لنجابه مبدأ فرق تسد للنظام الدكتاتوري بمبدأ وَحِدْ تَسُدْ بقلم / محمد علي موسى
3-Jul-2014
عدوليس نقلا عن إذاعة المنتدى
أن كل نظام قمعي يرتكز علي ثلاثة عوامل لكي يبقي مسيطرا علي سدة الحكم..أجهزة الامن ، والإعلام ، والإقتصاد . النظام الإستبدادي في ارتريا وفر كل الاجهزة الإستخباراتية ونشرها بين الشعب وأضاف اليها منظمات المرأة والشباب والعمال، في الإعلام أغلق بشكل كلي أي منبر إعلامي مكمما كل الأفواه المغايرة ، والإقتصاد تسيطر عليه عصابته الفاسدة دون أي حساب من أي جهة .
عادة ما يدعي النظام الدكتاتوري في بلادنا بأنه يعمل من أجل الصالح العام، وبأنه قطع أشواطا في مسيرة الإصلاح والتطور، كل ذلك بهدف إثبات الآهلية ،متجاهلا عن عمد مجموعة حقوق أساسية للمواطن ينبغي أن يكتسبها المواطن قانونا وفعلا في السياسة والإقتصاد والإجتماع ، والتي لا تتم إلا في ظل دستور ديمقراطي ،في سلوك يعبر عن رمتني بدائها ونْسَلَتْ…طبيب يداوي الناس وهو عليل !.
أن السلطة السياسية في الثقافة العصرية السائدة في أي دولة ليست ملكا لاحد كما أنها ليست هبة من أحد ولا هي حق إلهي إنما هي وظيفة مُحَددة بالتعاقد في هدفها ومدتها وحقوقها وواجباتها ومنصوص عليها في الدستور ، إلا أن هذه الأساسيات غدت في بلادنا أحلاما، يتطلب توافرها نضالات وتضحيات جسام، لأن الحاكم بأمر نفسه يُعامل المواطنين علي أنهم ناقصي الآهلية ولا يستحقوا أن يعاملوا بإحترام وينظر إليهم وفق رؤية إستعلائية فوقية إستعبادية وإستبعادية..المواطن وفقا لرؤيته يُطَالَب بالواجب فقط …وليته واجب أقره مجلس النواب للشعب بل هو واجب قررته عصابة إنقلاب علي إرادة الشعب بما يخدم مصالحها، في إستعباد صارخ في القرن الواحد والعشرين ، وكل من يطالب بالحقوق الطبيعية يوصف بالعمالة والخيانة الوطنية ويقذف به للموت ،هذا هو حال طبيبنا العليل إسياس أفورقي …ورغم ذلك يُصِر حد الجنون أَن يرمي بدائه علي الآخرين وينسل .
ماذا عن حال مقاومتنا الديمقراطية …مهما تحدثنا عن قصور إلا أننا لا يمكن تجاهل المُنْحَني البياني التصاعدي للمقاومة الديمقراطية الأرترية خاصة بالداخل وكذا بالخارج وإرتفاع الوعي الجماهيري هذا من جهة ومن جهة أخري ضيق مساحة المناورة لنظام الطاغية وإزدياد بطشه وتراجع حجته ومع هذا نجده مؤخرا قد إنخرط أكثر في حَمي الإستعانة بماضٍ نضالي سحيق.
أما الشعب الارتري ورغم غياب أي مظلة قانونية وآليات ديمقراطية في البلاد ،وفي غياب المساندة الدولية، هاهي تتعالي اصوات الاحرارفي بلادي مطالبة بدولة الحريات في تحدي جسور لأداة القمع التي لا مثيل لها، لدرجة أَجْبَرَت فيها النظام للدخول في مناورة ..فهمتكم ، وسأبدأ بصياغة الدستور ، ودعوته للجماهير للرقص والغناء في بولونيا علي جثث حادثة لامبدوزا بإيطاليا في موقف يُذَكِر بموقف القذافي عندما قال للشعب أرقصوا وغنوا وقولوا لهم نحن هنا .
أن ارتريا حُكِمَت بخلاف دول الربيع العربي بنظام شمولي سَحَقَ أي متنفس ديمقراطي و حريات عامة ،فتلك الدول كانت تُحكم بدستور وفيها مساحات واسعة للحريات أما في بلادنا فرد واحد هو كل شيئ هو الدستور وهو الدين وهو الوطن والشعب، فمجرد مسيرة مطلبية لجرحي حرب التحرير جوبهت بالرصاص الحي، فالإغتيال للرأي الآخر وصاحب الرأي الآخر هو المسيطر، ومع هذا قَدَمَ الشعب الارتري في صمت مطبق تضحيات غالية، فساد الإحتقان والغُصَة المَكْلومة ،وكسي الإحساس بالغبن العميق والنازف روح المواطن الأرتري .ضمن سياق تعليقنا هذا نري من الضرورة التوقف أمام بعض المسائل ، فالثقافة السياسية تُعْرَف بأنها متغيرة ولا تَعْرِف المطلق ،ثقافتنا في هذه المرحلة عليها أن تصنع القوة التي تنقذ أرتريا أرضا وشعبا، ولكي نُؤَهَل لهذا الدور من الطبيعي أن تكون ثقافتنا أكثر واقعية وعلمية من ثقافة قوي الطغيان.
