التحالف الديمقراطي الإرتري هل من تطور جديد يجسده ؟..الأستاذ/ حسن أسد
19-Apr-2005
أسد
يمثل التحالف الديمقراطي الإرتري منعطفا جديدا وهاما في تاريخ الحركة السياسية الإرترية ، إذ أسس لأول مرة قاعدة للحوار الهادف والبناء بين مدرسة الجبهة الشعبية المتمثلة بالحزب الديمقراطي الإرتري والحركة الشعبية الإرترية من جهة وبين فصائل المعارضة الأخرى التي تنتمي معظمها تاريخيا إلى مدرسة جبهة التحرير الإرترية وان مثلت أطياف فكرية متعددة ،
هذا فضلا عن القوى الحديثة المتمثلة في التيارات الإسلامية وكذلك تلك التي عرفت بالقومية مثل حركة تحرير الكوناما وحركة تحرير عفر البحر الأحمر من جهة أخرى . لقد كان الحوار بين هذه الأطراف جد بناء وهادف اذ انعكست خلاله مصداقية كل الأطراف ورغبتها الأكيدة للعمل من أجل تحقيق التحول الديمقراطي المنشود في إرتريا حيث انطلقت من استخلاص الدروس مما آلت إليه الأوضاع السياسية في إرتريا ، وما يشكله غياب الحوار المفضي إلى وحدة القوى السياسية من فرص لتكريس النظام الإقصائي البغيض في البلاد . لقد ظلت العقيدة الإقصائية مهيمنة حتى في أوساط فصائل المعارضة إلى فترة قريبة ، الأمر الذي ألقى بظلال كثيفة على مصداقية هذه المعارضة في الدعوة إلى التغيير الديمقراطي دون إن تجسد الديمقراطية في أوساطها من خلال الاعتراف ببعضها البعض والبحث عن حلول لخلافاتها وتبايناتها عبر الحوار الهادف وصولا إلى القواسم المشتركة واستنباط الحلول العلمية والاستراتيجية للأزمة السياسية في إرتريا . وبهذا الإنجاز تثبت المعارضة الإرترية قدرتها على نبذ هذه العقيدة العقيمة وتضع حجر الأساس لبناء الثقة ليس بين الفرقاء السياسيين بل بين مختلف فئات الشعب الإرتري . إن وحدة القوى السياسية على هدف تحقيق التحول الديمقراطي ينبغي أن ترتكز على آليات عمل تؤمن تعبئة ومشاركة جماهير الشعب الإرتري في عملية التغيير ، لان الديمقراطية الحقيقية التي يتطلع إليها شعبنا هي تلك الديمقراطية التي من شأنها أن تجعل من التنوع قوة خلاقة ، ديمقراطية لا تسفر عن تغييب أو تهميش أي مكون من مكونات الشعب الإرتري . وينبغي أن تتجسد صور البديل الديمقراطي في شكل وممارسة العمل السياسي المعارض . ولا يتأتى ذلك بتغييب دور الجماهير عبر خطاب سياسي مخدر يتسم بالتزيين الخادع لممارسات سالبة من قبل القوى السياسية التي ينبغي أن تمثل قطاعات الشعب الإرتري ولا تنوب عنها ، تترجم إرادتها ولا تكون وصية عليها ، كما يفعل النظام الديكتاتوري المتسلط في اسمرا .وإذا كان ذلك هو المطلوب من النخب السياسية ، فأن ما يطلب من الجماهير بالمقابل هو نبذ الغياب الاختياري عن المسرح السياسي والتغلب على حالة الإحباط وروح الاستسلام للأمر الواقع بالانزواء إلى منابر النقد السلبي لهذا الواقع ، لان ذلك يعني ببساطة توفير المناخ السياسي لصناعة الدكتاتوريات . الحضور الجماهيري في قلب العملية السياسية هو التحصين الفعال للنخب السياسية من النزوع نحو فرض وصايتها ، وهو الأداة الحقيقية لبناء الثقة بين مكونات الشعب الإرتري ومد جسور التفاعل الإيجابي بينها وهو الكفيل بتأمين السلام الاجتماعي وتحقيق التعايش السلمي بعد إذابة جليد الشكوك التي تراكمت في ظل غيابه الدائم وترك الحبل على الغارب في المراحل السابقة . الحضور الجماهير الواعي وليس الغافل هو الكفيل بإرساء تجربة ديمقراطية تعكس لوحة التنوع بكل أبعاده ، والحضور الجماهيري ضرورة استراتيجية لوضع حد سريع للأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعيشها إرتريا من جراء السياسات الخرقاء لنظام افورقي .إن إقامة المظلة السياسية الجامعة لا تمثل في حد ذاتها حلولا نهائية لمشكلات إرتريا المزمنة والمركبة ، ولكنها تمثل الخطوة الصحيحة والمقدمة الضرورية لمعالجة هذه المشكلات بمنهج الحوار التواصل بديلا عن القطيعة وتقابل الخنادق بين الفرقاء . وعلى الفصائل المعارضة أن لا تنغلق فقط في خطاب توصيف الدكتاتورية التي باتت عارية تماما أمام الشعب الإرتري بل عليها أن تقدم أيضا خطاب حلولها ومعالجتها لمشكلات الوطن لتصبح بذلك كتابا مفتوحا أمام الشعب الإرتري صاحب المصلحة في التعيير المنشود لكي تقول كلمتها الفاصلة في الحلول المقدمة .