الذكرى التاسعة عشر للإستقلال ..هل من أفق؟*
23-May-2010
المركز
يحتفل الإرتريون هذه الأيام في مختلف أرجاء المعمورة بالذكرى التاسعة عشر للإستقلال المجيد ، وهي مناسبة عزيزة على الأنفس حقق الشعب الإرتري خلالها نصراً عزيزاً مستحقاً نتج لتراكم نضالي وشاركت فيها جميع قطاعات المجتمع وفئاته وشرائحه ، وقُدمت في سبيلها دماء زاكيات وأنفس عزيزة ، فحق للشعب الإرتري أن يحتفل بهذه المناسبة .
إحتفالات هذا العام مثل سابقاتها قطعاً ستكون منقوصة ، والشعب الإرتري سيحتفل والغصة في حلقه والدموع في مآقيه ، بسبب ليل البؤس البهيم الذي أرخى سدوله على ساحته ، ونتيجة للتردي المريع والإنهيار الذي صبغ جميع ضروب الحياة في إرتريا فأصبح أبناؤها يفرون منها صباح مساء هروباً من حياة المذلة والقهر والمسغبة بحثاً عن حياة كريمة قوامها الأمن والسلام والإستقرار ، فتناثرت شظاياهم في كل أنحاء في المعمورة ، وتقاذفتهم دروب الحياة ، وأضحوا كالأيتام على مائد اللئام .لن نسترسل في هذه المساحة في استعراض معاناة الشعب الإرتري في الداخل والخارج على يد افورقي وزبانيته لأن المقام لا يتسع لذلك ولكن حسبنا أن نشير لبعض الأحداث المفصلية التي حدثت مؤخراً على صعيد النظام والمعارضة لنستجلي حقيقة المشهد السياسي في إرتريا ، ولنقف على مآلات الأوضاع المتسارعة التي توحي بأن وراء الأكمة ما وراءها ، وأن المنطقة مقبلة نحو مرحلة جديدة ربما تحقق لشعبنا ما يتوق إليه من الحرية والكرامة والأمن والإستقرار في رحاب بلاده .فعلى صعيد النظام يعتبر القرار الأممي 1907 الصادر من مجلس الأمن بتاريخ 23ديسمبر2009م بسبب دعمه للمسلحين الصوماليين وعدم انسحابه من الأراضي المتنازع عليها مع جيبوتي والذي ينص على عقوبات ضد إرتريا تشمل تجميد أرصدة وحظر سلاح وغيرها ، يعتبر هذا القرار حدثاً مفصلياً في التعاطي الدولي مع النظام الإرتري يرسم المعالم لمرحلة جديدة يتوقع خلالها أن يتعامل المجتمع الدولي بشئ من الحزم مع مساعي أفورقي لإشعال المنطقة وإغراقها في مستنقع الفوضى .ومن المتوقع أن يدخل القرار حيز التنفيذ ويتنزل على أرض الواقع قريبا بالرغم من مساعي عدد من الدول العربية المجاورة وغير المجاورة لرمي طوق النجاة للنظام الإرتري ، إلا أن جميع الحيثيات تشير إلى أن أفورقي كعادته لن يتجاوب مع هكذا مبادرات بما سيؤدي إلى التفاف حبل العقوبات على عنقه .على الصعيد الداخلي قام النظام بمذبحة بشعة طالت العشرات من المواطنين الإرتريين في منطقة مقلو أثناء قيامهم بالعمل في مناجم الذهب فقتلهم بدم بارد في جريمة نكراء يندى لها جبين الإنسانية دون وازع من خلق أو رادع من قانون ، لتنضم إلى سجل جرائم النظام النكراء التي ارتكبها ضد الشعب الإرتري الأعزل في عد ابيتو و ماي حبار وغيرها.وفي المقابل تشهد قضية المعارضة الإرترية تطورات هامة على صعيد التعاطي الإقليمي بحسب ما رشح من أنباء عن إجتماعات مع كبار المسئولين الإثيوبيين على رأسهم رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي بهدف التفاكر حول تطوير أعمالها وتسريع إيقاع أدائها بما يتناسب مع التطورات التي تشهدها المنطقة وبما يتناغم مع سعيها لعقد ملتقى الحوار الوطني للتغيير الديمقراطي المزمع عقده في نهاية يوليو القادم .كل هذه التطورات تتطلب من قوى المعارضة الإرترية جميعاً التسامي فوق خلافاتها الصغيرة وتركيز جهودها في الاستفادة من هذه اللحظة التاريخية وأن تغتنم الرياح الإيجابية التي هبت قبل أن يسكن خفقانها ، وأن لا تهدر الوقت والطاقات في المماحكات والصراعات الجانبية ، وأن تسعى لحل التباينات التي تطرأ في وجهات النظر بالحوار البناء والنقاش المسئول بما يفضي إلى الوصول إلى تفاهمات ترضي جميع الأطراف .كما تتطلب هذه التطورات من الشعب الإرتري بجميع قطاعاته وفئاته الإصطفاف خلف قوى المعارضة الإرترية والمشاركة الفاعلة في برامجها ومناشطها وصولاً إلى التغيير المنشود. * نشر كإفتتاحية في صفحة نافذة على القرن الافريقي التي يحررها المركز في صحيفة الوطن السودانية -21مايو2010م