس الارتري خرج فى زيارات مكوكية الى الدول العربية والغربية لكسر العزلة المفروضة عليها منذ ازمتها الداخلية عام 2001م ، ومحاولة استقطاب الدعم من هؤلاء الاصدقاء ، وكانت لهم نصائحهم واشتراطاتهم خاصة الدول الغربية التي تطالبها باستمرارباجراء اصلاحات سياسية وه! يكلية ، فكان عليها علي الاقل اظهار بعض المرونة من وجهة نظر سياسية ، والرابعة هى ذلك الزخم الذى صاحب هذه الذكرى من قبل الحكومة الإرترية لتحريك الجماهير في الداخل والخارج بقصد إعادة التلاحم بينها وبينهم ،أو هكذا فهمت ، فهذا كان يستدعى استغلال هذه الفرصة حتى ولو سياسياً بمبادرات جديدة داخلياً تحرك حالة الجمود التى تصبغ ارتريا وتعيد الثقة فى الجماهير . ولكن كالعادة خلا من كل هذه التوقعات ، وهو ما يعنى ان الجبهة الشعبية ماضية الى أخر شوط فى نهجها ولا تملك العودة عن هذا الطريق .باحث بمركز دراسات القرن الافريقي 2007/6/12