1-Sep-2006
المركز
بين الفاتح من سبتمبر الواحد والستين والفين وسته مايقارب نصف قرن من السنوات حدثت فيها متغيرات كبيرة ليس على مستوى الحدث أو الجغرافيا ولكن على مستوى الوجدان والمكونات النفسية للإنسان الإرتري ،ولكن ظل سبتمبر محتفظاً بجلال المناسبة وقدسية التوقيت ،
ومع أن الثورة الإرترية مثلها مثل كل الثورات قابلة للتقييم خاصة على ضوء النتائج والمحصلة النهائية لكن ربما وديان دماء الشهداء التي كانت وقود تلك الثورة تحول دون إجراء تقييم حقيقي ، خاصة وأن النتائج والإحبطات الناتجة عن ذلك قد تدفع الكثيرين للتشكيك في جدوى المشروع منذ بدايته .لن يستطيع أحد أن يقول أن سبتمبر البداية جاءت في توقيت مثالى ، من حيث نضج مقومات الثورة ، حيث تعتمد الثورات على مثلث اضلاعة الثلاثة هى الغبن الدافع والمغزي للثورة ، والتنظيم الذي يرفد الثورة ، وقيادة تتصدى للتحديات . لكن لم يمر عشرة أعوام على الفاتح من سبتمبر حتى كادت مقومات الثورة أن تنضج ، وأصبحت الثورة ملاذ الشعب الإرتري وقناعته الراسخة .الآن خمس واربعون عاماً مرت منها خمس عشر عاماً والعالم الإرتري يحتل موقعة بين أعلام الدول ذات السيادة في سارية الأمم المتحدة لكن لا نزال نتشبث بسبتمبر ونجدد ذكراه ، وفي إعتقدنا الراسخ وعقلنا الباطني أنه ايقونه تصلح لهذا الزمان كما صلحت قبل خمس واربعون عاماً .وإذا كان الفارق الباذخ بين ذلك الزمان وزماننا الحالى هو إستقلال إرتريا لكن العامل المشترك هو استمرار الظلم والقهر والكبت ، وكما بدأت الثورة ـ وكأى ثورة ـ صغيرة نسبية بتعاطف قليل تحولت بعد خمس عشر سنة الى معارضة بشبه إجماعى وطني مع وضوح في الرؤية ولكن ضعف في الاليات .إذاً ما الذي يمكن أن يضفه لنا سبتمبر هذا العام .•يجب التأكيد على حقيقة أن نظام اسياس مستمر ومتواجد بضعف المعارضة وليس بقوته هو وبالتالى فإن كل زيادة في قوتنا تعني قرب نهايته .•إن الإجواء الداخلية مواتية أكثر من اى وقت مضى لإجراء التغيير وتحقيق معاني وثيم سبتمبر التى انتظرها شعباً كثيراً فالسخط على اسياس ، والتردي في الأوضاع الإقتصادية والعزلة الدولية متحققة الآن أكثر مكن اى وقت مضى .• إن الوسائل النضالية أصبحت أكثر تعدداً والإعتراف بالحقوق في عالم اليوم أكثر تحققاً من أى وقت مضى .ولكن يظل السؤال طالما كل هذه المعطيات متوفرة فما الذي يبطئ وتيرة النضال ، ويؤخر تحقيق الهدف .بالتأكيد الإجابة على السؤال هى تقديرية تحتمل أكثر من تفسير ولكننا يمكن أن نركز على بعض الزوايا :1/ عالمياً رغم أنه كما اسلفنا أن الإعتراف بالحقوق أصبحت أكثر تحققاً لكن يظل تعامل الحكومات التنفيذية مع الأمر الواقع الموجود ايسر واسهل من البحث عن بدائل غير ملأمونة وربما غير مؤهلة من جانبهم ، وبالتالى يظل الخيار المفضل دائماً للحكومات هو الضغط تجاه الوضع القائم بغتجاه الإصلاح بدلاً من التغيير الجذري هذا مالم يصبح البديل رقماً بارزاً ويفصح عن خطاب سياسي متوازن يراعى العلاقات والمصالح الدولية .2/ داخلياًَ نشأة المعارضة المرتبط بظروف تاريخية وخلافات سياسية على مشروع مختلف عن المشروع القائم الآن ، أى خلافات الجبهة التاريخية فيما قبل الإستقلال يلغي بظلاله على مرونة حركة هذه المعارضة . وهو مالم تستطع المعارضة في معظمم مكوناتها من تجاوزه .3/ تواجد المعارضة المستند على شرعية تاريخية بدأت في عهد الإستعمار ( أى خارج الوطن ) وأستمر هذا التواجد في ذات الإطار الجغرافي وهو ماحدّ من قدرة المعارضة على التأثير المباشر في الحياة الإرترية اليومية في ظل وضع دولى واقليمي متغير .4/ وسائل المعارضة النضالية ظلت تقليدية جداً وذات اثر محدود على النظام وقد يرتبط ذلك بعقلية المعارضة التي نشأت في ظروف غير هذه الظروف .5/ قيادات المعارضة هى من ذات جيل الثورة وهذا رغم عاملة الإيجابي في معرفة الجماهير بهذه القيادات ، لكن تظل له عوامل سلبية ترتبط بمقدرة هذه القيادات على تجديد وسائلها وادواتها في النضال ، ايضاً تقييمها لكثير من الحداث بموضوعية راهنة إذ الغالب في مثل الحالات ان يلجأ الإنسان الى التاريخ ليستشف منه دواعى هذا الحدث موضع التقييم ، وبالتالى قد يكون للمكون التاريخي التراكمى في نفسية هذا الشخص مساحة معتبرة في التقييم وهذا في حد ذاته قد يؤدى الى نتائج مجانبة للحقيقة في بعض الأحيان .6/ زهد القيادات الشبابية في العمل السياسي وتفضيل الحلول الذاتية والشخصية لمشكلاتهم الخاصة عبر الهجرة او الإغتراب ، وممارسة العمل السياسي كنوع من الترفيه او كمحطة إنتظار لحد الخياريين السالفين ، وهكذا في ظل ممارسة الشباب لهذا الواجب من باب الهواية فإن القيادات التاريخية تجد نفسها في خانة الإحتراف خاصة وان تاريخها لايسمح لها بركل نضالاتها خارجاً والبحث عن فرص جديدة مثل الشباب .هذه وغيرها قد تكون بعض العوامل التي ربما قد تجيب عن سؤال لماذا يستمر اسياس رغم كل عوامل الضعف ، ولماذا لاتقوى المعارضة رغم كل العوامل المؤدية لذلك .ومن هنا فإن روح ومضامين سبتمبر نأمل ان تكون دافعاً حقيقاً بإتجاه تجاوز هذه المحطة الى محطة تسرع فيها وتيرة وسائل المعارضة وتصبح أكثر تاثيراً وفعالية ونكتب عن سبتمبر فى العام القادم من زواية اخرى وارض مختلفة .تحية عاجلة : التحية للأخوين سامويل جبرى جرجيس وتخلى جبرى جرجيس ولكل الذين شاركو في مسيرة ( walk to freedom ) في الولايات المتحدة وهى حقيقة وسيلة نضالية مهمة استطاعت ان تفعل مالم تفعلة كثير من وسائل المعارضة التقليدية .
