“النقرة” مرثية الوداع الأخير..! بقلم/ فتحي عثمان
5-Aug-2015
عدوليس ـ ملبورن
النقرة (بضم النون) اسم لأحد إحياء الكويت القديمة. في شارع قتيبة من هذا الحي والذي يعرف بالتقرينية باسم شارع (قطبا) أي التوفير أو الاقتصاد يقع مقر الجالية الإرترية أو مقر المنظمات الجماهيرية التابعة للجبهة الشعبية. واكتب هذه المرثية أولا لأن الذاكرة الجمعية الإريترية ونتيجة للهجرة والتهجير ثببت لها مقرات أصبح من التكوين الوجداني لقطاع من الشعب الإريتري. مثل مقر شارع شريف في القاهرة والنقرة في الكويت ولربما كان لبغداد والشام وجدة مقراتها أيضاً. نؤرخ وبعيداً عن السياسة وتوابعها لذاكرة الشتات الجمعي. عرفني أبي الذي كان دائم الحضور في النقرة. كان قبل مجئ الأسرة في نوفمبر 1978 من سكان
النقرة مجازا لأنها كانت سكن لاصدقائه للمقاتلين الذين أصيبوا باعاقات جسيمة في ساحة الشرف وقدمت لهم حكومة الكويت فرص العلاج. كان لأبي سيارة ميتسوبيشي لانسر تبرع بها للنقرة حتى يريح نفسه قليلا من إجهاد التوصيل المستمر للمترددين عليها خاصة العاملات اللائي يحضرن للاجتماعات ولا يجدن من يقم بتوصليهن. ورثت حب النقرة منذ المتوسطة حتى ترأست مرة الهيئة الإدارية للإتحاد الوطني لطلاب اريتريا في سنوات دراستي الجامعية. من الرموز التي أسست لوجود النقرة كان العم المناضل محمد علي الأمين والذي كان مسئولا لمكتب قوات التحرير الشعبية ثم لاحقاً مكتب الجبهة الشعبية. وكان له الدور في الأكبر في إدخال الطلاب الارتريين كل المراحل الدراسية في مجهود جبار لم يخل أحياناً من طرافة. تعاقب على النقرة رجال ونساء مخلصين آمنوا بالثورة وناضلوا من أجلها. من ضمن رموز النقرة أيضاً الخالة جزائر تلك الأم المصرية التي كانت تبكي دما وهي تشاهد فيلم نقفة 1977 كانت رحمها الله أم لكل المناضلين. وأمثالها من الرجال والنساء كثر وهم من قاموا بجمع أكثر من 15 الف دولار (في الثمانينات) من أجل مدرسة الثورة. مر على النقرة رموز في العمل النضالي قد لا تسمح السانحة بذكرهم جميعاً ولكن أخص منهم الأخ عبد الله جابر والذي عمل ممثلا للتنظيم في الكويت وهو في مقتبل الثلاثينات من العمر. كانت النقرة ملتقى يحلو الاريتريين التجمع فيه وتعاقبت عليه أجيال، وندعو كل جيل لتوثيق ذاكرة الشتات التي مثلتها النقرة التي يعود تاريخها الي بداية السبعينات وسوف يتم هدم مبناها في الأيام المقبلة. وقبل الهدم أتمنى أن يقوم مصور محترف بتصوير المبنى من الداخل والخارج حتى يبقى منه أثر ما. هناك الآن تجمع باسم النقرة يضم كل الذين كانوا من رواد المبنى ويقيمون الآن في مختلف الدول ويلتقون سنوياً في احدي الدول الأوروبية لإحياء ايام النقرة ويتولى مسئولية التجمع العمدة حسين طبسا أحد رواد النقرة القدامى. رواد هذا التجمع السنوي سوف يحزنهم بلا شك هدم هذا المبنى الذي تقوم جدرانه من أحاسيس وذكريات. سقى الله أيام النقرة الخوالي.