التفاعل الوطني مع حقوق الإنسان في اريتريا : بقلم الأستاذ عثمان محمد نور – باحث بمركز دراسات القرن الإفريقي
11-Feb-2006
المركز
تأتي أهمية حقوق الإنسان من كونه متعلق بأكرم مخلوق هو( الإنسان)، فالإنسان له كرامة أصلية يجب أن تحترم، وله حقوق يجب أن تحمى و تصان. والتفاعل الوطني هنا اعني به دور منظمات المجتمع المدني الإرتري تركيزاً على عام 2005م ويمكن أن تكون لنا معالجة أخرى لموضوع التفاعل الدولي.
إن الذي دعاني لتناول هذا الموضوع هو مذكرة (التلاحم الارتري العالمي ضد الطغيان) والمنشورة في عدد من المواقع الإعلامية الارترية (الانترنت )وذلك بمبادرة كريمة من الإخوة في موقع عواتي، وبالتضامن مع مواقع ومنظمات مجتمع مدني إرترية أخرى داعين فيها كل الإرتريين في العالم للتضامن والتعاون معهم وذلك بالتوقيع على الاستمارة المعدة لذلك والمنشورة على موقع عواتي الإلكتروني هذا بجانب مشاركتي في اللقاء التفاكري لناشطي حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني بدعوة من مركز سويرا لحقوق الإنسان للتفاكر حول كيفية التضامن مع هذه المذكرة. في البدء أحي كل الإخوة الذين أعدوا المذكرة وبادروا بطرح المشروع، وفي تقديري أن المذكرة لا تخلو من نقص ولكن بالجملة لا خلاف حول مضمونها لأن الهدف والقصد هو الدفاع عن حقوق الإنسان الارتري المقهور السجين مسلوب الإرادة والحرية, ولعل كل منصف حادب على مصلحة الشعب يعلم أن حقوق الإنسان اليوم في إرتريا منتهكة وان كل الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مهدرة, والحكومة الارترية منذ عام 1992م تهدم فيها بمعاولها المتعددة تعمداً وقصداً, ولكن يبقى السؤال ما العمل ؟ العمل هو إشعال شمعة في النفق المظلم بدلا من الاستسلام, بعث روح المقاومة والمغالبة والتمرد على الظلم والقهر والاستبداد أياً كان مصدره, و وسائل المقاومة كثيرة ومتعددة, فمثل هذه المذكرات التي تتبناها منظمات المجتمع المدني هي فرصة لتوحيد رؤانا وجهودنا حول موضوع حيوي وهام، موضوع يجب ألا يختلف حوله اثنان، وكل منا يجب أن يسأل نفسه هل نحن نبذل ما في وسعنا من اجل الدفاع عن سجنائنا؟ أم إن الأمر لا يعنينا في شيء ؟ مثل هذه الأعمال قد تبدوا عند البعض متواضعة ولكني أقول فلنبدأ ونعمل وهكذا هي طبيعة الأشياء تبدأ صغيرة ثم تجوَّد وتتطور تدريجياً, ومن خلال الممارسة والعمل تسنح فرص وتتفتح آفاق, بل وأن هذه الأعمال في الحقيقة تعتبر أعمالاً كبيرة عند منظمات حقوق الإنسان فهي تعتبر إفادات وشهادات هامة يمكن أن يعتمد عليها خاصة في البلاد التي لا يسمح فيها لمنظمات حقوق الإنسان للقيام بواجباتها كحالة بلادنا, حيث أتوقع أن تسهم هذه المبادرة في إعطاء صورة أكثر وضوحاً عن حالة حقوق الإنسان في إرتريا من اجل قيام المجتمع الدولي بدوره المرتجى في مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في إرتريا وذلك إذا صممت بطريقة علمية ووقعت عليها أعداد مقدرة. إذا كان السجناء منزوعي الحرية ومقيدي الحركة خلف الغضبان والأسوار يحاولون إن يقاوموا احتجاجاً على صلف النظام بالإضراب مثلاً عن الطعام رغم صعوبة الحصول عليه وقلة كميته وحاجتهم الشديدة له، فهل يعقل أن يكون دورنا اقل من دور من يعيش في سجن الجلاد ؟ والجدير بالذكر أن الجاليات الارترية في المهجر خاصة في (أمريكا، كندا، السويد، استراليا وبريطانيا) كان لها دوراً بارزاً من خلال منظمات المجتمع المدني في الفترة من (2000-2002م) إذ قامت بالعديد من المناشط تضامناً مع السجناء والمعتقلين تمثلت في المظاهرات السلمية, وتقديم مذكرات التنديد والاحتجاج إلى برلمانات تلك الدول تدين فيها النظام الحاكم وتطالب فيها بالديمقراطية والتعددية الحزبية, كما قامت بتنظيم العديد من المنتديات والمحاضرات السمنارات السياسية والثقافية بغرض تنوير الجاليات في تلك الدول وكان لذلك النشاط آثاره الايجابية, إذ بدأ التفاعل الدولي مع أوضاع حقوق الإنسان في إرتريا منذ تلك الفترة.كما يلاحظ أن منظمات المجتمع المدني الدولية أكثر تهيئاً واستعداداً للتفاعل مع أوضاع حقوق الإنسان وأكثر إدراكاً لما هو حادث في إرتريا أكثر من ذي قبل, والمتابع للتقارير الدولية التي تصدرها منظمات حقوق الإنسان المستقلة عن ( حالة حقوق الإنسان في إرتريا ) يلحظ ذلك بوضوح، ولكن للأسف فإن جهود منظمات المجتمع المدني التي اشرنا إليها في الفقرة أعلاه لم تتواصل كما بدأت بل تقلص نشاط بعضها وتوقف الآخر, إلا إن مما يعد إيجاباً شهود عام 2005م بعض المناشط والتطور لمنظمات حقوقية إرترية مستقلة, إذ نظمت جماعة (الإرتريون من اجل الديمقراطية وحقوق الإنسان – بالمملكة المتحدة) (EHDR-UK) منتدى أوضاع حقوق الإنسان الذي عقد في 19/9/2005م وحضره ممثل وزارة الخارجية البريطانية, ومنظمات دولية لحقوق الإنسان (منظمة العفو الدولية, ومنظمة هيومن رايتس وتش ) وبعض الصحفيين والطلاب وأعداد من الجالية الارترية وأصدقاء إرتريا من البريطانيين وغيرهم، وقدِمت في المنتدى العديد من الأوراق والموضوعات من بينها ( الانتهاكات لحقوق الأقليات الدينية), و(انتهاكات حقوق المسلمين), (الديمقراطية وحقوق الإنسان في إرتريا) والتي قدمها د/دان كونيل – وهو أكاديمي أمريكي مختص في السياسية الأفريقية وله عدة مؤلفات في إرتريا- كما قدمت منظمة صحفيون بلا حدود ورقة (الصحافة المستقلة ودورها في القضايا الوطنية). وفي تقديري إن مثل هذه المنتديات التي تقدم فيها أوراق معدة من جهات مختصة، مع تحديد محاور بعينها للنقاش والتداول حولها والعمل فيها للتكامل والتناغم بين الجهود المحلية والدولية يأمل إن شاء الله أن تحقق نجاحاً كبيراً إذا استطعنا الاستمرار والمواظبة عليها، هذا وقد كان من الأعمال البارزة إصدار مركز سويرا لحقوق الإنسان في 10/11/2005م تقريراً عن ( حالة حقوق الإنسان في إرتريا في 2005م) يقع في 41 صفحة ويتكون من مقدمة وخمسة أقسام: 1- الحريات العامة والحقوق المدنية. 2- الاختطاف واستخدام القوة القاتلة. 3- الاعتقالات التعسفية وأوضاع السجون وأساليب التعذيب. 4-الانتهاكات في إطار تطبيق الخدمة الوطنية. 5- أوضاع اللاجئين. وتم تناول واسع لمضامين التقرير في مواقع الانترنت الارترية وبعض الصحف السودانية. والتقرير على الرغم من أنه تقرير عام وشامل لكل السنوات منذ الاستقلال ولم يكن تقريراً تفصيلياً خاصاً لعام 2005م إلا انه قدم معلومات أساسية وهامة في الأقسام التي تناولها ويعتبر المركز إضافة حقيقة لمنظمات المجتمع المدني في مجاله. والجدير بالذكر أن رئيس المركز الاستاد/ يسن محمد عبد الله هو شخص يجمع بين المهنية القانونية والاحتراف الصحفي. وأشير هنا أن ما ذكرته من مناشط وأعمال هي نماذج على سبيل المثال لا الحصر لما اعتقد أنها من ابرز مظاهر التفاعل مع أوضاع حقوق الإنسان في إرتريا حسب متابعتي للموضوع، ومما لاشك فيه أن لكل المواقع ومراكز الإعلام والقوى السياسية الوطنية أدواراً مقدرة خاصة في مجال كشف وتعرية انتهاكات النظام لحقوق الإنسان. وختاماً من اجل كرامة الإنسان الارتري وحقوقه وحرياته, فلنتضامن جميعاً ضد الظلم والطغيان, وهذا حق مشروع عقلاً وقانوناً كما جاء في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان( ولما كان من الأساسي أن تتمتع حقوق الإنسان بحماية النظام القانوني إذا أريد للبشر ألا يضطروا آخر الأمر إلى اللياذ بالتمرد على الطغيان والاضطهاد). فلا أمن ولا سلامة ولا استقرار في وطن تهان فيه كرامة الإنسان.