مقالات

سوق «الاحباش» في الخرطوم.. * سحر التراث الشعبي وبذور المصالحة بين الاثيوبيين والاريتريين .. إسلام عبدالرحمن

14-Jul-2007

المركز

جريدة الدستورالأردنية :14يوليو2007م
ما فرقته السياسة بين إثيوبيا وارتريا الجارتين الشقيقتين للسودان ، يمكن للتراث الشعبي جمعه دون ادنى حاجة للمفاوضات اوالسفارات أو القنوات الدبلوماسية..هكذا هو الحال في (سوق الأحباش) القابعة في حي” الخرطوم 2 الراقي”. ففي باحة كنسية قديمة شيدت في الحي منذ زمن الاستعمار الانجليزي ، يتجمع يوم الاحد اسبوعيا آلاف اللاجئيين الاثيوبين و الارتريين ،

فضلا عن مجموعة تجار يعرضون بضائع وتراث شعبي للبلدين ، كما يأتي زبائن ومتطلعون للفرجة وجدوا في المكان متنفسا ومهربا من زحمة المدينة الخانقة . وفكرة السوق كما اوضحت لـ” الدستور” السيده آمنه تسفاي ، اقدم السيدات الارتريات العاملات في التجارة ، ولدت قبل عشر سنوات بطريق المصادفة ، عندما ساقت الاقدار عددا قليلا من الباعة المتجولين السودانيين الى الكنيسة .. ومع الايام انتزع تجار من اللاجئين الأحباش الفكرة ، ليتحول الامر في النهاية الى ملتقى تجاري اسبوعي ، يلتقون فيه”ليعرضوا بضائع شتى واطعمة وملبوسات محلية من بلدانهم ، كما تأتي الي المكان الذي بات يعرف بـ” سوق الحبش ” نساء محترفات في جلسات القهوة يوزعن الابتسامة هنا وهناك مع فناجين واكواب البن شرق الافريقي .ويستمتع الزوار لسوق” الحبش” كثيرا بفواصل متنوعة ترفهية وسياحية جعلت منه مكانا يجذب كثيرا من ابناء الجاليات الغربية والافريقية في الخرطوم .ويتميز السوق فوق ذلك كله ، بكون اسعار معروضاته هادئة في متناول الجميع..مصالحة شعبيةجمعت السوق ما فرقته السياسية في اثيوبيا وارتريا فيما يشبه المصالحة الشعبية ، فالاثيوبيون والارتريون يتبادلون هنا في هذا المكان ، مشاعر الود ويتناسون سنوات الحروب والجفاف التي ارغمتهم على هجرة قسرية الى السودان . ويقدر مصدر مسؤول في محلية الخرطوم لـ” الدستور”عدد رواد السوق اسبوعيا بأكثر من عشرة آلاف ، بين زبون الى متفرج الى سائح.. هذا غير التجار الذين يفرشون بضاعتهم على مساطب كبيرة تتبع للكنيسة كما يقوم بائعو الملابس بعرضها على طريقتهم الخاصة في شكل اشبه بالدكان . وتقول السيده آمنه عميدة التجار في السوق ، ان اغلب البضائع المعروضة في السوق ، عبارة عن سلع اثيوبية و ارترية . وتضيف : سوق اللاجئين فضائية اثيوبية – ارترية مشتركة تبث ثقافة البلدين بمفهوم سوداني من قلب الخرطوم ،،و “تقام طقوس جلسات البن الاثيوبي بكل تفاصيلها وعلى مستوى عال من قبل لاجئات محترفات يحضرن الى المكان اسبوعيا ..من اثيوبيا واريترياو”اغلب البضائع المعروضة في السوق يتم استيرادها من اديس ابابا ، وخاصة الملبوسات والبن والشطة”، وتعتبر ان الاسعار مقبولة مقارنة مع بضائع الأسواق الأخرى. وتعرض في السوق ايضا ، اشرطة كاسيت اثيوبية اضافة الى ملابس ذات طابع شعبي ، من بينها لبسة تسمى (النسألة) وهي عبارة عن قطعة قماش اقرب الى الثوب السوداني . وتعرض ايضا ملابس اطفال مثل لبسة يسمونها (اولايتي) ، اضافة الى لبسة (زوريا) التي تمثل زيا وطنيا قوميا للاثيوبيين. بيد أن بائعة القهوة الاثيوبية”بزو ابرها” التي تعمل في السوق بإذن من السلطات السودانية ، وتحظى بزبائن عدة ، قالت إن المقابل المادي الذي تجده من عملها غير مجدْ. وتبلغ حركة البيع والشراء ذروتها في ساعات الصباح حيث يتوافد الزبائن بشكل كبير ، ليبدأ العدد بالتنازل بعد ذلك .ومع مغيب الشمس يكون الجميع قد هجروا الباحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى