سَمْراوِيْت ،، رواية أنعشت ذاكرة الجيل : حنان مران*

ووشم على خريطةالعالم، أبطال الرواية من جيل الشباب الإرترى الذى هاجرصغيرا وربما ولد أغلبهم خارج إرتريا وتدور أحداثها بين جدة متمثلة فى حى ” النزلة ” وإرتريا مختزلة فى ” أسمرا ” وضواحيها فى محاولة ربط جسر هويتين تشرب بهما البطل فتغلبت جدة ــ حضوراًــ على أسمرا.فى سمراويت ، أبدع الراوى فى وصف حالة المزاجية الإنتمائية المهزوزة التى ألمّت بجيل يقف فى النصف من كل شىء ،حيث يقول ” فى السعودية لم أعش سعوديا خالصا ولا إرتريا خالصا، كنت شىء بينهما، شىء يملك نصف إنتماء، ونصف حنين ، ونصف وطنية ، ونصف إنتباه ” هكذا إشتف الكاتب بدقة إحساس جيله.الرواية لم تتوقف عند هذا الحد، بل نبشت أحشاء الوطن الموجوع والموبوء جراء إفريقيته وتبعات ذلك من صراعات دفع الشعب ولا يزال ثمنها وحده ،فتعرضت الرواية لسطوة نظام يستبد بقوته ليكتم صرخة الفرح المدوى بألم أكثر دوياً ، وتناول مأساة شعب إنقسم على نفسه بين مؤيد ومعارض فى نقاشات دارت بين أبطال الرواية مع الحرص على التوازن المتعمد فى تبنى الآراء دون أن يفصح الكاتب عن وجهة نظره الشخصية تاركا للقراء حرية تبنى الأفكار والآراء.الرواية بحد ذاتها كأول عمل روائى لحجى جابر الصحفى بقناة الجزيرة ، هو عمل إبداعى متكامل، جمع فيه ببراعة بين الحب والسياسة كأهم ركائز الرواية الناجحة المدعمة بسرد سلس ، لغة مبهرة بلا تصنع ولا مغالاة ، وحيث مالت كفة السياسة لتغلب على الرواية بكامل شجنها ومعاناتها ،خفف السرد الفكاهى حدتها وكسر جمودها قبل أن يميل بالميزان نحو الحب بكامل حضوره وبهائه ليعدل من مزاجية الراوى وينقذ الرواية من رتابة وسأم السياسة بغرام وقع فيه “عمر ” بطل الرواية بـ ” سمراويت ” التى إلتقاها بأحد المقاهى المنتشرة على جوانب “كمشتاتو” الشارع الوحيد الأكثر شهرة فى أسمرا، إلا أن إقحام الحب بشكل لافت ومتعجل تشعر بوقع إرتطامه هز الرواية قليلاً وهو ما لا يتماشى ورزانة وجمود قلب رجل القرن الإفريقى والذى يعز عليه كثيرا البوح بأهم ركائز كبرياءه ،عاطفتى الحب والبكاء.سمراويت ، هى أول عمل روائى شاب يعبر عن ثورة شعب يشعر بالغيرةمن دول الربيع العربى وينزف داخليا من شتات غربته، وينتفض بحكم الجغرافيا على ورق بالهمس والآهات ضد النظام والمعارضة على السواء.حنان مران / صحفية وكاتبه إرترية