كلمة إرتريا :تناقضات ومشاجب خارجية*
20-Jan-2008
المركز
درج الرئيس الإرتري اسياس أفورقي على البحث عن مشاجب خارجية ليعلق عليها خيباته الداخلية ومشكلاته المزمنة وذلك في طريقة هروبية إلى الأمام يخلّص بها نفسه من تحمل مسئولياته أمام شعبه ومواطنيه .
لقد حاولت صحيفة إرتريا الحديثة في افتتاحية عددها الصادر بتاريخ 12 يناير الجاري عبثاً التسويق لمقابلة وسائل الإعلام الإرترية مع أفورقي ووصفتها ( بأنها تأتي في إطار المكاشفة بين القيادة والشعب وإنها ثقافة سياسية خاصة بنا ترتكز على القناعات والحقائق الواضحة ويعتبر هذا النهج ثروة خاصة للشعب الإرتري ). ولكننا إذا ألقينا نظرة عجلى إلى الجزء الثالث المنشور في ذات المقابلة نجده يطفح بالمغالطات والتناقضات والأكاذيب الصراح التي لا تنطلي حتى على ( راعي الضأن في الخلا ) .ففي حديثه عن ظاهرة الفساد التي يعرف القاصي والداني أنها نصبت فسطاطها على إرتريا أزكمت رائحتها البغيضة الأنوف وأصبحت حديث المجالس وملأت الدنيا وشغلت الناس .. شركة البحر الأحمر .. الجنرالات الفاسدون .. قيادات الحزب الطفيليون .. المسؤولون المرتشون .. بالإضافة إلى رجال الأعمال الذين صنعتهم الصدفة وتضاعفت أموالهم من حر مال الشعب الإرتري وبرعاية من أركان الدولة و أتت محاولة إغتيال سيمون قبردنقل خلال الشهور الماضية على خلفية مقتل رجل الأعمال الشاب ( فقري ) لتكشف للملأ أن السلطة الجاثمة على صدر بلادنا والغة حتى أذنيها في الفساد المؤسسي .. ولكن أفورقي حاول تغطية سوأته بورقة توت يسقط جزء منها بين الفينة والأخرى حينما قال خلال اللقاء ( إن الحديث عن هذا الجانب هو بشكل نسبي ..ونستطيع القول بأن الفساد لايوجد في إرتريا ). ثم قام بإلقاء محاضرة مطولة عن الفساد .. اسبابه ..مظاهره .. آثاره بصورة مجردة دون أن يربطها بالواقع الإرتري ووأنحى باللائمة في ذلك على الذين يتبنون الإقتصاد الرأسمالي والطلاب الذين تخرجوا حديثاً من الجامعات والمعاهد العليا واستعرض نماذج الفساد الإفريقية وعندما عاد للحديث عن إرتريا قال ( صحيح إن بعض ظواهر الفساد تطفو على السطح في بلادنا أحياناً ولكن بالمقارنة بما يحدث في الدول الأخرى فهذه أقل ما يمكن الحديث عنه ).وبين نفي أفورقي لوجود الفساد وتقليله لحجمه بالمقارنة مع الدول الأخرى تظهر بوضوح أطنان التزييف ولي أعناق الحقائق الواضحة لتأتي صحيفته الوحيدة لتدبج قصائد المدح والثناء للشفافية والمكاشفة والثقافة السياسية الخاصة والثروة الخاصة وغيرها من العبارات الرنانة الممجوجة التي لا ينطلي على أحد .وفي ذات الجزء من الحوار حاول أفورقي التبرير لظاهرة الهروب الجماعي للشباب إلى إثيوبيا والسودان وتعليقها كعادته بمشجب التأثيرات الخارجية دون أن يتطرق للأسباب الحقيقية المتمثلة في الخدمة الوطنية اللانهائية و الإنتهاكات الواضحة لحقوق الإنسان ( إغتيالات واعتقالات وتعذيب .. الخ ) والضائقة المعيشية حيث قال ( إنها حملة منظمة تقوم بها جهات ودول قوية وأخرى ضعيفة ومنظمات تزعم إنها إنسانية تعمل كمافيا ..وهذه الجهات تعمل حتى داخل الأمم المتحدة والهدف هو التأثير على أوضاع البلاد والشباب بشكل خاص وتستهدف إضعاف قدرات الشعب الإرتري .. وهي ظاهرة مرتبطة بقضية الحدود ) .. لا تعليق لنا على هذه الفقرة ونتركها لفطنة القارئ ولكن نذكّر هنا أن أفورقي في مقابلة أجراها خلال السنوات الماضية قلل من حجم ظاهرة الهروب واعتبرها ظاهرة طبيعية تصاحب الحرب وذكر هروب الشباب الأمريكان أثناء الحرب مع فيتنام كنموذج ووصف الشباب الهاربين ب ( قذارة إرتريا ) وأن عملية الهروب بمثابة تنقية الشعب من القاذورات ولكنه عاد الآن ليلقي على الشعب الإرتري محاضراته عديمة الجدوى التي تستند بشكل اساسي على نظرية المؤامرة وتعلق مشكلات الداخل المتعاظمة على مشجب الخارج . *نشرت كافتتاحية في صفحة رسالة إرتريا بصيفة الوطن السودانية 18يناير2008م