مقالات

فرّق تسد.. الإسلاموفوبيا كسلاح في معركة السلطة المطلقة.

تشجيع الإسلاموفوبيا: أداة للتفرقة والسيطرة!

بقلم: ناصر عمر علي
27 يوليو 2025
إن اعتقال الشيخ آدم شعبان مؤخرًا في مدينة قندع ليس مجرد ظلم مأساوي. بل هو رسالة محسوبة. إنه استمرار لحملة متعمدة ينفذها النظام الحاكم في إرتريا لتقسيم الشعب، وإسكات الأصوات الشريفة، ومكافأة من يخدم مصالحه الضيقة. يجدر التذكير هنا ان هذا النظام، لا يُسمح فقط بنشر الإسلاموفوبيا — بل يتم تشجيعها.
لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه هو: هل الإسلاموفوبيا في أنقى صورها هي وحدها التي تُشغّل هذه الآلة التي يستخدمها النظام لتفيت صفوف الشعب ؟ أم أنها مجرد أداة واحدة من أدوات عديدة في ترسانة النظام لشق طريقٌ مريح للجوء الى نهج ديكتاتوري تحكمه هوس السيطرة المطلقة؟
ما يتضح عند دراسة النمط العام لنهج النظام هو انه يرى أن أي سلطة مستقلة — سواء كانت سلطة أخلاقية أو روحية أو اجتماعية — تُعتبر تهديدًا لاحتكار النظام للسلطة. وبالطبع ليس هناك أي طريقة أفضل لتحييد هذا التهديد من استهداف شخصٍ بعينه لأن اعتقاله سيبعث برسالة مرعبة إلى بقية المجتمع مفادها : لا أحد في مأمن، حتى قادتكم الأكثر احترامًا.
لقد رأينا كيف يتم تطبيق هذه الأساليب من قبل .رأيناها مع اعتقال الحاج موسى، الشيخ المسن الذي دافع عن ابنائه الطلاب ومات في السجن.رأينا ذلك ايضا مع اعتقال الاب أنطونيوس، بطريارك الكنيسة الأرثوذكسية الإرترية، الذي أُقيل من منصبه ووُضع تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته.
رأيناها في اضطهاد جماعة شهود يهوه، والإنجيليين، وغيرهم كثير .بل ورأيناها عندما تم الزج برفاق درب الثورة السابقين من العلمانيين في سجون سرية، لمجرد الشك في ولاءهم .
لذا فإن اعتقال الشيخ آدم شعبان، رغم أنه حدث مؤسف ومؤلم ، إلا أنه أيضا حدثا يتبع نفس منطق النهجةالذي اشرنا اليه: اي نهج القضاء على كل من يملك سلطة مستقلة، بغض النظر عن عقيدته أو دوره أو تاريخه . فالمسألة ليست بالدين. بل هي مسألة فرض السيطرة.
ومع ذلك، تبقى الإسلاموفوبيا جزءًا أساسيًا من استراتيجية النظام. ليس ذلك بالضرورة لأن النظام يتبنى عقيدة دينية معينة ، بل لأنه يعلم أن استهداف المسلمين يحقق له اكبر مكاسب سياسية ممكنة ، حيث ان هذا الاستهداف يعمّق الشكوك، ويشجع على الانقسام، إن هذا النهج يشجع على التشرذم، ويسمح للنظام بالاستعانة بجهات فاعلة محلية مستعدة للعمل من أجل تحقيق مكاسب شخصية، سواء كانت
مالية أو سياسية أو نفسية.
وعلينا أن نعي هنا ان النظام لا يفرقنا بشكل عادي وانما بطريقة استراتيجية .فهو يعزل المسلمين عن المسيحيين، والمسيحيين عن المسلمين، واهل المرتفعات عن أهل السهول، والمجتمعات عن قادتها الروحيين ثم يُلقي باللوم على الضحايا أو يقوم بما هو أسوأ من ذلك فيُقنعهم بلوم بعضهم البعض.
ورسالتي إلى النشطاء المسلمين الإرتريين الذين يرفعون صوتهم بشجاعة ضد اعتقال الشيخ آدم جابر ، اقول لهم : لا تقعوا في الفخ . صحيح أن غضبكم مشروع، لكنه لا يجب أن يُوجّه في الاتجاه الخاطئ. فالمسيحيون الإرتريون ليسوا أعداءنا. وكثير منهم يعيشون نفس ظروف القمع التي نعيشها . فكثيرون منهم تم اسكاتهم بصورة أو بأخرى أو همّشتهم الدولة أو يُتم استغلالهم لتنفيذ إرادة النظام، وذلك يتم غالبًا بما يخالف ضمائرهم، لكنهم في الاخير يُلامون على جرائمه. هذا النهج ليس شيئا جديدًا. فقد حدث من فبل خلال فترة حكم الدِرق وفي عهد هيلى سلاسي، عندما كان مسيحيو المرتفعات كبش فداء لقرارات اتخذتها الأنظمة التي استخدمتهم كأدوات. لهذا لا تخلطوا بين الضحايا والنظام الذي يستغلهم..

هذا النظام يحكم بمبدأ “فرّق تسد والقي اللوم على الآخرين”. أنه يستغل الهوية كسلاح لتدمير التضامن. لكن أكثر ما يخشاه هذا النظام هو شيئاً واحد : الوحدة.

إن اعتقال الشيخ آدم جابر ليس ضربة موجهة للمجتمع المسلم فقط. إنه إنذار للأمة بأكملها. ولهذا لا يجب أن يُقابَل بمزيد من الانقسام، بل بوحدة لا تنكسر.

لهذا يمكن أن نقول : فليعتقلوا شيوخنا وأساقفتنا وشيوخنا ورفاقنا. ولكن لا يجب أن نسمح لهم بكسر عزيمتنا وإصرارها على الوقوف معًا.

الحرية للشيخ آدم شعبان!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى