قراءة فى ازمة الخطاب السياسى الاعلامى بين ( المغلق والمفتوح)(1/3) : حامد أود
23-Jun-2010
المركز
او الخطاب المرفوض المنبوذ
حلقة اولى
فعلا قد عانيت الكثير فى كيفية توجيه هذا المقال،والحدود الممتدة لسيطرة الفكرة نفسها،والاسس الازمة للتقريب او البناء والتفكيك، ولكن ورغما عن مطاطية العنوان ،وجدت نفسى مسترسلا ، وهذه افة اضطرارية لا مهرب منها احيانا ،فان الخطاب ،يظل خطابا،(مقروءً او منطوقا) واما وجه الاختلاف بين السياسى والاعلامى والادبى والاجتماعى والفلسفى، سوف لن يكون شاغلنا ،بقدر ما ناخذ منه استدلالا لتشخيص حالتنا ونحن ننتج الكلام .
مقتطع اول = مداخلة ومقاربةكنت قد قلت اننى سوف اكتب او بالاحرى ساحاول استقراء الخطاب السياسى الذى لم ينفك يمارس فينا بكل الالوان من بناء/هدم ، وهو ايضا نفس السؤال من يكتب، كيف يكتب، ولمن يكتب؟.المهم يبدو ان هذه المحاولة هى للرد على تعاظم الاصوات المرتجعة،اصوات للف والدوران المبنية على النفعية او( احلام اليقظة)، وهو الامر الذى يدفعنا الى التوقف عنده كثيرا ، حتى لا نكون جزء منها و نكرر انفسنا باستمرار فى الدائرة المغلقة، والتى اصبحت مرتعا يجول فيه ويصول كل من اصعفه المداد او كل افاك لئيم.وهنا ،قبل ان نبدا تاطير الفكرة ،اقول الهدف (هو توصيف الخطاب المطلوب) اى ضرورة خطاب سياسى اعلامى حقيقى أنسب صدقا وأكثر انسجاما لواقعنا ومستقبلنا. وعليه اولا علينا الولوج الى التعريفات العامة للخطاب، فالخطاب هدفه الإفهام والتأثير، على المتلقى الذى بدوره الايجاب بالرفض او القبول لهذ الرسالة، وهى عملية يجب ان تحقق وظيفة معينة مثل الخبرية او الاحتجاجية او اخفاء واظهار الحقيقة او منح الشرعية ونزعها، ونقصد منه هنا عملية طرح الاراء والتفاعلات ثم تحقيق نتائج ايجابية من خلالها.وهو ان علينا التمييز بين نمطين من الخطاب السياسى والاعلامى، المغلق منه والمفتوح ، وانوه ايضا باننى لست فى صدد كتابة تحليل علمى او فلسفى ،بمعنى سوف لن استخددم منهجا او ادوات بعينها، بقدر ما يمكننى من توضيح ناحية او سمات ،الا اذا احتاجت الى الاشارة الضرورية لذلك ،وحتى لو سلمنا جدلا، بضرورة تطبيق منهجية معينة،لنصل الى توصيف اكثر دقة وعناية، فان مقال بهذه البساطة المنسية، لا يستدعى مثل هذا القدر من التعب ، ثم من اين لنا استحضار آليات توظيف ارصدة ارشيفية، كنماذج لكى يتم الاستشهاد بها والشغل عليها ،ونحن نعلم ان مواقع النشرعندنا هى الاخرى تجريبية، ومحدودة الاتساع والاطار ولا تمكن احدا من الاستعانة بارشيفها ، هذا اذا كان موجود اصلا. وهل يوجد حيز كاف للاطالة ؟ زائد احتمالية وجود قارئ كسلان او مستعجل يريد المعلومة مختصرة ومختزلة، وغير مستعد للتعمق/تامل .واقول فى الاول والاخير هى محاولة لتقريب القارئ من المقصود العام ليس الا، وعلى الله قصد السبيل.” لا تنظر إلى من قال، وانظر إلى ما قال”.هذا قول سيدنا علي ابن أبي طالب كرم الله وجه ،وسيكون هادينا ان شاء الله فى القصيد. وهكذا فالخطاب المفتوح : خطاب نقدى هو ذاك الذى ينحى نحور الحركة والتقدم، ويتسع لتبادل الافكار بحرية واستنباط الحلول.اما المغلق: هو الذى يدعو الى الثبات والتقوقع ومحاربة كل جديد وابراز التعجيز والخنوع والاستسلام . و ياتى تساؤل طبيعى عن كيفية الفرز بين الخطاب المغلق والخطاب المفتوح ،نقول ان مضامين المغلق (ويسمى ايضا خطاب السلطة) نجدها تدعو الى:- مفهوم امتلاك الحقيقة المطلقة في كليتها وشموليتها.- يتنكر لحق الفكر والوعي والابداع.- الهروب من الواقع والاستعانة بفشل الماضى وربطه حاضرا بالياس (هروب الى الخلف).- الدعوة بتقسيم الادوارللعمل السياسى، بمعنى تاجيل المحاسبة والمطالبة لحين تحقيق مرحلة اولى.- تشبيه الضرر بالتساوى،كان يقول ان الظلم مشترك.- يتخذ الثبات حتى مع ادراك انه فى موقف خاطئ.اما الفتوح عكس ما ذكرنا.