الوزير المناضل براخي وموقفه من اللغة العربية ! بقلم / محمد نور أحمد
13-May-2019
عدوليس ـ ملبورن
قرأت مؤخرا وفي موقع “عونا ” مقالا للأستاذ محمد نور فايد يحمل فيه المناضل براخي قبرسلاسي مسؤولية إلغاء اللغة العربية كلغة تعليم في المرحلة الإبتدائية وإقرار التعليم باللغة الأم بدلا عنها.يقول الأستاذ محمد نور في مقاله :
عدت من السودان إلى إريتريا بعد الإستقلال في عام 1991 . ويقصد بعد التحرير لأن الإستقلال تم في عام 1993م بعد تصويت الشعب الإريتري لصالح الإستقلال في الإستفتاء الذي أشرفت عليه الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي . يقول الاستاذ أنه قد وجهت له دعوة من إدارة التعليم بصفته حينها مشرفا تربويا في إقليم عنسبا لحضور إجتماع لإدارة التعليم برئاسة براخي قبر سلاسي لوضع برنامج لعملية التعليم في المرحلة المقبلة وفي اليوم الثاني للإجتماع الذي أستمر لأربعة أيام أعلن براخي أن التعليم في المرحلة الإبتدائية سيكون هذا العام باللغتين التجرنية والإنجليزية ، وسيبدأ التدريس بلغة التجري في العام القادم أي منهاج التعليم باللغة الأم .بعد إستماعي لتلك التصريحات المجحفة غضبت غضبا شديدا ، فقد إستفزني تصريح الوزير فسردت للوزير تاريخ ومكانة اللغة العربية بين المسلمين. ــ أنتهى حديث الأستاذ محمد نور فايد ــبما أنني لم أكن موجودا بإريتريا حينها فلا تعليق لي على على ما ورد من كلام الأستاذ محمد نور فايد، ولكنم إذا عدنا لتاريخ الثورة الإريترية فأننا نجد ان التعليم باللغات الأم جاء نتيجة للقرار الذي صدر عن إجتماع اللجنة الإدارية لقوات التحرير الشعبية ـ الجبهة الشعبية ـ لاحقا في إجتماعها في شمال بحري عام 1975وذلك بإلغاء رسمية اللغتين العربية والتجرنية لأن كل اللغات متساوية وأن تبني العربية والتجرنية لغتين رسميتين للتنظيم سيحول دون تطور بقية اللغات ، حسب القرار ، ومن حينها بدء التعليم باللغة الأم في المدارس التي كانت تحت سيطرتها، لكم في عام 1992م بعد التحرير أعلن الأمين محمد سعيد الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية في ذلك الوقت ان التعليم باللغتين العربية والتجرنية سيبدأ العمل به من الآن فصاعدا إستجابة لرغبة الجماهير ، وبالفعل نفذ القرار منذ ذلك الحين حتى 1995م تحت أشراف برخي قبرسلاسي وزير التعليم.
في عام 1995 اصدر اسياس افورقي تعليماته لبراخي لإصدار تعميم إلى مديري المدارس الإبتدائية ببدء التعليم باللغة الأم ، لكن براخي إعتذر عن تنفيذ هذه التعليمات لأن الشعب حسب تبريره سوف لا يقبل ذلك فأزاحه اسياس من موقعه وعينه وزيرا للإعلام وأحل محله عثمان صالح وزير الخارجية الآن والذي نفذ تعليمات اسياس ليس هذا فحسب بل نظم سمنارا في قاعة مبنى وزارة التعليم ـ قاعة البرلمان الإريتري في عهد الإتحاد الفيدرالي ـ السمناركان مكرسا للتعليم باللغة الأم وقد أداره الوزير نفسه.
قدمت في السمنار عدة أوراق لا أتذكر الآن عددها لكنها كانت محددة ، ثلاثة منها تدافع عن التعليم في المرحلة الإبتدائية باللغة العربية واحدة منها كانت للدكتور يوسف عثمان نبراي وفيها أوضح بعض الجوانب الإيجابية للتعليم باللغة الأم لكنه أكد تمسك المسلمين باللغة العربية لذلك لا مندوحة من الإستجابة لمطلبهم. الورقة الثانية كانت للمرحومة محرت أيوب زوجة براخي وكانت موظفة بوزارة التعليم وفيها قالت بما ان الشعب الإريتري يجمع على رسمية اللغتين في المرحلة الإبتدائية فلا مناص من الإستجابة لرغبته وأوضحت مزايا اللغتين في التعليم في المرحلة الإبتدائية .
الورقة الثالثة والتي تمسكت بالتعليم باللغتين العربية والتجرنية كانت الورقة التي تقدم بها شخصي المتواضع وبينت فيها ميزات اللغة الهربية بالنسبة للمسلمين بإعتبارها لغة دينهم فهم يجمعون عليها ويبعثون أطفالهم إلى خلاوي القرآن حيث يمحون أميتهم باللغة العربية وكذلك الأمر للتجرنية فالكتاب المقدس مترجم باللغة التجرنية وأقترحت أيضا ان تدرس اللغتين في الإعدادية والثانوية كالغتين وأن تكون في جامعة اسمرا عندما تفتتح قسمين في كلية الآداب ، قسم للعربية وقسم للتجرنية، وقد حظيت الأوراق قبول غالبية الحضورالذي عبر عنه بالتصفيق الحاد بعد إنتهاء كل ورقة .*
الاستاذ محمد نور فايد كان ضمن الحضور في هذا السمنار ولكنه لم يرفع يده للمساهمة برأيه في أي من الأوراق إلا انه كان يتحرك في وسط الحضور لبث رأيه وخاصة بين من كانوا ينتمون إلى أثنية البلين ويطلب تأييدهم للتعليم بالغة الأم لتعليم أبناء هذه الإثنية بلغة البلين ، فقال له أحدهم وهو حي يرزق : نحن بلين ولكن نتمسك باللغة العربية .وبعد فترة وضع الأستاذ محمد نور فايد كتابا بلغة البلين وطلب من مركز الدارسات للجبهة الشعبية طبعه، ولم يستجيب المركز لطلبه فيبدو انه قد تفوه في حالة رد فعل حسبما سمعت ببعض العبارات المعادية للمركز والحكومة الإريترية ، فالقي عليه القبض وقضى بالمعتقل ستة أشهر فارق بعدها البلاد سرا وإلتجأ إلى استراليا وقد غير رأيه مؤخرا وصار يدافع عن اللغة العربية وهذا موقف يحسب له .فالوزير براخي موقفه من التعليم هو ما سبق ذكره وهو يدفع ثمنه وثمن مطالبته بتطبيق الدستور ولا يعرف ان كان حيا أم ميتا ، كما دفعت زوجته نفس الثمن حين ما ألقت بنفسها من على سطح منزلها يأسا وإحتجاجا على نظام أفورقي الذي مزق اسرتها وأسر إريترية كثيرة ففاضت روحها.براخي واسرته قد دفعوا الثمن باهظا لموقفهما من التعليم باللغة الأم وتطبيق الدستور، لذلك لابد من إنصافها وإيفاء حقها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* تم نشر ورقة الأستاذ محمد نور أحمد في نشرة “مبادرة الإريترية ” بالخرطوم عام 1998 على وجه التقريب.