مقالات

ثورة أكتوبر:اختلاط الدم الإرتري بالسوداني .. محمد سعيد ناود – أسمرا

24-Oct-2007

المركز

قامت ثورة 21 أكتوبر 1964م السودانية ، وكانت ثورة شعبية بكل ماتحمل الكلمة من معنى ، فقد أعلن الإضراب السياسي وهو ابتكار سوداني والأول من نوعه . وقد كان إضرابا شاملاً شل حركة الدولة السودانية وشمل العمال والطلاب والتجار وحتى البوليس .

ونزلت المواكب الجماهيرية إلى الشوارع في كل مدن السودان تهتف بسقوط الحكم العسكري ، وتصدر المعركة رجال القضاء وحماة القانون من القضاة والمحامين يتقدمهم رئيس القضاء السيد بابكر عوض الله حاملين مذكرتهم الشهيرة إلى الفريق إبراهيم عبود والتي كانت تحمل مطالب الشعب السوداني المتمثلة في إنهاء الحكم العسكري . وقبل ذلك كان إتحاد طلاب جامعة الخرطوم قد فجر فتيل الثورة في الندوة الشهيرة التي أقامها الدكتور حسن عبد الله الترابي عن الجنوب حيث حدث الاصطدام بين الطلاب والبوليس في حرم الجامعة وكان شهيد الحركة الطلابية السودانية ( القرشي ) قد سقط برصاص البوليس مضرجاً بدمائه . وفي قلب الخرطوم زحفت الجماهير الغاضبة نساءا ورجالا وأطفالا باتجاه القصر الجمهوري لمحاصرته ، وأمام القصر بدأ الرصاص ينهمر من فوهات بنادق الجيش لمنع الجماهير من اقتحام القصر . كان هناك صرعى وجرحى ، وكان في الصفوف الأمامية عضو قيادة حركة تحرير ارتريا وممثلها في الخرطوم الأخ يسين محمد صالح عقدة الذي أصيب برصاصة في بطنه وخرجت من ظهره ، وبينما هو يترنح وينزف سقط على الأرض مغشيا عليه . وكان من بين المهاجمين للقصر الأستاذ ميرغني ألنصري المحامي وكان من أنشط أعضاء ( جمعية الصداقة الإرترية السودانية ) . وبالصدفة شاهد زميلنا يسين عقدة ملقي على الأرض مضرجا بدمائه ، فاتجه نحوه وحمله على سيارته وانطلق به إلى المستشفى حيث تم إسعافه ، وظل بسرير المشفى فترة طويلة حتى برأت جراحه . وفي المستشفى قام بزيارته عدد كبير من رجالات الأحزاب السياسية السودانية ومنهم الشيخ الزبير عبد المحمود والسيد الصادق المهدي ، الأستاذ الصادق عبد الله عبد الماجد ، الشيخ علي عبد الرحمن الأمين ، الأمير عبد الله عبد الرحمن نقد الله ، الحاج مضوي محمد أحمد . كما كان في مقدمتهم الأستاذ عبد الخالق محجوب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني حيث قال للأخ يسين : ( إن دمك لم ولن يذهب هدرا لأن اختلاط الدم الإرتري بالدم السوداني له مغزى عميق ) . وقد تأكد ذلك عملياً في مراحل لاحقة حيث شارك الكثيرون من الشباب السوداني في الثورة الإرترية وهناك عدد منهم قد أستشهد في ساحتنا الإرترية كما أن آخرون واكبوا ثورتنا وناضلوا في أجهزتها المختلفة حتى يوم التحرير مثلهم مثل باقي الإرتريين ، كما أن آخرون لازالوا يساهمون معنا في معركة إعادة البناء والتعمير . بسقوط الحكم العسكري وعلى رأسه الفريق إبراهيم عبود وانتصار ثورة أكتوبر السودانية فقد قام أول موكب من نوعه في الخرطوم ، فقد احتشدت الجماهير الهادرة وهي تحمل لافتات تعبر عن تأييدها للشعب الإرتري وقضيته العادلة تردد الهتافات التي تعبر عن هذا الموقف عبر مكبرات الصوت ، وكان على رأس الموكب الأستاذ ميرغني ألنصري المحامي ، الأستاذ بابكر كرار المحامي ، الأستاذ عثمان عبد الهادي المحامي ، وكانوا جميعهم أعضاء في ( جمعية الصداقة الإرترية السودانية ) التي كانت تعمل بشكل سري أثناء الحكم العسكري ، وقد أتجه الموكب من قلب الخرطوم باتجاه السفارة الإثيوبية حيث قدم مذكرته لها والتي تعبر عن وقوف الشعب السوداني إلى جانب الشعب الارتري . وفي مدينة بور تسودان وقع عدد من أعضاء حركة تحرير إرتريا صرعى برصاص الشرطة السودانية لاشتراكهم في إضراب عمال السكة الحديد لأنهم أيضاً كانوا أعضاء بالحركة النقابية السودانية وذلك في عام 1965م . بعد ثورة أكتوبر وتحرر الشعب السوداني من الحكم العسكري بدأت أنشطة حركة تحرير ارتريا تخرج إلى العلن في المواكب والندوات وعلى صفحات الجرائد . وأصبحت القضية الإرترية تحتل مكانها في الشارع السوداني ، كما بدأت الأحزاب السياسية تتبنى قضيتنا في خطابها السياسي ، وكان ذلك يمثل تحولا في السياسة الرسمية السودانية عكس ماكانت عليه في عهد الفريق إبراهيم عبود الأمر الذي سبب صدمة كبيرة للإمبراطور هيلاسيلاسى الذي خرج عن وقاره وأدلى بتصريحه الشهير الذي يقول فيه : ( الذي بيته من زجاج عليه ألا يرمي بيوت الآخرين بالحجارة ) . وقد أتبع القول بالعمل ، فقد قام في الحال بدعم حركة ( الأنانيا ) في جنوب السودان بقيادة جوزيف لاقو عاملا على استنزاف وزعزعة أمنه واستقراره . كما أن سفير إثيوبيا في الخرطوم عقد مؤتمراً صحفيا نشرت وقائعه الصحافة السودانية بتاريخ 17/12/1964م ينفي فيه وجود مايسمى بالقضية الإرترية . وتصدت له حركة تحرير ارتريا بإصدارها بيانها الشهير بتاريخ 1/1 /1965م والذي قامت بتوزيعه على نطاق واسع لدى الصحافة والأحزاب السياسية والنقابات العمالية والاتحادات الطلابية والشخصيات العامة بالإضافة لكل الهيئات الدبلوماسية المعتمدة في السودان .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى