في رثاء صديق الطفولة طاهر كنوني . بقلم / حمد محمد سعيد كل
10-Sep-2017
عدوليس ـ ملبورن
في كل مرة تباغتنا المنايا فتخطف منا أناس نحبهم ، هذه المرة أتانا الخبر المؤلم برحيل رفيق الطفولة المغفور له باذن الله طاهر محمد علي حامد مسمر ” كنوني” ليلة يوم الخامس من سبتمبر الجاري بمدينة استكهولم السويدية. ما أصعب ان يباغتك رحيل أخ عزيز ، لكنه قضاء الله وقدره. كنت أتمنى ان يجود الزمان علينا ومع الاخرين أن نعود الى “شلاليت” أغردات لنصول ونجول في شوارعها، ونجلس في
مقاهيها ونحكي عن زمن الطفولة والصبا. جمعتني بالمغفور له طاهر الجيرة والطفولة والمدرسة لكن قبل هذا وذاك علاقة اباء قديمة ، حيث عاشوا في “حقات”. كانت اسرتهم في المنزل القديم تسكن بالقرب منا، وحتى حين رحلوا الى المنزل الآخر لم يكن بعيدا من دارنا، والتآلف بين الاسرتين تتجاوز علاقة الجيرة لكثرة المحبة والألفة، بدأنا الفصول الدراسية الابتدائية معا، الأمر الذي زاد تمتين صداقتنا مع الزملاء الاخرين في الفصول الدراسية وغيرها.
اتذكر الآن كم كان طاهر والصديق صالح ناصر عليوة يحبان الاستماع للفنانة فيروز، خاصة أغنيتها في ذاك الزمن الجميل ” زوروني كل سنة مرة حرام تنسونا بالمرة” !!، ومن ذاك الزمان والى الآن من عشاق صاحبة هذا الصوت الملائكي، كما لا انسى دخولنا لسينما أغردات كلما عرض فيلم لــ عبدالحليم حافظ أو فريد الاطرش، كما لا أنسى الاحتفال السنوي بنهاية العام الدراسي والاستعداد له لأن هذا اليوم هو يوم حضور الآباء ، وكان الاحتفال به يتم في ملعب كرة القدم ، وكان يقع خلف محطة السكة حديد.
كانت هذا اليوم المهيب يفتتح بتلاوة من القران الكريم بصاحب الصوت الجميل محمد باحكيم، ثم النشيد الذي يرحب بالآباء ، ثم العرو ض المسرحية والإسكتشات الخفيفة ، وألعاب القوى كالقفز العالي والعدو وأتذكر هنا ان رياضة القفزكانت المنافسة فيها تنحصر بين ” يحي” لاتحضرني اسم والده الآن و”حامد ادريساى” ، ويختتم المهرجان بتوزع الشهادات. تأتي العطلة المدرسية في الخريف ، حيث لتزدان مدينة أغردات بالخضرة ، وبعد هطول المطر مرتين او ثلاثة نجتمع اولاد الحارة للاذهاب إلى ” ولت أبرق” للسباحة أو الذهاب الى نهر بركه للاستمتاع بمنظره وهوهائجا هادرا ومندفع حاملا الخير والبركة . أصبح طاهر كنوني رحمه الله لاعبا يشار إليه بالبنان في لعبة كرة القدم ، كما في العدو وكان متفوقا على اقرانه. ثم بدأ الزمان يجور علينا لينتقل طاهر الى مدينة كرن للدراسة في كنف أخيه الاستاذ ” محمود محمد علي” وذهبت انا بعد فترة الى السودان ، وعلمت فيما بعد أنه قد سافر الى القاهرة ،واذا لم تخني الذاكر فقد التقينا في العام 1966م في أسمرا، ثم دارت عجلة الزمان دورة طويلة فالتقينا مرة اخرى في اسمرا في عامي 1994م و 1995م . كان في مظهره سعيدا باللقاء بيني وبينه ، وكان مرحا بوجوده في اسمرا. طاهر كلما أقترب منه اكثر تتلمس فيه حقيقته فهو طيب السرسرة كريم يعرف معنى الاخوة، كم يؤلمني ان الظروف لم تسمح لملاقاته في السويد.
رحم الله طاهر محمد على رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته مع النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا.
كما لا يفوتني في هذا الظرف الحزين أن اترحم على كل من :-
المعلم الكبير محمد احمد ادريس نور الذي رحل في أستراليا والعميد موسى محمد ” رابعة” – في اسمرا ومحمد سعيد عمر أنطاطا في استراليا أيضا.
اللهم ارحمهم وأغفر لهم واسكنهم فسيح جناك مع الصديقين والصالحين انا لله وانا اليه راجعون.
حمد محمد سعيد كل 7 سبتمبر 2017 – لندن بريطانيا