دور العوامل النفسية لسياسات آبي أحمد النازعة نحو العنف.
بقلم / محمودابوبكر

ظل المهتمون بالدراسات السياسية منذ ثلاثينات القرن العشرين يعتمدون على المنهج المؤسساتي والقانوني، لدراسة وفهم صناعة القرار السياسي في الدول القطرية، وهو ما يعرف بالتحليل السياسي الموضوعي، الى أن ظهر “المنهج السلوكي” في خمسينات القرن الماضي، والذي يعتمد على البعد الفردي كاحدى مستويات التحليل لفهم مؤثرات صناعة القرار السياسي الوطني، وكذلك في دراسة العلاقات الدولية، ليثبت أن الدولة شخصية معنوية تقوم على تمثيلها مجموعة من الأشخاص الطبيعيين والتعبير عنها من خلال عدد من قرارات وسلوكيات مرتبطة بالبيئتين الداخلية والخارجية.
وهو المنهج الذي يسعى الى:”إبراز دور العوامل السيكولوجية والبيئة النفسية والسمات الشخصية على عملية اتخاذ القرار” (1) وفي توجهات السياسات الداخلية والخارجية.
اذ اهتم هذا المنهج الذي اعتمده دارسو العلوم السياسية بمجموعة العقائد والإدراكات والقيم والتصورات كأدوات لفهم طبيعة القرار السياسي وأسباب اتخاذه، وعلاقة هذه المجموعة من المتغيرات بما يسمى” البيئة النفسية “، التي تمثل المتغير الوسيط الذي تؤثر من خلاله البيئة الموضوعية على السياسة.
فمتغيرات البيئة الموضوعية –النسق الوطني – النظام السياسي، والنظام الدولي، والخصائص القومية وغيرها – لا تؤثر في السياسة الا إذا أدركها القائد السياسي ادراكا معينا (2)
متلازمة العقد
ثمة “عُقد ” تاريخية ونفسية يعان منها آبي أحمد، سواء لجهة خلفيته الاجتماعية او الدينية او حتى الثقافية والتعليمية، ولعلها هي المحرك الرئيس لتحديد نمط تفكيره النازع نحو العنف، وسياساته المتناقضة منذ ظهوره على سطح العمل السياسي كـ “بديل ” لـ لما مغرسا، ومحاولة تصوير نفسه كـ “ملاك سلام“، يوظف لغة المبشرين “باسترز ” واقحامه لشعارات بعيدة تماما عن المفاهيم السياسة مثل “فقر ياشنفال” اي “الحب ينتصر ” وهو بالمناسبة عنوان اغنية للفنان الأمهري الشهير “تيدي افرو ” الذي يتبنى افكار مغايرة تماماً، ولديه مواقف سياسة مناقضة لمسيرة أبي وحزبه السابق ( الحزب الديمقراطي الاورومي) وبالتبعية لتحالف “الجبهة الثورية لشعوب أثيوبيا” – اهودق، نظرا لارتباطه بالفكر الوحدوي الاثيوبي الذي يستند على مركزية الأمهرة كمعبر عن تاريخ أثيوبيا لأكثر من قرن من الزمان.
وفي ظني ان توظيف هذا الشعار يكشف من جهة عن جزء من العقدة المتعلقة بذهنية المغلوب المولع بتقليد الغالب، ومن الجهة الاخرى هي محاولة لدغدغة مشاعر الجماهير الواسعة المأخوذة بابداع ومحبة تيدي افرو الذي يعد احد انجح التجارب الفنية خلال العقود الثلاث الماضية، بخاصة لدى الشريحة الشبابية.
العقدة الاثنية
لا شك أن التاريخ الاثيوبي عموما، شهد مواجهات عنيفة بين مختلف العرقيات المؤسسة لـ أثيوبيا الحالية، سواء على شكل مواجهات مباشرة، او عبر سياسات التهميش والاقصاء في توزيع الثروة والسلطة، ولعل المجموعة الأكثر تعرضا للاضطهاد منذ تأسيس أثيوبيا منيليك، كانت العرقية الأورومية، التي تم الاستيلاء على اراضيها، وتهميش لغتها، واقصائها من مراكز صناعة القرار، فضلا عن التجريف الممنهج لثقافتها واعرافها المجتمعية، عبر تكريس سرديات تسخر من موروثها الثقافي والاجتماعي وتصويرها كمجموعة بدائية همجية، ولعل ابرز المقولات الشهيرة عن منيليك الثاني قوله : لا تقتل أحداً حتى لو كان اورمياً” تختصر الاضطهاد الذي عانت منه المجموعة التي ينحدر منها آبي أحمد، والتي تركت اثرا عميقا في نفسه وفي ذهنية ثلاث اجيال من الاورومويين ، – على اقل تقدير -!
والواقع أن هذه النظرة الاستعلائية التي عان منها الاوروميون لم تقتصر على دواوين الحكم، بل ترسخت في المحيط الاجتماعي الاثيوبي عموماً، الذي مارس تمييزا سلبيا تجاه انسان هذه المجموعة العرقية، سواء في الامثال الشعبية التي تحط من قدره، او حتى في الاعمال الادبية والسينمائية، وغيرها من وسائل الانتاج الثقافي والمعرفي، اذ ظلت الاسماء الاورمية تحتل صدارة الاعمال الأدبية عند تصدير صورة الانسان الوديع، الخانع الذي خلق لخدمة الاخريين، مما رسخ ذهنية المضطهد والمظلوم لدي اجيال من الاوروميون الذين انتظموا للكفاح المسلح في نهايات السبعينيات، ولم يكن أبيوت (وهذا هو الاسم الحقيقي لرئيس الوزراء الاثيوبي) استثناء اذ انتظم في نهايات الثمانيات لهذا الحراك القومي، قبل ان يندمج في التشكيلات الحزبية المنضوية تحت الجبهة الثورية لشعوب أثيوبيا دون ان يتخلص من ترسبات تلك الذهنية .
العقدة الدينية
يشير الكثير من المهتمين بالشأن الاثيوبي الى أن ديانة “ابيوت أحمد علي” بالأصل هي الاسلام، اذ ولد من اب يعتنق الاسلام السني الصوفي الطابع، ومن أم مسيحية أرثوذكسية متدينة، وعاش في صراع نفسي وديني سيما وانه كان متأثرا بجدته لـ امه، و التي قال – ذات مرة – انها تنبأت بانه سيصبح الملك السابع لـ أثيوبيا وهو في سن السابعة من عمره، وعاش على هذا الحلم منذ تلك المدة، بجانب سعيه الحثيث لتحقيق النبوءة، ولعل تحوله لاحقا الى المسيحية، ثم ارتباطه بشريكة حياته زناش تاياتشوا، المنشدة الكنسية (الامهرية ) كان جزء من تجليات ذلك الصراع ومن السعي نحو المُلك المنشود، اذ أعلن تغيير ديانته الى المذهب الخمسيني البروتستانتي(Pentecostal) اسوة بتغيير اسمه من ابيوت ( الثورة ) الى آبي، وبذلك اندمج في المذهب الذي اصبح له اتباع كثر واضحى ينتشر بشكل كبير بين الفئات الشبابية في أثيوبيا، بخاصة منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي .اذ اضحى ابي يتردد على الكنائس البروتستانية دون ان يتحرر من رواسب الصراع الناتج عن ديانتي والديه (الاسلام والأرثوذكسية)!
العقدة التعليمية (الثقافية)
تقول السيرة الذاتية (الرسمية) لـ آبي أحمد انه من مواليد 15 اغسطس 1976، والتحق بـ بالجبهة الديمقراطية لشعب الأورومو” في عام 1990، اي في سن 14 مقاطعا دراسته من المرحلة الاعدادية، وبعد سقوط نظام الدرق في عام 1991 التحق رسميًا بالجيش الإثيوبي، ثم انضم إلى وحدة المخابرات والاتصالات العسكرية، وتدرج بها حتى وصل رتبة عقيد عام 2007، وقبل ذلك شارك في بعثة الجيش الاثيوبي لحفظ السلام في رواندا لعامين، ولا يُعرف على وجه الدقة متى واين أكمل تعليمه الاعدادي (المتوسط) والثانوي، ثم الجامعي!!
إذ تخلوا سيرته الذاتية الرسمية المنشورة في الموقع الرسمي لرئاسة الوزراء، عن ذكر المدارس التي انتظم بها رسمياً او حتى التعليم الموازي، اذ تقفز المعلومات مباشرة نحو الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراة) وتذكر انه انجزها في جامعة اديس ابابا في كلية دراسات الأمن والسلام.!!
وقد كان هذا الأمر موضع تساؤلات في الاوساط الجامعية وحتى السياسية، اذ يذكر جيتاشوا ردا ( مستشاره الحالي لشؤون دول شرق افريقيا) في احدى اللقاءات الصحفية التي اجراها اثناء حرب تيغراي، “ان الشخص الذي لم يخجل في انتحال صفة علمية مثل الدكتوراة من خلال تزوير الوثائق، في حين لا يملك حتى الشهادة الاعدادية، لا يمكن توقع اتزانه“، كما طرح عدد من الجامعيين ذات الأسئلة اين ومتى اكمل تعليمه الاعدادي والثانوي والجامعي ( ما قبل الدراسات العليا) وكيف تمكن من الالتحاق بجامعة اديس ابابا لتحضير الدكتوراه اثناء عمله في جهاز المخابرات دون ان يملك شهادات دراسية ؟!
لكن الادهى من ذلك ان عددا الأكاديميين بمن فيهم اعضاء سابقين من هيئة التدريس في جامعة اديس ابابا، قد اجروا تحقيقا استقصائيا عن اطروحة الدكتوراة التي قيل ان ابي احمد قد ناقشها، تحت عنوان “رأس المال الاجتماعي ودوره في حل النزاعات التقليدية في إثيوبيا: دراسة حالة الصراع بين الأديان في ولاية جيما“.
ليكتشفوا أنها مسروقة بنسبة 62% (3) من اطروحة دكتوراه اخرى تم مناقشتها في احدى دول البلقان بالاضافة الى ابحاث ودراسات اكاديمية منشورة على شبكة الانترنت، وان الطالب آبي قد نسخ فصول كاملة من اطروحة الدكتوراة ومن المواد والابحاث المنشورة على الشبكة دون الاشارة الى مصدرها، وذلك من خلال تغيير بعض اسماء الدول والاقاليم في منطقة البلقان او مناطق اخرى مدعيا انها دراسة اصلية وليست منتحلة او منسوخة.
وقد تضمنت نتائج التحقيق الاستقصائي الذي شارك فيه مجموعة من الأكاديميين الاثيوبيين والأجانب الذين عملوا كمحاضرين في جامعة اديس ابابا بينهم (المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي: أليكس دي وال، المحاضر السابق في جامعة اديس ابابا ويان نيسن، و د. جبركيرستوس غيبريسيلاسي، الباحث المتخصص في تطبيق أنظمة التعلم الآلي،
والدكتور بود روكيما أستاذ علم الكونيات في جامعة نيكولاس كوبرنيكوس، والدكتور رونداسا إشيتي استاذ الجغرافيا الفخري في جامعة غنت) وغيرهم، التالي “لقد أجرينا فحص الانتحال على الفصل الثاني، وهو مراجعة الأدبيات، حيث قمنا بملء 41 صفحة من أصل 150 صفحة من الأطروحة، وقد اعتمدنا على برنامج كشف الانتحال، بعد حذف الاقتباسات، والذي يُظهر أوجه التشابه المُكتشفة. أجريناه مرتين، بشكل مستقل، باستخدام إصدارات مختلفة من Turnitin. بعد الاستبعاد، بلغت نسبة التشابه الإجمالية 62%. وجاءت نسبة التشابه في المسح الثاني 64%. وفي كلتا الحالتين، أغفل البرنامج الاقتباسات المشار اليها” بالإضافة الى بعض لا مصادر غير المنشورة، بما في ذلك بعض الابحاث وتقارير الأمم المتحدة، وصفحات ويكيبيديا المُحدّثة منذ عام 2016، لذا فإن نسبة التشابه البالغة 62% تُعدّ في الواقع أقل بكثير من الحقيقة”
ويقدم التحقيق صور واضحة وفاضحة للنسخ ليقول إن الحصول على درجة 62% في Turnitin، بالإضافة إلى حدوث انتحال كامل وقطعي مثلا في الفصل الثاني نجد نسخ 41 صفحة كاملة من أصل 41 صفحة!! وفي هذه الحالة يقول المحققون الأكاديميون في تقريرهم: لا ينبغي لمشرف الدكتوراه أن يسمح بقبول أطروحة بهذا المعدل من النسخ والانتحال في اي جامعة مرموقة، مؤكدين ان الموقف الأكاديمي في مثل هذه الحالات رفضها رفضًا قاطعًا!
مما يجعل الاطروحة برمتها عبارة عن نسخ لصق مع بعض التعديلات وتغيير الاسماء والمصطلحات، ما يعن ان الدرجة العلمية التي قيل ان ابي حصل عليها منتحلة بالاساس، فضلا عن عدم وجود اي بيانات حول انهاءه المراحل الاعدادية والثانوية والجامعية!!
ومن ثم فإن ساكن آرت كيلو من المؤكد يعان من عقدة التحصيل العلمي، ويحاول تعويض ذلك من خلال ادعاء حصوله على الدكتوراة!
تمظهرات العُقد
والواقع ان كل عُقد النقص المركبة التي تم التعريج عليها لماماً هنا تصيغ شخصية هذا الرجل، الذي بدأ عهده بالتبشير بالسلام، وحصل على جائزة نوبل، وانتهى به الحال كـ “متهم بجرائم حرب”!
وبمتابعة مساره نلاحظ ان في خطابه الأول في البرلمان، – اثناء تقلده لمنصب رئيس وزراء أثيوبيا– تعهد ببسط السلم الاهلي، وبشر بانتهاء عهد الرصاص، لكن خلال خمس سنوات فقط من حكمه كان قد أعلن فعليا عن ثلاث حروب داخلية، استخدم فيها الطائرات المسيرة لدك شعبه، بشكل لم يسبقه اليه أي نظام في أثيوبيا! اذ تقدر بعض المصادر وفاة نحو مليون شخص في حرب تيغراي وحدها، وان كانت بعض المنظمات ترى هذا العدد مبالغ فيه؟ وتقدر عدد الضحايا بنحو 400 ألف ضحية.
ثانيا: تعهد باخلاء السجون من المعارضين السياسيين، وبالفعل نفذ بعض من ذلك في بداية عهده، لكن خلال ثلاث سنوات فقط من تقلده للسلطة زج بالناشطين الذين حملوه على اكفهم للسلطة من امثال جوهر محمد، وبقلي جربا والالاف من ناشطي الاورومو،
كما طبق فعلياً ما يوصف بـ “مفهوم قتل الأب” عندما قرر تجريد كل من اوصلوه للحكم من اي منصب رسمي، ومنعهم من المشاركة في اي فعل سياسي، ولعل أبرز مثال على ذلك هو وضع “لما مغرسا” تحت الاقامة الجبرية، وهو أقوى شخصية كانت مرشحة لرئاسة الوزراء اثناء “ثورة القيرو ” التي اسقطت نظام التيغراي، لكن لاسباب تقنية وسياسية تم تصعيد ابي بديلا لها، بل أن الجهة التي نسقت التحول من الاهودق الى حكومة آبي كانت تسمى (team lama).
ومن المفارقات ان آبي نفسه قال في مؤتمر شعبي في اعقاب توليه السلطة ” لا شيء يمكن ان يفرق بيني وبين اخي لمّا إلا الموت” معبرا عن انهما في تحالف وجودي دائم، لكن خلال عامين تخلص من الرجل وتم وضعهزفي اقامة جبرية، ومنع من المشاركة في اي فعاليات سياسية!
ومن الأمور التي تدلل على دور “العقد المركبة” في تفكير آبي أحمد وتسهم بشكل واضح في صناعة القرار، ثمة مكالمة مسربة، (موفرة على شبكات الانترنت) ربطت الأخير بمن يعتبرها موجه روحي له، وهي “مشعوذة” يتواصل معها قبل اتخاذ اي قرار، اذ تدعي انها تتنبأ له بالاخطار المحيطة بحكمه، وفي المكالمة المسربة ( ان صح الامر) تطلب منه عزل أحد المستشارين، لأنه يمثل خطرا عليه، تماما مثل العقرب السام الذي تخلص منه بنصيحتها والمسمى لمّا مغرسا“!!
واتصالا بسياسات التمييز بين الشعوب والقوميات الاثيوبية، أن نظام آبي طهر كافة المؤسسات الامنية والعسكرية والاستخباراتية، فضلا عن المؤسسات المدنية الاخرى من وجود اي عنصر ينحدر من اقليم تيغراي، وتم التعامل معهم باعتبارهم “خونة” الى يثبتوا العكس!
في حين تجاهل عمليات الطرد والتهجير وسرقة الممتلكات او تدميرها، بشكل وصفته بعض المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان انه يمثل احدى تجليات ” التطهير العرقي ” الواسع الذي قامت به بعض الجهات في اقليمي الأورومو وأمهرة ضد ابناء تيغراي. ذلك قبل بداية حرب تيغراي، اذ مثلت تلك العمليات مقدمة للحرب، او كانت الحرب امتدادا لها بشكل آخر.
السياسات العنيفة ودور العامل النفسي
من الواضح أن الكثير من المحللين والمهتمين بمنطقة القرن الافريقي، ظلوا يتساءلون حول اسباب انقلاب سياسات آبي أحمد من النقيض الى النقيض، من داعية سلام، الى امير حرب، من مبشر بالتعاون الاقليمي والدولي الى مهدد رئيس للاستقرار في المنطقة، وما هي العوامل الموضوعية التي تقود قائد شاب الى التهديد بالحروب، اذا لم يتم اعادة تعريف جغرافية بلاده، فتارة يهدد باشعال الحروب في الصومال اذا لم يتم تنفيذ “مذكرة تفاهم” غير قانونية تم توقيعها مع اقليم غير معترف به دولياً، وتارة أخرى يهدد بأنه سيحول اريتريا الى غزة أخرى ان لم يستولي على ميناء عصب الاريتري، وتارة ثالثة يرسل جنوده لاحتلال اراضي سودانية، وتارة رابعة يرفض مسار التفاوض حول ازمة سد النهضة الذي اقامه بمخالفة الاتفاقيات التاريخية باعتباره نهرا عابرا للاوطان! وفي اعتقادي أن هذا الانقلاب بين التعهدات التي أطلقها عند توليه السلطة وما تعيشه أثيوبيا اليوم، يحتاج الى دراسة نفسيه اعتمادا على المنهج السلوكي لفهم هذا النزوع للعنف.
ويعزو التحليل النفسي الاختلالات في السلوك إلى عقد نفسية قد تظهر لدى الشخص في مرحلة مبكرة من عمره دون أن تتحقق في حياته شروط ملائمة لتجاوزها.
وقد تكون ناتجة عن شعور بالنقص، علمًا بأن لمثل هذا الشعور أسبابًا متنوعة في مجرى الحياة النفسية. وقد ترجع الاضطرابات النفسية إلى بعض الأحداث التي تكون قد وقعت في فترة من الحياة دون أن يقع التخلص من نتائجها، مثل الخضوع لعنف، أو نتيجة تفكك أسري، او الخضوع لصراعات وعُقد نفسية مبكرة تركت أثرها كامناً، ومن ثم فهي تطفو على السطح في الوقت الذي يشعر فيه الفرد انه امتلك القدرة على الفعل، مثل السلطة او المال او غيرها من المتغيرات.
وازعم ان السلوك الذي يعبر عنه ابي أحمد في عدة ملفات داخلية وخارجية، واعتقاده بأن العنف وحده كفيل بتحقيقها يُدلل على ترسبات العقد الكامنة. فحيث يتوقف التحليل السياسي عاجزاً عن الاجابات الشافية بشأن سلوك سياسي معين، يبدأ دور العلوم الانسانية الاخرى، لتمنح دفعاً للتحليل وعلى رأسها علم الاجتماع وعلم النفس وغيرها من العلوم ذات الصلة والعلاقة في دراسة السلوك، اذ للفرد (القائد) بخاصة في الانظمة الشمولية دورا حاسماً في صنع القرار، بما في ذلك اعلان الحروب أو إنهاءها وفقاً لمحددات نفسيه وشخصية وسلطوية معينة.
——
هوامش ومراجع:
1- أثر البعد النفسي لصانع القرار في اتخاذ القرار السياسي “دراسة في اسهامات المقاربة السايكولوجية (النفسية) – لهارولد وسبراوت في اتخاذ القرار
2- سيكولوجية القادة وتأثيرها علي صنع القرار في السياسة الأمريكية –دراسة مقارنة– (باراك أوباما– دونالد ترامب).
3- يمكن الاطلاع على البحث الاستقصائي في الموقع التالي