ولاختصار الوقت دعونا نستلف التعريف التالى لاحد الكتاب المختصين عن تعريفه الخطاب السياسى حيث يقول (الخطاب السياسي هو منظومة من الافكار تشكلت عبر تراكم معرفي نابع من استقراء للواقع بكل مكوناته الثقافية والاجتماعية والسيكولوجية وتمحورت عبر انساق ايديولوجية مستمدة من التصورات السياسية المنبثقة من التراث او من الحداثة التي تختلف في آلياتها ونظمها حسب مستوى النضج الفكري والوعي بمتطلبات المجتمع ومدى ارتباطها بمستوى الاداء الحركي في عملية التغيير والتنمية والحضور الوجودي.) وكما راينا ذاك التعريف الفضفاض ويمكن تلخيصه فى الاتى: يتجسد الخطاب السياسي من خلال رؤيته للواقع الذي نعيشه وما يؤثر فيه من أبعاد ثقافية وسياسية وقانوينة وأمنية واجتماعية واقتصادية.وتحليل الخطاب يتم من خلال بعدين:1. النص: يعنى بنية الخطاب الداخلية التي تتآلف منها المفردات، والتراكيب، والجمل2. السياق: ويعنى دراسة الخطاب في ضوء الظروف الخارجية والمؤثرات المباشرة عليه وظروف إنتاجه،والهدف هو فك شفرة النص بالتعرف على ما وراءه من افتراضات أو ميول فكرية أو مفاهيم؛ فتحليل الخطاب عبارة عن محاولة للتعرف على الرسائل التي يود الخطاب/النص أن يرسلها ويضعها في سياقها التاريخي والاجتماعي، وهو يضمر في داخله هدف أو أكثر، وله مرجعية أو مرجعيات وله مصادر يشتق منها مواقف وتوجهات.وهنا ولاستحالة وضع امثلة او جدولة او تراتيب للاستشهاد بها ،كما اسلفت القول، ساضطر الى التقريب الانشائى .ولفهم اكثر لهذا المقال ارجو ان يتمكن القارئ، من استحضار:مقال عمر جابر تساؤلات مشروعة 095 2010 /عونامقال عبدالرحمن سيد وطاهر دبساى/ المنهج الآمن لتغيير النظام في ارتريا/ 21/02/2009 / عركوكباى وقراءة : أبوبكر سليمان إدريس/ عدوليسمقال جلال الدين محمد صالح مفاهيم ينبغي أن تراجع/ ومداخلة منصور اسماعيل July 200923 عركوكباى/شاكاتوهى امثلة و كتابات تتنازع الادوار بين الخطابين المفتوح والمغلق.مقتطع ثان = محاولةوطالما اننا نود بهذه القراءة ان نكون قد امسكنا طرف الخيط الذي نتحاور فيه،وصولا الى محاوره بناءه من غير تراهات او تشنجات ،و رغما من انه لايتسع المجال هنا لذلك الشرح لاهداف وخصائص ووظائف الخطاب السياسى المغلق والمفتوح بشكل اعمق . الا اننا كتجريب يمكن ان تناول الجوانب الاتية لنقيس عليها مردنا وسناتى فى حينها ماهو صحصيح.إذ إن الخطابات على تنوعها تتداخل ويمكن لهذه التفرعات ان يكون لها فروع فرعية ايضا ،لا علينا فالنواصل،ويجب ملاحظة ان الحديث سيكون محوره الاتى:الخطاب الهادف الى بلورة القضية.الخطاب كممارسة لتثبيت المفاهيم.الخطاب لمعالجة الطارئ والمستجد.الخطاب فى دائرة الحجة والاقناع .كمبتدا به،فناخذ بتساؤل احد الاخوة فى مقال كتبه فى فرجت (اليست الثورة الارترية قد استطاعت ان تؤطر كل فئات المجتمع واثنياته وتدفعه نحو توحيد الجهود ومن ثم تحقيق الاستقلال) طبعا هذا ما حصل، ولكن تساؤل الاخ لم يتوقف هنا ، بل كان متقدما اكثر فيقول (لماذا لانستطيع اليوم ان نكررنفس الشئ؟) يمكن القول وباختصار شديد، فعلا ان الثورة عندما طرحت خطابها ، كانت توعد الجميع بالحرية والاستقلال معا (كانت تطالب بفعل لانتاج مكافاة مستحقة)، طبعا نفهم معنى الحرية والاستقلال ونحن الان فى نفس المربع الاول اى الحوجة بشكل واضح وعميق وبخصوصية خالصة، الى هذه الحرية والاستقلال. لان المرحلة الحالية لا تختلف كثيرا عن مرحلة النضال المسلح، وان متطلباتها ايضا مشابهة، فقط واقعها ينزاح بدرجة ما ، وهو غير ما كانت عليه من شمولية لكل من فى الوطن. اظننى لا احتاج ايضا الى شرح المرحلة الراهنة فقد فعل الكثيرون ذلك ، بل هو واقع نعيشه بكل اسى يوم اثر يوم بكل ماسيه.وما يهمنا هنا هو متطلبات (مجتمعنا)، وتوظيف الخطاب السياسى الاعلامى كاداء فى عملية التغيير التى نحتاجها. وهذا دور المثقف ، كما يصفه د. حامد ابوزيد (المثقف هو الانسان المنخرط – بطريقة او بأخري – في عملية انتاج الوعي) .