مقالات

الربيع العربي انتهازية الدول الكبرى..وضعف المعارضة الوطنيةبقلم / محمود أبو حامد*

6-Jul-2011

الموقع

من ايجابيات الثورات الشعبية التي اجتاحت العالم العربي مؤخرا، أنها ساهمت في تغير الكثير من المفاهيم المغلوطة التي كانت تعشعش في عقل العالم الأول عن العالم العربي ودول الشرق الأوسط او ما يسمى بالعالم الثالث بصفة عامة،

حيث ان مفاهيم كثيرة ظل يرددها الغرب عن العالم العربي ومنها انه لم يكن بعد جاهزا لخوض أي تجربة ديمقراطية، وكان الإنسان الغربي ينظر إلى نظيره العربي بأنه شخص غير مؤهل للديمقراطية وتلك نقيصة في قواميسهم.ويقول خبراء ان الحكام العرب في المنطقة ربما ساهموا بشكل او آخرا في الترويج لهذا المفهوم، وذلك تحت ذريعة ان فتح باب الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية قد يفتح أبواب الفوضى ويقوض الأمن والاستقرار مما يعرض مصالح الغرب وفي مقدمته الدول العظمى إلى المخاطر، الأمر الذي جعل قادة تلك الدول يدعمون أنظمة حكم غير ديمقراطية وتنتهك حقوق الإنسان علنا في العالم العربي بهدف الحفاظ على مصالحهم المقدمة طبعا على حقوق وكرامة بني البشر، دون النظر إلى الاعتبارات الإنسانية في هذا السياق، وهنا بات الغرب يكيل بمكيالين على اعتبار انه يتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وضرورة الإصلاح متعدد المسارات وغير ذلك من عبارات النفاق السياسي في وسائل الإعلام، فيما يسخرون في الخفاء كل إمكانياتهم وخبراتهم بهدف توطيد حكم شخصيات لا تمت إلى الديمقراطية بصلة ويقوم حكمها على الفساد والاستبداد والقمع وغير ذلك من الممارسات التي تتنافى وابسط أبجديات حقوق الإنسان.وبحسب بعض الدراسات ومراكز الرصد، فان الثورات الشعبية في العالم العربي يعتبرها كثيرون ظاهرة صحية، تعبر عن مدى تطلع شعوب العالم العربي إلى الحرية والديمقراطية والكرامة والممارسة السياسية المبنية على التعددية السياسي واحترام حقوق الإنسان، الأمر الذي جعل الآخرين يغيرون نظرتهم القديمة التي خلدت في مخيلتهم والتي تقول ان التحول الديمقراطي في العالم العربي موضوع غير صالح ولم يحن أوانه بعد.لكن في المقابل، فان بعض الأنظمة الغربية والتي كانت تحابي بعض الأنظمة العربية من اجل المصالح فقط، أصبحت اليوم تركب موجات التغير الشعبية في العالم العربي مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، في وقت لا تزال فيه بعض القوى الكبرى كالصين وروسيا تحن إلى العهد البائد ولم تخف تعاطفها مع رموز تلك الأنظمة التي خلعتها شعوبها.لكن المخاوف تكمن في ان الحراك الشعبي الخالص في ثنايا الثورات العربية أصبحت الدول العظمي تستغله أيضا بما تقتضي بوصلة مصالحها المتشعبة، خاصة وان المعارضة الوطنية العربية بحسب المراقبين لا تملك برنامج ورؤية جاهزة لقيادة التحول الديمقراطي في المرحلة القادمة والتي يفترض بها ان تكون أكثر انفتحا وشفافية، كما انها تعاني من الضعف، ولهذا فان الدول الكبرى تحاول جاهدة ملئ هذا الفراغ الداخلي عبر تقديم البديل وتحديد ورسم ملامح المرحلة المقبلة بالطريقة التي تتواءم وخدمة أجندتها ومصالحها في تلك البلدان الأمر الذي جعل كثيرين من العقلاء والوطنيين العرب لا يتفاءلون كما هو حال البعض، ويخشون من ماهية التغير القادم ويشككون في كثير من العناصر الخارجية التي تحاول ان تندس فيه وتكون أصيلة فيه، رغم انه جاء بدماء عربية غالية وبثمن باهظ.ويأتي أشكال التدخل الأجنبي في الثورات العربية، كما يقول محللون وخبراء عرب، مغلفة بالوعود بالمساعدات المادية والإنمائية، ورعاية مجموعات معارضة تكون قد أقامت ردحا من الزمان في الغرب، وكذلك بالوقوف وراء القرارات الدولية التي تدفع بها الدول الكبرى للتدخل العسكري في بعض بلدان المنطقة وهو ما يتخوف من تداعياته المستقبلية من تهديد استقرار المنطقة وصناعة حروب أهلية.وهنا يحمل البعض المعارضة السياسية في الأوطان العربية والتي ظلت قابعة في المؤخرة الاجتماعية بلا أي حراك لسنون عدة مسئولية المراوحة السياسية بعد الثورة، لكنها سرعان ما تركب قطار الثورات الشعبية العفوية وذلك بهدف الوصول إلى السلطة التي ظلت ترنو إليها من بعيد طيلة تلك الأعوام، حيث ان كثيرين يعيبون على تلك المعارضات دس انفها في الانتفاضات الشعبية التي واجهت الرصاص من اجل انتزاع التغير لتوجيه ضفتها بما يتماشي وبرامجها.وفي ذات الوقت فان البرنامج الذي تتفضل به هذه المعارضة لا يرتقى إلى طموحات جموع الجماهير والشارع الثائر، بل ان بعض تلك المعارضة يتهم بأنه خرج أصلا من عباءة النظام البائد وتدثر بثوب الثورة الذي نسجته دماء الشهداء.فنظرة فاحصة إلى التنظيمات والمعارضة العربية، نرى ان بعضها ارتبط بأنظمة، والبعض الأخرى عارض تلك الأنظمة، وبعضها عانى من التضييق والتنكيل والقمع، وآخرون واجهوا مشكلات لا حصر لها على المستوى الفكري والسياسي، لنجد في النهاية قوى سياسية محطمة.وفي المحصلة، نقرأ في المشهد مزيد من خلط الأوراق وضياع الحلم الثوري بين انتهازية القوى العظمى التي اعتادت على الاصطياد في المياه العكرة والسباحة في الأجواء المسمومة، وبين انعدام كيان سياسي داخلي قوى يقود حركة الشارع في هذا البلد أو ذاك بعد نجاح الثورة في إسقاط النظام وتلك أكثر مراحل التاريخ صعوبة.وهنا يمكن طرح هذا الاستفهام، هل الثورات الشعبية التي أفلحت في إسقاط الأنظمة عليها ان تسلم المستقبل للمعارضة الوطنية الضعيفة التي لا تلك برنامجا بعد..أم يقع أيضا على الثورة عبء صياغة برنامجها في الشارع وما على التنظيمات والأحزاب إلا التكيف والانسجام معه؟!* كاتب ومحلل في شؤون القرن الإفريقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى