الذكرى الـ (10) لرحيل المناضل الصلب صالح أحمد إياي بقلم: محمد علي صالح
19-Nov-2014
عدوليس ـ ملبورن ـ
قرأت في موقع عدوليس مقال عن الذكرى العاشرة لرحيل المناضل القائد صالح إياي ( أبو إياي) .. لا شك أنها بادرة طيبة لنتذكر رموزنا الوطنية. شكرا للمناضل/ ولديسوس عمّار على هذه اللفتة. فالمناضل صالح أحد الذين وهبوا حياتهم من اجل اسعاد شعبهم واستقلال هذا الوطن الذي تم اغتصابه من قبل زمرة الجبهة الشعبية.
المناضل إياي منذ نعومة اظافره تفرغ للعمل الوطني وقام وهو طالب بدور كبير في اوساط الطلبة في مجال التعبئة والتنظيم. كما يعتبر من مؤسسي حركة تحرير ارتريا واحد ابرز قادتها وقد تعرض للاعتقال من قبل سلطات الاحتلال الاثيوبي حيث اعتقل في سجن “ألم بقى سيء” الصيت في اديس ابابا وكذلك في سجن “كارشيلي” بالعاصمة اسمرا، وبعد ما ضاقت عليه السبل لمواصلة نضاله في الداخل التحق بجبهة التحرير الارترية حيث عين ممثلا للقيادة الثورية بمدينة بورتسودان. وبعد مؤتمر ادوبحا العسكري تم تعيينه ممثلا للجبهة في الجمهورية العربية السورية.أختير المناضل إياي مسؤلاً لمكتب العلاقات الخارجية لجبهة التحرير الارترية في عام 1971 أي بعد انعقاد المؤتمر الأول للجبهة. ومنذ تسلمه هذا المهام قام بدور كبير في ترسيخ علاقات الجبهة بدول الجوار وخاصة الدول العربية. كما عمّق العلاقة ما بين الجبهة والثورة الفلسطينة بمختلف فصائلها. وبحكم أن لبنان في ذلك الوقت كانت من اهم مراكز الاعلام العربي والدولي فقد استطاع إياي ان يسجل حضورا اعلامياً للثورة الارترية في وسائل الاعلام العربية والدولية. كان إياي يتمتع بثقافة عالية وإلمام بوضع المنطقة ساعداه في نشاطه السياسي. كما تمكن من جلب المساعدات العسكرية والمادية والعينة للجبهة فضلاً عن تمكنه من تأمين منح دراسية للطلاب في مختلف المراحل. كما كان يهتم بالمناضلين الذين كانوا يأتون الى الخارج بغرض العلاج أو لأداء تدريبات ودورات عسكرية أو نقابية ويقدم لهم كل التسهيلات اللازمة بدون استثناء.كان المناضل اياي شجاع وطيب المعشر متواضع وكريم ورجل قرار لا يخشى لومة لائم.بعد عودته الى ارض الوطن مع رفاقه في التنظيم الموحد، وهو نائب رئيس التنظيم، كانت له رؤية ثاقبة لمستقبل البلاد وكان يرى التريث لحين بلوغ الهدف. وعندما تم تعيينه حاكماً لإقليم أكليقوزاي ( الإقليم الجنوبي) قام بحل أكبر مشكلة مزمنة ومعقدة كانت تهدد بانفجار خطير ألا وهي قضية الخلاف بين قبيليتي ” طروعا ” و” صنعدقلي” بسبب الأرض. واستطاع ان يصلح بين الطرفين ويعلن ذلك في مراسم الصلح الذي حضره الرئيس إسياس بحضور اطراف الصراع واعيان البلاد.على صعيد آخر عندما اندلع الخلاف داخل الجبهة الشعبية الحاكمة عام 2001 زاره في منزله بأسمرا المناضلون / محمود شريفو وصالح كيكيا وحامد حمد حيث شرحوا له طبيعة الخلاف وتحركهم ضد الوضع القائم وخاصة هيمنة الرئيس وانفراده بالسلطة دون الرجوع الى الحزب ورفاقه في الحكومة. بعد أن استمع اليهم طرح عليهم عدة اسئلة من بينها: هل الجيش الى جانبكم ؟ هل الحزب معكم ؟ وهل لديكم امكانيات مادية ؟ وغيرها .. فكان ردهم بالنفي. فنصحهم بتجميد تحركاتهم والعودة الى مواقع عملهم حتى تتوفر لديهم مقومات نجاح أهدافهم، وإلا فإن ” الرجل – الرئيس – سيغدر بكم وأنتم أدرى به مني ” . وبالفعل صدق إياي في قراءته للوضع في ذلك الوقت فكان مصيرهم كما تنبأ، إذْ غدر بهم ووضعهم خلف القضبان. وبعد فترة قام الرئيس بزيارة إلى إياي بمنزله ليعوده أثناء مرضه ولكن الهدف لم يكن عيادة مريض إنما للتشفي على جماعته الذين زاروا إياي قبله حيث سمع بكل ما دار بين إياي وزائريه. وبعد أن أدرك إياي هدف زيارة إسياس طلب منه اطلاق سراح رفاق دربه وبالحرف الواحد قال له ” العفو عند المقدرة” إلا أن إسياس لم يرد عليه واكتفى بابتسامة ساخرة.تقدم المناضل إياي أكثر من مرة بمذكرة للرئيس يحثه فيها على اجراء بعض الاصلاحات إلا أنه لا حياة لمن تنادي.هكذا كان العملاق إياي. فغيابه يعتبر خسارة كبرى للوطن. رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته.يجب علينا تذكّر رموزمنا الوطنية لتكون ذكراهم حافزاً لنا في مصيرة تحقيق الحرية والعدالة في بلادنا.