تاريخيا أن أكثر قوي الإستبداد دخلت للسلطة من مداخل قيم سامية ،وضمن ظروف تاريخية طغت عليها هستريا الوطنية المتميزة والمعادية للخارج ومؤامراته ،فنالت تأييد الشعب ،لكن مع الايام يَبْهَتْ توهجها وتضييق مناوراتها وتنحدر ثقافتها ،ومع هذا لا تستسلم بل تسعي لشرعنة الانماط السلوكية الملائمة للإستبداد كالإلهاء والتزييف وفرق تسد والرشوة والمحسوبية والإنتهازية والوصولية وتقديس المصلحة الخاصة والنفاق والرياء والتملق وإنهيار قيم العمل وعدم تقديس المصلحة العامة .علي النقيض من ذلك تعمل قوي التغيير الديمقراطي إلي توفير الشروط اللازمة لسيادة الثقافة الإيجابية لتحريك مكامن إرادة التغيير لدي قطاع واسع من المجتمع .
في البدء ان هدف المقاومة الديمقراطية ليس القيام بإنقلاب ضد فرد أو مجموع أفراد واستبدال ذلك بأفراد منها ،بل الغاية الأساسية إستبدال مفهوم الإستبداد وثقافته بمفهوم الديمقراطية وثقافتها،وهنا المكسب لكل المواطنيين .كذلك نضالنا لا يمت للثأر بأي علاقة بل هو من أجل سيادة الحكمة والمنطق والعدل وسيادة القانون ، وضمن هذا الفهم كل ينال ما جنت يداه بحق الشعب . تاريخيا جسدت ثورتنا إبان الكفاح المسلح الكثير من المفاهيم التي تخدم مسألة إنتصارالثورة الارترية ، بإحتوائها ومحاصرتها للعديد من التناقضات الثانوية.فإقتداءا بذلك وتماشيا مع منطق وضرورات الحاضر لا ينبغي لأي جماعة أن تنشغل بمسائل إلهائية متعددة أو بأناس إنشقوا من النظام سواء بمدحهم أو قدحهم ،لدرجة يصبح الغاية إغتيالهم معنويا مثلما يفعل نظام إسياس أوالسعي لمحاكمتهم بدل محاولة كسبهم لصالح قوي التغيير ! أن تصبح هكذا مسائل أولويات لدي البعض في مرحلة تحدث فيها تغيرات دراماتيكية بداخل الوطن وفي المستوي الإقليمي والعالمي هو أمر لا يخدم المقاومة الارترية ، نحن هنا لسنا بصدد الدفاع أو الهجوم علي مواقف هذا او ذاك الفرد عندما كان داخل النظام برواية مصدرها أجهزة الطاغية، ولا نقول لنتجاهل الماضي المُوثق ولكن نقول ذاك الماضي لا ينبغي ان يكون عائقا لصناعة الحاضر والمستقبل ، ما يعنينا هو فائدة قوي المقاومة الديمقراطية وتفعيل براغماتيتها بهدف الغاية الكبري للشعب الارتري.
وهنا يجدر التذكير أن من لا يتفاعل مع إستحقاقات المقاومة ستتجاوزه المقاومة بكل تأكيد،لأن الشعب الارتري سينتصر حتما علي دولة الظلم بإسيفائه لشروط المقاومة الفاعلة،وتاريخنا القريب يشير إلي هكذا دروس.
أن مراعاة المتغيرات والتوافق مع معطياتها أهم أدوات نجاح السياسات ، أن نظام إسياس الدموي يرتدي عباءة الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا وكذلك الجبهه الشعبية للديقراطية والعدالة كقناع للعمل السياسي ، رغم انه فكريا وعمليا يحتكم لمزاجية الطاغية ، واضعا قيادات الشعبية القديمة والجديدة بين الإعتقال والإغتيال والتشريد والتجميد ومحتفظ بالبعض ليستفيد منهم في الصورة التي تؤخذ من منصة الإحتفالات.نظام إسياس الإستبدادي الدموي أحدث إنقلاب حقيقيا علي الشعبية ومع هذا يستغل تراثها ، وهنا لا غرابة أن يفعل ذلك لكن مدعاة الغرابة أن يتم توصيفه من بعض قوي التغيير الديمقراطي وكأنه نظام الشعبية أو الهقدف ، في تشتت فكري وعقلي جامد لا يواكب المتغيرات فضلا عن كونه تقديم خدمة مجانية على طبق من ذهب للنظام القمعي الإستبدادي الحاكم في ارتريا .